এভাবে নাসর আবু জায়েদ কথা বলেছেন
هكذا تكلم نصر أبو زيد (الجزء الأول): من نص المصحف إلى خطابات القرآن
জনগুলি
وجدته بمدخل الفندق
2
الذي ينزل به في نيويورك الساعة الحادية عشرة صباحا، لكنه قد استيقظ منذ عشر ساعات على الأقل. كان كريما ومرحبا بحفاوة ابن البلد، يشعرك دائما بالقرب والحميمية في اللقاء. جلسنا وكان معي جهاز التسجيل وبادرته قائلا: دكتور نصر، ما بين عام 1992م، وكتابتك لمقال «مشروع النهضة ما بين التوفيق والتلفيق»، احتفالا بمرور مائة عام على صدور مجلة «الهلال» القاهرية، ونظرتك وتحليلك لمشروع النهضة وأزمته وسقوط معادلة النهضة بهزيمة 1967م، ومحاضرتك التي ألقيتها في جمعية ألوان الثقافية في نيويورك باللغة الإنجليزية ليلة أمس، عن مشروعك الذي أنجزته لدراسة مشروع تيار الإصلاح في العالم الإسلامي، فما بين 1992م و2007م، خمسة عشر عاما، فهل يمكن أن تحدثني عن التغيرات التي حدثت في منهج الباحث وفي أدواته ونظرته؟ وماذا حدث لعدسة المفكر، أريد الجانب الداخلي من الباحث وللفكر عند أبو زيد؟ - على مستوى مشروع النهضة، أنا أعتقد أن هذا المقال سنة 92، كان بداية الوعي بضرورة نقد مشروع النهضة من الناحية الفكرية، وما حدث بعد 92 اتسعت العدسة. إني أستطيع أن أرى مشروع النهضة على مستوى العالم الإسلامي كله. 92 أنا كنت مشغولا على مستوى مصر، بعد 95 وما تلاها فأنا على صلة أكثر بما حدث خارج مصر، بما حدث في الهند، وفي جنوب شرق آسيا، وأماكن أخرى من العالم.
وبالتالي فالدراسة التي نشرت عام 2006م وهي
The reformation of Islamic thought «تيار الإصلاح في الفكر الإسلامي» هي محاولة لتغطية هذا الموضوع. ففي الفترة من 92 إلى 2007م كان فيه أبحاث؛ أبحاث صغيرة في مؤتمرات ونقاشات. إنما كان السؤال باستمرار هو: ما هي معوقات مشروع النهضة من الناحية الفكرية؟ هناك طبعا معوقات سياسية ومعوقات اجتماعية ومعوقات كثيرة، لكني مشغول بالمعوق الفكري. ليه العجز عن إنتاج وعي علمي بالتراث؟ كما أشرت في مقال 92 وهنا حدث تطور؛ أني أدركت أنه تم بالفعل مناقشة جميع الأمور تقريبا وكثير من الأمور أصبحت محسومة، وأنا هنا أتحدث عن الخطاب الثقافي، وليس الخطاب الإعلامي، لكن في كل هذا النقاش والنقد في هيكل مثلا (محمد حسين هيكل) كان فيه محاولة كتابة سيرة النبي من منظور تاريخي، لكن كان فيه طول الوقت الهاجس الدفاعي. الاستشراق هنا كمعادل فكري للاستعمار كان يمثل تحديا. الاستجابة لهذا التحدي أخذ طابعا اعتذاريا أكثر ما هو طابع معرفي. كما تقول الآن باستمرار إن الإسلام دين المحبة والسلام؛ لأن هناك هجوما على الإسلام. وهذا ما أسميه المنهج الاعتذاري؛ أنك «ترد». أو المنهج السجالي، فتقول له: طيب ما هو دينك فيه عنف، وكذا، وكذا، ففيه السجالية والاعتذارية. هما وجهان لحقيقة واحدة؛ أن تطور المعرفة لا يتم نتيجة لتطبيق منهج نقدي.
وبدأت أركز في مشروع النهضة من عموميتها، إلى مشروع النهضة في تعامله مع القرآن. إن هذا مؤشر مهم جدا جدا، طبعا فيه إنجازات هايلة عملها مشروع النهضة؛ محمد عبده، وفيه إنجازات هامة في تناول الشيخ أمين الخولي في تعامله مع القرآن، فيه إنجازات في تناول محمد أحمد خلف الله في القصص الفني في القرآن. هذه الإنجازات كلها مبنية على الأساس اللاهوتي الكلاسيكي التقليدي باستثناء محاولة محمد عبده، في محاولة تبنيه مفهوم المعتزلة في خلق القرآن في الطبعة الأولى من كتاب رسالة التوحيد، فيه كلام كثير أن رشيد رضا هو من غير؛ لأن الطبعة الثانية خرجت من دار المنار. ليست هذه القضية، لكن القضية أنه كان فيه خطورة في تناول هذه القضية، هذه الخطورة ما تزال موجودة، وما يزال مفهوم القرآن أنه: كلام الله الأزلي القديم، ما يزال مفهوما لم يتم إعادة النظر فيه، إعادة التفكير فيه، وبالتالي كل محاولات التفسير تظل مبنية على نوع من حسن النية. وتظل الإنجازات القائمة على حسن النية، والتي لا تقوم على منهج نافذ، يمكن الالتفاف حولها والعودة للتفسير القديم، بدليل أننا في القرن الواحد والعشرين نناقش نفس القضايا؛ المرأة، الزواج، الطلاق، ودخلنا في الحجاب والنقاب، يعني مشكلات كنا ظننا أنها قد أصبحت في عداد الماضي، مما يعني أن هذا الخطاب الإصلاحي في مجال التفسير والتأويل قد حقق هذا الإنجاز، ولكن ليس على أساس منهجي صامد.
هناك أسباب أخرى كما قلت، فأصبح السؤال عندي: كيف نتجاوز هذه الأزمة؟ وأنا أدركت إن أنا نفسي في حياتي كلها كنت طرفا في هذا. يعني محاولة فتح معنى النص القرآني بدون أن يكون انفتاح المعنى هذا مؤسس على إعادة صياغة لماهية مفهوم هذا النص، لطبيعة هذا النص؛ لأنه إذن محاولة فتح المعنى دون توسيع أفق لفهم هذا الإطار الذي نسميه القرآن يصبح فتح المعنى معتمدا على ما نسميه النوايا الحسنة، على ردود الأفعال. من هنا طورت نقدي مثلا لمسألة القرآن وحقوق المرأة والنسوية الإسلامية ... إلخ. إنه في النهاية محاولات تركز على جانب من القرآن وتتجاهل جانبا آخر. والمسئولية العلمية ألا تتجاهل بعدا من الأبعاد، وهذا ما جعلني في السنوات الاخيرة أن أعيد النظر في المفهوم الذي بدأت العمل فيه، وهو أن القرآن نص، وبدأت أعيد النظر في هذا المفهوم. فمشكلة التعامل مع القرآن كنص، أننا سنظل نخوض المعارك كلها على أرضية النص، فيصبح النص كما قلت في دراستي للمعتزلة «الاتجاه العقلي في التفسير» أنه أصبح القرآن مجالا للصراع الفكري، يمكن ينطق بما يشاؤه المفسر.
أصبح السؤال: كيف نخرج من هذه الأزمة؟ السؤال إذا لاحظت موجود من سنة تسعين في كتاب مفهوم النص؛ أي: كيف نخرج من التأويلات الأيديولوجية للدين؟ تقدر تقول إن عملي استمر في مجالين؛ في مجال تحليل تاريخ التفسير في العصر الحديث، دراسة إنجازات عصر النهضة وإخفاقاته، والوصول إلى اقتراح حلول. هذه الحلول فيما يرتبط بالقرآن هي: ما أزعمه أن القرآن ليس نصا، إنما هو مجموعة من الخطابات. وهذا مهم جدا حتى نفهم الاختلافات فيه والإمكانيات فيه التي يمكن أن تكون إمكانيات لتفكير سلفي تقليدي، وأن تكون إمكانيات لتفكير ليبرالي تقدمي. - ممكن أن نقف وقفة هنا عند: ما هو الفرق بين نص وخطابات أو خطاب في المفهوم؟ - أولا نفرق بين الخطاب والخطابة، فالخطاب ليس الخطبة. النص يفترض نسقا، متكاملا لغويا، له بناء، وأن فيه مؤلف، وأن هذا المؤلف هو الذي بنى هذا النص، وأنه أعاد النظر فيه، مثل أي مؤلف حينما يؤلف، يحاول أن يجعله خاليا من التغيرات والاختلافات والتناقضات، وهنا يكون المؤلف. فأنا هنا أدرس المؤلف وأدرس النص نفسه، وأبحث عما يسمى القارئ الضمني في النص. الخطاب أكثر تعقيدا من النص، طبعا كل مشكلات النص توجد في الخطاب، لكن ليست كل مشكلات الخطاب توجد في النص. الخطاب هو مسألة فيها كثير من الحيوية، فيه متحدث وليس مؤلف، وفيه مخاطب، والمخاطب يمكن أن يكون مخاطبا مباشرا، ومخاطبا غير مباشر، وهناك أيضا نوع (نمط - مود). الجملة الواحدة خطابيا ممكن يكون لها معان كثيرة كما قال أهل البلاغة؛ لأنهم كانوا يتكلمون عن الخطاب الشفوي؛ يعني مثلا التنغيم يعطي معاني مختلفة، يعني في الخطاب مثلا: تأكل حاجة حلوة فتقول الله، هذه لها معنى، إنك تكون غضبان وتقول: «الله» (بحدة قالها) هنا لها معنى ثان، مع أن الكلمة واحدة في النص، الخطاب يعمل تنغيمات، هذه التنغيمات تخلق «مود».
القرآن به أنواع من الخطابات، حينما أتعامل مع القرآن كنص، لا تلاحظ هذه الخطابات. في أماكن معينة من التفسير الكلاسيكي كان فيه وعي بهذا، ولكن لم يكن وعيا كاملا، وعي جزئي. بأنه الأمر هنا ليس أمرا، وإنما تهديد مثلا، وأن الاستفهام هنا ليس استفهاما وإنما استفهام بلاغي يعني إنكار. ولكن هذا كان على مستوى الجملة؛ إنجازات علم البلاغة العربية على مستوى الجملة، وليس على مستوى أوسع، مستوى الخطاب. علم تحليل الخطاب يساعد كيف نوسع هذه المجالات؟
ممكن أن نعطي مثالا يوضح ما المقصود بالخطاب. مثلا
অজানা পৃষ্ঠা