حين يدرسون نصا أدبيا قديما، وكل الصعوبة في ذلك، أن نقرأ لهم النص الأدبي بتلك الأوجه الميسرة أو الموحدة من الإعراب، ولا شيء مطلقا في هذا، فهي لن تخل بمعنى ما، وهي - في جملتها - لا تخل بوزن، وإن أخلت بشيء منه، فليبق كما هو ضرورة للشعر، وما نسخنا هذه الضرورات وقراءة النص بوجه غير وجه هو ما نعانيه في الروايات المتعددة للنصوص، فلا بدع فيه ولا حدث، وليست فيه صعوبة تذكر حتى يوقف عندها، فما طلبنا كتابته بحروف لغة أخرى. (ج) المتكلمون بالعربية واختلافهم
والمتكلمون بالعربية اليوم في الأقطار المختلفة، قد فرقت بينهم منذ مطلع شمس الإسلام، عاميات مختلفة، استبدت كل واحدة منها بجماعة منهم، ثم ها هم أولاء يسمعون الفصحى كل حين، في الإذاعة مثلا ملحونة لحنا رهيبا، فهل تراهم لا يفهمونها لأنها ملحونة؟! لا شك أن لا، فهب أنهم لم يأخذوا بما أخذنا به في مصر من هذه الأوجه، فسيكون قولنا كقراءات القرآن المختلفة، أو هو - على أسوأ الفروض - كالذي يسمعونه كل حين من اللحن. وأما إن أخذوا بما أخذنا به من هذا التهذيب وهو ما تدعو حالتهم إلى مثله، بل هو ما تحتاجه أشد الاحتياج، فسيكون من هذا الاتحاد والاتفاق لا الافتراق والاختلاف، ثم سيكون ومن سهولة هذه الفصحى عامل جديد لتوثيق الصلة بينهم؛ إذ تضعف بسهولة الفصحى عامياتهم المفرقة لوحدتهم.
وهذا وجه من النظر الاجتماعي، يكفي وحده لأخذ أصحاب العروبة في كل إقليم بهذا التهذيب، رجاء أن يجتمعوا على فصحى يسيرة تهاجم العاميات فتقتلها، أو تضعف شأنها، وحبذا!
تلك هي الجمجمات التي همس بها من سمعتهم، وإن يكن غيرها فأحبب إلي أن أسمع وأصيخ!
وختاما
قد عرضت بهذا أصول الحل العملي لمشكلتين معقدتين من مشكلات حياة الفصحى، هما اضطراب الإعراب، واضطراب القواعد، وبسطت من الأمثلة ما يسهل الانتفاع بهذا الأصل، وعلى غراره تخرج تخفيفات كثيرة إذا ما صدقت النية في الاستجابة لحاجة الحياة والوفاء بمطالبها.
وإني بعد إذ فعلت ذلك أسأل كل من له شيء من الأمر: أتنحو هذا النحو؟ فإن حالت دون الإجابة حوائل من أوهامنا الاجتماعية التي لا تدعنا نأخذ سمتنا إلى الإصلاح، سألت المستقبل المرجو الناهض: أتنحو هذا النحو؟! تاركا للغد بعدي أن يسمع الإجابة من شفتي الزمان.
وأنتم؛ فالسلام عليكم.
অজানা পৃষ্ঠা