হাবারমাস মুকাদ্দিমা কাসিরা
يورجن هابرماس: مقدمة قصيرة جدا
জনগুলি
لا يدعي هابرماس أن كل فيلسوف ينتمي إلى هذا النموذج يقبل كل أفكاره المميزة. الواقع أنهم لا يستطيعون ذلك؛ لأن هذه الأفكار ليست مجموعة متسقة. الفكرتان السادسة والسابعة مثلا تبدوان غير متسقتين تماما. القصد أن هذه الأفكار مؤثرة جدا وراسخة بشدة في الفلسفة الحديثة، وأن هابرماس يرفضها كلها.
وبالعمل في اتجاه خارج عن تحليل التحول اللغوي ذاك، يمكننا تمييز بعض السمات العامة لفلسفة هابرماس. بداية، لا تصور النظرية الاجتماعية لهابرماس العالم الاجتماعي باعتباره موضوعا (أو مجموعة من الموضوعات) يقف في مواجهة مجموعة الذوات التي يتفاعل معها سببيا. وليس العالم الاجتماعي موضوعا أو مجموعة من الموضوعات، وهو ليس تحديدا شيئا خارجنا، بل هو وسط نعيش فيه. إنه «داخلنا» بالطريقة التي نفكر ونحس ونتصرف بها بقدر ما نحن «داخله». هذا أمر تعلمه هابرماس من علاقته في شبابه بهايدجر. وثمة نقطة ثانية مهمة، وهي أن هابرماس لا يرى الفلسفة تخصصا متميزا يتمتع بالأولوية على العلوم الطبيعية؛ فمهمة الفلسفة العمل في تضافر مع العلوم الطبيعية والاجتماعية التي تستقي منها مادتها. وحيثما دعت الضرورة، قد تلعب الفلسفة دور البديل لما يسميه هابرماس «النظريات التجريبية ذات الادعاءات العمومية القوية»؛ أي إن لديها القدرة على سد الفراغات في العلوم الطبيعية بتقديم فرضيات للتأكيد التجريبي (الوعي الأخلاقي والفعل التواصلي). أخيرا، تعطي النظرية الاجتماعية لهابرماس أفضلية للبعد الذاتي المشترك للواقع الاجتماعي. إن المجتمع ليس مجموع الذوات المفردة، كما أنه ليس وحدة عضوية تيسر فيها الأجزاء غاية الكل. فما هو اجتماعي، بحسب قوله، ليس «ذاتا كلية» فحسب، بل إنه ليس حتى موحدا أو متسقا. وكما سيتضح لنا في الفصل الخامس، فما هو اجتماعي يكون بنية معقدة ومتعددة الأوجه بين ذواتية تشمل نطاقات متداخلة مميزة يتفاعل بداخلها الفاعلون. (2) نظرية المعنى البراجماتية عند هابرماس
بالنظر إلى التحول «اللغوي» عند هابرماس من وجهة نظر إيجابية، سنجده تحولا «براجماتيا» أيضا بالقدر نفسه. يحاول هابرماس أن يحدث تحولا في النظرية الاجتماعية بمساعدة ضرب خاص من نظرية المعنى؛ أي النظرية البراجماتية للمعنى. في السبعينيات، توصل هابرماس متأثرا بكارل-أوتو آبل زميله بجامعة فرانكفورت إلى رأي مفاده أن المعنى اللغوي لم يستنفده المعنى الافتراضي، وأن للمعنى «بنية مزدوجة أدائية-افتراضية»، أو أن المعنى الافتراضي والبراجماتي كانا متلازمين. ولتقدير هذا الموقف وأثره على نظرية هابرماس، سندرس كلا مما سبق على حدة. (2-1) المعنى الافتراضي
بحسب النظرية القياسية الشائعة للمعنى حاليا ، يتألف معنى الجملة من شروط صحتها، وفهم معنى جملة من الجمل ما هو إلا معرفة ما يجعلها صحيحة أو خاطئة. ولقد ثبت أن نظرية المعنى المشروطة بالصحة محكمة ومفيدة. فمن ناحية، هي قادرة على تفسير الحقيقة المميزة المتعلقة باللغة؛ ألا وهي أنه من بين عدد محدود من المفردات والعبارات ذات المغزى والقواعد النحوية التي تحكم المزج بينها، يمكن تشكيل عدد لا نهائي من الجمل الجديدة المفيدة الأكثر تعقيدا. ويفسر ذلك بدوره علة فهمنا لمعنى الجمل التي لم نسمعها من قبل قط.
ولكن، ثمة صعوبة واحدة تشوب نظرية المعنى النموذجية المشروطة بالصحة؛ ألا وهي أنها تبدو منطقية لجزء محدود من اللغة وحسب، وهو الجزء الافتراضي أو الوصفي. ولا بأس بها في تأكيدات على غرار «الثلج أبيض»، لكنها لا تناسب تعبيرات مثل «كيف حالك؟» يبدو من العبث أن نزعم بأنه لمعرفة معنى التعبير «كيف حالك؟» يتعين على المرء معرفة الشروط التي بموجبها تكون جملة «كيف حالك؟» صحيحة (أو خاطئة). هناك الكثير من الأمثلة الشبيهة نرى فيها اللغة ذات معنى، مع أنه يبدو من الغريب الزعم بأن معنى الجمل أو أجزاء الجمل يعول على شروط صحتها. ولهذا السبب، يعتقد هابرماس أن علم الدلالة المشروط بالصحة موصوم ب «مغالطة وصفية»؛ فهو يقع في خطأ توسعة نطاق نظرية المعنى التي تسري دون مشكلة على بعض أجزاء اللغة؛ ألا وهي الافتراضات، التي لها حقا وظيفة وصفية أو تمثيلية، بحيث تناسب اللغة بأسرها. وهذا واحد من الأسباب التي دعت هابرماس لتفضيل نظرية المعنى البراجماتية. (2-2) المعنى البراجماتي
نظرية هابرماس للمعنى براجماتية لأنها لا تركز على ما «تقوله» اللغة، بل على ما «تفعله»؛ فهي نظرية ل «استخدام» اللغة. وينطلق هابرماس من تعريف للغة عند كارل بوهلر (1879-1963)، المنظر اللغوي الألماني، باعتبارها «أداة ينقل بها المرء فكرة للآخر عن العالم.» وينسب بوهلر ثلاث وظائف للغة تقابل منظور المتكلم والمخاطب والغائب على الترتيب؛ ألا وهي: الوظيفة «المعرفية» لتمثيل الحال، ووظيفة «الالتماس» لتوجيه الطلبات إلى المتلقين، والوظيفة «التعبيرية» للإفصاح عن تجارب المتكلم. ويوضح مخطط بوهلر الطبيعة الثلاثية للتواصل.
شكل 3-1: نموذج الأورجانون لدى كارل بوهلر للغة.
يزعم بوهلر أن أي حدث من أحداث استخدام اللغة ينطوي على ثلاثية قوامها المتكلم والمستمع والعالم، وأن نظرية اللغة يجب أن تعاملهم جميعا بإنصاف. ويوافقه هابرماس الرأي؛ فهو يعتقد أنه من الخطأ أن ينصب تركيز نظرية المعنى المشروط بالصحة حصريا على الوظيفة المعرفية، بينما يتجاهل الوظيفتين الأخريين المتمثلتين في العلاقة بين المتكلم والمستمع. ومن ثم، فهي لا تستطيع أن تقدم تفسيرا وافيا لكيفية استخدام اللغة بعدة طرق مختلفة ليتواصل بعضنا مع بعض ولتنسيق أفعالنا.
يطور هابرماس هذه الفكرة قائلا إن الوظيفة البراجماتية للكلام هي الانتقال بالمتحاورين إلى نقطة فهم مشتركة، وتحقيق الإجماع الذاتي المشترك، وأن هذه الوظيفة تتمتع بأفضلية على وظيفة الدلالة على واقع العالم. وبينما تتبنى نظرية المعنى المشروط بالصحة الفرضيات باعتبارها الوحدات اللغوية الأساسية الحاملة للمعنى، تتبنى نظرية المعنى البراجماتية الملفوظات باعتبارها الوحدات اللغوية الأساسية الحاملة للمعنى. ويتكون اللفظ من كلمات ينطقها المتكلم ويتلقاها المستمع في موقف بعينه ولسبب محدد؛ على سبيل المثال، «النافذة مفتوحة». والفرضية هي المحتوى أو الفكرة التي تمثلها الكلمات، وهي «أن النافذة مفتوحة». في المواقف الواقعية، دائما ما تطمر الفرضيات في الملفوظات. لا يرفض هابرماس نظرية المعنى المشروط بالصحة بالمرة، بل إنه ينكر أولا أنها يمكن أن تكون تفسيرا عاما للمعنى، وينكر ثانيا كونها الضرب الأساسي للمعنى. ويرى بدلا من ذلك أن المعنى والفهم من الأفضل تناولهما عبر تحليل للوظيفة البراجماتية للكلام:
لا يعرف المرء ماهية فهم معنى تعبير لغوي إذا لم يكن يعرف أساسا كيف يستغله للوصول إلى فهم مشترك مع الآخر حيال شيء ما. «براجماتيات التواصل» (2-3) الإجماع والاتفاق
অজানা পৃষ্ঠা