قصاصا ؟ ألا تراه عليه السلام يقول في صاحب النسعة(1) "إن قتله كان مثله"؟
ألا تراه يقول " وجزاء سيئة سيئة مثلها ؟ "فجعل القصاص سيئة، أي يسوء ذلك(2) الفعل مع كونه مشروعا . " فمن عفا وأصلح فأجره على الله " لأنه على صورته. فمن عفا عنه ولم يقتله فأجره على من هو على صورته لأنه أحق به إذ انشأه له ، وما ظهر بالاسم الظاهر إلا بوجوده فمن راعاه إنما يراعي الحق . وما يذم الانسان لعينه وإنما يذم الفعل منه ، وفعله ليس عينه ، وكلامنا في عينه ولا فعل إلا لله ؛ ومع هذا ذم منها ما ذم وتحمد منها ما حمد . ولسان الذم على جهة الغرض مذموم عند الله. فلا مذموم إلا ما ذمه الشرع، فإن6(3) ذم الشرع(3) لحكمة يعلمها الله أو منء أعلمه الله ، كما شرع القصاص للمصلحة إبقاء لهذا النوع وإرداعا للمعتدي حدود الله فيه. " ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب وهم أهل لب الشيء الذين عثروا على سر(4) النواميس الإلهية والحكمية.
وإذا علمت أن الله راعى هذه النشأة وإقامتها فأنت أولى بمراعاتها إذ لك بذلك السعادة ، فإنه ما دام الإنسان حيا ، يرجى له تحصيل صفة الكمال الذي خلق له.ومن سعى في هدمه فقد سعى في منع وصوله لما خلق له . وما أحسن ما قال رسول الله صلى الله (75 -1) عليه وسلم "ألا أنبئكم بما هو خير لكم وأفضل من أن 2 تلقوا عدوكم فتضربوا رقابهم ويضربون رقابكم؟ ذكر الله" . وذلك أنه لا يعلم قدر هذه النشأة الإنسانية إلا من ذكر الله الذكر المطلوب منه ، فإنه تعالى جليس من ذكره، والجليس مشهود للذاكر . ومتى لم يشاهد الذاكر(5) الحق الذي هو جليسه
পৃষ্ঠা ১৬৮