الحكم فيه، فيحكم ببقائه على ما كان، استصحابا لتلك الحالة الأولى.
إذا عرفت ذلك فاعلم أنه لا خلاف ولا اشكال في حجيته بالمعنى الثاني والثالث، لأن مرجعهما إلى الاستدلال بعموم النص واطلاقه، وإنما الاشكال والخلاف في أحد معنى البراءة الأصلية، وقد تقدم وفي المعنى الرابع، وهو محل الخلاف في المقام ومنتصل سهام النقض والابرام، فجملة من علمائنا الأصوليين بل أكثرهم على ما نقله البعض على القول بالحجية، والمشهور بين المحدثين وجملة من علمائنا الأصوليين - بل نقل بعض أنه مذهب أكثرهم أيضا - على العدم، وهو المنقول عن الشيخ والسيد المرتضى والمحقق.
وهو اختيار صاحبي المعالم والمدارك. ومثلوا له بالمتيمم إذا دخل في الصلاة ثم وجد الماء في أثنائها، فإن الاتفاق واقع على وجوب المضي فيها قبل الرؤية، لكن هل يستمر على فعلها والحال كذلك أم يستأنف؟ مقتضى الاستصحاب الأول.
احتج القائلون بالحجية بوجوه: (أحدها) - أن المقتضي للحكم الأول ثابت والعارض لا يصلح رافعا له، فيجب الحكم بثبوته في الثاني. وجوابه أن صلاحية العارض للرفع وعدمها فرع الثبوت في الثاني، فإن غاية ما دل عليه الدليل ثبوت الحكم في الزمن الأول، وثبوته في الثاني يحتاج إلى دليل.
و (ثانيها) - أن الثابت أولا قابل للثبوت ثانيا، وإلا لا نقلب من الامكان الذاتي إلى الاستحالة، فيجب أن يكون في الزمان الثاني جائز الثبوت كما كان أولا، فلا ينعدم إلا بمؤثر، لاستحالة خروج الممكن عن أحد طرفيه إلى الآخر إلا لمؤثر، فإذا كان التقدير عدم العلم بالمؤثر بكون بقاؤه أرجح من عدمه في اعتقاد المجتهد، والعمل بالراجح واجب. وجوابه أن توقف الانعدام على مؤثر فرع الوجود بالفعل لا إمكان الوجود. وبالجملة فالمانع مستظهر، قال سيدنا المرتضى (قدس سره) - في الاحتجاج
পৃষ্ঠা ৫২