قالت: إن المسلمين يلعنون أبا تراب.
قالت: ومن هو أبو تراب؟
قالت: هو علي بن أبي طالب، فهم كلما صلوا ختموا الصلاة بلعنه.
فتذكرت سلمى مصيبتها، وأن أباها إنما مات في هذا السبيل، ولم تكن لتعبأ لهذا الحديث لولا رغبتها في التطرق منه إلى حديث عبد الرحمن فقالت: إن هذا القصر بديع لا أظن المسلمين بنوا قصرا مثله إلى اليوم، ولكنني رأيت فيه الحرس وقوفا على الأبواب ومعهم السيوف والحراب، مع علمي أن الخلفاء في الحجاز والعراق لم يكونوا يتخذون الحرس.
قالت: صدقت يا بنية، وأول من اتخذ الحرس هو معاوية أبو أمير المؤمنين بعد حادثة البرك بن عبد الله التيمي الذي كاد يقتله لو لم يقع السيف في ظهره وينجو بإذن الله، فاتخذ معاوية الحراس منذ ذلك الحين ليسهروا على حراسته ليلا ونهارا، كما أمر بقيام الشرطة على رأسه إذا سجد، وهو أول من فعل ذلك من الخلفاء، ثم فعل ابنه أمير المؤمنين مثل ذلك، والسبب في كل ذلك يا حبيبتي أن قلوب المسلمين تغيرت عما كانت عليه من قبل وداخلها الغل، فأصبح الأخ يحقد على أخيه، وغدا قتل الخلفاء سنة عند بعض الناس، حتى إن مولانا الخليفة كان في خطر القتل منذ يومين، إذ كمن له رجل في مكان صيده، ولو لم ينبهه بعض خاصته إلى ذلك لذهبت حياته على أهون سبيل ولكن الله نجاه ودارت الدائرة على الباغي.
فلما سمعت سلمى ذلك اختلج قلبها وارتعدت فرائصها وخافت أن تستزيدها بيانا فتسمع خبر قتل حبيبها، ولكنها لم تكن تستطيع كبح شوقها إلى الاستطلاع فقالت: وماذا فعلوا بالرجل؟
قالت: قادوه مغلولا وحبسوه، وسمعت في هذا الصباح أنهم سيوقفونه بين يدي الخليفة ويسألونه عن أصله وسبب مجيئه وبعد ذلك يقتلونه. ألا يستحق القتل؟
فسكتت سلمى وزاد اضطرابها، وخافت أن يبدو ذلك على وجهها فتظاهرت بصداع دهمها وحنت رأسها على ذراعها فوق النافذة وأخفت وجهها، فقالت لها العجوز: ما بالك يا سيدتي لا بأس عليك؟
قالت: إني أشعر بصداع أليم في رأسي لا أكاد أتحمله.
فمدت العجوز يدها وأخرجت من جيبها خرزة من الجزع معلقة بخيط قالت لها: خذي هذه التعويذة علقيها بين ضفائرك فإنها تشفيك بإذن الله، وقد جربتها بنفسي مرارا فكان الصداع يذهب مني حالا.
অজানা পৃষ্ঠা