وما تركه جالوكيا من المباني قليل، ومن المحتمل أن يكون ذلك قد نجم عن اتخاذ المسلمين لما كان يملكه جالوكيا من المدن، كبيجابور وكل برغه، إلخ، مقرا لدولهم الكبرى فيما بعد، ولتلك المباني بعض الأهمية مع ذلك، فقد رأى بعض المؤلفين أنها عنوان طراز سموه بالطراز الجالوكياوي.
وفي ولاية ميسور بلغ ذلك الطراز غايته بين سنة 1000 وسنة 1300 من الميلاد، فتجد أجمل نماذجه في هلابيد وبيلور، ومن المحتمل ألا تكون قد أنشئت قبل القرن الثاني عشر من الميلاد، ويذكرنا ما فيها من فيض الزخرف بالمباني الجينية، وليس ما يسترها من النقوش التي تمثل الآلهة الهندوسية شيوا وباروتي ووشنو، إلخ، بأرقى من نقوش المعابد الدراويدية، ونعدها مرحلة انتقال بين طراز شمال الهند وطراز جنوبها أكثر من أن تكون عنوان طراز جديد.
وطفق جنوب الهند يعرض للمغازي الإسلامية منذ القرن الثالث عشر من الميلاد، وجاهد المسلمون عدة قرون لفتح أقسام الدكن المختلفة، ولم يوفقوا لتدويخ جميعه إلا لوقت قصير، وفي الدكن أقاموا ممالك قوية وإن لم تكن من الشوكة بما يقاس ببأسهم في شمال الهند، وذلك كما يبدو لنا، عند سكوت التاريخ، من قلة تأثيرهم الديني واللغوي، والفني فيه، ولم يصبح فن العمارة إسلاميا، مع ذلك، إلا في المدن التي ظلت بأيديهم زمنا طويلا، أجل، شاد ملوك من الهندوس، كأحد ملوك مدورا، قصورا على الطراز الإسلامي، ولكن تأثير هذا الطراز ظل في المعابد الهندوسية كالعدم تقريبا.
وقعت مغازي المسلمين الأولى للدكن سنة 1306 في عهد علاء الدين، فبلغ الجيش الإسلامي شاطئ ملبار في سنة 1310، وخربت هلابيد وميسور في سنة 1310، وكان لورنغل مثل نصيبهما في سنة 1323، ولسرعان ما تم فتح شمال الدكن فقام بأمور حكومته، بعض الوقت، ولاة مسلمون تابعون لملوك دهلي متخذون دولت آباد مقرا لهم.
لم يلبث أولئك الولاة أن نشدوا الاستقلال لأنفسهم فكان أول بيت إسلامي مالك مستقل بيت ملوك بهمني الذي دام سلطانه من سنة 1347 إلى سنة 1526 فاستطاع في أثناء ذلك أن يضم إليه ساحل أوريسة بعض الزمن، ولم تعتم هذه المملكة أن قسمت إلى خمس ممالك إسلامية مستقلة متحاربة على الدوام، وهذه الممالك هي: مملكة بيجابور «1489-1689» ومملكة أحمد نغر «1490-1637» ومملكة غول كوندا «1512-1687» ومملكة برار «1484-1574» ومملكة بيدر «1489-1599»، فما كان من اقتتال هذه الممالك منعها من التوسع في جنوب الهند فسهل على جنوب الهند أن يحافظ على استقلاله.
شكل 1-6: خريطة الهند الإسلامية في عهد الملك أكبر «القرن السادس عشر من الميلاد»، «خططها المؤلف».
والواقع أن جنوب الهند كان مقسوما إلى منطقتين مختلفتين في القرن الخامس عشر وفي النصف الأول من القرن السادس عشر، فأما المنطقة الأولى فكانت واقعة شمال نهر كرشنا تابعة للمسلمين، وأما المنطقة الثانية فكانت واقعة جنوب ذلك النهر تابعة لراجوات من الهندوس معدودين من عمال راجه بيجانغر، وما في بيجانغر هذه من المباني الرائعة، الخربة الآن، شاهد على ازدهار دولتهم فيما مضى.
وفي سنة 1564 فقط وفق ملوك الدكن المسلمون المتحدون لتقويض سلطان الهندوس في جنوب الهند وتخريب بيجانغر، ولم يكن تدويخ جنوب الهند هذا إلا ناقصا مع ذلك، فقد قامت فيه عدة دويلات، كدويلة تانجو ودويلة مدورا وغيرهما من الدويلات التي حافظت على استقلالها بين الفتن إلى أن نزعه المراتها ثم الإنجليز.
استقر المراتها بتانجور سنة 1674، واستولى المسلمون على مدورا سنة 1736، ثم استفاد الإنجليز الذين ثبت أمرهم بمدراس سنة 1736 من تلك المنازعات ففتحوا جنوب الهند بالتدريج، وما أصاب مسلمي ميسور من الهزيمة سنة 1799 في زمن تيبو صاحب أسفر عن تسلم الإنجليز لزمام السلطة العليا في جنوب الهند وعن بسط سيادتهم عليه بأسره، وسنرى، عما قليل، كيف تم لهم هذا الفتح وما هي العوامل التي جعلته ممكنا.
هوامش
অজানা পৃষ্ঠা