ويقول صابر: ما رأيكم في رأس البر؟
ويقول عبد الغني: لماذا اخترت رأس البر؟
ويقول صابر: مصيف هادئ، ولا أخشى على أخيكم صديق. •••
وفي رأس البر يحاول عبد الغني أن ينفرد بصديق في البحر فتضيق عليه المسالك، ويقطع أبوه عليه كل تدبير دون قصد، فهو معهم دائما، وهو حريص كل الحرص أن يكون صديق في ذراعه. وقد عن له منذ اللحظة الأولى لنزولهم إلى البحر أن يعلمه العوم، ولكن عبد الغني يقول له: يا بابا هذا العوم يصلح لترعة البلد ولا يصلح للبحر الأبيض المتوسط.
ويضحك صابر وهو يقول: أليس كله عوما يا باشمهندس؟ - لا، هناك العوم الذي يجعل الإنسان طافيا، وهناك العوم المبني على قواعد وأصول. - أتعرف أنت هذا العوم؟ - تعلمته في الكلية على يد مدربين. - أتريد أنت أن تعلم أخاك؟ - طبعا، إذا علمته أنا فسيكون هناك فارق كبير بين تعليمي وتعليم سعادتك، مع احترامي الشديد. - ولكني أرفض أن أشغلك بهذا، وأنت قادم هنا للمتعة. - إنها متعة لي أن أعلم أخي. - لا أظن، وعلى كل حال سأفكر في الأمر.
وكان صابر وهند يصحبان صديق إلى الشاطئ كل يوم، بعد أن يتناولوا الغداء ويصيبوا نومة القيلولة، وكان عبد الغني وعبد الودود يقصدان إلى الجانب الآخر من رأس البر على النيل حيث الفنادق ذات الجلسات المرحة، حيث يجمع النيل على ضفته الشباب والشيوخ؛ أما الشيوخ فيلعبون النرد أو الضمنه، أو يسمرون مكتفين من الجمال بالنظر؛ أما الشباب فيمرح ما شاء له المرح في الأضواء المتلألئة من الكهرباء، ومن الهواء ومن الهوى، ومن شلالات السنين الخضر التي تريد أن تستوعب الحياة كلها في لحظة من عمر الزمن.
وبعد ذلك الحديث عن العوم كان صابر يجلس على الشاطئ مع صديق وهند، وكانت هند تشعر أن صديق مظلوم معهما في جلستهما هذه وكانت تفكر. ولم يطل بها التفكير فقد رأت أطفالا في مثل عمره يلعبون الكرة، وفكرت كيف تستطيع أن تجعله يشاركهم اللعب دون أن تفرضه عليهم فرضا.
استأذنت زوجها: صابر، سأغيب عنك بعض دقائق. - إلى أين؟ - ستعرف. - مفاجأة؟ - ربما. - أمرك.
وانصرفت، وخلا صابر بنفسه لا يجد ما يقوله لصديق، كما لم يجد صديق ما يقوله لأبيه، ودون قصد وجد صابر نفسه يفكر فيما قاله عبد الغني عن تعليم العوم.
ليس من حقي أن أحرم عبد الغني من متعة العوم مع أخيه وصحبه لأجعله يعلم أخاه العوم، قد يطيق هذا يوما أو يومين ثم يضيق بالأمر. ولكن عبد الغني محق في أن صديق يجب أن يتعلم العوم على أسسه الصحيحة وليس بطريقة عوم الترع التي تعلمت أنا بها، هذا البحار لا بد أنه يتقن العوم. - يا حاج.
অজানা পৃষ্ঠা