افعل شيئا. هكذا قال جونزاليس لنفسه وهو يشعر بالذعر يتصاعد داخله. جذب الحاوية المحتوية على جهاز «الميميكس» وقال: «أريد نسخة من سجلات الرحلة.» «لا أستطيع ذلك.» «بل تستطيع. أنا أعمل لدى إدارة الشئون الداخلية، وكدت ألقى حتفي وأنا على متن طائرتك.» «وكذلك أنا يا رجل.» «صحيح. لكنني أريد هذه البيانات. في وقت لاحق ستتتبع إدارة الشئون الداخلية المسار الرسمي وتحصل على كل البيانات، لكنني أريد أن أعرف الآن. فقط عملية نقل سريعة للبيانات إلى جهازي هذا، هذا كل ما يتطلبه الأمر. سأعطيك ترخيصا بهذا أقر باستلامها.» قال جونزاليس هذه الكلمات ثم انتظر، مواصلا الضغط عليه عن طريق نظرته ووقفته اللتين تشيان بالإصرار.
قال الطيار: «حسنا، من المفترض أن يكفي هذا لحمايتي.»
وضع جونزاليس الحاوية المقاومة للصدمات إلى جوار مقعد الطيار، وركع إلى جوارها وفتح الغطاء، ثم سأل الطيار: «هل تسجل ما يدور؟»
أومأ الطيار وقال: «دائما.» «هذا ما ظننته. حسنا إذن: لأغراض التوثيق الرسمي، هذا ميخائيل ميخائيلوفيتش جونزاليس، موظف أول لدى إدارة الشئون الداخلية بشركة سينتراكس. وسأحصل على السجلات الرسمية لهذه الطائرة كي تعينني في التحقيق في أحداث بعينها وقعت خلال رحلتها الأخيرة.» ثم نظر إلى الطيار وأضاف: «هذا سيكفي.»
جذب كابل بيانات من الحاوية وأدخله في منفذ بلوح القيادة. التمعت الأضواء على لوح القيادة بينما بدأت البيانات تتدفق إلى الجهاز الساكن. أصدر اللوح أزيزا خافتا كي يشير إلى اكتمال نقل البيانات، فجذب جونزاليس الكابل وأغلق الحاوية، ثم قال للطيار الذي جلس محدقا خارج المقصورة: «شكرا.»
وقف جونزاليس وربت على الحاوية، ثم فكر وهو يشعر أن حاله أفضل كثيرا: «مرحى أيها «الميميكس»، لدي مفاجأة لك حين تستيقظ.» •••
نقلت مزلجة جونزاليس لميل أو نحو ذلك عبر نفق ساطع الإضاءة معلقة على جدرانه البلاستيكية والجصية الزرقاء الفاتحة لافتات تحذيرية بلغات ست تتوعد من يقومون بتشويه الجدران. كانت رسوم جرافيتية حمراء وخضراء تلطخ كل شيء، بما فيها اللافتات، وبينما كان جونزاليس يشاهد، تغيرت الرسائل المكتوبة بالتايلاندية والبورمية وظهرت رسومات كارتونية ملحق بها بالونات حوارية مكتوب عليها عبارات لا يفهمها جونزاليس. كانت إحدى العبارات المكتوبة بطلاء أحمر باللغة الإنجليزية تقول: «هيروين ألفا شيطان زهرة.» وميزت علب محطمة من الألياف السوداء أو نسائل خشنة من الكابلات المتعددة المواضع التي كانت توجد فيها الكاميرات.
حجبت مصاريع فولاذية رمادية تمتد من الأرضية إلى السقف البوابة الضيقة المفضية إلى مبنى مغادرة ووصول الرحلات الدولية. وعكفت روبوتات فحص شامل عديمة الوجوه - مكعبات سوداء اللون مزودة بدرع من ألياف الكربون ومجسات وتبرز منها هوائيات استشعار - على فحص الركاب، وكانت الهوائيات تدور.
كان المسافرون الآسيويون يملئون أرجاء المطار؛ رجال ونساء يرتدون سترات داكنة اللون؛ يابانيون وصينيون وماليزيون وإندونيسيون وتايلانديون. لقد وفدوا من «النمور» الآسيوية، تلك المراكز العالمية للأبحاث والتصنيع، وكانوا يقبلون هوامش ربح منخفضة ويقدمون عروض ترويج مباشر إلى أوروبا والأمريكتين؛ حيث صار الاستهلاك أسلوب حياة. بدا في نظر جونزاليس أنهم موجودون في كل مكان يسافر إليه: أجساد مسلحة بالبراعة الفنية والعلمية ويحركها طموح دءوب.
كان هؤلاء يمثلون الأساس الراسخ لما يشهده العالم من رخاء. كانت الولايات المتحدة والنمور يعيشان في علاقة تكافل متقلقلة: فقد كان لدى الآسيويين مائة طريقة يضمنون من خلالها ألا ينهار الاقتصاد الأمريكي ويطيح معه بالسوق الاستهلاكية في أمريكا الشمالية. وقد اشترت شركات آسيوية ، سواء من اليابان أو الصين أو تايوان أو هونج كونج أو كانت مملوكة لكنديين من أصول صينية، بعضا من الشركات واندمجت مع البعض الآخر، وانتهى المطاف بالأمريكيين بالعمل في شركات جنرال موتورز فانوك أو كرايسلر ميتسوبيشي أو دايو دي إي سي، وأن يشتروا برواتبهم أجهزة البيانات اليابانية أو السيارات الكورية أو الروبوتات الماليزية.
অজানা পৃষ্ঠা