وكتبوا بذلك إلى عبد الله بن الزبير: إنا قد رضينا به، فأقره عبد الله بن الزبير على البصرة وصعد عبد الله بن الحارث بن نوفل المنبر فلم يزل يبايع الناس لعبد الله بن الزبير حتى نعس فجعل يبايعهم وهو نائم مادا يده، فقال سحيم بن وثيل اليربوعي:
بايعت أيقاظا وأوفيت بيعتي
وببة قد بايعته وهو نائم
فلم يزل عبد الله بن الحارث عاملا لعبد الله بن الزبير على البصرة سنة، ثم عزل، واستعمل الحارث عبد الله بن أبي ربيعة المخزومي، وخرج عبد الله بن الحارث بن نوفل إلى عمان فمات بها.
عبد الله بن عمر بن الخطاب
ابن نفيل بن عبد العزى المدني الصحابي الزاهد، وأمه زينب بنت مظعون بن حبيب بن وهب بن حذافة، كان إسلامه بمكة مع أبيه وهو صبي، وهاجر قبل أبيه، وأجمعوا أنه لم يشهد بدرا لصغره، وقيل: شهد أحدا، قال: عرضت على النبي
صلى الله عليه وسلم
عام أحد وأنا ابن أربع عشرة سنة فلم يجزني، وعرضت عليه يوم الخندق وأنا ابن خمس عشرة سنة فأجازني، وشهد الخندق وما بعدها من المشاهد مع رسول الله، وشهد غزوة مؤتة واليرموك وفتح مصر وفتح إفريقية، وكان شديد الاتباع لآثار رسول الله؛ حتى إنه ينزل منازله ويصلي في كل مكان صلى فيه ويبرك ناقته في مبرك ناقته، ونقلوا أن النبي نزل تحت شجرة فكان ابن عمر يتعاهدها بالماء لئلا تيبس.
روي له عن النبي أحاديث كثيرة، وروى عنه أولاده الأربعة وخلائق لا يحصون من كبار التابعين، ومناقبه كثيرة مشهورة، بل قل نظيره في المتابعة لرسول الله في كل شيء من الأقوال والأفعال، وفي الزهادة في الدنيا ومقاصدها والتطلع إلى الرياسة وغيرها، روي عن الزهري قال: لا يعدل برأي ابن عمر؛ فإنه أقام بعد رسول الله ستين سنة فلم يخف عليه شيء من أمره ولا من أمر أصحابه، وشهد النبي أن عبد الله بن عمر رجل صالح وكان كثير الصدقة وكان إذا اشتد عجبه بشيء من ماله تقرب به إلى الله تعالى، وكان رقيقه قد عرفوا ذلك منه فربما لزم أحدهم المسجد فإذا رآه ابن عمر على تلك الحال الحسنة أعتقه، فيقول له أصحابه: إنهم يخدعونك، فيقول: من خدعنا بالله انخدعنا له، وكان كثير الحج، قال ابن عمر: البر شيء هين؛ وجه طلق وكلام لين، ولم يقاتل في الحروب التي جرت بين المسلمين، وكان ابن عمر يسرد الصوم أي يصوم الأبد، وابن عمر أحد الستة الذين هم أكثر الصحابة رواية عن النبي، وهم: أبو هريرة وابن عمر وأنس وابن عباس وجابر وعائشة، توفي بمكة سنة ثلاث وسبعين بعد الحج، ويزعمون أن الحجاج دس رجلا فسم زج رمحه فرجمه في الطريق وطعنه في ظهر قدمه فدخل عليه الحجاج، فقال: يا أبا عبد الرحمن من أصابك؟ قال: أنت أصبتني، قال: لم تقول هذا رحمك الله؟ قال: حملت السلاح في بلد لم يكن يحمل فيه السلاح، ودفن عبد الله بن عمر بالمحصب
141
অজানা পৃষ্ঠা