لكري الأنهار ولا غراس الأشجار، وإنما لمكابدة الساعات وظمأ الهواجر ومزاحمة العلماء بالركب عند حلق الذِّكر!». وهذا تميم الداري ﵁ .. قال مسروق: قال لي رجل من أهل مكة: هذا مقام أخيك تميم الداري، صلَّى ليلةً حتى أصبح أو كاد، يقرأ آية يردِّدها ويبكي ﴿أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ﴾ [الجاثية: ٢١]. وكان أبو هريرة ﵁ يسبح في كلِّ يوم اثنى عشر ألف تسبيحة؛ ويقول: «أسبح بقدر ديتي»! وكان قتادة ﵀ يختم القرآن في سبع، فإذا جاء رمضان ختم في كلِّ ثلاث، فإذا جاء العشر ختم في كلِّ ليلة! ولَمَّا حضرت الوفاة أبا بكر بن عياش ﵀ بكت أخته، فقال لها: «ما يُبكيك؟ انظري إلى تلك الزاوية، فقد ختم أخوك فيها ثمانية عشر ألف ختمة!». وهذا هو الإمام الحجَّة مسعر بن كدام ﵀، يحكي ابنه محمد بن مسعر، قال: «كان أبي لا ينام حتى يقرأ نصف القرآن»! وهذا إمام أهل السنة والجماعة أحمد بن حنبل ﵀ يحكي عنه ابنه عبد الله قال: «كان أبي يصلي في كلِّ يوم وليلة ثلاثمائة ركعة .. فلما مرض من تلك الأسواط أضعفته فكان يصلي في كل يوم وليلة مائة وخمسين ركعة، وكان قرب الثمانين!».