﵏ وعند الشافعي ﵀ سفر المعصية لا يفيد الرخصة فعلى هذا إذا أبق العبد من المولى أو سافر جماعة لنهب البلاد أو قطع الطريق لهم أن يقصروا الصلاة الرباعية ويفطروا في رمضان ويأكلوا الميتة إذا اضطروا إلى ذلك على المذهب الأول: دون الثاني.
حجة أبي حنيفة ﵁: إطلاق النصوص وهو قوله تعالى: ﴿فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَر﴾ ١ وقوله تعالى: ﴿فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ﴾ ٢ الآية وقوله ﷺ: "فرض المسافر ركعتان" فتقييد هذه النصوص بسفر الطاعة أو سفر المباح تحتاج إلى دليل ولأن نفس السفر ليس بمعصية وإنما المعصية مجاوره فصار كما لو سافر إلى الحج أو التجارة وهو يقطع الطريق أو يشرب الخمر أو يزني.
حجة الشافعي ﵀: قوله تعالى: ﴿فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ﴾ ٣ فشرط في الرخصة كونه غير باغ ولا عاد فإذا كان باغيا أو عاديا لا تصح له الرخصة.
الجواب عنه: أن على قول أكثر أهل التفسير اختص قوله غير باغ ولا عاد بالأكل ومعناه غير باغ على مضطر آخر بالأخذ منه والاستئثار عليه ولا عاد في شدة الجوعة والأكل فوق العادة فإذا احتمل هذا لا يصلح حجة للخصم.
الثاني: أن الرخصة إعانة على ذلك العمل فلو كان سفر المعصية سببا للرخصة كان إعانة عليها.
الجواب عنه: أن الرخصة لطف من الله تعالى لعباده والله تعالى كريم لا يمنع الرزق من الكافر الذي هو سبب لبقائه في الكفر فكيف يمنع عن
_________
١سورة البقرة: الآية ١٨٤
٢سورة المائدة: الآية ٣.
٣سورة البقرة: ١٧٣
1 / 45