وهي ميل إلى المراد الخاص دون غيره. والاعتدال يؤذن بالسواء في الجميع ، وهذا ليس بواقع ، فلهذا منعنا(1) من حكم الاعتدال. وقد ورد في العلم الإلهي النبوي اتصاف الحق بالرضا والغضب، وبالصفات . والرضا مزيل للغضب، والغضب مزيل للرضا عن المرضي عنه (77-1) والاعتدال أن يتساوى الرضا والغضب؛ فما غضب الغاضب على من غضب عليه وهو(2) عنه راض . فقد اتصف بأحد الحكمين في حقه وهو ميل. وما رضي الراضي عمن رضي عنه وهو غاضب عليه فقد اتصف بأحد الحكمين في حقه وهو ميل : وإنما قلنا هذا من أجل من يرى أن أهل النار لا يزال غضب الله عليهم دائما أبدا في زعمه . فما لهم حكم الرضا من الله، فصح المقصود فإن كان كما قلنا مآل أهل النار إلى إزالة الآلام وإن سكنوا النار ، فذلك رضا: فزال الغضب لزوال الآلام(3) ، إذا عين الألم عين الغضب إن فهمت . فمن غضب فقد تأذى، فلا يسعى في انتقام المغضوب عليه بإيلامه إلا ليجد الغاضب الراحة بذلك فينتقل الألم الذي كان عنده إلى المغضوب عليه . والحق إذا أفردته عن العالم يتعالى علوا كبيرا عن هذه الصفة على هذا الحد . وإذا كان الحق هوية العالم، فما ظهرت الأحكام كلها إلا منه وفيه ، وهو قوله "وإليه يرجع الأمر كله " حقيقة وكشفا فاعبده وتوكل عليه" حجابا وسترا. فليس في الامكان أبدع من هذا العالم لأنه على صورة الرحمن، أوجده الله أي ظهر(4) وجوده تعالى بظهور العالم كما ظهر الإنسان بوجودالصورةالطبيعية . فنحن صورته الظاهرة، وهويته روح هذه الصورةالمدبرة لها فما كان التدبير إلا فيه كما لم يكن إلا منه . فهو "الأول" بالمعنى "والآخر" بالصورة
পৃষ্ঠা ১৭২