319

وإهمال الوعد بالضد. وأيضا القرآن مملوء من قوله ( عفوا غفورا رحيما كريما ). وكذا الأخبار في هذا المعنى تكاد تبلغ حد التواتر. وأيضا إن صاحب الكبيرة أتى بما هو أفضل الخيرات وهو الإيمان ، ولم يأت بما هو أقبح القبائح وهو الكفر ، ولا يهدمه ما سوى الكفر من المعاصي ، ولهذا قال يحيى بن معاذ الرازي : إلهي إذا كان توحيد ساعة يهدم كفر خمسين سنة ، فتوحيد خمسين سنة كيف لا يهدم معصية ساعة؟ إلهي لما كان الكفر لا ينفع معه شيء من الطاعات ، كان مقتضى العدل أن الإيمان لا يضر معه شيء من المعاصي ، وإذا دلت الآيات على الوعد والوعيد فلا بد من التوفيق بينهما. فإما أن يصل العبد إلى دار الثواب ثم إلى دار العقاب وهو باطل بالإجماع ، أو يصل إليه العقاب ثم ينقل إلى دار الثواب ويبقى هناك أبد الآباد وهو المطلوب. واعلم أن مذهب الأصحاب إلى الأدب أقرب من حيث إنهم يصفونه بصفات الجمال كالعفو والمغفرة ، وبصفات الجلال كالقهر والانتقام ، ولكن لا يوجبون عليه ثوابا ولا عقابا ، لأنه يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد. ومن حيث إنهم لا يعينون البعض المستحق للثواب ولا البعض المستحق للعقاب من المسلمين ، لأن فعله مبرأ عن التعلل بلواحق الغايات وسوابق البواعث. ومذهب المعتزلة إلى الاحتياط أقرب ، فإن من خوفك حتى تبلغ الأمن خير ممن أمنك حتى تبلغ الجوف.

( وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل لا تعبدون إلا الله وبالوالدين إحسانا وذي القربى واليتامى والمساكين وقولوا للناس حسنا وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة ثم توليتم إلا قليلا منكم وأنتم معرضون (83) وإذ أخذنا ميثاقكم لا تسفكون دماءكم ولا تخرجون أنفسكم من دياركم ثم أقررتم وأنتم تشهدون (84) ثم أنتم هؤلاء تقتلون أنفسكم وتخرجون فريقا منكم من ديارهم تظاهرون عليهم بالإثم والعدوان وإن يأتوكم أسارى تفادوهم وهو محرم عليكم إخراجهم أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزي في الحياة الدنيا ويوم القيامة يردون إلى أشد العذاب وما الله بغافل عما تعملون (85) أولئك الذين اشتروا الحياة الدنيا بالآخرة فلا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينصرون (86))

** القراآت :

بالإمالة المفرطة : حمزة وعلي وخلف ، وقرأ أبو عمرو بالإمالة اللطيفة وكذلك كل كلمة على وزن «فعلى» ( حسنا ) وصفا : يعقوب وحمزة وعلي وخلف والمفضل ( تظاهرون )

পৃষ্ঠা ৩২১