40
نباتا متفرقا، وهنالك ، حيث التراب البركاني، تبصر الجدب والجفاف.
أجل، إن المجاعات التي تنشأ عن تفاوت نزول الأمطار هي أشد ما تبتلى به بلاد الهند، ولكنها ليست كل ما تصاب به، فلتضف إليها الأعاصير والهيضة
41
والحميات.
ترتفع الأعاصير فتخرب كل شيء يعترض لها، وتثير أمواج البحر أحيانا فتقذفها إلى مسافات بعيدة، ومنشأ الأعاصير هو ما بين ركام الجو من تفاوت، وفي أواخر فصل الحر، على الخصوص، تهب الأعاصير فوق شواطئ كورومندل وسكهر وأوريسة، وما تحدثه الأعاصير من الضرر يذهب بلب الرشيد، ومن ذلك أن غرقت في سنة 1789 منطقة مدابولم القريبة من مصاب غوداوري فهلك ألوف من الناس، فحملت السفينة ليفيفرية مسافة فرسخ في البر، ومن ذلك أن دمرت في سنة 1864 مدينة مجهلي بتم المتوسطة الأهمية الواقعة على ذلك الساحل، ومن ذلك الخراب الذي تعرض له جزر سندربن الرملية التي يتألف منها مصاب نهر الغنج فيتعذر دفعه.
وفي غدران جزر سندربن تلك وبين أبخرتها المنبعثة من التراب الرطيب، وفي غياضها المتعصية الوبيئة بؤرة الهيضة الآسيوية الدائمة مع تقطع تفشيها في بقية بلاد الهند، وفي منطقة ترائي ذات المستنقعات الواقعة في سفوح جبال همالية مصدر حميات الآجام التي لا تقل فتكا عن الهيضة، فليقم بتلك المنطقة أو ليوغل فيها من يرغب في الموت، فالموت، وإن لم يلاقه فيها على الدوام، ينشب أظفاره فيه إذا ما غفل عنه فيندر أن يتفلت منه.
ولا يقال، مع ذلك، إن بلاد الهند الرائعة، التي لا ينضب لها معين، وبيئة في مجموعها، فيمكن الأوربيين أن يستقروا بها من غير أن يخاطروا بأنفسهم ما سلكوا سبيل الرشاد فبدلوا منازلهم فيها، وغيروا ما هم فيه من هوائها وأجوائها بحسب الفصول، وهذا لا يكون لزمن طويل مع ذلك، فقد هدتهم التجارب إلى استحالة اختيارهم لها وطنا ثابتا فتراهم يرسلون أولادهم إلى إنجلترا لينشئوا فيها، ما تألف ممن يبقى منهم في الهند عرق منحط سخيف ضعيف محكوم عليه بالأفول قريبا، وما أحسن قول بعضهم: «يتصف جيل البيض الأول في بلاد الهند بالضعف والسخف، ويتصف جيلهم الثاني فيها بالعجز والكسح ، ولا تسمع عن جيلهم الثالث فيها خبرا.»
والهند إذا أريد وصفها وصفا أساسيا قيل إنها بلاد حارة يقل فيها الاحتياج إلى المساكن والملابس والمآكل، وتكثر فيها الأراضي الخصيبة التي تخرج، بغير عمل، ما يضطر إليه الأهلون من المحاصيل القليلة، ففي أحوال كتلك لا يتطلب الصراع من أجل الحياة كبير جهود، فلا ينمو فيها خلق المبادرة والنشاط والحزم، فكأنه كتب على العروق الخاضعة لمثل تلك الأحوال أن تكون مستعبدة، فهي تظل فريسة للفاتحين، مستعدة للعمل بأوامر الغالبين.
هوامش
অজানা পৃষ্ঠা