المراد به فعل الوضوء، وقد ورد عند أبي داود: «توضأ مثل وضوئي هذا» (^١)، وإنما قال: (نحو) في رواية الصحيحين، ولم يقل: (مثل) لأن حقيقة مماثلة وضوء النبي ﷺ لا يقدر عليها غيره، لكن ثبت التعبير بالمماثلة كما في رواية أبي داود المذكورة، فيكون التعبير بـ (نحو) من تصرف الرواة؛ لأنها تطلق على المثلية مجازًا، أو يكون المعول على ما في الصحيحين.
الوجه الرابع: فضيلة أمير المؤمنين عثمان ﵁ وحرصه على تعليم العلم، نشرًا للسنة، ونصحًا للأمة، فينبغي للعلماء وطلاب العلم أن ينشروا السنن بين الناس، وألا يكتفوا بوضوحها ومعرفة الناس لها إجمالًا، فإن عثمان ﵁ بين صفة وضوء النبي ﷺ بالفعل، مع أنه أمر معروف، ولا سيما في القرن الأول.
الوجه الخامس: هذا الحديث هو أحد الأحاديث التي بينت صفة وضوء النبي ﷺ على الكمال، قال ابن الملقن: (هو أصل عظيم في صفة الوضوء) (^٢). وتقدم كلام ابن شهاب الزهري.
ولذا جعله الحافظ أصلًا في بيان صفة وضوء النبي ﷺ، وجعل ما بعده من الأحاديث مكملات له.
وسأتكلم - إن شاء الله - عن فوائده، دون المسائل التي لها أحاديث مستقلة ستأتي، فهذه أترك الكلام عليها إلى حينه.
الوجه السادس: جواز الاستعانة في إحضار ماء الوضوء، لقول حمران: (إن عثمان ﵁ دعا بوضوء)، وقد حكى ابن الملقن الإجماع على جواز ذلك من غير كراهة (^٣).
ويدخل في ذلك صب الماء على المتوضئ، لما ورد عن المغيرة بن شعبة ﵁ قال: (بينا أنا مع رسول الله ﷺ ذات ليلة إذ نزل فقضى حاجته، ثم