واتضح بعد ذلك أن المؤامرة أوسع نطاقا مما ظنت الملكة؛ إذ لم تقتصر على مقتل ريزيو، وإنما أعقبها سجن الملكة نفسها في قصر هوليرود حتى تخضع لرغبات الثائرين وتنفذ إرادتهم.
وقد عز على الملكة أن يقتل ريزيو وهو في حضرتها، وتسجن هي في قصرها؛ فأصرت على الانتقام، وصممت بعد إقماع الثورة على أن تتخذ من زوجها نفسه آلة للانتقام كما اتخذ منه الثوار أداة لإشعال ثورتهم.
وثيقة الخيانة
وكان من الغريب أن تفكر في استخدامه لمساعدتها في الانتقام من أعدائها بعد مقتل ريزيو وسجنها في قصرها، ولكنها جعلته يعتقد أن شركاءه في المؤامرات، أمثال مورتون وروثفن، إن هم في الحقيقة إلا أشد أعدائه حقدا عليه في قلوبهم، على الرغم مما يتظاهرون به من الإخلاص له.
وقد صدق دارنلي ما سمع من زوجته الملكة وفزع له، فوشى بشركائه جميعا، ولكنه طلب منها أن تصدر أمرا بالعفو ونسيان الماضي، وإغفال ما صنعه ضدها المتآمرون، ففعلت، وإزاء ذلك عاد اللوردات الذين ثاروا إلى هدوئهم، فتمكنت هي من الفرار ليلا من هوليرود يصحبها زوجها نفسه.
وأمل المتآمرون أن تحافظ الملكة على وعدها فتؤمنهم على سلامتهم وحياتهم؛ ولذا أرسلوا إليها وهي في «أدنبره» يطلبون منها أن تصدر وثيقة العفو عنهم كما وعدتهم.
ووافقت الملكة على إصدار وثيقة العفو، بشرط أن يعلنوا استنكارهم لحادث مقتل ريزيو وعداءهم لمدبريه.
وقد قبل المنفيون هذا الشرط بسرور، وعادوا لبلادهم، أما باقي أعضاء الذين أبوا المؤامرة فقد تفرقوا وهربوا كل إلى مخبئه.
وهكذا فازت الملكة ماري بحكمتها وسياستها، وأمكنها التغلب على معظم المتآمرين وضمهم إلى صفوفها.
وكانت الأخبار تصل إلى الباقين من الثوار في مخابئهم؛ فيزداد حقدهم عند سماعها، وقد بلغ غيظهم أقصى درجاته عندما أصدر دارنلي تصريحه بتبرئه من مؤامرة مقتل ريزيو، وعدم اشتراكه في أي شيء يتعلق بها، مع أنه في الحقيقة كان من أركان تلك المؤامرة؛ ولذلك استقبل الاسكتلنديون تصريحه بالضحك والسخرية لجبنه.
অজানা পৃষ্ঠা