وقائد الجيش؟
قام الجنرال شهاب بخدمة عبر واجبه، ندر أن أداها جندي. أما لماذا لم يستلم الحكم فلأنه يعتقد - كما صارحني في أواسط آب الماضي - «أن الجيش اللبناني إن تداخل بأمور الحكومة اللبنانية فسد الجيش اللبناني، وفسدت الحكومة اللبنانية.»
قائد الجيش يستحق تحية من سنة 1952.
قواصو الآلهة
لا أدري إن كان على وزارة الخارجية أن تشير على ممثلي الدول الأجنبية بمنع القواصين ارتداء هذه الأردية الطاووسية التي ترجع موضتها إلى العهد الإنكشاري، والتي تحقر الكرامة الوطنية والإنسانية. لعل بقاءها مفيد إذ يذكرنا أن النفوذ الأجنبي الذي طغى في العهد التركي لا يزال بيننا. إن الإنكليز سجلوا انتصارات عديدة في العالم العربي في العام الفائت، كاد العراق ينفجر بين أيديهم فتداركوه، حاولوا إشعال الفتنة بين إمارة قطر والمملكة السعودية فتلافاها السعوديون بقبلات الأخوة العربية القبائلية، وبهدايا الكاديلاكات تحمل السجاد الثمين. تطلع إلى تلك المنطقة في سنة 1953 وترقب، فقد تسمع هنالك دويا. أما في الكويت فلا يزال الإنكليز يستأثرون بأكثر من مائة مليون دولار من حصته السنوية، فيما هم يوهمون الدنيا أنهم يعطونها للكويت. ولقد شددوا حكمهم على تلك الإمارة بعد خسارتهم إيران. غير أنهم ليسوا بمسرفين بالضغط، ولا يستغرب أن تشهد هذه السنة إنشاء قواعد حربية هناك، وعلى شواطئ الخليج الفارسي. الذي يصد الإنكليز عن تحويل الكويت إلى مستعمرة إن تقاربا جديا حدث مؤخرا بين العراق والكويتيين.
أما الفرنساويون ودولتهم ففي تفكك وانهيار؛ فقد اختنق صوتهم الداوي في لبنان، وأصيب نفوذهم بصدمة عنيفة، وخفت إلى نأمة وهمهمة، فاقتصر نفوذهم على ما يستطيع عمله تطوعا بقايا الكوميسارية من موظفي الحكومة، وآخرون من الذين يؤمنون بأنهم أبناء الأم الحنون.
وإن شئت السؤال عن الأميركان، فأنت تدخل ساحة السمك في أشد ساعات الزحام، فهناك الصخب، واللغب، والعراك، وهناك بعض السمك البائت ينادى عليه: «طازة يا سمك.» لقد مثل الأميركان بيننا في السنة التي فاتت الحياة الأميركية الحقيقية؛ فالأميركي رجل خير وإحسان ومروءة؛ لذلك تدفقت مئات ألوف الدولارات على الجامعة، وهذا رئيسها يطوف الولايات المتحدة متسولا عشرة ملايين، وها هي مؤسسة «فورد» للإحسان بيننا منذ شهور تدرس بصمت وهدوء كيف ستنفق ملايين الدولارات في سبيل البر. والأميركي أبله سياسة؛ فأنت تلقى منهم كل معتوه يحاول درس الأحوال خطفا واختزالا، محاولا أن يمشي على الماء، مفسرا كل ظاهرة بفلسفة سمعها من جار له حول مائدة عشاء، أو فقرة من كتاب قرأه على طائرة تقله من واشنطن إلى أوكلاهوما، وليس بينهم من لا يطمح بأن ينشر كتابا عن هذا الشرق وطلاسمه. والأميركي كرجل تجارة وأعمال يؤله الكسب، ويستبيح في سبيل الوصول إليه كل رذيلة. لقد مثل رجال الأعمال من الأميركيين في لبنان دورا مجرما دنيئا بدأ اليوم يتكشف وتفوح روائحه، والأميركي اكتشف أن له في لبنان عملاء وسماسرة، ولكن ليس له أصدقاء، خصوصا في الأوساط الحكومية؛ فهذه النقطة الرابعة، وهو مشروع إنساني والقائمون عليه فتيان أشراف يقرعون الأبواب متوسلين أن نتناول منهم ثلاثة ملايين دولار تنفق على مشاريع إنماء درست درسا علميا، فلا يجدون من يسهل أعمالهم.
مسرحية مستر لوك
نحن شعب عاطفي تسيرنا صحافة سطحية. إن لوك ما أقيل من منصبه لأنه انتقد حكومته بسبب موقفها من اللاجئين ومن الدول العربية. إن لوك انتقد حكومته وانفجر ودا وعطفا وحبا مناصرا الدول العربية لأنه أقيل من منصبه. لقد كان لوك يتكئ على صديقه الوحيد في واشنطن الرئيس ترومان، فلما خسر هذا الانتخابات تحقق لوك أنه منصرف عنا، فعصفت تصريحاته، ومحاضراته، وحفلاته، وأوسمته؛ أملا منه أن تتوطد شعبيته بيننا، فتجد الرئاسة الجديدة في واشنطن أن لا غنى عن خدماته فيعود إلينا.
ليس لنا ما نأخذه على لوك إلا أنه يعطي «شيكات» من وعود ضخمة ليس لها مئونة في بنك التنفيذ، ولقد كنا أشد احتراما له لو أنه ثار في زمن صديقه ترومن.
অজানা পৃষ্ঠা