ولكن القضاء كان يسخر منها، وكانت النهاية تقترب رويدا، كان أوكتافيوس عدوها العنيد وعدو أنطوني كذلك قد سار إلى مصر.
ظنت كليوباترا أن في إمكانها أن تسحر أوكتافيوس بجمالها كما سحرت يوليوس قيصر وأنطوني من قبله، ولكنها مع ذلك كانت ممن يؤمنون بالحقائق ولا يخدعون بالأوهام، فشغلت بالبحث في خواص السموم حتى تأكدت أخيرا أنه ليس هناك ما يوازي عضة الأفعى؛ لأنها تسبب النوم العميق أولا، ثم الموت دون ألم.
هل كان لهذه المرأة مثيل؟
الانتحار
وحانت ساعة التجربة الأخيرة، وسار مارك أنطوني بقوة ضعيفة ليقاوم أوكتافيوس الذي كان يحاول إذ ذاك اختراق أسوار الإسكندرية، وقبل أن تبدأ الموقعة رأى أنطوني فرسانه يهربون دفعة واحدة وينضمون لجيش العدو، فلم يسع فرق المشاة إلا الهرب كذلك، ولم يجد بدا هو الآخر من أن يهرب بنفسه إلى قصر الإسكندرية وهو يلعن كليوباترا ويتهمها بالخيانة. ولكن لم يلبث أحد رجاله أن حمل إليه خبر انتحارها، فانتابه الندم وسلم لخادمه أيروس سيفه، وطلب منه أن يقتله به، إلا أن أيروس طعن نفسه بهذا السيف وخر قتيلا وأنطوني يصيح به: حسنا فعلت يا أيروس! لقد بينت لسيدك كيف يتمم العمل الذي لم تجرؤ أنت على عمله.
وأمسك بالسيف وطعن به نفسه! ولكنه لم يمت في الحال، وكانت كليوباترا التي حملوا إليه خبر انتحارها لا تزال حية ترزق، فلما سمعت بما حل به أسرعت إلى جواره، وأخذت تناديه بالسيد والزوج والإمبراطور حتى لفظ النفس الأخير بين ذراعيها.
إدوارد الرابع.
كان أوكتافيوس المنتصر لا يزال عند أبواب الإسكندرية، ووصل أحد رسله إلى كليوباترا بعد أن كاد يقتل، ولم ينتقم أوكتافيوس لهذه الإهانة، ولكنه لبث ينتظر حتى تسلم الملكة نفسها، وبعد أن عادت كليوباترا من جنازة أنطوني أصابتها حمى شديدة، ولما شفيت وقابلت أوكتافيوس وعرفت أن الرجل الصخري الذي لم يؤثر فيه جمالها سوف يحملها أسيرة إلى روما لتسير في موكب نصره، كانت الصدمة أعظم مما يمكن أن تحتمل، فصممت على الانتحار.
وبعد بضعة أيام، طلبت من أوكتافيوس أن يسمح لها بزيارة قبر أنطوني، فلما سمح لها بالذهاب إلى القبر أخذت تصيح وتبكي وتقبل حجر القبر، وأرسلت خطابا إلى أوكتافيوس تطلب منه أن يأمر بدفنها إلى جانب أنطوني، فأدرك أوكتافيوس الحقيقة المؤلمة لما وصله هذا الخطاب، وذهب إليها رسله فوجدوها ميتة بعد أن وضعت الثعبان السام في صدرها. وقد طلبت رداءها الملكي وتاجها قبل أن تموت؛ فقد كان التاج أعظم ما حرصت عليه طوال حياتها، وماتت وهي لا تزال في التاسعة والثلاثين من عمرها، بعد أن خلفت في تاريخ العالم مأساة خالدة هي مأساة الحب والأطماع.
الملك إدوارد الرابع واليصابات جراي
অজানা পৃষ্ঠা