قال جارنا البعيد، وكان قاضيا في الهند: «أنتم معشر الشرقيين مغالون في هذا التأثر السريع للشرف النسائي. جلست في كرسي القضاء ثماني سنوات في إحدى مدن الهند، وإن أول ما يتبادر إلى ذهني وأنا أعالج دعوى جنائية أن سببها ثأر لإهانة نسائية.»
قلت: «أصبت، فنحن شديدو الغيرة، وإننا نفتخر بهذا الذي تعيبوننا به.»
تاريخ اللفظة
إن لكل لفظة تاريخا ؛ مثلا هذا القلم الذي أحمله: حينما شعر الإنسان بالحاجة إلى تدوين خواطره اخترع القلم، وأخيرا أطلق عليه اسما؛ فتاريخ اللفظة يبتدئ بالشعور بالحاجة لشيء ثم وجوده وتسميته.
وكما أن عند الإنكليز لفظة «هوم»، وهي تدل على الحياة العائلية في أسمى درجاتها، كذلك عندنا لفظة غنية غير موجودة في باقي اللغات على ما أعرف هي لفظة «عرض».
لا أعني أن باقي الأمم لا يشعرون بهذا الشرف النسائي، وأن غير الإنكلوسكسون لا يتمتعون بالحياة العائلية، لا بل إن وجود لفظة «هوم» عند الإنكليز يستدل منها أنهم أسبق الأمم لتقدير الحياة العائلية، ووجود لفظة «عرض» عندنا تثبت أننا نقدس هذا الشرف النسائي أكثر من سوانا.
تاريخ العادة
أعجب أصحابنا هذا التعليل التاريخي، ولكنه لم يعجبهم هذا الإحساس الحاد، وتبرير الانتقام من أجل ما نتخيله انتقاصا لشرف يظنونه موهوما.
وكما أن الكلام يجر الكلام، كذلك التاريخ يجر التاريخ، فقصوا علي الحادثة التي من أجلها يروى أن عادة التقبيل شاعت؛ قالوا: تحدرت هذه العادة من الأجيال الوسطى، غير أنهم كانوا يعيرون المرأة التي تقبل؛ لذلك كان النساء فيما مضى ينفرن من الشجرة، ويتحاشين أن يمررن تحتها. وكان لأحد أشراف الإنكليز - واسمه اللورد لول - امرأة تشبه صاحبتنا الصينية بأنها تخاف التقبيل، وتختلف عنها بأنها قريبة إلى الكمال كقرب الصينية إلى القبح.
وكان عيد الميلاد؛ فخافت امرأة اللورد أن تباغت بقبلة، فراحت تفتش عن مختبأ، فلم تجد آمن من صندوق خشبي كمنت فيه، غير أنها لم تكد تطمئن في ملجئها حتى وجدت أن قفل الصندوق قد أطبق، ولم يعد في وسعها الخروج.
অজানা পৃষ্ঠা