جان بودريار، «أمريكا»
الفصل الأول
احتراق، احتراق
ذات صباح ممطر في سياتل، كان جونزاليس مستعدا لدخول البيضة. قبل هذا اليوم بأسبوع كان قد عاد من ميانمار، الدولة المعروفة سابقا باسم بورما، والآن، بعد يومين من تعاطي العقاقير والصوم، كان مستعدا: لقد صار غريبا، يشعر بالألفة في مكان بعيد.
كان دماغه مليئا ببراعم نارية، وقد أضاءت أوراقها البيضاء المتفتحة بلون أصفر، مركزا لعالم يحترق. وعلى الباب ذي اللطخات السوداء المصنوع من خشب البلوط تراقصت أجنحة ملائكية في لهب أزرق، وقد ارتسمت على وجوهها البهجة وسط النار الباردة. وبينما كان جونزاليس يحدق في الأشكال المحفورة المتحركة فكر في نفسه قائلا: «إن النار في عقلي، في دماغي.»
دفع إلى الأسفل مقبضا مقوسا على شكل حرف
S
من النحاس الأصفر، ثم دلف عبره إلى الرواق، دون أن يصدر حذاؤه - المشقوق من عند إبهام القدم والمصنوع من القطن الناعم - وطرف ثوبه صوتا عند احتكاكهما بالأرضية المصنوعة من البلوط المبيض. وعبر الباب المفتوح في نهاية الرواق رسم ضوء الصباح المار عبر الزجاج الملون أنماطا تجريدية من اللونين القرمزي والأصفر الزبدي. وداخل الغرفة، كانت شاشة عرض زرقاء معلقة على الجدار البعيد، وقد توهج عليها شعار شركة سينتراكس، بينما كانت البيضة الموضوعة في منتصف الغرفة، بنصفيها المشطورين المصنوعين من الصلب المكسو بالكروم، مشققة وفي حالة انتظار. كان نصف البيضة مليئا بأنابيب لونها بيج وعدد من الكابلات البصرية، بينما كان النصف الآخر مليئا ببلاستيك قوي أسود اللون يتدلى على القشرة الخارجية.
فرك جونزاليس عينيه ثم سحب شعره إلى الوراء وجمعه في لفة واحدة أحاطها بحلقة مطاطية. مد يده إلى وسطه، ثم أمسك بالحاشية السفلية للتي-شيرت الأزرق الداكن الذي يرتديه، ثم جذبه من فوق رأسه. وبعد أن ألقاه على الأرضية خلع حذاءه وبنطاله الواسع القمحي اللون، ثم خلع سرواله الداخلي القطني ووقف عاريا، وقد التمع جلده الشاحب بفعل طبقة رقيقة من العرق. شعر بسخونة في جلده، وبأن ثمة غبارا في عينيه، وبحرقة في معدته.
خطا داخل نصف البيضة المكسو بالكروم، ثم ارتعد واستلقى بينما تدفق سائل في درجة حرارة الجسد داخل البلاستيك المتدلي، والذي بدأ ينتفخ من تحته. أمسك بكابلات في سمك الإصبع وأدخل أطرافها في تجاويف موجودة في مؤخرة عنقه. وبينما واصلت البيضة الامتلاء ثبت قناعا على وجهه، وشعر بالحواف تنغلق بإحكام، ثم تنفس. تحركت قسطرتان نحو منفرج ساقيه، وانغرست إبر وريدية في عروق ذراعيه. انغلقت البيضة وملأ السائل حيزها الداخلي.
অজানা পৃষ্ঠা