এভাবে নাসর আবু জায়েদ কথা বলেছেন
هكذا تكلم نصر أبو زيد (الجزء الأول): من نص المصحف إلى خطابات القرآن
জনগুলি
إن التعامل مع المصحف على أنه كتاب أو نص، جعل كل جهود فهمه عبر العصور تسعى إلى مقصد مرسل القرآن، وجعلت هذا المقصد يجب أن يكون واحدا، وشاملا، وأبديا، لكل زمان ومكان؛ مما جعل المسلمين يبحثون دائما في المصحف عن حلول لكل مشكلات حياتهم، وليس فقط الهداية الدينية. الظاهرة الأخرى التي تولدت عن ذلك هو اختيار معنى واحد لجعله مقصد مرسل القرآن، ويتم تهميش المقاصد الأخرى من خلال ثنائيات عديدة عبر التاريخ، بأن يكون هناك مقصد ناسخ وآخر منسوخ، مطلق ومقيد ، خاص وعام في مجال الفقه، ظاهر وباطن في مجالي التصوف والمنظومات الفكرية الشيعية، حقيقة ومجاز في مجال بلاغة المصحف، بحيث يكون جانب من كل هذه الثنائيات هو المقصد والآخر يتم تهميشه. وهذا ما حدث من خلال التأويل والتأويل المضاد، وما زال؛ وذلك بسبب الطبيعة النصية للمصحف، حينما يتم التعامل مع المصحف كمجموعة من الخطابات، فكل خطاب منها له وقت وله زمن وله سياق، وله مخاطبون، وليس معنى مطلقا وشاملا وأبديا، لكن الأمر يتطلب جهودا كبيرة للكشف عن بنية الخطابات في المصحف، وهي الجهود التي لم نبدأ فيها بعد.
إن ضعف ثمار الإصلاح الديني بعد قرن ونصف من الجهود تعود إلى أننا ركزنا في جهودنا على التجديد في المسائل العملية وفي الفروع، ولم نتعرض لماكينة التفكير الدينية ذاتها، وفي الأسس التي تقوم عليها من تصورات تجمدت عند زمن بعيد، وأصبحت هذه التصورات عقائد، وأصبحت معلوما من الدين بالضرورة، وأصبحت ثوابت للدين، ولا يمكن إعادة النظر فيها. ومن يفعل فقد جدف في العقائد وهدم الثوابت، وأنكر المعلوم من الدين بالضرورة، في حين أن كل هذه «الثوابت» كانت مجرد تصورات بشرية ضمن تصورات أخرى، وكانت مجرد إجابة ضمن إجابات أخرى، لكنها سادت واستمرت لعوامل اجتماعية وسياسية تاريخية، فأصبحت هي الدين، أو أصبحت هي «صحيح الدين». لذلك لن يفيد «تجديد في الفكري الديني» عبر مجرد إعادة تعبئة القديم في زجاجات جديدة، كما نفعل منذ قرن ونصف.
كان لإدراك نصر أبو زيد لهذه الحقيقة عامل رئيس في اتخاذ قراره بالبدء في رحلة إعادة تعريف القرآن التي أخذت منه، منذ نوفمبر عام 2000م في محاضرته عند جلوسه على كرسي الحريات في جامعة لايدن، فتناول القرآن كعملية تواصل رأسي بين الله والإنسان. وفي احتفالية مئوية الكواكبي في سوريا تناول في محاضرته إشكالية تأويل القرآن قديما وحديثا؛ ليتناول الجانب الأفقي من تعامل البشر مع القرآن عبر الفهم والتفسير والتأويل من قدماء ومحدثين؛ ليقدم في محاضرته لاعتلائه كرسي ابن رشد في كلية الإنسانيات بجامعة أوترخت عام 2004م دعوة إلى السعي نحو منهج إسلامي جديد في التأويل. وسعى في السنوات التالية إلى بناء هذا المنهج الجديد، وقدم عناصر له في محاضرات ومناسبات مختلفة.
وفي السنوات الخمس الأخيرة من حياته، كان أبو زيد مشغولا بالبحث عن سؤال: هل هناك رؤية مترابطة للعالم خلف الأنساق القرآنية؟ فحاول أن يبحث في تراث المسلمين الفكري عن بذور اهتمام ببناء رؤية للعالم متكاملة للأنساق القرآنية. وقدم في محاضرته في افتتاح مؤتمر القرآن في سياقاته التاريخية، الذي عقد بجامعة نوتردام بالولايات المتحدة الأمريكية في إبريل 2009م عناصر هذه الرؤية في مداخلته بالمؤتمر «قصتي مع القرآن». وأشار إلى البذور الموجودة في جهود القدماء للوصول إلى مقاصد كلية للشريعة، وكذلك الجذور الموجودة في خطاب ابن رشد، والتي يمكن الانتباه لها مع دراسة كتبه بشكل مترابط، مع الوضع في الاعتبار السياقات الزمنية التي صدرت فيها هذه الكتب، وهي: «فصل المقال» و«مناهج الأدلة» و«بداية المجتهد ونهاية المقتصد».
كان نصر أبو زيد في العقد الأول من القرن الحالي، وكما كان يردد: «ما زال في مطبخ فكره» ولم يقدم وجبة متكاملة بعد. لكنه شاركنا بعض أطروحاته وأفكاره خلال محاضراته، وكان قد بدأ في العمل على كتاب ليكون مدخلا يجمع فيه الأسس الفكرية التي توصل إليها. فضلا عن ذلك كان قد بدأ في تأويله لسورة الفاتحة باللغة الإنجليزية. وهذه الجهود ما زالت تحتاج إلى الجمع وإلى الترجمة للعربية ورصدها والعمل عليها. وذلك يشمل مرحلة إعادة تعريفه القرآن من نص إلى خطاب ثم إلى خطابات، أو نتائج بحثه عن رؤية للعالم وراء ساحات الخطابات القرآنية؛ سعيا لأن تستفيد ثقافتنا من جهود السابقين، وتقوم بالبناء عليها عبر استيعابها والتعامل معها بشكل نقدي، فنصعد على أكتاف هذه الجهود، فنرى أبعد مما رأت. وهذه دعوة نصر أبو زيد لنا فهل من مجيب؟
4
والله أعلم.
نصر أبو زيد1مشواري من النص إلى الخطاب
(1) التأويل اللاهوتي للقرآن كما قدمه المعتزلة
أيها السيدات والسادة الحضور: أولا أريد أن أتوجه بالشكر إلى مكتبة الإسكندرية؛ فهذا لقاء مرتقب من ناحيتي ومن جهتي؛ أن أتحدث بالعربية مرة أخرى بعد أن طال بي الحديث باللغة الإنجليزية في بلاد الغرب، فكلما دعيت إلى أي بلد عربي أرحب بالدعوة، وألبي الدعوة، وأغير كثيرا من برامجي، وأعتذر عن كثير من ارتباطاتي السابقة لكي ألبي الدعوة. فما بالكم إن كانت الدعوة من مصر، فهنا تأتي جهيزة فتسكت كل خطيب إذا دعت مصر. وأشكر طبعا د. يوسف زيدان؛ فهو محرك هذه الدعوة ومنظمها، وأشكر له تحمله لكل التفاصيل التي كنت أسأله عنها بسبب تعودي لحياتي في الغرب، لكن د. يوسف كان طويل البال، وكان قادرا على أن يمتص كل هذه الأسئلة، ويجيب عنها حتى تمت الدعوة بالشكل الذي أرجوه. وهو يعمل على راحتي وإراحتي بكافة السبل الممكنة، لدرجة مبالغ فيها أحيانا. وهذه مشاكسة مع د. يوسف.
অজানা পৃষ্ঠা