فصل غاياته ألف
سبيل السفر، والهاجمة على نقيع الجفرو يشهر خلقها بأمر للواحر ملك الدهر، خالق السنة والشهر، غبقت غيبة بقدر، ثم رجعت عن هجر، فما كدت أجد من شفر، بدل مسكن بقبر، كأنهم سقوا ماء الأباء. غاية.
تفسير: عن هجر: لآي بعر مدة. وذكر بعضهم أنه يقال: ما ألقاه إلا عن هجر: أي بعد سنة. من شفر: أي من أحد. الأباء: القصب، ويقال إن ماءه قاتل، قال الهذلي.
وأسعطك في الأنف ماء الأباء مما يثمل بالمخوض يثمل: أي يترك حتى يطول مكثه.
رجع: أحلف بسيف هبار، وفرس ضبار، يدأب في طاعة الجبار، وبركة غيث مدرار، ترك البسيطة حسنة الحبار، لقد خاب مضيع الليل والنهار، في استماع القينة وشرب العقار، أصلح قلبك بالأذكار، صلاح النخلة بالإبار، لو كشف ما تحت الأحجار، فنظرت إلى الصديق المختار، أكبرت ما نزل به كل الإكبار، نحن من الزمن في خبار، كم في نفسك من اعتبار، ألا تسمع قديمة الأخبار، أين ولد يعرب ونزار، ما بقى لهم من إصار، لا وخالق النار، ما يرد الموت بالإباء. غاية.
تفسير: الهبار: القاطع. والفرس الضبار: الذي إذا وثب وقعت يداه مجتمعتين. الحبار: الأثر والهيئة. الخبار: أرض سهلة فيها جحرة فأر ويرابيع؛ توصف بصعوبة المشي فيها. ومن كلامهم القديم: من سلك الخبار، لم يأمن العثار. والإصار: الطنب، ويقال الوتد.
رجع: ما آمل وقد فقدت أبوي، وأخذت الشبيبة من يدي، ومشيت إلى الأجل على قدمى، حتى كدت أطؤه بأخمصي، ووقع كل الأيام على، ونظرت عين المنية إلى، آن اشتعال الوضح بمفرقي، وأنا لا أفارق الغى، وأصبح أخا السلامة الحى، وأعلم أن الملحد آخر منزلى، وأن جسدى مزايل للحوباء. غابة.
سرب الموماة والإجل، ويد الماشية والرجل، وسوار الكاعب والحجل، يشهد باله أعظمته نار رآها الشماخ بالغميم، كأنها الشعرى العبور، وأخرى بالعقيق شبهت بحصار والفرود، وثالثة آنسها العبادي، وذكر أن طعامها الغار والهندي، وما نار أبى الحباحب غافلة عن ذكر الله ملث الظلام، والناران من الحزن والظمإ بالله تحبران، جرد مجرد عضبًا، فأسال به دمًا غضبًا، وقدح من بيضاء كلائحة المضل نارًا لا يسبقها إلى العبادة المريخ، والصارم يشهد بقدرة الأول، كأنه مقدمة ما في الأطباء. غاية.
تفسير: السرب: القطيع من الطباء. وقد يستعمل في النساء والقطا وغير ذلك. والإجل: القطيع من البقر خاصة. والنار التي رآها الشماخ بالغميم هي التي قال فيها:
رأيت وقد أتى نجران دونى ... وأهلى دون منزلهم ثبير
لليلى بالغميم ضوء نارٍ ... تلوح كأنها الشعرى العبور
والنار التي بالعقيق هي التي قال فيها الشاعر، ويقال إنه المجنون
أرى نار ليلى بالعقيق كأنها ... حضار إذا ما أعرضت وفرودها
والعبادى هو عدي بن زيد بن أيوب، أحد بني امرئ القيس بن زيد مناة ابن تميم، وهو الذي يقول:
يالبينى أوقدى النارا ... إن من تهوين قد حارا
رب نار بت أرمقها ... تقضم الهندى والغارا
ملث الظلام أي اختلاط الظلام. ومنه قول ربيعة بن مقروم الضبى:
ومطيةٍ ملث الظلام بعثته ... يشكو الكلال إلى دامى الأظلل
والغضب: الشديد الحمرة من كل شئ. والبيضاء هاهنا: الدرع. والعرب تشبهها بلائحة المضل وهى آخر ما يبقى من السراب، يقال في المثل: أكذب من لائحة المضل. ومقدمة ما في الأطباء: السيء وهو أول ما يدفع به الضرع من اللبن وهو سم فيما قيل، ويتعمد الحالب إلقاءه في الأرض، وكذلك فسروا قول الشاعر
بحسبك في القوم أن يعلموا ... بأنك فيهم غنى مضر
وأنت مليخ كلحم الحوا ... ر فلا أنت حلو ولا أنت مر
كأنك ذاك الذي في الضرو ... ع قدام درتها المنتشر
المضر: الذي له ضرة من المال، وهي قطعة من الإبل عظيمة أو مال يقوم مقامها. والمليخ: الذي لا طعم له.
رجع: لله الغلب، وإليه المنقلب، لا يعجزه الطلب، بيده السالب والسلب، سل قمرًا كالمحلب، وهلالا مثل المخلب، وليلا جمع من المخشلب، يخبرنك بالعجب، عن حق مرجب علم ما وراء النجب، الفاضل موجب، والفاجر منتخب، وإلى السكوت صار اللجب، ونجوم الشمال والجنوب في علم الله كمقاعد الضرباء. غاية.
1 / 1
تفسير: النجب: قشر الشجرة. موجب: يأكل الوجبة. وهي أكلة واحدة في اليوم والليله؛ قال الشاعر:
فاستغن بالوجبات عن ذهب ... لم يبق قبلك من مضى ذهبه
ومقاعد الضرباء متدانية، وهم الذين يضربون بالقداح رجع: هل مازن وهوازن القبيلتان في ملك الله إلا كمازن النملة، والهوازن من الطير النافرة، وكذلك كلاب بن ربيعة وكلب بن وبرة، إنما هما كلب مفرد وكلاب مستنبحة، وقضاعة بن مالك كالدابة الخارجة من حضارة، وقريش كذاك، وفر قد السماوة كفرقد السماء، والجرباء ذات النجوم بمنزلة الناقة الجرباء. غاية.
تفسير: المازن: بيض النمل. والهوازن: طير، واحدها هوزن والقضاعة: كلبة الماء. وخضارة: البحر. وقريش: يقال إنها ملكة دواب البحر. وتكبيرها القرش، وفرقد السماوة: ولد البقرة الوحشية.
رجع: العمل وإن قل يستكثر إذا اتصل ودام، لو نطقت كل يوم لفظة سوء لاسودت صحيفتك في رأس العام؛ ولو كسبت كل يوم حسنةً عددت بعد زمن من الأبرار، إن اليوم ائتلف من الساع والشهر اجتمع من الأيام، والسنة من الشهور، والعمر يستكمل بالسنين؛ الرجل مع الرجل عصبة، والشعرة مع الشعرة ذؤابة، والحجر جدار، والنخلة إلى النخلة حائش، والصيحانية إلى الصيحانية صاع، وإلى الخالق مفزع القوم الأرباء. غاية.
كم حىٍ بلغ الدرك، وحد ربة أو أشرك، وجمع لنفسه فما اترك، وارتحل إلى الرمس فأرك. من بالشح أمرك، وعلى الدنيا أمرك، أخالقك الذي صورك! كلًا وعظمته لقد أنذرك، هتكت ستر التوبة فسترك، وجاهرت بالمعصية فأخرك، واستنصرت به فنصرك، وهو أحفى بك من القرباء. غاية.
تفسير: الدرك: المنزلة. فأرك أى فأقام.
رجع: أيها الوعل الوقل، والطائر المستقل، والمكثر والمقل، والمسافر المنتقل، لا يعصمك معقل، عبء. الدنيا مثقل، يرتع الحي ويبتقل، ويعنق في حياته ويرقل، حتى إذا الأيام تصرمت، وحقب مدته تجرمت، وجاء الوقت، وقع من أهله المقت؛ فخذار إذا نازعت صاحبك من الإرباء. غاية.
الموت أعظم الحدث، والجدث لا يأنس بالجدث، أما العالم فمحدث، وربنا القديم المورث، الوابل بقدرته والدث، ليس بسواه متشبث، ولا لملك غيره لبث، رب جسد كالنبث، ما صنع التراب بالجثث، فعل بها فعل المجتث، لا يفرق بين السبط والكث، استوى المذكر والمؤنث، ألحقت المنون جديدًا برث، فانأ عن القبيح والرفث، وسبح في النهار والملث ما أنشأك ربك لعبث، بل اجتباك بالكرم أحسن اجتباء. غاية.
تفسير: الدث: أضعف المطر. والنبث: ما يخرج من تراب القبر أو البئر.
رجع: أنت أيها الانسان أغر من الظبى المقمر، لست بالعامر ولا المعتمر، ولا في الصالحات بالمؤتمر، أحسبت الخير ليس بمثمر، بلى! إن للخير ثمرة لذت في المطعم، وتضوعت لمن تنسم، وحسنت في المنظر والمتوسم، وجاوزت الحد في العظم، وبقيت بقاء السلم، فما ظنك بثمرة هذى صفتها لا يمكن السارقة كفتها، ولا تذوى في الوقدة نضرتها، قد أمنت أجيج القيظ وصنابر الشتاء. غاية.
تفسير: أعز من الظبى القمر: مثل. ويقال إن الظبى يصاد في الليلة المقمرة. الكفت: الضم والجمع.
رجع: من دخر جميلا وجده عند الله، ما هبطت بطن تبالة لنحرم الأضياف ولا أريح الدثر عليك ليبيت تزيلك وهو عيمان، ولا جمعت لك العروج لينصرف المكل عنك رجلان، ولا عصبت السلم إلا لتشبع الضان، يكفيك من الإبل ذود أو ذودان، ناقة للحلب، وأخرى للمركب، وثالثة لحمل الأعباء. غاية.
ما قالت الجرادتان لو فد عاد؟ قالتا ما الله به عليم، فشغلتاهم عن استغفار الواحد الرحيم، طال الأمد فلم يعلم القيل، درس خبر الناسك والمريب، وربنا المحيي والمميت، لا يخفى عنه وادس حديث، إن الثناء عليه لأريج، كأنما هو المسك الذبيح، لا يبيح ما حماه المبيح، التاجر معه ربيح، هل تسمع فتصيخ، أم تعرض ولست برشيد، إن غير حبل الله جذيذ، مالك سواه من ظهير، الممسك بعروته عزيز، وهو العصمة إذا بلغ النسيس. للحية من الفرق كشيش وللجندب في البيداء كصيص، والجبل له قضيض، من رهبة منشئ السقيط، ذهب قر ومقيظ وأنا في ذلك لا أريع، وفي الغد أظمأ فلا أسيغ، باردًا يعذب في الرشيف، إنى بالعظة لحقيق، لو أرشدني إليها المليك، إني في الصحة عليل، جسدي بالآفات دميم، ما يضرني فيه كنين وكأن اللب مليه، يا طول حسدى للوحش الأعداء. غاية.
1 / 2
تفسير: الجرادتان: المغنيتان اللتان شغلتا قيل بن عترٍ وأصحابه من وفد عاد حتى هلك قومهم. وإياهما عنى ابن أحمر في قوله:
كشراب قيلٍ عن مطيته ... ولكل أمر واقعٍ قدر
مد النهار له وطال عليه الليل واستنعت به الخمر
وجرادتان تغنيانهم ... وتلألأ المرجان والشذر
أصل الوادس: من ودس النبت، إذا ظهر منه شئ يسير. النسيس: بقية النفس. الكشيش: صوت الحية. والكصيص: صوت الجندب.
السقيط: الجليد. لا أريع: لا أرجع. دميم: مطلى. مليه: امتله عقله إذا ذهب.
رجع: يصبح الوحشى أنقًا، يرتاد مغربا ومشرقا، لا يتقى من خطب متقى، يعتام الرياض الموسومة، قد حيته الوهود بالزهر، وشرب ماء الغدر، على أغاني الذباب، واخضرت جحافله من لس الغمير، وأرجت سنابكه من وطء النوار، وامترغ في النبات حتى كأنه سندس خرج له من الجنان، يميل من الأشر ميل الثمل، ويغرد إذا صاح تغريد الطرب النشوان، إن سحل فعن مجد الله ترجم السحيل، وإن شحج فشحيجه تكبير وتهليل، وإذا عشر فالنسك في ذلك التعشير حبيس، وإذا صفن فصفونه تقديس، وقع حوافره على الأودية والرزون، يشهد بأن الله أول حكيم، حتى إذا نضا ربيعًا بعد ربيع، وخلص من مصيف في إثر مصيف، واشتد القيظ ووقدت الشعريان، وتظاهر في ظهره عتيق الأعوام، وأمرته الرجل والقيعان، إمرار المسد البديع، أجمع الورود والماء منه لا أمم ولا قريب، وسبقه أشعب كأنه نمر إلى النمير، في جفيره زرق ظباتٍ كأنها جمرات النار، أفواقها كأفواه أفرخة النغران، تعود أن يضعها من الوحش بحيث أراد، أقسم فأبر القسم، ليروينها بعد الخضم، من دماء الهاديات؛ له صبية كالتوالب، وسلفع كأنها السعلاة، يقوتهم لحم القطا ولحموم القطوات، ويكثر عندهم الوشيق من متون الأخدريات، فبات ساهرًا من الطمع وأطفاله من السغب ساهرين، تتقضى دجاه وينصرم عنه الصريم، وهو في دحيةٍ لا يجلوها النهار، سميره في الليل الخموش، تحتك القرناء جارته بحيث يسمع، كاحتكاك الجرباء في العقال، حتى إذا الليل ضربه ذنب السرحان، ورد الوحشى بأتنه وهو يظن أن لا أنيس، فلما شرع أو كاد، أهوى له بمشقصٍ كأنه ناب الغول فانتظم به رعاماه، فسقط صريعًا بعلم الله، وانصرفت حلائله أيامى لا تحفل بحرارة الأ يوم، ولقى البائس حتوم القضاء. غاية.
تفسير: الأنق: المعجب بالمرعى أو غيره. يعتام: يختار. الموسومة: التي أصابها الوسمى. لس الغمير: أن يأخذه بجحافله، وهو النبت في أصول النبت الأول. السحيل: دون الشحيج. عشر: إذا نهق عشرة أصوات في طلق واحد. الرزون: جمع رزن ورزينٍ: وهو ما غلظ من الأرض. ويقال الرزن حفرة في صخرة يجتمع فيها الماء. عتيق الأعوام: يعنى الشحم. الرجل: جمع رجلة، وهي ما اطمأن من الأرض. البديع: الجديد، والنمير: الذي ينجح في الشارب. الخضم: المسن. الهاديات: اللواتي يتقدمن الوحش. التوالب: الجحاش الوحشية. وسلفع: جريثة. القطوات: اللواتي في أعجاز البهائم الأخدريات: منسوبات إلى أخدر، وهو فيما حكى عن الأصمعى: حمار أهلى توحش فضرب في حمير الوحش. والد جية بيت الصائد، ويقال له الناموس أيضًا.
الخموش: من أسماء البق، جمع لا واحد له من لفظه القرناء: حية لها في رأسها لحم ناتئ. قال الراجز:
تحكى له القرناء في عرزالها ... تحكك الجرباء في عقالها
المشقص: نصل طويل. الرعامى: زيادة الكبد.
رجع: لله الحكمة والرشاد، المرفق أين اتجه غانم، والمحدود أين بقع لا يظفر بالنجاح. رب أشعث أبى أولاد اختلف إلى منابت الشجر، فرأى فيها قضيبًا نبعًا، فلبث ينتظرها ستًا أو سبعًا، ثم انتحبها فسقاها ماء اللحاء ممظعا، واقتضب لها من الغصنة حولها أسهما أحكمن صنعا، وجثم في مورد القمر يأمل لبنيه شبعًا، فرمي فأخطأ، وانصعن فزعًا، يحمدن الله على النجاء. غاية.
تفسير: ممظعًا: مظعت القوس إذا سقيتها ماء لحائها، وهو أن تقطعها وهي رطبة وتترك في الظل حتى تجف برهة من الدهر؛ وذلك عنى أوس بن حجر بقوله:
فمظعها حولين ماء لحائها ... تعالى على ظهر العريش وتنزل
1 / 3
رجع: أنعم ربنا كل حين، وجاء فعله بالبرحين، خلق بالفلاة ذب الرياد، ينظر من جزع ويطأ على محارٍ، ويتجلل بالقبطية، ويتسرول برود خالٍ، كأن خده برقع فتاة يعتصم بقناتين نبت معهما اللهذمان، لم تقوما بثقاف ولا سفعتا بنارٍ تستعر عليهما الوديقة فتصلبان وذلك بقضاء عالم الأسرار، ظل الأسفع نهاره طربًا، ثم أقبل متأوبًا لأرطاةٍ قد اتخذ في أصلها كناسًا، كأنه بيت العطار أرجًا، حتى إذا التفع غيهبًا، جعل الله الشمال سببًا، فأثارت بقدرته سحبًا، يتبوج برقها تلهبا، تحسبه من الهند قضبًا فلما طرد الإصباح شهبًا، ورأيت عموده منتصبًا، آنس من سنبس متكسبًا، يوسد معه أكلبًا، قلدهن من الشعف عذبا، كأن عيونهن العضرس غضبًا، لا يعرف سواهن نشبًا، قد اتخذ منهن أما وأبًا، فأمعن الوحشى هربًا، فلما كن منه كثبًا، أنف فكر مغضبًا، ينفذ من الكشوح سلهبًا، فأبد الضاريات عطبًا، وصرعن في مجاله عصبًا، وعاد روقه مختضبًا، وانطلق بنفسه معجبًا، يحمد الله ناسبًا مالقى من الجربياء. غاية.
تفسير: البرحين: الدواهي. جمع لا واحد له. ذب الرياد: الثور الوحشى، وأصله أن يكون وصفًا. قال طهمان بن عمرٍ والكلابى:
وكم دون سلمي من مهامه بيضها ... صحيح بمدحى أمه وفليق
ومن ناشطٍ ذب الرياد كأنه ... إذا راح من برد الكناس فنيق
وأصل الذب: الكثير الحركة. والرياد: الذهاب والمجئ، مصدر راد يرود. المحار: الصدف. القبطية: ثياب بيض. وبرود خالٍ: برود فيها سواد وبياض. الوديقة: شدة الحر ودنو الشمس من الأرض، من قولهم: ودق إذا دنا. العذب: القلائد. والعضرس: أصول البردى. ونوار العضرس تشبه به عيون الكلاب. فأبد الضاريات عطيًا: أي فرق العطب فيهن؛ قال أبو ذؤيبٍ:
فأبدهن حتوفهن فهارب ... بذمائه أو ساقط متجعجع
رجع: لا تقنطن أيها الإنسان، فإن بلغتك عند الله الكريم، والرزق يطلبك وأنت تبصر الأحلام. لو أن للرزق لسانًا هتف بمن رقد، أو يدًا لجذب المضطجع باليد، أو قدمًا لوطئ على الجسد، لا يزال الرزق مرنقًا على الهامة ترنيق الطير الظماء على الماء المطمع، فإذا صفر من الروح الجثمان، صارت تلك الطير يناديد، فأعجب بظلم في الدو، رتع بجوٍ بعد جو، وأيده حصى وربل، وكأنما نيط بعنقه حبل، تحسبه أدمن السجود مستغفرًا من المنا كير، فرأسه بلا شكير، صم وهو عن ذكر الله سميع، إذا عار فكأنما يقول: جل من لوشاء جعلنى أقصر ظمأً من الأعفاء. غاية.
تفسير: المطمع: الذي قد أطمعها في النزول عليه. واليناديد: المتفرقة.
الدو: قفر في بلاد بني سعد من تميم، ويقال أيضا لكل قفر دو. أيده: قواه. حصى: لأنه يلتقط الحصى. والربل: ما يتفطر به الشجر من الورق في أواخر الصيف عن غير مطر. عار: صاح. والصدر العرار وهو صوت الذكر خاصةً وصوت الأنثى ذمار. الأعفاء: جمع عفو، وهو ولد الحمار. والحمار يوصف بقصر الظمأ، ويقال للشيخ المسن: ما بقى من عمره الا ظمء حمار.
رجع: وإنى عن الورد لغنى، ما أغفله عن غراء متألقة، إلى بلاده بالقدرة منطلقة، كأن رعودهًا تصرخ هلم إلى العشرق والذبح والتنوم تنبت له الهبيد، وللخيل اليعضيد، والسعدان للإبل، والحلب لذوات النزيب وتوسع الأربد من ألآء. غاية.
الحمد الله الذي جعلنى أرد بغير ترويع، وأطعم إذا شئت من المريع ورب مطرودٍ حلى عن الورود، سمع قسيبًا، فطمع طمعًا قشيبا، فلما وضع في البارد قدما، وهو أن يدنى إليه فمًا، راعته الروائع فصرفه عن سويدٍ خيفة سويداء القلب أن تختصب بقانئ النجيع، ومنعه أزرق يصدع الأكباد، من أزرق يزيل غلةً الفؤاد، فانقلب يتسكع في رمال الدهناء. غاية.
تفسير: المريع: المخصب. القسيب: خرير الماء. سويد: من أسماء الماء: تسكع في الأمر: إذا ركبه على غير علم به. الدهناء: من بلاد بنى تميم.
رجع: لو قدمت في الحقيبة بالصحة والخلود، وأصبت الوالدة قد سبق بها الحمام، لوجب ألا أبتهج بذلك القدوم. أبعد الله خيرًا لا ينتفع به الأوداء. غاية.
1 / 4
يا قلب لعل أسودك زنجى من ولد حام، وحبتك حبة بر، وأذنيك أذنا قلب خداش، الذي يقال فيه: ليس لقلب خداشٍ أذنان، أموجودتان هما كأذنى الزبابة لا تسمعان الأصوات، أم فقيدتان كأذنى الرعلة فهي تعذر على أنها صماء، أتكون حماطتك أفانيةً في بعض الزمان. وعمرى لقد سكنها من الغش الثعبان. ألا تبنش لأول من فعل معك الجميل، ألا تجزع لتقوض الأقربين! يا شمال ألم يحزنك شلل اليمين، أقمت وتحمل الناس، وإن لحاقى بالظاعن لوشيك، لا يضر البنانة ذهاب الفتخة، وذهاب الظفر بها مضر. عند الله أحتسب ما رزئت من أهل، ولقيت من همٍ كاد الغربيب له يشبب، وتعبٍ رسخ ألمه في الأعضاء. غاية.
تفسير: خداش: من كلب. الزبابة: فارة تخلق صماء: ويقال في المثل: ألص من زبابةٍ، وأسرق من زبابةٍ. قال الحارث ابن حلزة:
ولقد رأيت معاشرًا ... قد جمعوا مالًا وولدًا
وهم زباب حائر ... لا تسمع الآذان رعدًا
الرعلة: النعامة. الحماطة: حبة القلب. والأفانية: نبت. يقال لها إذا يبست الحماطة، وهي موصوفة بأن الثعبان يألفها. ومن ذلك قول حميد بن ثور:
فلما أتته أنشبت في خشاشه ... زمامًا كثعبان الحماطة أزنما
رجع: القدر أعسر، والحمام يسر، ليس في سهامه وغد ولا سفيح لو ترك القطا لنام، والأقمر لما هام، والعرفج لما اضطرم أشد اضطرام، وفي خوف الله الشرف والنور، وإنما يعاتب الأديم ذو البشرة، فاصدق الكذوب وفيها البقية، قبل أن يحلم الأديم ويهى السقاء فلا يمكنك فيه التكتيب، والعجل قبل الفوت، فما يسر الغريق حمله على الرمث، ولا من سيت بسببٍ، إنحاءً بالشفرة على ذلك السبب، حتى يوجد كهدب الأشفار، وهل نفع كعبًا وقد فاظ قدوم صحبه على البثير الفياض، أدرك نفسك ولو بأحد المغروين، وتمسك من الدوحة ولو بأضعف الأغصان، وتزود بما كان ولو بالصغيرة من الجراد، فإن النفس تبهش في بعض الأحيان إلى مثل العنجدة من الزاد، لا تغرنك قوة الجسد وسواد الشعر، واقتبال الأمل، فإنما أنت بشفى، تلتقط سلاءً وسفى، تمسى أو تصبح منصرفًا من دار الرحلة إلى دار المقام، فالغياث من اليفن أسرف شابًا وركب المعصية مكتهلا، وأصر عليها أشمط وغشيها مسنًا، فلما كربت مسحاة الحافر له تصل، وشفن إلى ماله الورثة ونسج كفنه الناسجون وهمت الأرض أن تلتهمه، ذكر والخالق ذكره، فاجتهد في أعمال الصلاح فكان كالخرقاء المضيعة، عثرت على الغزل بأخرةٍ، فلم تدع بنجدٍ قردةً، وكالورهاء الراعية حبست الماشية بالغداة والظهيرة، فلما حان وجوب الجونة ضربت الضأن على امتلاء الأقراب، وأستعذ بالله من الأحبل، بعد شجر يفرع رءوس الإبل، ومن الخبر، بعد النخل المؤبر، فمن شر ما منى به العبد محارة في حور، ولا يعجبنك البدن، فهزل، من غير أزل، خير من فخامة، تشهد عليها بالوخامة، كم من بدن بطين، كالفدن المطين، يبيت الليل كموكر السحابل ويظل النهار كالجون الأنق، لاذكر عنده ولا فكر، شغله عن ذكر الله صبوح أو غبوق، كأن قلبه جلمود بصرٍ أو زبرة حديد، فأترك للخالق هواك، وامتهن نفسك له امتهان العسفاء. غاية.
تفسير: الوغد والسفيح: سهمان لاحظ لهما. والوغد من الرجال الضعيف. الرمث: خشب يضم بعضه إلى بعض وير كب عليه في البحر.
1 / 5
سيت: خنق. البثير من الماء: الكثير؛ يقال بثر وبثير. المغروان: سهمان قد جعل عليهما الغراء، وهو مثل. تبهش إلى الشئ إذا تبين فيه إرادة له. العنجدة: الزبيبة، ويقال حبة الزبيبة. الشفى: البقية. والسلاء: الشوك. الشفى: شوك البهمى. اليفن: الشيخ الفاني. كربت: قربت. مسحاة الحافر: المجرفة. شفن: إذا أحد النظر. ويقال الشفن: نظر الغضبان، ويقال أيضا شفن: نظر باعتراض؛ ومنه سمى المشفن. تلتهمه: تبلعه. الخرفاء: المضيعة التي لا تحسن العمل. وعثرت على الغزل بأخرة، فلم تدع بتجدٍ قردة: مثل تقوله العرب. يراد أنها اطلعت على المنفعة بالغزل في آخر أمرها فجمعت الصوف من كل مكان، وهو القرد، والواحدة قردة. والورهاء: الحمقاء. الأقراب: الخواصر. الأحبل: اللوبياء. والسخبر: ضرب من النبت يطول ثم ينثنى فيضرب به المثل للرجل إذا غدر وحال عن عهده، فيقال: ركب أصول السخبر. محارة في حور: مثل يراد أنه رجوع في نقصان. البدن: عظم البدن. والهزل: الهزال. والأزل: الضيق والحبس. الفدن: القصر. موكر السحابل: الموكر المملوء. والسحابل: الأسقية العظام. بصر: حجارة بيض؛ فإذا فتحت الباء قيل بصرة، وبه سميت البصرة. العسفاء: الأجراء واحدهم عسيف.
رجع: الجسد بعد فراق الروح كما قص من يدك، وقصر من فودك، إذا ألقى فسيط في النار لم تباله، وإذا غرق فليل في اللج فكذاك؛ هكذا يقول المعقول، والله نظر في العالم دقيق، لا يمتنع أن يكون جسد الصالح إذا قبر في نعيم، وجسد الكافر في عذاب أليم، لا يعلم به الزائرون وعابد الله ليس بغبين. ليت أنفاسى أعطين تمثلًا، فتمثل كل نفس رجلا قائما يدعو الله تبتلًا، يمنع جفنه لذيذ الإغفاء. غاية.
أستغفر من لا يعزب عليه الغفران، لو كانت الذنوب سودًا صارت بشرتى كحلك الغراب، وأصبح دمي كالحبر المستنعت للكتاب، وأعديت ما جاورني من وقتٍ ومكان، حتى يكون مقعدى في الشمس الصافية مظلمًا وأنا في رأد الضحاء. غاية.
إذا أذن ربنا اخضر الدرين، وتبجست بالماء الإرين، ووفى لقرينه القرين، وراحت الساجسية ومأواها العرين، ولحقت بالقلائد البرين، تصير برة الغادة عقدًا، وبرة الناقة في عنقها قدًا، وذاك من القدرة ليس ببديع، ما فعل ابنا قيلة وبنو بقيلة، والرائحة والعازبة، وكسرى والمرازبة، جر الزمن عليهم ذيلًا، وأجرت الخطوب في ديارهم سيلا، وعاد النهار فيها ليلا، وركبوا للمنايا خيلا، وشربوها جشرًا وقيلا، وكانوا لا يرهبون من الدول ميلا، أولد مدركة هذيلا، وآمنت الحبشة نفيلا، وقرب على كميلا، وورث عامر طفيلا وهجا ابن دارة زميلا، تلك أنباء لا تنفع، والنشب لمالكه لا يشفع، يا مقبس ويا مقتبس. إن أمرنا لملتبس، خلق دنيانا ضبس، يضحك ظاهرها والباطن معبس، والتلف عنا لا يحتبس، يغتصبنا ويختبس، والحازم الذي لا يأبس، يمجد الله ويقدس، وبغير طاعته لا ينبس، لعل الأجل يدركه من أهل الصفاء.
الدرين: اليبيس. الإرين: جمع إرةٍ وهي النار بعينها. ويقال للموضع الذي تكون فيه النار: إرة وجمعها على وجهين: إن شئت أن تجعله مثل الزيدين بواو في الرفع وياء في النصب والخفض، وإن شئت أن تجعل نونه مثل نون مسكين، فتجرى عليها الإعراب. وقد يفعل ذلك بنون مسلمين، وهو في إرين وبابه من المنقوص أكثر. الساجسية. ضرب من الغنم. بنو بقيلة من عباد الحيرة، وهم من غسان. الجشر: شرب السحر. والقيل: شرب نصف النهار. الضبس: السيء. يختبس: يقتسر ويغتنم. ويقال للغنيمة: الخباسة. ويسمى الأسد الخبوس: يأبس: يظلم، والأبس: الظلم.
1 / 6
رجع: ما أنس رجل وحيد، بين أناس حيد، عن مودة الحريد، رجع إلى عشيرة، بالرشد عليه مشيرة أكثر من أنسى بدعائك، وأنت ربنا الفذ، وذكرك بأفواهنا لذ، والرجاء من سواك منذ، والعمر ماضٍ أحذ، والمريش منا أقذ، وجارى قدرك لا يبذ. ما أعظم نعمك على المخلوقين، رب نخيل، جعلتها في ملك بخيل، الفقير. عنده حقير، والمسكين، ليس بمكين، لو قدر لمنع الصعو، من نقر المعو، والهاتف ذا الشعف، من الوقوف بالسعف، وصان الجريد، صيانة الخود الخريد، وأظهر الكرب في النسيب، من حب الكرب والعسيب، يطعم ولا يطعم، وينعم وهو غير منعم، إن كرمك لعظيم، والثناء عليك نثير ونظيم. رب هجمه، وهبتها من نفس وجمه، مخلبه، دون محلبه، وأبنه تمنع من لبنه، لا يجود برى الحسل، من الرسل، ولا من السمار، بما يدنس جانب الخمار، ودفر الشاب ليس بمقصر، عن طلاب الغانية والمعصر، يحسب في الشنب، ماء العنب، فهو كل وقت، جدير بالمقت. إنك بنقله بصير، وأعوذ بك رب من وفارة الجسم. فالضئبل عند الربل، وخص هزيل، بالأجر الجزيل، وليت الأوابد بهئت بى كما تبهأ الفور، بالخرق اليعفور وأنا بين جبل، وغدير سبل، أظهر، فأتطهر، وأرجع إلى غاد، بعد من كل مغادٍ، أرتعي من النبات، ومرتعى بين ثباتٍ لا يأتمرن، كيف يختمرن، وما اكتحلن قط من جلا، ولا رهبن عندى منجلا، أجزى بالورق، عن البرق، والشحير، عن كل نحير، وأنا بينهن في عفاء. غاية.
تفسير: حيد: جمع أحيد. وهو الذي يحيد عن الشئ. والحريد: المنفرد. والفذ: الواحد. الأحذ: السريع هاهنا. ويقال للحمار إذا كان قصير الذنب: أحذ، وللقطاة حذاء. المريش من السهام: الذي عليه الريش. والأقذ: الذي لا ريش عليه. لا يبذ: لا يسبق. الصعو: ضرب من الطير. والمعو: البسر إذا جرى فيه الإرطاب فعمه. الخود: الناعمة. والخريد: الناعمة. الهجمة من الإبل: من الستين، وقيل من السبعين إلى المائة: والوجمة: البخيلة. الابن: العيوب، وأصلها العقد في الغصون. الحسل: ولد الضب، ويقال إنه لا يشرب أبدًا. السمار: اللبن المذيق بالماء. الدفر هاهنا: الدفع، يكون أيضا في معنى النتن. الغانية: يقال إنها الغانية بجمالها عن الزينة والحلى، أو بمالها ومال أبيها عن الرجال. وأموالهم. والمعصر: التي قد بلغت عصر شبابها، ويقال إنها التي قد حاضت، ويقال معصرة بالهاء، وحذفها أفصح. ووفارة الجسم: صخامته. والضئبل: الداهيه. والربل: الكثير اللحم. والأوابد: الوحوش، سميت بذلك لطول أعمارها. وبهئت بي: أي أنست. والفور: الظباء. واليعفور هاهنا: ولد الظبية. وإنما سمى يعفورا لكثرة لصوقه بالعفر وهو التراب، وأكثر ما يستعمل اليعفور للذكر من الظباء. والخرق: الذي يخرق فلا يبرح من موضعه. الجلا: ضرب من الكحل. والشحير: ضرب من النبت.
رجع: صاحب العيدان، مالك بالموت يدان، أعض الجمار، أسهل عليك أم عض الجمار، أجبار حريص، أشرف عندك أم جبار خريص، سئلت عرق تمر، فعرقت لفدوح الأمر، تصدق في حياتك فما للميت من صديق، وتارك الصلاة من صلاة السعير، وجدير من صام، بالاعتصام، والنسك، أوثق التمسك، والانفراد، أستر الأبراد، والزكاه، تذهب عن المال الشكاه، فاذا ز كيت أموالك فاخفها كل الإخفاء. غاية.
تفسير: العيدان: النخل. الجبار الحريص: الملك الحريص على جمع المال. والجبار الخريص: النخل الذي يخرص. عرق تمر: جمع عرقة وهي الزبيل.
1 / 7
رجع: غفرانك ربنا القديم، خلقت الخير، إلى جنب الضير، رب صعق، في غمامٍ منبعق يطرد الجدب، بخصب أدب، وغريق، في غمرٍ ينقع سالك الطريق، وما أقدرك على إنقاذ الجميع. يا نفس لا تهللى دون التهليل ولا تكبرى عن التكبير، كيف يتكبر، من في الغد يقبر، عجبت لفم ذكر الله كيف يدرد، وثنايا مر بها ذكره كيف تحبر، ولسانٍ نطق بتسبيحه أنى يتلجلج، ونهكةٍ اجتازت بها أسماؤه كيف لا تأرج، وقلبٍ أضمر عظمته لم لا يتصدع، وربنا بذلك حقيق، والعجب لقيلٍ مكرم يحتل في جنابٍ كالحرم، خرج من الدنيا بوسق، من فسق، وفجور، كالبحر المسجور، وكرم ربنا أعظم من ظلم الظالمين، وآخر محتقر، في النادى ليس بموقر، ارتحل بذخر، ليس فيه من سخر، ومال، من حسن الأعمال؛ وأجر، يطفئ حرارة الهجر، والله الموفق للرشاد، رب لا تجعلنى راب عروج، جعلها الوسمى كالبروج، يعاذ من شكية العود، ويذود السائل عن كل ذود خلقه نابٍ، أن يحمل على الناب، وأن يسمح لابن سبيل بفحل، يضع عليه أقتاد الرحل، وللوبر، لديه أعظم الخبر، ورزقك ربنا عليه مدرار، ولا أكن رب مثمر غنم، يصبح بينها كالصم، أسمن، واجتاب السمن، لا يهب إمرًا، ولا يسقى غمرًا، دون عبوره الشعرى العبور، وحمل العرماء، عنده كحمل السماء، وأنت رب مقسم الأرزاق. يا معفر الصور، ألا تخاف حورا بعد كور، أخبرك عن صواديك! إنها ليست تفديك، فاسمع بالمعد، لسعيد وسعد، واتق الله بالغدو والآصال، كفتينى رب شقاء الدينا فاكفن شقاء الآخرة، وأنت محمود معنا. في العصر رجال كلهم من البوس، ظاهر العبوس، يشرب الثجير، في الهجير، ويصطلى الغزالة من قيامٍ وقعود؛ كاصطلاء حرباء العود، ويندفن في الثبره، من شفيف السبره، ويلجأ في الصنبر، إلى قرموص كالقبر، وربما فزع إلى وقود خضل، يحرق السمل، وكأنه للعين قد سمل، فدمعه من الدواخن جار، وكأنه من طلته في إجار، ساكن الضريح، في رأيه كالمستريح، ليس في منزله من خفاء. غاية.
تفسير: الصعق: الذي تصيبه الصاعقة، ومنه سمى الصعق أبو يزيد ابن الصعق. انبعق الغمام: إذا جاء بمطر كثير، وكذلك انبعقت المزادة. الأدب: العجب. ينقع أي يروي ويقطع العطش. تحبر. الحبر: وسخ يركب الأسنان. والقيل: ملك دون الملك الأعظم، وقد يقال لكل ملك قيل.
الوسق: الحمل. المسجور: المملوء، وهو في غير هذا الفارغ. العرج: الخمسمائة من الإبل إلى الألف. ويقال عرج أيضا ويجمع في القليل أعراج، وفي الكثير عروج. والذود: من الثلاثة إلى العشرة. أسمن: إن شئت كان من كثرة السمن وإن شئت كان من سمن غنمه. واجتاب السمن أي لبسه كما تقول اجتاب الثوب. الإمر: الجدى. والعناق إمرة. العرماء: التي فيها بياض وسواد.
المعفر: الملقح، والصور: جماعة من النخل صغار، لا واحد له من لفظه. الحور بعد الكور: النقصان بعد الزيادة، والأصل من حار إذا رجع، وكار العمامة إذا أدارها على رأسه، صوادى النخل: الطوال، المعد: الذي قد أرطب كله، وكل غضٍ رطبٍ من ثمر أو نبات فهو معد. لسعيدٍ وسعدٍ: مثل يضرب يراد به كل الناس، وأصل ذلك فيما ذكر المفضل الضبى: أن ضبة بن أدٍ كان له ولدان، يقال لأحدهما سعد، وللآخر سعيد، فسافرا، فرجع سعد ولم يرجع سعيد، فكان ضبة إذا رأى سوادًا مقبلا قال: أسعد أم سعيد؟ ويقال إن ضبة بن أدٍ ساير الحارث بن كعبٍ في أرض الحرم فتحادثا، فقال الحارث بن كعب: صحبت رجلا في هذا المكان فقتلته وأخذت منه هذا السيف، ووصف صفة سعيد بن ضبة. فقال له أبوه ضبة: أرنى السيف، فلما أخذه عدا على الحارث فقتله، وقال: الحديث ذو شجونٍ، ويقال إنه أول من نطق بهذه الكلمة، فعوتب في قتله رجلا بالحرم، فقال: سبق السيف العذل. وهو أول من قال ذلك فيما روى المفضل. وذكر قوم أن أول من قاله الحارث بن ظالم. وذكر الأصمعي في الأمثال أن معنى قولهم أسعد أم سعيد: يسأل به عن الشئ أي الأمرين هو؟ أخير أم شر.
الثجير: العكر. الثبرة: الأرض السهلة. الشفيف: البرد. والسبرة: الغداة الباردة. والصنبر: شدة البرد. والقرموص: حفرة يحتفرها الرجل ويدخل فيها من البرد؛ قال الشاعر:
جاء الشتاء ولما أتخذ ربضا ... يا ويح كفى من حفر القراميص
1 / 8
الربض هاهنا: المرأة. خضل: ندٍ. السمل: الثوب الخلق، وسمل العين إذا فقأها بحديدةٍ أو نحوها. الإجار: السطح. والمعنى أنه وإن كان مستظلا فكأنه بارز للسماء. الخفاء: شئ يغطى به الوطب أو غيره من المتاع نحو الكساء، وجمعه أخفية.
رجع: عز من بيده نواصى العباد. فاجعلنى رب ممن يتعظ، قبل أن يعظ، ويفر، فيستغفر، ويقول، ما هو بين الأخيار منقول، ورحم الله أمرأ ركع وسجد، وجاد بما وجد، واستنجد، في النوب فأنجد. التقي ملجم، يفتقر كلامه إلى أن يترجم، لا يفز عنى اللجم، تارة أمكث وتارة أتهجم، قد نطق الزمان الأعجم، فافهم إن كان لك فهم، ما بقى ظن يرجم، إن هواء تنسم، بالقدرة أحيا النسم، وطلع صبح يبتسم، فطلب عبيد الله القسم، هذا أعرق وهذا وسم، غائر أخب ومنجد أرسم، وكلنا يشرب السم، ولو شاء الله لحسم، ريب منون قد عسم. لا يترك ما تجسم، فشفى نفوسًا تعجز عن الشفاء. غاية.
تفسير: يفر: من وفارة العقل. اللجم: دوبية: يتشاءم بها. وسم: أي أتى الموسم. عسم: طمع.
رجع: وفق اللهم لما يرضيك، أقتنع، فأمتنع، تكتفى الخرنق، بالماء الرنق، وتستغنى الأرنب، عن الزرنب. ما يصنع الخزز بالجزز، والله الهادي إلى غوامض الأمور. إياي ومحافل الرياء. ليس عارق من بارقٍ، ولا الرماح، من آل الطماح، نأت قيس عيلان، من غيلان، ونمير، من بني قمير، والله مؤلف المختلفين. كيف أتشبه، بمن غيره لى الشبه، لا يلتبس النعيق، بالوعيق، ليس يزيد، من بني تزيد، بعد عبيد، من قوم لبيد، وسبق مريد، فمتى يلحق به دريد، والله رافع الرتبات. من المأمن غائلة الحذر، وفي حندس الجرم يضئ مصباح المعتذر، لا تأمن الحرج، ولا تيأس من قرب الفرج، كم وجد كنز في جنز، واستخرج نشب، من غيلٍ وأشب، وبرز أرقم بالحتف المطل، من بيتٍ باردٍ مظل، فاستكف من شرف عن الأكفاء. غاية.
تفسير: الخرنق: ولد الأرنب. والرنق: الكدر. والزرنب: ضرب من الطيب. والجزز: الصوف. عارق: شاعر من طييء ويقال إن اسمه قيس بن جروة. وإنما سمى عارقًا بقوله: " لأنتحين للعظم ذو أنا عارقه " وبارق: قبيلة من الأسد. ومنهم معقب بن حمار البارقي الشاعر. والرماح: ابن ميادة وأبوه أبرد، وهو من مرة غطفان. والطماح: من بني أسد. غيلان: قبيلة من بني تميم. وهو غيلان بن مالك بن عمرو بن تميم. وقمير: من خزاعة. النعيق: صوت الراعي وما أشبهه. وقد يقال نعق الغراب بالعين غير معجمة، والغين أكثر. والوعيق: الصوت الذي يسمع من بطن الدابة وقد حكاه بعضهم بالغين معجمةً. تزيد: من مهرة، تنسب اليها البرود ويقال إنهم اخوة مهرة؛ قال أبو ذؤيبٍ:
يرفلن في حدٍ الطباةٍ كأنما ... كسيت برود بني تزيد الأذرع
ويزيد: بطن من الخزرج بن حارثة. عبيد: ابن الأبرص، أسدى. ولبيد: ابن ربيعة بن مالك بن جعفر بن كلاب. مريد: أحد وفد عادٍ، وإياه عنى القائل:
رعى هنيدة يهديه ويقدمه ... هادى مريد بن سعدٍ أينما ذهبا
ودريد: ابن الصمة من جشم بن بكر بن هوازن. الجنز: بيت صغير من طين.
رجع: أأسألك رب أم أمسك، فأنت العالم بضمائر الصدور، أما الدنيا فحظوظ ضاع فيها تعب الحريص، والخير عند ربنا لا يضيع. ليس قضاء الحاجه، باللجاجه، ولا الغلب، بكثرة الجلب، إن مد لجًا نبح، حتى أصبح، ليجيبه كلب، فأجابه أحص لايرده الألب، والله مخلف الظنون نزلت رحمة من الرقيع، إلى أهل البقيع، فأضاءت السدف، في الجدف، وذلك من نور الله يسير. فارحمنى رب إذا أدرجت، ثم أخرجت، من الوطن، ألى أضيق عطن، وخفت الأليل، واستراح المعلل من التعليل، فالحرب الحرب! لقد أكرمت ووقيت، ثم أسلمت فألقيت، في زوراء بعيدة المزار، موردٍ من يعرب ونزار.
وسكنى التربة، أغرب الغربة، انقضبت الآراب، من أهل التراب، وغدر بهم أهل الوفاء. غاية.
تفسير: الاحص: الذئب، ويقال إنه أخبث ما يكون إذا كان أحص، والألب: الطرد، الرقيع: السماء. ويقال لكل سقف رقيع، ولذلك جاء الحديث بالتذكير لقوله ﵇: من فوق سبعة أرقعةٍ، ولو كان مؤنثا لوجب أن يكون من فوق سبع أرقعٍ لأن فعيلا إذا كان للمؤنث جمع على أفعل. والبقيع ها هنا: المقبرة التي بالمدينة. والبقيع: كل فضاء واسع مثل البقعة الأليل: أنين المريض.
1 / 9
رجع: كفرت البرية وربها حليم، صوم الآبد أفضل من صوم المفطر على حرام، فاذا صمت من المآثم فعند ذلك صم عن الطعام، واحجح كلوم جرائمك فإذا برئت فاحجج عند ذلك مشاهد الصالحين، واعلم أن صلاة المنافق صلاء النار وطهارة الخلد أبلغ من طهارة الجسد بالماء. غاية.
تفسير: صوم الآبد: ذرق الظليم، واحجج كلوم جرائمك، الحج: ضرب من مداواة الجراح، ويقال هو أن يقطع عظم من الجرح، وقال قوم: الحج أن يختلط الدم بالدماغ فيجمع الدم بقطنة؛ قال الشاعر:
وصب عليها المسك حتى كأنها ... أسى على أم الدماغ حجيج
أسى: فعيل بمعنى مفعول.
رجع: أريت العبر، وأوقدت العنبر، وكان الليل بفنائك يشبه من المصابيح الصباح، وكل نورليس من عند الله فهو سريع الانطفاء. غاية.
استغنى الله عن كل العابدين، وشغل الآدميون ببناء بيت شعر وبيت شعر، وجدار من مدرٍ، فبيوتهم في الآجلة كبيوت العناكب واهية الرواق والكفاء. غاية.
يستقيم العالم إذا أذن إله المخلوقين، وبعلمه أرخيت السجوف، دون المنجوف، وثبت القتر، في الكتر، وضن المرء بما ملك، فهلك وأهلك، ونم الرجل على أخيه، ينشق عدوه ويلخيه، والله مجير المتهضمين، بانت قدرته في الثمر والقمر، وكل ما علم بأمر، لا يتوارى ملكه بالخمر، مالك الفرقة والرفاء. غاية.
تفسير: المنجوف: من قولك نجفت الشئ، إذا استخرجته. ولذلك قيل للقبر منجوف لأن ترابه يستخرج. والقتر: نصل صغير. ويقال أيضًا لبعض السهام قتر. والكتر: السنام. ويلخيه: يسعطه، الأمر: جمع أمرة وهي العلامة مثل الأمارة، ويقال للحجارة التي توضع ليهتدى بها في طريق أو يعرف بها قبر: أمر. الخمر: كل ما واراك من شئ.
رجع: يا نفس تحذرين، ولا تعتذرين، وإذا أعرض الطمع فما تذرين، إنك لأهل، للجهل: والحلم، ليس لك بخلم، أنت شر من جسدك، وجسدك شر منك، لو قدرت لانتفيت عنك أبلغ انتفاء. غاية.
تفسير: أعرض الشئ: اذا بدا والخلم: الصديق رجع: أسننت وكأنى مقتبل، أبهج وأتربل، كأننى لا أحتبل، هل يخطئنى السبل، ولأم الكافر الهبل. غدت المنية بنبل، كالوبل، وسهام، ألطف من الأوهام، تخفى المسألة عمن استتر أشد الإخفاء. غاية.
شهد بك البرق والرعد، والنبات الثعد، وانثرى الجعد، وخضعت قحطان لك ومعد، وجرى بقدرك النحس والسعد، وصدق منك الوعد، لا تظلم أحدًا ولا تعد، كنت من قبل وتكون من بعد، لا تفتقر في عزك إلى الحلفاء. غاية.
أستغفرك إلى أن يصح أن العود، أروى بلغامه الذود، وأستعينك حتى يمسى مارد، فارطًا للوارد، ولك الحمد حتى يصبح الكدر، وفي عنقه الدر، نظمته أمه في البيد، وجمعته من مروٍ وهبيد، والملك بيدك أو يساق جدى الفراقد، في هدى العاقد، نذرًا، يجعله للضعفة وذرًا، ولك الحجة على كل مخلوق حتى يقف الظربان على الظرب، موقف الكئيب الحرب، يبكى من بين البائسة أم حبين، وذلك ما لا يكون إلا أن تريد، وأنت مفزع بريتك حتى تحمل يثرب، على يد الأرب. والعقول عاجزة عن معرفة حقيقتك إلى أن توصل تهامه، ببعض الهامه، كل بجد، في نجد، وكورٍ، في الغور، يخضع لك على رغم السفهاء. غاية.
تفسير: مارد: الحصن الذي جرى به المثل. مرد مارد وعز الأبلق والكدر: الحمار الوحشي إذا كان غليظا. العاقد: الذي يعقد على نفسه نذرًا أو غيره. والوذر: قطع اللحم، الواحدة وذرة. ويقال في الجمع أيضا وذر. الظرب: الجبيل المفترش. والأرب: صاحب الحاجة. البجد: الجماعة من الناس. والكور: الجماعة من الإبل.
رجع: أعننى رب وأعنى واعن بي، حتى تغنيني عن أمي وأبي، فقد ذهبا وأنا إلى رحمتك فقير. ومن الغني عنك! ينبغي أن يدعى ذلك من يقدر أن ينفع ويضر، ولا يقدر على المنفعة والضرر سواك. زحل زنجي بين يديك، والمشترى عبد لك مطيع، والمريخ يتصرف بين أوامرك ونواهيك، والشمس والزهرة أمتان تنصفانك، وعطارد والقمر مستخدمان لا يصلان إلى الاعتفاء. غاية.
يقدر ربنا أن يجعل الإنسان ينظر بقدمه، ويسمع الأصوات بيده، وتكون بنانه مجاري دمعه، ويجد الطعم بأذنه، ويشم الروائح بمنكبه، ويمشي إلى الغرض على هامته، وأن يقرن بين النير وسنير، حتى يريا كفرس رهان، وينزل الوعل الزعل من النيق، ومجاوره السوذنيق، حتى يشد فيه الغرض، وتكرب عليه الأرض، وذلك من القدرة يسير. سبحانك ملك الملوك وعظيم العظماء. غاية.
1 / 10
سبح لك تأسيس يمال ويفخم، والردف بخمس جهاتٍ تفهم، والروى بحروف المعجم، والوصل بأربعة مذاهب يترنم، والخروج بثلاثةٍ تعلم. إن رس التأسيس، كرس الأنيس، دائم العبادة ودائم التقديس، ودأب في التعظيم، الإشباع في كل نظيم، وشهدبك التوجيه، شهادة الوجيه، والحذو بآلائك منبئة؛ وكذاك المجرى، أين تصرف كلام وجرى، والنفاذ تحذر نوافذ القضاء. غاية.
تفسير: التأسيس: الألف التي بينها وبين حرف الروى حرف واحد، وهو الدخيل، كالألف في قوله: أتعرف رسمًا كاطراد المذاهب الألف في مذاهب تأسيس والهاء دخيل. ويجوز إمالة الألف وتفخيمها. فأما التأسيس في مثل ناصب فلا تجوز إمالته لأجل الحرف المستعلى بعده وهو الصاد. والردف: واو ساكنة، أو ياء ساكنة، أو ألف تكون قبل حرف الروى. وإنما صار بجهات خمس، لأن الواو يكون ما قبلها مفتوحًا، ومضموما، نحو الواو في جونٍ، وجون، والياء يكون ما قبلها مفتوحًا، أو مكسورا، نحو الياء في لينٍ ولين. والألف لا يكون ما قبلها إلا مفتوحًا. وإذا كان ردف القافية ألفا لم يجز أن يشركها غيرها من الحروف مثل قوله: " أقلى اللوم عاذل والعتابا " وإذا كان ردف القافية واوًا مفتوحًا ما قبلها ثم جاءت واو مضموم ما قبلها فهو عيب يسمى سنادًا. وإذا كان ردف القافية ياءً مفتوحًا ما قبلها ثم جاءت ياء مكسور ما قبلها فهو سناد أيضا، وبأي الحالين بدئ في القصيدة ثم خولف فهو سناد. وإذا جاءت الواو المفتوح ما قبلها مع الياء المفتوح ما قبلها فليس بسنادٍ ولا عيبٍ، وكذلك الواو المضموم ما قبلها مع الياء المكسور ما قبلها.
والروى: يكون من أي حروف المعجم جعل.
والوصل: هو الحرف الذي بعد حرف الروى، وهو أحد أربعة أحرف. الواو، والياء، والألف، والهاء، فالواو في مثل قول زهير:
إذا أنت لم تعرض عن الجهل والخنى ... أصبت حليما أو أصابك جاهل
والألف في مثل قول سحيم: عميرة ودع عن تجهزت غازيا والياء في مثل قول النابغة: كلينى لهمٍ يا أميمة ناصب والهاء مثل قول زهير: صحا القلب عن سلمى وأقصر باطله والهاء تكون ساكنة مرة ومتحركة أخرى. فالساكنة قد مضى ذكرها، والمتحركة في مثل قول أمية:
يوشك من فر من منبته ... في بعض غراته يوافقها
والوصل إنما يكون في الشعر المطلق دون المقيد. والإطلاق حركة الروى. والخروج واو، أو ياء، أو ألف، يكن بعد هاء الوصل المتحركة؛ فالواو كقوله:
وماء لا أنيس به ... مطحلبةٍ جوانبه
وردت وليله داج ... وقد غارت كواكبه
والياء كقوله:
نحن ضربناكم على تأويله ... كما ضربنا كم على تنزيله
والألف كقوله: عرف الديار توهما فاعتادها رس التأسيس: هو الفتحة التي قبل ألفه. ورس الأنيس: هو البئر، والمعدن. وكل بئر: رس الإشباع: ذكره الأخفش ولم يذكره الخليل، وهو حركة ما قبل حرف الروى في الشعر المطلق المؤسس، مثل كسرة الصاد في قوله: كلينى لهمٍ يا أميمة ناصب والتوجيه: حركة ما قبل حرف الروى في الشعر المقيد، مثل قوله: وقاتم الأعماق خاوى المخترق وإذا اختلفت هذه الحركة فهو عيب ينسب إلى السناد عند الخليل، وليس بعيبٍ عند الأخفش.
والحذو: الحركة التي تكون قبل الردف وهي ضمة، أو فتحة، أو كسرة، مثل قوله:
تراه كالثغام يعل مسكًا ... يسوء الفاليات إذا فلينى
فتحة اللام في فلينى هي الحذو. وكذلك الضمة في قوله:
إن تشرب اليوم بحوض مكسور ... فرب حوض لك ملآن السور
مدورٍ تدوير عش العصفور فالضمة التي قبل الواو حذو. وكذلك الكسرة التي قبل الياء في قوله: عاذل قد أو لعت بالترقيش فإذا كان الحذو ضمة، وقعت بعده واو لا غير. وإذا كان كسرة وقعت بعده ياء لا غير. وإذا كان فتحة وقعت بعده الألف، والياء، والواو. كقولك: هان، إذا كان في قافية، وكذلك هون، وهين.
والمجرى: حركة حرف الروي. وإنما يكون ذلك في الشعر المطلق. ويكون ضمة، أو فتحة، أو كسرة.
والنفاذ: حركة هاء الوصل. وتكون فتحة، أو ضمة، أو كسرة، فالفتحة كقوله: رحلت سمية غدوةً أجمالها والضمة كقوله:
وبلدٍ عاميةٍ أعماؤه ... كأن لون أرضه سماؤه
والكسرة كقوله تجرد المجنون من كسائه.
1 / 11
رجع: أستغفرك ما حي السيئات من قول ليس بإسناد، استكثر من السناد، كم أوطئ في الذنوب، وأضمن الحوب بالحوب، وإذا تقويت، لفعل الحسنة أقويت، ومتى انكفأت، إلى الخير أكفأت. فاسترنى رب فعيوبى أقبح من السناد والإكفاء. إن لهمًا، سكن في شماريخ رضوى شهمًا، يرى الأنيس عن عفرٍ، ويلد غفرًا بعد غفر، وهو من خلق الله بديع يتوقل في كل يفاع، ويعلق بروقه رءوس الأفاع، رعى النشم، وما أحتشم، وجمع في سنةٍ بعد سنة، بين التيقظ والسنه، نيا ونيا، على قراه وكشحه مبينًا، وناش العتم في العتمات، ووطئ القان بقيونٍ مؤبدات، ولو أخطأه قتل مات، أتيح له رام، جعل بضيعه في البرام، فيا ويح قوس من السدر، أنزلته من الشعف إلى القدر، إستماه القانص فرماه، ورداه بما حمله وارتداه، وكأنه من طول الدهر، حامل شجرةٍ على الظهر، وعمد راميه وما هاب، إلى الإهاب. فاتخذ منه نعلين، شراهما بدرهمين، ناسك دلف بهما في طاعة الله، لجدير والله كريم أن يبعثه رب العالمين فيرتع، ولا يروع، في روضةٍ منوية، غير مصوحةٍ ولا ملوية، ويكرع في أعدادٍ مروية، ما طلع نجم بعشاء. غاية.
تفسير: السناد هاهنا: المخالفة. والإيطاء: تكرير القافية في الشعر. ويروى عن أبي عمرو الشيباني أنه نزل به أعرابي فقدم اليه طعامًا فيه لونان متساويان فقال: يا أباعمرو قد أوطأت في طعامك. والتضمين: أن يكون المعنى يحتاج إلى البيتين من الشعر. والإقواء في الشعر: اختلاف إعراب الروى وهو هاهنا مثل، والمعنى أنى لا أستمر على صوابٍ. والإ كفاء: اختلاف حرف الروى في نفسه مثل أن يكون مرةً طاءً ومرة دالًا. وأكثر ما يقع ذلك في الحروف المتقاربة مثل الصاد والسين، والطاء والدال؛ قال الراجز: جارية من ضبة بن أد كأن تحت درعها المنعط شطا أمر فوقه بشط وإنما يوجد ذلك في أشعار النساء والضعفة من الشعراء. اللهم: الوعل المسن.
الشهم: الجرئ الفؤاد. عن عفرٍ: عن دهرٍ. الغفر: ولد الأروية وهي أنثاة الوعل. يتوقل: يترقأ. النشم: ضرب من الشجر ينبت في الجبال تعمل منه القسى. الني: الشحم. والني: ضد المطبوخ. والعتم: زيتون ينبت في الجبال. القان: ضرب من شجر الجبال أيضًا. والقيون: جمع قين وهو جانب عظم الوظيف. مؤبدات: شداد. البضيع: اللحم. استماه: طلبه في الهاجرة. ورداه: ألقاه من علوٍ إلى سفلٍ. منوية: مسمنة. صوح النبت: إذا تشقق لليبس. وألوى: إذا ولى. العد: الماء القديم.
رجع: إن ناقةً وجملًا، غبرا في الزمن هملًا، حتى إذا صار الجمل عودا، والناقة نابًا لا تتبع ذودًا، سلط عليهما رب مدية، لا ينشط لأخذ الفدية، فنحرا بعلم الله، والقدر، صير لحومهما تقدر، وصنع من جلودهما خفان، مسح عليهما للصلاة، لحقيقان والله قدير أن يعيدهما الخالق بكرين، يهملان بين حمضٍ وعين، لا يمنع منهما حوض، ولا يحظر عليهما روض، يدومان كذلك ما اكتسى هيق بعفاء. غاية.
لطف منشئ العقول. ان نسرًا، أدرك محاربًا وجسرا، كان يسيح، في الجو الفسيح، فبصر بأوصال، في بعض الآصال، وقد كظه جوع، ومنع منه الهجوع، فانكفت، وما التفت، إلى رذىٍ ملقى، بين نهرٍ ونقى، فحال الإنسان بمثله، بين النسر وبين أمله، وكسا ريشه سهاما، فظهارًا منه ولؤاما، لخليق وربنا حميد إذا رمى بتلك الأسهم في سبيل الجبار أن يحشر في طيرٍ لا يصدن، وبأذيةٍ لا يقصدن، وما أريد به وجه الله لم يذهب في الزبد الجفاء. غاية.
تفسير: محارب: ابن خصفة بن قيس بن عيلان. وجسر: قبيلة من محارب. انكفت هاهنا: انقض. الظهار: الذي يعلو من ظواهر الريش. واللؤام: أن يكون ظهر الريشة إلى بطن الأخرى، وهو أجود ريش السهام. الزبد الجفاء: هو الذي يرمى به السيل لا يحتسب به.
رجع: إن ربنا لطيف. إن كان التمر في البير، فالنبات في الصبير، رب ذبيح، للضيف النبيح، طرق الحي بأجلٍ معجل، لم تكن الراعية منه على وجل، لعل الأسحم، لا يترحم، لروحٍ فارقت عرينًا سقط عليه في التبع، فشبع منه وأشبع، والأخطب، لا يستغفر لمالك الرطب، وأنا على خلاف ذلك الرأي. كل نغبةٍ شربتها فاشتفيت، أو تطهرت بها فصليت، أوأزلت دنسًا فأنقيت، فرحم الله المحتفر قليبها، وكل ثمرةٍ أصبتها، فلا تبعد يد من غرس قضيبها، ومن كان ذريعة خيرٍ وصل إلى فجوزي أحسن الجزاء.
انقضت الهمزة.
فصل غاياته باء
1 / 12
قال أبو العلاء أحمد بن عبد الله بن سليمان التنوخي: أجل! غاقٍ غاق، أصبح الغراب يرتاد، أين همت بواكر السحاب. غاية.
الطيور ناطقات بالسبح، ورجال ما تقر بالبعث، بلى! جل القادر عن ارتيابٍ. غاية.
إن جرى ظبى فسنح، وهفا طائر فبرح، كمد آلف لفراق الأحباب. غاية.
سبح الله ومجده، وعظم الخالق وحمده،، طائر لا يحفل بزينب والرباب. غاية.
هذه منازل القطين وتلك مساكن الأنس المقيم، اختلف عليهم الجديدان، فارواحهم عند الله، وجسومهم في التراب. غاية.
الله الكامل، والنقص لجميعنا شامل، فماذا يؤمل الآمل، أليس قصره الذهاب. غاية.
الله تعظم الأضداد، حتى الأذبة والقذان: طرف الصارم، وإنسان الأسود، ومغرد الرياض. وكذلك الأعيار: شاخص المنصل، وظاهر القدم، ووحشي الفلاة. والعيون: عين الذهب، وعين المطر، وعين الشراب. غاية.
تفسير: الأذبة: جمع ذبابٍ: ذباب السيف: طرفه. وذباب العين: إنسانها. ومغرد الرياض: الذباب المعروف. ولا يقال في ذلك ذبابة. والقذان البراغيث واحدها قذذ. وعير السيف: العمود الناتئ في وسطه. وعير القدم: ظاهرها. وعين المطر: مطر أيام لا يقلع. وعين الشراب: عين الماء، والشراب من المشاربة يقال قد تشارب القوم: إذا كانوا يردون عينًا واحدةً.
رجع: ودونه مواقع الفكر، لا ينصف المظلوم سواه، وإليه يرغب الراغب، وبه تمسك النفوس، فتعالى الله عدة الحندس إذا قسم نقطًا، والنقطة أقل ما يكون. وسبحان الله زهاء الأشياء، والشئ جزء لا يتجزأ، تقسم على ذلك مياه البحر، ورمال الأرض، وثقال الهضاب. غاية.
جل الخالق! عيون الربرب تحملها أعناق الظباء، ينسدل فوقها أساود كأساود رمان، ومن أمر الواحد ذلك الخضاب. غاية.
يابغاة الآثام، وولاة أمور الأنام، مرتع الجور وخيم، وغبه ليس بحميد، والتواضع أحسن رداء، والكبر ذريعة المقت، والمفاخرة شر كلام. كلنا عبيد الله، فما بال الرجل يقول: عبدي فلان، والعبودية في عنقه ألزم له من طوق الحمامة، ومؤتي الملك ملكه قاصر الصعلوك على عدمه؛ وكاسي الجميل حلة الجمال، هو سالبها القبيح؛ فاحمد أيها البهج خاصك ولا تغمط سواك، فبيد الله العطية والحرمان. يتيه الإنسي والسرفة أصنع من الآدمي، تتخذ لنفسها بيتًا من حطام الشجر ورفات النبات، يعجب له الراءون، ويعجز عنه العاملون، والجارسة تبنى من الشمع أحسن مسكنٍ وتودعه طيب الأرى، وزمازمها تسبيح لملهم من أراد، فما فضيلة الصنع، إذا اتخذ قميصًا للحرب كبارد الحبب، أو برد الحباب. غاية.
خافوا الله وتجنبوا المسكرات، حمراء مثل النار، وصفراء كالدينار، وبيضاء تشبه الآل، وكميتًا وصهباء، وكل ما أدرك من الألوان. لو كانت أقسام اللب كرهاق الحصى، والسكرة من الجرع بمثل ذاك، لقلت إن النغبة الواحدة حرام، ولو هجر أب لجناية ولدٍ لحرم العنب لجريرة المدام، وهل لها من ذنب، إنما الذنب لعاصر الجون، ومستخرجها وردية اللون، وحابسها في الدن، ومنتظرها برهة من الدهر، وشاربها ورد العطشان وتفوق الرضيع، فاجتنبوا ما يذهب العقول، فبها عرف الصواب. غاية.
تفسير: رهاق الحصى: مثل زهائه. يقال رهاق ورهاق، وهو مقدار الشئ.
رجع. عز القائل بغير لسان، المكون بدائع وما استعان. ليتني كنت حجرًا، لا أمسى حذرا، ولا أصبح وجرًا، كم في الأرض وكم في السماء من نجم لاح للركب، وآخر طلع غب الغمام، كلاهما شهيد القدرة ودليل الوحدانية. كم في الوادي من سمرةٍ وفي السمرة من موقع نظرةٍ، كأنها تحث على التقوى، أو تأمر وتنهى، وتقول في النجوى، مضى نسيبك فأسيت، وبعد الأيام نسيت، وأثوب الصحة كسيت، فلم نذكر أثواب السقام، أظننت الإقامة فكذب الظن، ألا تأهب للرحلة فالمكر على جناب. غاية.
قد ضل وخاب من يعاند الفرد المعبود، خالق ما جمد وماج، من ريحٍ وجبل وماء، عارف ما يهجس في قلب الفازر كما يعرف شعاع النهار، سيان عنده الخفي والظاهر، والبعيد والمكثب، أقر البسيطة ورفع الأنوار، لو شاء لرد اليفن الشباب. غاية.
أعوذ بك من ليت وعسى، ونفسٍ تنقسم أنفسًا، سأتجرع الموت حسى، إن حشرتنى مبلسًا، فإن عملى في تباب. غاية.
لا أكن رب كرجلٍ الحضار في ملكه مثل حضار، والنضار، من يده في أنياب ضار، وخضرة عيشه في المذيق والخضار لا ينتفع غدًا بالجباب. غاية.
1 / 13
أنت الغافر الوافر لمن غفل، وحفل، والبر، بأهل كل بحرٍ وبر، والحان على الشحيح الآن، ملأ الخافة، فهو شديد المخافة، كيسه وقلبه مرعوبان، هذا من مال، وذلك من خشية فوات الآمال، يأتيه رسول المنية وهو بالجباب. غاية.
تفسير: الآن: الذي يئن إذا سئل. الخافة: خريطة من أدمٍ. مرعوبان: مملوءان، وأيضًا فزعان. والجباب: تلقيح النخل.
رجع: يا راعي الضائنة ارتع في الينمة كيف شئت، واصطف لنفسك ما أحببت من الرخال، إن لك وقتًا يلهيك عن الشاء الرباب. غاية تفسير: الرخال: جمع رخلٍ وهي الأنثى من أولاد الضأن، وهذا جمع شاذ وهو أحد جموع ستة جاءت على فعال ذكرها يعقوب وغيره، وهي: رخال، وتؤام، جمع توأمٍ. ورباب جمع ربى وهي الشاة الحديثة النتاج، وظؤار، جمع ظئرٍ. وفرار جمع فريرٍ وهو ولد البقرة الوحشية، ويقال لولد الضائنة فرير أيضًا. وعراق جمع عرق وهو العظم الذي عليه لحم. وحكى اللحياني نذل ونذال، وناقة بسط، وأينق بساط، وهي التي معها ولدها. وفي كتاب العين: ظهار جمع ظهرٍ: للقوس.
رجع: سيحتم سنى يوم، لا يقظة بعده ولا نوم، يختلجنى فلا يرانى القوم، ولو اصطليت بناظر الشمس ووردت حوض الرباب. غاية.
رب اجعل عملي أحسن من الزون، وصلاتي أطول من ظل القناة، وأملي أقصر من سالفة الذباب. كل جبارٍ عاتٍ، وماٍض من الناس وآتٍ، ينظر إلى جبار السموات، نظر المربوب إلى الراب. غاية.
تفسير: الزون: صنم كان بنجدٍ يعبد في الجاهلية وضربوا به المثل فقالوا: هو أحسن من الزون.
رجع: أيها الكهل المجتمع، إن إلهك لمطلع، وأنت المائل الضلع، والاناء من سوء العمل كلع، فاياك والنظر في أعقاب الشواب. غاية.
تفسير: الكهل المجتمع: الذي قد اتصل شعر لحيته فلم يكن فيه مزيد، وهو حد الكهل عند الأصمعي، وقال غيره: لا يقال له كهل حتى يبدو فيه الشيب، وعن قطرب أنه يقال للرجل شاب من سبع عشرة سنةً إلى أربعٍ وثلاثين، ثم هو كهل إلى إحدى وخمسين، ثم هو شيخ. وقال المفسرون في قوله تعالى: " ويكلم الناس في المهد وكهلًا ": ابن ثلاثين سنةً وقيل ابن ثمان وعشرين. والكلع: تراكم الوسخ. يقال إناء كلع ومكلع. ومنه قول حميد بن ثور:
فجاءت بمعيوف الشريعة مكلعٍ ... أرشت عليه بالأكف السواعد
السواعد: مجاري اللبن في الضرع وإليه، وهو يصف قعبًا.
رجع: إن معايبي لكثير، فجاز مولاي بالإحسان رجلًا أعلمني بعيبٍ في، إما غيرته، وإما سترته، أو عرفت مكانه فأضمرته، لقد من على ذاكره منه الأضبط على الرباب. غاية.
تفسير: الأضبط: ابن قريعٍ السعدي هو الذي استنقذ تيم الرباب من أرض نجران وكانت مستذلة في تلك الناحية فاستنقذهم الأضبط. وقد ذكر ذلك جرير في قوله:
خيلي التي وردت نجران معلمةً ... بالدارعين وبالحيل الكراديس
تدعوك تيم وتيم في قرى سبأٍ ... قد عض أعناقها قد الجواميس
والرباب خمس قبائل: تيم، وعدى، وعوف، وثور أطحل الذين ينسب إليهم سفيان الثورى، وأشيب بنوعبد مناة بن أد بن طابخة بن إلياس بن مضر، وإنما سموا الرباب لأنهم حالفوا ضبة بن ادٍ عمهم وعمسوا أيديهم في ربٍ عند الحلف.
رجع: أصدق فأغضب، ويعجبني الكذب حين أكذب، إن عذبت فبحقٍ أعذب، لو أنصفت لما غضبت من شتم السواب. غاية.
ثبت أمر الله ثبات الهضبة تحت الغضبة، وانقضب سواه مثل القضبة، بل انجاب، كانجياب الضباب. إن ربنا لمنصف، وبأمره جرت المعصف، تخبر عن كرمه وتصف، قد يحرم طاعته الملك تضب لثته على الحو اللعس، وينالها حرشة الضباب. غاية.
تفسير: الغضبة: صخرة عظيمة تكون في أعلى الجبل. والقضبة: الرطبة. تضب لثته: أي تسيل. وهذا كلام يقال عند الحرص؛ ومنه قول عنترة:
أبينا أبينا أن تضب لثاتكم ... على نسوة مثل الظباء عواطيا
رجع: بي طب، فأين أستطب، أنا تحت حب الدنيا محب، أثقلني فأنا مكب، والشعيب مفتقرة إلى الطباب. غاية.
تفسير: ألطب: الداء. والمحب من قولهم: أحب البعير إذا برك فلم يقم. ويقال للناقة خلأت وهو مثل الحران في الخيل. والشعيب: المزادة. والطباب: جمع طبةٍ وهي رقعة تجعل في أسفل المزادة.
رجع: في النية، شاهد لك بالوحدانية، والوشل، بقدرتك يتمشل، وفي اللجة، بك أعظم الحجة، إذا سجا النوفل وأوان العباب. غاية.
1 / 14
تفسير: الوشل: الماء القليل وتمشل: إذا سال قليلًا قليلًا. والنوفل: البحر.
رجع: رحمتك مكون المعجزات، لا أطرق أهل مبيت، ليس عندهم من بيتٍ، أخذهم بالمكر، من الوكر، فأطوقهم بالدم، وأخرجهم إلى العدم، ولا أحسد رب مشيد، بالشيد. لناب الموت قبيب يشغل من عقل أن يسأل عن أهل القباب. غاية.
تفسير: الشيد: الجص. والقبيب: مثل الصريف رجع: أمطر مولاي رزقك علي وقد فعلت، حسبى ما قات، وبلغ الميقات، إن أقمت، فالكفاية وإن نقمت، وإن سافرت فالراحلة والزاد، ولا أزاد، ما أصنع بنعمٍ كبابٍ. غاية.
يسر عبدك لما تحب، واكفه أن يطعن بالوسب، على النسب، وأن يعير، ثم لا يغير، ويجبه غير أريب، بالتثريب. الناس بنو رجلٍ وامرأة ما أدنى المؤتشب من اللباب. غاية.
ألطف بك منشئ المعصرات، خالق ماشٍ، يعتمد على حماش، يحمل قناتين من وراء، ويغار غيرة الأمراء، لم يرض من العفاء، باللفاء بل خطر في موشى، وسبح بالغداة والعشى، قطن في القطان، وكأن عينيه سقطان، تشبه بهما الخمر والجمر، توج بحماضٍ ما مطر، وخطم بسنان قد أطر، حان، وله جناحان، فما أنهضاه، وقضى فيه القدر ما قضاه، والحكم لله على كل الحيوان، فأصبح ريشه تلعب به الرياح في دار منه يباب، غاية.
إئذن في التوبة لعبدك المسيء، طوبى لأكدر، من بنات أخدر، لا يتوقع كائنةً بعد الموت، وهنيا لكدراء ترد مران، في سربٍ حران، تقدس ربها في آلاف مئين في العدد بل الافٍ بالألف، والقاف، والطاء، من قطا كاظمة والأجباب. غاية.
لله العلم المحيط، نجع التأنيب، في المنيب، وهبت ريح ذات صرٍ، بملامة المصر، ياقلب هلم وهات، أأعتبك أم هيهات، جل الأمر عن العتاب. غاية.
غفران إلهنا مأمول، ولكنك أيتها الحشاشة فرطت فأو بقت، حتى خلفت وسبقت، ثم قيدت بعد ذلك وربقت، فانظري هل لك من متاب. غاية.
ما أوهب ربنا لجزيل، فأعدى المطية، لبعد الطية، والوقاء، من طول الشقاء، ولا تكونى مثل درية الطاعن يغلو بك غيرك غلوة وليدٍ بكتاب. غاية.
تفسير: الطية: المسافة التي يطويها المسافر. والدرية: حلقة يتعلم عليها الطعان. والكتاب: سهم يتعلم به. ويقال فيه كثاب أيضا.
رجع: لو شاء ربنا سخر لنا حوش البر فنقلتنا نقل النعم الذلل وركبنا النعائم بأزمة وأقتاب. غاية.
الله مملك الملوك، وأنا معترف مقر، أن شهد الدنيا مقر، وأن غنيها مفتقر، أعوزني فيها مسكن، آرز إليه واستكن، وتبوأت الناسجة بين المثاب. غاية.
تفسير: المقر: الصبر، ويقال إنه شئ يشبهه. وآرز إليه: أي آوي إليه.
رجع: لا يعجزك ممتنع في العقول، متى أجتمع وسلفي الذاهبون فأخبرهم بما لقيت بعدهم، ويخبرونني بمثل ذاك، لقد بعدوا بعد الإكثاب. غاية.
عززت باعث الأرواح، أما اللحاق بالقوم فقريب، ولست من لقائهم على يقين، فالقلب لذلك آسف حزين، أفتراني أوجر على ذلك وأثاب!. غاية.
لا تجعلني رب أتقى صغائر الذنوب وأفعل كبائر السيئات، أفرق من الغراب وأقدم على الأسد ذي الشبام، رحمتك على امرئ ليس مثل الشراة تحرجوا عن مال الذمى وقتلوا ابن خبابٍ. غاية.
تفسير: أصل الشام دفيف يجعل في فم الجدى يمنع به من الرضاع، ومنه قول عدي بن زيدٍ:
ليس للمرء عصرة من وقاع الد ... هر تغنى عنه شمام عناق
ويقولون في المثل: يفرق من صوت الغراب ويقدم على الأسد المشيم.
رجع: لا امتراء في أن الله حكيم، كيف أصبحتم أهل المنازل الدارسة، إن ما أصابكم للخطب الجليل، لا رزق ربكم تنتظرون، ولا الصلاة لوجهه تقيمون، يهتف بكم الضائح فلا يجاب. غاية.
لايمتنع من الله عزيز، والشقى من حضر عرصات القيامة كرجل من أبناء الأقيال، ذهب ملكه فتقرب إلى الناس بما كان فجفى، وما اصطفى، والسعيد من ورد كالخيبري يستشفع بما في الكتاب. غاية.
أمة من عبدة الله عير غير بزل. يحملن طعامًا ذا نزل، على مطايا جزل وقزل، في سنة خصب أو محل، طرح فيه السحل، على سقاءٍ جحل، فقيل سيد ربحل، لا تحتجب أسرارهن عن علم الخالق بحجابٍ. غاية.
تفسير: ذا نزلٍ: ذا بركة وريع. والجزل: جمع جزلاء وهي التي قد خرجت من ظهرها فقارة، والنملة توصف بذلك للطمأنينة التي في ظهرها؛ قال الشاعر:
فإنك لولا قيت سعد بن مالكٍ ... لعديت عن سعدٍ وظهرك أجزل
1 / 15
والقزل: جمع قزلاء وهي العرجاء. السحل: الثوب الأبيض. والجحل: الضخم، يقال سقاء جحل وزق جحل. وربما حركت الحاء؛ قال الشاعر:
ومقير جحلٍ جررت لفتيةٍ ... بعد الهدو له قوائم أربع
والربحل: الضخم.
رجع: شيعة إلهنا لا تذل، والسعيد، الماسح على الصعيد، في ركبٍ كالأسنة، كهم ملوح السنة، يرجو مرضاة مولاه، قد أهلوا بالدعاء على مثل الأهلة، ليست بذات رغاء، كل مقلاتٍ، تنظر من مثل القلات، وخوصاء ليست بلخون، تفحص أفاحيص الجون، تخد نجائبهم بأنجابٍ. غاية.
تفسير: السنة: صفحة الوجه، والمقلات: التي لا ولد لها، وهو أشد لها.
رجع: إسق اللهم غفرانك قبورًا طال عهدها بالعهاد، يصير التراب المحفور، مثل الكافور، ويسكن الأجساد الزكية، الأرض المسكية، ويكسو كل جدثٍ طاهر، من باطنه لا الظاهر، بعد أن يشوفه كلى الشوف، ما شاء من الخزامى والعوف، يحسنان في المنظر ويطيبان في السوف، وتهز قضب الريحان المشموم، ريح رحمة ليست بسموم، في لحدٍ كد قرى، يركض فيه الفارس فلا يرى، لا يضيق بالعنق والوكرى، تلذ اليقظة به والكرى والطف مولاي بضعيفك إذا اقترى، ونزل إلى بطن الأرض عن القرى، ضيفك ولكل ضيفٍ قرى؛ ما أجدرك بالرأفة وما أحري، تلبس طمرى اللبسة، وتوحش الدار المونسة، وأصبح وحالى منعكسة، كأنى جرف نفى بعد إيجاب. غاية.
تفسير: يشوفه: يجلوه. والعوف: ضرب من النبت طيب الرائحة. دقرى: روضة معروفة بعينها، وقال قوم: كل روضةٍ دقرى؛ ومنه قول النمر ابن تولبٍ.
وكأنها دقرى تخيل نبتها ... فعلا وغم الضال نبت بحارها
الوكرى: عدو سريع. واقترى: إذا اتبع من كان قبله.
رجع: أطعم سائلك أطيب طعاميك، واكس العارى أجد ثوبيك، وامسح دمع الباكية بأرفق كفيك، ولا ترم في الطاعة بمنجاب. غاية.
تفسير: المنحاب السهم الضعيف. ويقال هو الذي لا ريش عليه.
رجع: لو أدرك خلود بالطلب، أو سبق موت بألب الأ لب، لفات، ونجا من الوفاة، أصحاب همم، من سالفة الأمم، يحيون الغسق، على كل أمونٍ هر جاب. غاية.
تفسير: ألب الالب: طرد الطرد. الهر جاب: الضامر، والسريعة، ويقال هي الطويلة على وجه الأرض.
رجع: أمشيت، أيها المكثر وأو شيت، وبالمعصية ما حاشيت، لم تعش ولكن تعاشيت، لا هبت المالك ولا تخشيت، أما علمت أن العاجلة سحاب منجاب. غاية.
تفسير: المشاء والوشاء: كثرة المال.
رجع: أعظم ربك فهو عظيم، واحقر نفسك وأنت الحقير، وما فعلت فهو حتر قليل، لا يعجبنك جم رمادٍ، وبيت مرتفع العماد، ونار دائمة الاتقاد تسطع بجبل أو وادٍ، ولا تفخرن بعقر الإبل وعبط المعزى اللجاب. غاية.
تفسير: الحتر: الشئ اليسير. وعبط المعزى: ذبحها لغير علة. واللجاب: القليلة اللبن.
رجع: مولانا أتغيرنا فتغيرت لنا، أم نزلت السخطة منك علينا، بل نحن الجرمة المسيئون؛ ما زلنا عبيد سوءٍ، ولا زلت أكرم المالكين، نكزت القلب من خوفك، فما سقى بياض بسويدٍ وامتريت بالعجل والرويد، فكان درها أبكأ من در الثرملة الخروس، وأنت على إساحة الماء قدير. وكنت أملك جزءًا في بيت حرورٍ، يمتاح ماؤه من جرور، فغار الماء بإذنك وأصبح القوم يتفكنون، والضرف غضب لمعصيتك فألقى بثمه، والمحمول على الجوازع ملاحيه ووينه، وكأن بعض الشجر عصاك فحمل، فلما قارب الكمال أو كمل، أرسلت سحابًا ذا عمدٍ حمر، ينفض على الثمر حصىً من جمدٍ، كاللؤلؤ عندك بعددٍ، ولو شئت لجعلته درًا من غيرددٍ، لقد بات بحيبة شرٍ من حاب. غاية.
تفسير: نكزت القلب: إذا غار ماؤها. وبياض هاهنا: الأرض البيضاء. وسويد: الماء. والبكئ: القليلة الدر. والثرملة: اسم الأنثى من الثعالب. والخروس: التي تلد بكرها. يتفكنون في هذا الموضع: يتندمون، وفي موضع آخر: يتعجبون. والضرف: التين، ويقال إنه ذكره. والبثم: التين قبل أن ينضج. والجوازع: الخشب التي تعرض عليها الدوالي واحدتها جازعة. والملاحي: العنب الأبيض. والوين: العنب الأسود، ويقال إنه الزبيب؛ وأنشد الأصمعي لرجلٍ من أهل السراة يصف شجرة الكرم:
ومن عجائب خلق الله غاطية ... يخرج منها ملاحي وغربيب
من غيرددٍ: من غير لعبٍ. والحيبة من قولهم: بات بحيبة شرٍ، أي بحالة شرٍ، ولا تستعمل إلا في الشر. وحاب: أثم.
1 / 16
رجع: ألهم اللهم غذيك ما أنت له راضٍ مختار. أما الدراهم فشرود دواهم، إذا أنفقت الدرهم ملكته، وإذا صنته أهلكته. والدينار، جمع من دينٍ ونار، والله رفع قدر الحجرين، ولو شاء لجعل أفضل منهما الصرفان. وبئس الحلة حلة كأنها غرقئ تريكةٍ أو برد هلال، حمل في ثمنها ندهة من المال، غزلت في دهر، ونسجت شهرًا بعد شهر، ثم لبسها المترف، فكانت أسرع تمزقًا من غشاء ثمرة المصيف، وكفا كها من الشعر شعار، أو نظيره مما تنفضه القرار، فإن أسرفت فثوب من البرس، أو آخر من الشريع، لا تسحب ذيلها في الأرض كأن رأسك قد لحق بالسحاب. غاية.
تفسير: الصرفان: الرصاص. وغرقئ التريكة: قشر رقيق دون قشرة البيضة الأعلى. الندهة: الكثرة من المال، ذكر ذلك يعقوب في الألفاظ. وذكر في إصلاح المنطق أن الندهة: العشرون من الإبل، والمائة والمائتان من الغنم، والألفان من الصامت والشعار هو الذي يلي الجسد من الثياب. والقرار: ضرب من الضأن صغار الأجرام. والبرس. القطن. والشريع الكتان.
رجع: سلم الله عليكم أهل ديار لا يشعرون بتبلج الصبح، ولا ترجل النهار، أشتاق إليكم وإلى من أشتاق! لا الأرواح متكلمة، ولا الأجساد ملتئمة، ولا المنازل برحاب. غاية.
أعتصم بقدرة الله من غيثٍ سجم، فما أنجم، ولجمٍ عطس، وسهم شتاتٍ قرطس، وخطبٍ وطئ فوطس، وربنا يثنى الفادحات، وأعوذ بعزته من برق ارتعج، في ليلٍ أدعج وهدر الرعد وعج، وجرى سيل فتمعج، فأيقظ النائم وأزعج، وأثر في الأرض ولعج، وبكى في ضحكٍ وضحك في انتحاب. غاية.
تفسير: اللجم: دويبة توصف بالعطاس تتشاءم العرب بها. ووطس: كسر. ارتعج البرق، إذا اشتد اضطرابه. وتمعج السيل إذا سال ها هنا وها هنا. أصل اللعج: التأثير في الجلد وفي القلب؛ ومنه قيل لا عج الحب؛ ومنه قول عبد مناف بن ربعٍ الهذلى:
إذا تجاوب نوح فامتا معه ... ضربًا أليمًا بسبتٍ يلعج الجلدا
رجع: ما أضيق على دنياي، من المسوفة إياي، عصتني جروة أشد العصيان، وأنت المفزع إذا بطل كل احتيال. أخطأت خطأ لا أقول معه دراك، والمتخلف مظنة من فوت الصحاب. غاية.
تفسير: جروة: النفس. ومظنة كل شئ: ما يظن به أنه يكون منه.
رجع: يا نفس العبر، هل من جائبة خبر، عن المليك الأكبر! لا تبقين على الغير، أما أصلك فقد ذهب، وأما الفرع فلا فرع لك إنما أنت كشبًا، عشى ماء مطحلبا، لا عمدة لك ولا بقا، تخرجين من اللافظة خروج الضرب من إهاب الميتة، قد خبث طعمه ورائحته، وأي ذنب للدنيا إليك، إنما الذنوب كلها لك، رميت بسهام مشويةٍ لا صائب فيها ولا حاب. غاية.
تفسير: العبر: الثكل. والشبا: الطحلب. المشوية: السهام التي لا تصيب. والحابي: السهم الذي يسقط على الأرض ثم يرتفع بعد ذلك فيصيب الغرض.
رجع: سبق مدير الأفلاك، وأقيمت لعظمته الصلوات، ألا تخضعين يا خباث. بلى! وكل متكبر هجهاجٍ خشع لمالكه، وأصاخ لأوامره ذات الإمضاء في جنح الغسق وضياء الوضاح. ظفر بالفائدة من فاد، صادقًا في العبادة غير ملاذ، إنك لقليلة الحفدة والأنصار، إن لك أن تصحبى كل الإصحاب. غاية.
تفسير: فاد: مات. الملاذ: الكذاب.
رجع: يا طالبة النفأ في الأجراز عوذى بربك فهو خير معاذ، لا يمتنع منه بالنجوات. ألم يأتك خبر طامرٍ في الأخبار، أسيد لا يتلقط قرد القمام، يحتسي الدم وهو له حلال، والله أذن له بدلك الغذاء، يوقظ النائم ويروع اليقظان، ويظهر في المرتبع ويغيب في شيبان، وذلك بقدرة الوحيد الديان، يشهد أن من عاند ربه قد خاب. غاية.
تفسير: النفأ: قطع النبات. والجرز. التي لا نبت فيها، وقيل هي التي لم تمطر. طامر بن طامر: البرغوث. ويقال ذلك للرجل الذي لا يعرف. أسيد: تصغير أسود، والأصل فيه أسيود، ولكنهم قلبوا الواو ياء كما قلبوها في ميتٍ وجيدٍ وغير ذلك. وقرد القمام: قطع الصوف في الكناسة؛ وهذا نقيض قول الفرزدق:
سيبلغهن وحي القول عني ... ويدخل رأسه تحت القرام
أسيد ذو خريطةٍ ضئيل ... من المتلقطى قرد القمام
وشيبان: كانون الأول. وملحان: كانون الثاني، وهما الأشهبان.
1 / 17
رجع: أحسبه يعبد ربه وقت المصطبح والأغتباق، ولعل للمحتقرات، عبادةً ليست للمتكبرات؛ يمر بمواقع التقبيل من الفتاة، وأميرها الغيور شاهد فلا يغار، وذلك بالهام الذي رفعٍ كيوان. فسبحان واهب الحواس، كم بات بين الكاعب وبين الشعار يرتع من جسدها حيث شاء، لا تظن به الفاحشة ولا يستراب، يحسب من فتات المسك لولا الحركات، إذا مر بالحلى وقد خصر أضعفه برد السوار، ويحفظ عليه القوة وهج العنبر والإناب. غاية.
وبإلهنا أقرت المصنوعات. سغب طامر فكثر أذاه، واضطرب كغيره في طلب الأرزاق، لا يهاب الرجل وهو مثله ألوف مرارٍ، ودمه إذا نيل جبار، وهو طاهر لا يدنس الأثواب، يصلي فيه الناسك فلا يفسد عليه الصلاة، وبذلك حكم رافع السموات، وإنه على الشجاعة ليحب البقاء ويهرب إذا التمسه البنان. فإذا أدرك حاجته من الرزق تختر وأمكن القناص، وإفراط الشبع آفة على كل حيوان. وربما ظن الطان أنه قتله، فاذا أرسله تحرك بنسيس الحياة، عز ربنا خلقه من ترابٍ مهجور، فولج بين ترائب وسخاب. غاية.
تفسير: تختر: إذا استرخى من الشبع. مهجور: من الهجر.
رجع: برئ الصادق المتصدق، من كل عمل يوبق، جامع ملك لا يفترق، كاد الأسك يحترق، في جمرٍ من الذهب خابٍ. غاية.
ما ألطف قدرة الله تجد الأصلم وقرينه مجتمعين ولأمرٍ ما يجتمعان، أحدهما ضؤول وبؤول، والآخر عفا عني الله وعنك، إني وإياك لأخوا أذرابٍ. غاية.
تفسير: إكراء الظل: نقصه وقصوره. وكرى الزادٍ: فناؤه. التلو: التابع، ويستعمل في الفلو كثيرًا. وأثفه: اتباعه. والاوق: الثقل. وجم قضمه: إذا كرهه ولم يأكله. النس: السوق. غريبة الابل: التي ترد الحوض وليست لأهله فيد فعونها عنه: الدندن: اليبيس إذا مضي له عامان أو ثلاثة. الجود: الجوع. والجؤاد: العطش. والأذراب: العيوب رجع: ربنا الموفق لجميع السداد، يا ظالمة ألا تنصفين، لو كان لي وقير فيه الحبشة الرعيان، أعبط كل يومٍ ما اخترت من الفرار فجاء خرص في الليل الدامس لا يأمل العدة، ويكنى أبا جعدة، وراءه عيال لا عهد لهم بالقوت منذ أيام، فاختلس فريرًا أعجف، لساءنى ذاك، وغدوت بالملامة على ولاة الزراب. غاية.
تفسير: الوقير: قطيع الغنم. وقال أبو عبيدة لا يكون وقيرًا حتى يكون فيه الراعي وحمار يحمل رحله أو كراز، وهو كبش يحمل عليه رحله. وقال غيره: الوقير شاء الأمصار؛ قال الشماخ:
فأورد هن تقريبًا وشدًا ... موارد لم يدمنها الوقير
وقال أبو عمر والشيباني: الوقيرة بالهاء: قطيع الظباء؛ وأنشد:
كأن سليمى ظبية في وقيرةٍ ... أو الشمس لاحت من خصاص غمام
وواحدة الخصاص خصاصة وهي الفرجة.
رجع: من كان حلمه رزينًا، وجد ما عمر كئيبًا حزينًا. يا ابن آدم إذا أصبحت آمنًا في سربك، عزيزًا في رهطك ومعشرك، وغبطك صديقك أو ابن عمك، ورأيت النماء في مالك وولدك، نماءً يوجب عظيم بهجتك، فأنب عند ذلك إلى ربك، واصفق بيدك، على يدك، وابك على نفسك بدموعٍ أسراب. غاية.
إن شاء الملك قرب النازح وطواه، حتى يطوف الرجل في الليلة الدانية بياض الشفق من حمرة الفجر طوفه بالكعبة حول قافٍ، ثم يؤوب إلى فراشه، والليلة ما همت بالإسحار، ويسلم بمكة فيسمعه أخوه بالشام، ويأخذ الجمرة من تهامة فيوقد بها ناره في يبرين وقاصية الرمال، ويجاز بأكيلته في قصور فرغان فيعتصر بماء المضنونة أو جرابٍ. غاية.
تفسير: يجاز: يغص والأكيلة: اللقمة. فرغان بالتحريك: المعروفة بفرغانة؛ ومنه قول الفرزذق:
ومنا الذي سل الجياد وشاملها ... عشية باب القصر من فرغان
ويعتصر: يستغيث وينتصر. وهو من العصرة: أي الملجإ. وقال عدي ابن زيد:
لو بغير الماء حلقي شرق ... كنت كالغصان بالماء اعتصارى
والمضنونة: من أسماء زمزم. وجراب: اسم موضعٍ فيه ماء؛ ومنه قول كثير:
سقى الله أمواهًا عرفت مكانها ... جرابًا وملكومًا وبذر والغمرا
ثعلب ينشده بالباء، وهي الرواية الكثيرة، والمبرد ينشده جرادًا بالدال.
رجع: أعني مولاي على الهبوط والارتقاء، لا أنازع شريبى في الماء، ولا أفتخر بتشييد المشارب، ولا أغترس ذوات الشربات، ظهرى تحت الأوق وعنقي في الإشراب. غاية.
1 / 18
تفسير: المشربة: الغرفة. والشربات: جمع شربةٍ وهو حويض يجعل تحت النخلة ويصب فيه الماء. الأوق: الثقل. الإشراب. مصدر أشربت البعير إذا جعلت في عنقه حبلا. وأنشد لبعض اللصوص وذكر إبلًا خربها:
وأشربتها الأقران حتى وقفتها ... بقرحٍ وقد ألقين كل جنين
وقرح: وادي القرى.
رجع: لو نقلت مياه اللجج على منكبي في قدافٍ، وأفرغته على مناكب الجبال، وجررت كثبان الأرض وصرائمها في جرٍ أو مشآةٍ، فألقيتها في الخضر الدائمات حفدًا لله كنت أحد العجزة المقصرين، ولو أذن لي وأيدت فابتنيت مراهص من الثرى الأسفل إلى الثريا وحضار، ومن الوتد المتخذ من عودٍ، إلى ساحة وتد السعود، لم أؤد ما يوجبه جلال الله، فكيف وأنا أقصر الصلاة، وأدانى بين الركعات! ويحي أيها الرجل مما صربت الصراب! غاية.
تفسير القداف: الجرة. والجر الزبيل. وقد يقال للجرة جر أيضًا. والمشآة: زبيل من أدمٍ. والجر الذي تعرفه العامة من الفخار، فهو فارسى معرب، وقد تكلموا به قديمًا. الخضر الدائمات: اللجج الواقفة. والحفد السرعة في الخدمة. والمراهص: المراتب. وصربت الصراب: جمعت الجماع.
رجع: لو كانت المفاتشة مع غير عالم المستودعات، لتمنيت أن تلقى إلى صحيفة العمل فأضرب على ما ضمنته رجاة الإضراب. غاية.
إتق الله فإنه جعلك عبد واحدٍ، فلا تكن عبد جميع، تنصب وتجهد، ولا يرضى منهم أحد. فاز بالخريص، غير الحريص. ما لم تنله بجدك لم تنله بطعانٍ وضراب. غاية.
لقد علمت والله عليم أن خالق العذراوين: ربة السجوف، والطالعة عند هبوب الهوف، لا يمتنع عليه أن يجعل العتيل يبصق، على قصار النخل فيبسق، وأن يكون الريق راحًا، والشفاه بإذنه عقيقا، والثغر حببا أو جمانًا، ولو آثر كانت ثنية الفم، ثنية العلم، والشفة الساترة للثة، شفًا يستر مؤنثةً، والسن المعينة للدافع سغبًا، سنا يقدم صوارًا، أو ينبع ربربًا، وأرحاء المآ كل أرحاء كراكر تقع عليها في الصبح رزاح، وربنا المفرق بين الأشكال، شتان العرض كعتيرة دارين مادرن قط بمقال، وآخر كعتيرة الظفر أتت عليها أيام، فأطرب للخير مع الطراب. غاية.
تفسير: العذراء: يقال إنها السنبلة، وقيل إنها نجم في السنبلة. والعتيل مثل الأجير. والسن: الثور الوحشي إذا أسن. وكراكر الإبل يقال لها الأرحاء. والعتيرة: فأرة المسك لأنها تعتر أي تذبح. وعتيرة الظفر: التي تذبح بالظفر فلا يحل أكلها.
رجع: كل شعرةٍ في الجسد لها شعار تنفرد به من التسبيح؛ فليتني دعوت الله مع كل داع، وبكيت على ذنبي مراسلًا لكل باك: للفاقدة حميمها من الإنس ولحماء العلاطين مطراب. غاية.
تفسير: الشعار: ما يقوله الانسان ليعرف به نفسه في الحرب، وهو من إشعار البدنة؛ وأصل ذلك من شعر بالشئ. إذا علم به. والعلاطان: طوقا الحمامة.
رجع: أيها الجامح لا يغنيك الجماح، ألمالك أضبط لك من عائشة لما وقع في النزوع، جل عن التشبيه والقياس؛ في لجامك أظراب كالظراب. غاية.
تفسير: عائشة بن عثمٍ من بني تميم، ذكره ابن حبيب في كتاب أفعل، وزعم أن العرب تضرب به المثل، فتقول: أضبط من عائشة بن عثمٍ؛ وذلك أنه أورد إبله بئرًا فازدحمت عليها فوقعت فيها بكرة فأدركها فأخذ بذنبها ورفعها. والنزوع: البئر التي ينزع منها بالرشاء. الأظراب: العقد في حديدة اللحام. وأنشد ابن الأعرابي:
ومقطع حلق الرحالة سابح ... بادٍ نواجذه على الأظراب
رجع: ثق بالله المكين، واعلم أن كل ملكٍ ركين، يحسب عنده من المساكين. لا يروعنك طائر باض، ومشى في إباض، فأمسى قلبك له ذا انقباض؛ التفت بمنقاش، فهو لريشه قاش. سيان الآهلة والمغتربة، والمعدمة والمتربة، كل نفس بالموت حربة، أدموعك تلك السربة، وإنما هي الأغربة؛ لا اللبيبة ولا الأربة، تقف على غوارب الرذيات، وهي لغربان الطلح مؤذيات، وتردى في المنازل رديان الخيل العراب. غاية.
تفسير: الإباض: ضرب من العقل. أصل القشو القشر. والمعنى أنه ينتف ريشه. الرذية: المعيية التي قد أنضاها السير. والطلح: المعييات. والغربان: جمع غرابٍ، وهو أعلى الورك؛ قال الراجز:
يا عجبا للعجب العجاب ... خمسة غربانٍ على غراب
الرديان: عدو فيه ترجيم للأرض بالحوافر.
1 / 19
رجع: أفلح غرب، غروب عينيه تنسرب، إذا ذكرت الفاحشة قال اغرب، يشهد له مشرق ومغرب، أن شأوه في الطاعة مغرب، لا يحفل بشحيج الغراب. غاية.
تفسير: الغرب: مثل الغريب. قال طهمان بن عمرو الكلابي:
وما كان غض الطرف منا سجيةً ... ولكننا في مذحجٍ غربان
شأو مغرب أي بعيد.
رجع: علم ربنا ما علم، أنى ألفت الكلم، آمل رضاه المسلم، وأتقى سخطه المؤلم، فهب لى ما أبلغ به رضاك من الكلم والمعاني الغراب. غاية.
ماتصنع أيها الإنسان، بالسنان، إنك لمغتر بالغرار. كفت المنية ثائرًا ما أراد. ليت قناتك بسيف عمان، وحسامك ما ولج حديده النار، وريش سهامك في أجنحة نسور الإيار؛ ليستيقظ جفنك في تقوى الله ويهجع نصلك في القراب. غاية.
مالك عن الصلاة وانيًا، قم إن كنت ممانيًا، فشم البارق يمانيا، سار لتهامة مدانيا، يجتذب عارضًا سانيا، سبح لربه عانيا، وهطل بإذنه سبعًا أو ثمانيا، واقترب وهو لماع الأقراب. غاية.
تفسير: المماني من الماناة وهي الانتظار والمماطلة. والساني: الساقي. لماع الأقراب: أي تلمع البروق في جوانبه.
رجع: فاز من رضي فعله مولاه؛ رب مستعصي القوس على سواه، يعسل رمحه في يداه، خضب سيفه وظباه، شهد المحذورة ليظفر بعداه، فعاد بسنان في اللبة ومشقصٍ في الأوراب. غاية.
تفسير: يداه على لغة بلحرث بن كعب. قال هوبر الحارثي:
ألا هل أتى التيم بن عبد مناةٍ ... على الشنء فيما بيننا ابن تميم
بمصرعنا النعمان يوم تألبت ... علينا جموع من شظى وصميم
تزود منا بين أذناه ضربةً ... دعته إلى هابى التراب عقيم
أهل العلم يروون في هذا البيت مناة بغير مدٍ على الزحاف، إلا أبا عبيد فإنه يرويها بالمد، وزعموا أنهم رأوها بخطه ممدودةً.
المحذورة: من أسماء الحرب. والأوراب: الفروج التي بين الضلوع.
رجع: سبحان خالق العكر متين: عكرمة بن أبي جهل، والنادبة لفقد الأهل، وعز منشئ السراوات: سراء في الروع، وأخرى تحمل على كاثبة المروع، وثالثةٍ تضج في الربوع، فاسرب في الطاعة فانما الدنيا كالسراب. غاية.
تفسير: العكرمة: الحمامة. سراء في الروع: سرور القلب. والسراء الثانية القناة الجوفاء. والكاثبة: موضع يد الفارس بالرمح من الفرس، وتستعمل في الانسان أيضًا. والسراء الثالثة أنثى الأسر وهو داء يصيب البعير في صدره فيتجافى مبركه؛ يقال أصابه سرر، فالبعير أسر والناقة سراء. السارب قال أبو عبيدة: هو الذي يسير بالنهار خاصةً.
رجع: من نور إلهنا خلقت الأنوار، ألا تبين اللمح، بأعلى السفح، أوقد لقيل، والريح بليل بليلٍ، كسنان السمراء، للمصطفاة تشبها سمراء، كأنها قناة تسعدها على ذلك فتيات، سبح شرارها والجمرات، ودواخنها ذات السورات، بل راكبة شناخيب كأنها أعقاب اليعاقيب، لا حت للعارف، كأعراف العتارف، نارها من الشحط كعين العترفان، مجدت ربك بغير الوراب. غاية.
تفسير: البليل: الريح الباردة، والاشتقاق يدل على أنها التي معها مطر. السورة ها هنا: الارتفاع والوثوب. الوراب: المداجاة.
رجع: سبق المذهب وأحضر الوجيه بقضاء الله عليك إلى يوم الدين، وإحصاب فرس العبسي جروة، ومقلة العامري حذفة، وعنق الحمالة وإمجاج بذوة، وثعلبية القسامة، وجبب الخنثى تحت عمرٍو، وإلهاب الشماء بأخى صخرٍ، وركض السلمى حلوى في النفر، دلائل أن الله قدير، وكذلك هراوة الأعزاب. غاية.
تفسير: المذهب: فرس كان لغنيٍ. والوجيه: فرس معروف. والإحصاب: ضرب من العدو، ويقال إنه أخذ من إثارة الحصباء لشدة العدو. وجروة: فرس شدادٍ أبي عنترة. وحذفة: فرس كانت لرجل من بني كلابٍ، ويقال إنه عامر بن مالك بن جعفرٍ، وهو أبو براءٍ. والحمالة أيضًا: فرس معروفة. والإمجاج: أول العدو. وبذوة: فرس لبني ضبة. والثعلبية: التقريب الأدنى، والتقريب الأعلى هو الإرخاء. والقسامة: فرس معروفة. والخنثى: فرس عمرو بن عمرو بن عدس بن زيد ابن عبد الله من دارمٍ. والإلهاب: مأخوذ من إلهاب النار وهو عدو شديد. والشماء: فرس معاوية بن عمرو بن الشريد. وجلوى: فرس خفاف بن ندبة السلمى. وهراوة الأعزاب: فرس قديمة في الجاهلية ونسبت إلى الأعزاب، يقال إنها كانت مربوطةً في بيتٍ، فكل من أراد الصيد من الأعزاب ركبها.
1 / 20