اقترب أحد الطائرين منه، يقطع المساحة الفاصلة بينهما بحركات طيران رشيقة، وكان جناحاه مزينين بتنانين خضراء وصفراء، وجسده مكسوا برداء زمردي اللون، وفجأة ظن جونزاليس أن هذا الشخص كان آتيا للنيل منه، ولم يكن بمقدوره أن يعرف كيف هذا أو لماذا.
حاول الدخول في غرفة الفاصل الدوراني، لكن حبل الأمان أعاقه إلى أن تمكن من حله، ثم سقط تقريبا داخل الأسطوانة المعدنية بينما كان الحبل ينجذب إلى موضعه الأصلي خلفه مصدرا هسيسا. خرج من الغرفة وركض بطول الممشى، وخطواته ترفعه عاليا في الهواء بحيث كان يفقد توازنه ويرتد عن أحد الجدران ويسقط متدحرجا على الأرضية، وخفاه يتعلقان دون جدوى بالبساط مصدرين سلسلة من أصوات التمزق الوجيزة.
زحف نحو أحد المصاعد، مصعد آخر غير ذلك الذي صعد فيه، مصعد ركاب عادي، وكان خاليا لحسن الحظ، ثم انتزع الخفين عن قدميه ووقف ومرق من باب المصعد. ثم قال: «إلى الأسفل.» شعر بالأرضية تتحرك وشعر بنفسه وهو يسقط. •••
كان جونزاليس قد جلس في الساحة الرئيسية لبعض الوقت.
على مسافة خمسين مترا، وقبالة جدار المقهى الافتراضي، كانت تزحف مجموعة وافرة من الأشكال الإحيائية المتحولة، كبيرة وصغيرة، كلها في حركة دائمة. كائنات رقيقة من خيوط وردية وخضراء تطفو على تيارات غير مرئية، كائنات أشبه بالأميبا لها أعين واسعة شاخصة وأفواه بها أسنان كالمناشير تمد أقداما كاذبة وتلتحم بها، سدادات فلينية حمراء تندفع في إيقاع شهواني نحو كل ما تلمسه، أشكال متموجة أشبه بالبراميسيوم تسبح كأسماك الراي بين الحيوانات الأصغر حجما ...
كان جونزاليس يطفو في مكان ما بينها؛ إذ بدا وكأنما فقد جسده وعقله. وداخل رأسه أخذ يلقي معلومات عن الجسد:
قال الصوت: «استقبال الحس العميق، الرؤية، والحاسة الدهليزية؛ إنها تخبرنا أننا نمتلك الجسد الذي نعيش فيه. فكر يا رجل، فكر: أين وضعت حواس جسدك؟»
لم يكن في الساحة سوى عدد قليل من الأشخاص. خرج جونزاليس من المصعد وغاص في الظلام والضباب، صورة غير مألوفة للمدينة؛ حيث تجمعت السحب على مقربة من الأرض وظهرت أشكال مبتورة على نحو مفاجئ وسط الضباب الرقيق.
سمع حفيف أحد الروبوتات، وعلى نحو غير متعمد صاح: «ما الذي يحدث؟ لماذا الجو بارد وضبابي؟
توقف الروبوت، وقال: «لماذا تريد أن تعرف؟»
অজানা পৃষ্ঠা