مقدمة
سيرة جلال الدين
فصول من المثنوي
قصة التاجر والببغاء
قصة الأسد والوحوش والأرنب
مقدمة الجزء الثالث من المثنوي
مقدمة
سيرة جلال الدين
فصول من المثنوي
قصة التاجر والببغاء
অজানা পৃষ্ঠা
قصة الأسد والوحوش والأرنب
مقدمة الجزء الثالث من المثنوي
فصول من المثنوي
فصول من المثنوي
تأليف
جلال الدين الرومي
ترجمة
عبد الوهاب عزام
سينه خواهم شرحه شرحه أز فراق
تا بكويم شرح درد اشتياق
অজানা পৃষ্ঠা
جلال الدين
الترجمة:
أين صدر من فراق مزقا
كي أبث الوجد فيه حرقا ***
حاصل عمرم سه سخن بيش نيست
خام بدم پخته شدم سوختم
جلال الدين
الترجمة:
حاصل العمر حوته أحرف:
كنت نيئا قبل، أنضجت، احترقت
অজানা পৃষ্ঠা
مولانا جلال الدين الرومي (صورة في تكية يكي قپو باستانبول منقولة من كتاب «جلال الدين الرومي» للأستاذ بديع الزمان الأستاذ بجامعة تهران).
مقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم
هذا كتيب عرضت فيه صورا من كتاب المثنوي لجلال الدين الرومي. وهو الكتاب الذي سماه الشيخ عبد الرحمن الجامي، فشاعت تسميته: «القرآن في اللغة الفارسية».
ترجمت فصلين من الجزء الأول من الكتاب، وفاتحة الجزء الثالث، وأثبت مقدمة عربية قصيرة كتبها الناظم للجزء الثالث، وقدمت قبل الترجمة سيرة الشاعر مجملة.
وقصدت بهذا الكتيب إلى التعريف بالصوفي العظيم جلال الدين، وبالأدب الصوفي الذي زخرت به اللغة الفارسية.
والله أسأل أن ينفع بما ترجمت، ويجعله فاتحة ترجمات وأبحاث في الأدب الصوفي أوسع وأجدى. وهو حسبنا ونعم الوكيل.
القاهرة في (27 شعبان 1365ه/26 تموز 1946م)
سيرة جلال الدين
1
অজানা পৃষ্ঠা
تكايا المولوية لا تزال قائمة في مصر والشام، وكانت إلى عهد قريب كثيرة في أرجاء تركيا، وكان لها عند القوم مكانة عظيمة، وكانت مشيخة الطريقة في قونية حيث عاش ومات صاحب الطريقة. وكان للشيخ - ويسمى چلبي قونية - منزلة عند السلاطين العثمانيين، وجرت سنتهم أن يقلد الشيخ سيف عثمان من يتولى الملك من أبنائه، ونشأت تكايا المولوية كثيرا من كبار الصوفية، وأخرجت أدباء كبارا، وكان لها آثار شتى في العالم الإسلامي.
المولويون ينتسبون إلى «مولانا» وهو جلال الدين الرومي الصوفي الشاعر العظيم صاحب «الكتاب المثنوي» الذائع الصيت، والعظيم الأثر في العالم الإسلامي الشرقي.
وقد روي عن الشاعر الصوفي الكبير عبد الرحمن الجامي بيتان معناهما: «إن كنت عالما بأسرار المعرفة فدع اللفظ واقصد المعنى: إن المثنوي المعنوي المولوي هو القرآن في اللسان الفارسي. ماذا أقول في وصف هذا العظيم؟ لم يكن نبيا ولكنه أوتي الكتاب.»
وقد شرح المثنوي كثيرا بالتركية والفارسية والعربية، وطبع شرحه العربي في المطبعة الوهبية سنة 1289، كما طبع في بولاق الكتاب نفسه وترجمته التركية التي نظمها الشاعر نحيفي، ولا تزال هذه الطبعة أجمل طبعات المثنوي حتى يومنا، وفي آخر هذه الطبعة أبيات عربية لرئيس المصححين آخرها:
وإن بدا كالبدر في كماله
وقد زها بالحسن طبعا وضعه
فصح وقل يا صاح في تاريخه: «المثنوي قد أتم طبعه»
وحساب الشطر الأخير بالجمل 1268، وهو تاريخ الطبع. فقد أخرجت مطبعة بولاق أجمل طبعات المثنوي قبل سبع وتسعين سنة.
ولكن معرفة هذه البلاد بالمثنوي وصاحبه لم تزد في هذا القرن الذي مضى بعد طبع الكتاب، إلا حين شرعت كلية الآداب تعلم الأدب الفارسي منذ عشرين عاما، وقد زادت عنايتها بالآداب الفارسية وما فيها من التصوف، وبالآداب الشرقية الأخرى، فأنشئ منذ سنتين معهد اللغات الشرقية بكلية الآداب، والمثنوي يدرس اليوم لطلاب هذا المعهد.
وقد سبقنا المستشرقون إلى العناية بجلال الدين وشعره، فترجم الكتاب إلى لغات أوربية عدة، وكان أكثر الغربيين عناية به مستشرقو الإنكليز، وقد بلغت هذه العناية غايتها بأعمال الأستاذ نكلسون الذي أتم أبحاثه الكثيرة في التصوف الإسلامي بترجمة المثنوي كله إلى الإنكليزية، وطبع الأصل الفارسي والترجمة.
অজানা পৃষ্ঠা
2
موضوع بحثي التعريف بجلال الدين الرومي، والتعريف بأثريه الخالدين: المثنوي والديوان. وتبيين مكانته في التصوف والشعر والآداب الإسلامية كلها.
والكلام قسمان: الأول: تاريخ جلال الدين وأسرته. والثاني: كتبه وآراؤه.
ذكر جلال الدين نفسه في المقدمة العربية التي صدر بها المثنوي فقال: «يقول العبد الضعيف المحتاج إلى رحمة الله تعالى محمد بن محمد بن الحسين البلخي» لم يزد على هذا في تسمية نفسه وتسمية أبيه وجده، ويكاد الذين ترجموا لجلال الدين يجمعون على أنه بكري من ولد أبي بكر الصديق، ومنهم من يذكر سلسلة نسبه إلى أبي بكر، فيجعله محمد بن محمد بن الحسين بن أحمد بن محمود بن مودود بن ثابت بن المسيب بن المطهر بن حماد بن عبد الرحمن بن أبي بكر، ويروى عن شمس الأئمة الحلواني نسبة أخرى تصل جلال الدين بإبراهيم بن أدهم.
ولا أود أن أطيل الوقوف على هذا النسب، فليس يتسع المقام له، ولا أريد أن أشارك المتنازعين في نسبه من الفرس والترك كما تنازعوا في ابن سينا وغيره؛ فإن هذه العصبيات أبغض شيء إلى هؤلاء الكبراء الذين نؤرخ لهم، وخير ما يقال في جلال الدين وأمثاله ممن نشأتهم الحضارة الإسلامية وغذتهم بمعارفها أن ينشد قول الشاعر:
أبي الإسلام لا أب لي سواه
إذا افتخروا بقيس أو تميم
وبعض المؤلفين يذكر جد جلال الدين باسم الحسين الخطيبي بن أحمد الخطيبي.
والذي لا يرتاب فيه الباحث أن مولانا من أسرة بلخية نابهة، وليس لدينا ما يدعو إلى الارتياب في اتصالها بالمصاهرة بملوك خوارزم، تزوج حسين جد جلال الدين ملكه جهان بنت علاء الدين تكش خوارزمشاه (568-596ه)، ويقول المغالون في تعظيم هذا البيت: إن هذا الزواج كان بأمر الرسول
صلى الله عليه وسلم ، ولد من هذه الزيجة محمد بهاء الدين ولد، وهو والد جلال الدين، ويروى أن الحسين أبا بهاء الدين توفي وابنه في الثانية من عمره، فلما كبر بهاء الدين وتصدى للتعليم والوعظ ذاع صيته وأقبل عليه الطلاب من كل صوب، حتى لقب سلطان العلماء، ويروى أن رسول الله لقبه بهذا اللقب.
অজানা পৃষ্ঠা
يتفق الرواة على أنه وقع نفور بين بهاء الدين وبين خاله ملك خوارزم محمد قطب الدين (596-617)، وهو الملك الذي أثار التتار على البلاد الإسلامية من بعد، فذهبوا بملكه وترك لابنه جلال الدين منكبرتي ملكا في أيدي التتار جالدهم عليه اثنتي عشرة سنة في المشرق والمغرب إلى أن قتل تاركا على الخطوب سيرة لا تمحى.
ويعزى النفور الذي وقع بين سلطان العلماء وملك خوارزم إلى غيرة الملك من مكانة الشيخ، ويقال: إن فخر الدين الرازي نفر السلطان منه، وكان فخر الدين يكره الصوفية، ويروى أن خوارزمشاه أرسل إلى بهاء الدين يقول: «يرى السلطان أن يترك ملكه لك ويذهب إلى بلاد أخرى.» فأجاب بهاء الدين: «إن الملك يستهزئ بنا ويأخذنا بكلام الحاسدين، ولسنا في حاجة إلى ملكه الذي يعرضه علينا، فليطمئن الملك، فسنذهب نحن.» ثم أمر بالإعداد للسفر، ولم يثنه عن السفر ندم السلطان ولا حزن العامة والمريدين، ثم رحل ومعه ثلاثمائة من تلاميذه، وحمل معه أحمالا كثيرة من الكتب، وتوجه تلقاء بغداد سنة 607، وابنه محمد جلال الدين في الرابعة من عمره، فلما مر بنيسابور لقيه جماعة من العلماء منهم الصوفي الشاعر الكبير فريد الدين العطار، ويقال: إن العطار بشر بهاء الدين بمستقبل عظيم لابنه، وبارك على الطفل وأعطاه كتابه «إلاهي نامه» (وهي منظومة صوفية طويلة فيها زهاء ستة آلاف وخمسمائة بيت، وقد طبعت في استانبول منذ سنتين، نشرها الأستاذ ريتر).
واصل بهاء الدين ورفاقه السفر حتى بلغوا بغداد، فاستقبله جماعة من كبرائها وعلمائها فيهم الشيخ شهاب الدين السهروردي، وأنزلوه في المدرسة المستنصرية التي بناها الخليفة المستنصر بالله العباسي، ولا يزال كثير من أبنيتها قائما مشرفا على دجلة، (والسهروردي الذي استقبل بهاء الدين ينبغي أن يكون أبا حفص عمر المتوفى سنة 632، وأما السهروردي الكبير أبو النجيب فقد توفي سنة 563).
ولبث في بغداد حينا يعظ ويعلم، ثم سار إلى الحجاز للحج ثم دمشق وحلب.
وكانت له بعد رحلات في بلاد الروم (الأناضول) وأرمينية، فأقام في أرزنجان بأرمينية وفي ملطية مددا مختلفة، ثم انتقل إلى لارندة (قرمان)، فأقام سبع سنوات يدرس في المدرسة التي بناها الأمير موسى.
ثم دعاه السلطان علاء الدين السلجوقي (616-634) إلى مدينة قونية حاضرة ملكه، فرحل إليها سنة 623، واستقر بها بعد رحلات استمرت زهاء ستة عشر عاما، وأقام في مدرسة ألتونيا وعلم بها حتى توفي ضحى يوم الجمعة لثماني عشرة خلون من ربيع الثاني سنة 628.
3
جلال الدين
ولد جلال الدين في بلخ سادس ربيع الأول سنة 604ه، ورحل به أبوه وهو طفل في سن الرابعة، وصحبه في حله وترحاله، وتزوج في مدينة لارندة، وسنه إحدى وعشرون، تزوج جوهر خاتون بنت لالا شرف الدين السمرقندي، ومن هذه الزيجة ولد له ابناه علاء الدين وسلطان ولد، ويظهر أن جوهر خاتون لم تعش معه طويلا، فتزوج بعد وفاتها أخرى عاشت بعده.
توفي سلطان العلماء بهاء الدين وعمر جلال أربع وعشرون سنة، فخلف أباه على درسه، فكيف درس جلال حتى تأهل لأن يخلف سلطان العلماء في هذه السن؟
অজানা পৃষ্ঠা
لا ريب أن جلال الدين كان ذا مواهب نادرة، وأن مخايل الذكاء وأمارات التصوف بدت عليه في صباه، ويروى أنه كان مجدا في تحصيل العلم لا يفتر في السفر والإقامة.
وأما شيوخه فأولهم أبوه، فلا ريب أن جلال الدين حضر درسه منذ أعدته السن للتلقي عنه، ويروى كذلك أنه تلقى العلم عن شيوخ في دمشق وحلب، وأنه أخذ التصوف عن برهان الدين الترمذي أحد أصحاب أبيه، وعن صلاح الدين زركوب وحسام الدين چلبي، ولا أعرف عن درسه وشيوخه أكثر من هذا.
تولى جلال الدرس في أربع مدارس في قونية وكثر طلابه، واستمر على نهج أبيه في درس العلوم الدينية بضع عشرة سنة، ثم كان حدث غير وجهة جلال وأثر في نفسه أثرا بليغا، ولست أستطيع تأريخ هذا الحدث، ولكني أرجح أنه وقع وجلال الدين بين الخامسة والثلاثين والأربعين من عمره، وإن أرخه بعض الرواة تأريخا دقيقا: 26 جمادى الثانية سنة 642.
ذلكم الحادث العجيب هو لقاء هذا الدرويش العجيب شمس الدين التبريزي، فلا بد من وقفة في هذه المرحلة من تاريخ مولانا، فعندها كان منعرج الطريق.
4
شمس الدين التبريزي
هو محمد بن علي بن ملك التبريزي، قيل: إن نسبه ينتهي إلى كيابزرك أميد خليفة حسن الصباح شيخ الإسماعيلية، وكان أبو شمس الدين من الإسماعيلية فخالفهم وأحرق كتبهم ودعا إلى الإسلام في قلاعهم، وأرسل ابنه شمس الدين إلى تبريز لتلقي العلم.
ويقال أيضا: إنه ولد في تبريز، وكان أبوه بزازا بها.
وأخذ التصوف عن شيوخ في تبريز، وله سند في الطريقة يذكره بعض المؤرخين: منهم دولتشاه السمرقندي صاحب تذكرة الشعراء.
يقول دولتشاه: إن شمس الدين كان في صباه جميلا رائعا حتى ربي بين النساء غيرة عليه، ثم كثرت سياحاته حتى لقب «پروانه» أي الفراشة.
অজানা পৃষ্ঠা
وكان قوي النفس، جريئا مؤثرا في سامعيه شديدا عليهم، يلقب من يعظهم أحيانا بالثيران والحمير، وكان قليل الدرس فيما يظهر، ولكن ثورة نفسه واعتقاده أنه ملهم كانا يسحران من يلقاه.
وقد وصفه الأستاذ نكلسون المستشرق الإنكليزي في مقدمة كتابه الذي سماه «قصائد مختارة» من ديوان شمس تبريز، وبين مشابهته سقراط في ثورته وقوته، وأن كلا منهما وجد من يعبر عن آرائه الخشنة بكلام بليغ رقيق.
ذلكم إجمال ما يروى عن هذا الصوفي العجيب الذي نقل جلال الدين من مدرس يعلم العلوم الدينية إلى صوفي منقطع للرياضة الصوفية، ونظم الشعر وسماع الموسيقى.
جاء شمس الدين إلى قونية ونزل في خان شكرريز، ويقال: إن شيخه ركن الدين أرسله إلى جلال الدين ليدخله في الطريق الصوفي.
وتروى قصص عن اللقاء الأول بين جلال وشمس، يراد بها تمثيل ما بين علماء الظاهر والصوفية من خلاف، وتبيين سرعة تحول جلال الدين من هؤلاء إلى هؤلاء. وتأثير شمس في جلال ونفوذه إلى سرائره وتمكنه في قلبه لا يحتاج إلى بيان؛ فأشعار جلال الدين في المثنوي وفي ديوانه الذي سماه ديوان شمس تبريز، فياضة بالحب والإجلال والمبالغة في إعظام شمس والإعجاب به، ولكن لا أحسب جلالا تحول طفرة واحدة من العلماء إلى الصوفية؛ فقد نشأ في بيت تصوف، وأخذ عن شيوخ الصوفية، ودل شعره على استعداد لها وميل إليها؛ فلم يكن لقاء شمس إياه إلا إثارة للشوق الذي في نفسه، وتأجيجا للنار التي في فؤاده.
أخذ جلال الدين يهجر درسه ويأنس إلى التبريزي، ويخلو به ويسايره في المتنزهات، ورأى تلاميذ جلال الدين أن هذا الضيف العجيب أخذ يستبد بأستاذهم، ويصرفه عن سبيله، ويحيد به عن سنن العلماء؛ فثاروا بهذا الدرويش، واضطروه إلى أن يهرب من قونية إلى تبريز، ولكن جلال الدين لم يصبر عنه، فذهب إليه وأرجعه إلى قونية، ويقال: إنه خرج إلى دمشق أيضا، فأرسل جلال الدين ولده فرجع به إلى قونية.
ثم تقع ثورة يختفي بعدها التبريزي وتنقطع أخباره، وتختلف الأحاديث في أمره، فيقال: إن شرطة السلطان قتلته، ويقال: قتله بعض تلاميذ جلال الدين، وشارك في قتله علاء الدين بن جلال الدين. ويقال: إن سلطان ولد الابن الثاني لجلال تقصى أخباره حتى أخرج جثته من بئر ودفنها.
وفي قونية اليوم مزار لشمس الدين مشيد عليه قبة عالية، وكانت وفاة التبريزي فيما يظهر سنة 645.
5
شغل جلال بالرياضة وشغف باستماع الموسيقى والغناء ونظم الأشعار وإنشادها، وردد اسم شمس الدين في كثير منها، ونظم الكتاب المثنوي، واجتمع إليه المريدون فراضهم على طريقته التي عرفت من بعد باسم المولوية.
অজানা পৃষ্ঠা
واستمر على هذا إلى أن توفي مغرب يوم الأحد خامس جمادى الثانية سنة 672، ودفن بجانب أبيه في القبة التي شادها له علاء الدين السلجوقي، ولا تزال قائمة في قونية، وقد زاد عليها سلاطين العثمانيين أبنية اتخذت تكية للمولوية على الشكل الذي يرى اليوم في قونية.
وكان جلال الدين رحمه الله معتدل القامة، ليس بالبادن ولا النحيف، وجهه مشرب بحمرة، ثم نحف ومال لونه إلى الصفرة بطول المجاهدة.
وترك ابنه سلطان ولد صاحب الأثر المحمود في الأدب التركي العثماني.
وخلف مولانا في مشيخة الطريقة إنفاذا لوصيته خدينه ونجيه حسام الدين چلبي، حتى توفي سنة 683، فخلفه سلطان ولد إلى أن توفي سنة 712، وتداول حفدة الشيخ المشيخة، وكل منهم يسمى چلبي قونية، إلى أن فعل الكماليون ما فعلوا بالطرق والتكايا، وتكية قونية اليوم متحف فيه بعض مخلفات جلال الدين وحفدته وبعض الكتب، وقد زرتها سنة 1355ه ووصفتها في كتاب الرحلات.
6
المثنوي والديوان
ترك جلال الدين أثريه الخالدين على الدهر: المثنوي والديوان، وتنسب إليه رسالة منثورة اسمها «فيه ما فيه»، ومنها نسخ في مكتبات استانبول.
فأما المثنوي فمنظومة صوفية فلسفية عظيمة، تحوي خمسة وعشرين ألفا وسبعمائة بيت، في ستة أجزاء، والجزء السابع الذي تشتمل عليه بعض نسخ الكتاب منحول لا يشبه كلام جلال الدين، والمؤلف نفسه يقول في مقدمة الجزء السادس مخاطبا حسام الدين چلبي:
بيشكش مي آرمت اي معنوي
قسم سادس در تمام مثنوي
অজানা পৃষ্ঠা
شش جهت رانورده زين شش صحف
كي يطوف حوله من لم يطف
1
وقد خلت من الجزء السابع النسخ القديمة. وكتب سلطان ولد ابن جلال الدين خاتمة الكتاب عقب الجزء السادس.
وقد سمى الرومي كتابه «المثنوي»، وهو اسم هذا الضرب من القافية التي تسمى في العربية المزدوج، سماه هذه التسمية اللفظية كما سمى أبو العلاء كتابه اللزوميات باسم لفظي محض.
وأما تاريخ نظم المثنوي، فيحدثنا الناظم في مقدمة الجزء الثاني أن نظم المثنوي تأخر مدة لغياب حسام الدين، وأنه يستأنف النظم سنة 662، وقد استمر ينظم الأجزاء الخمسة حتى توفي سنة 672؛ فيكون لكل جزء سنتان، فإذا قدرنا أن الفترة بين الجزأين الأول والثاني كانت سنتين كما يروى، وأن الجزء الأول نظم في سنتين، فقد بدأ الشاعر الصوفي ينظم منظومته الخالدة سنة 658 من الهجرة وسنه 54 سنة.
7
حسام الدين والمثنوي
يقول جلال الدين في المقدمة العربية التي صدر بها الجزء الأول: إنه نظم الكتاب بدعوة من صديقه حسام الدين چلبي، ويكرر هذا في أول كل جزء، معلنا أن حسام الدين يوحي إليه نظم الكتاب، وأنه يسير فيه ببركة هذا الرجل وهمته وتشويقه، ويكفي أن نعرف أنه ترك النظم حين غاب حسام الدين في الفترة بين الجزأين الأول والثاني، وأنه سمى الكتاب في فاتحة الجزء السادس «حسامي نامه».
2
অজানা পৃষ্ঠা
كان جلال يملي وحسام يكتب، وكانا أحيانا يقطعان الليل كله إنشاء وكتابة. تدل على هذا الروايات وفصول من المثنوي نفسه.
فمكانة حسام الدين من المثنوي تشبه بعض الشبه مكانة شمس الدين التبريزي في الديوان.
وانظر ماذا يقول في مقدمة الجزء الأول في صفة حسام الدين ومكانته عنده.
المثنوي
قسم جلال الدين كتابه الذي سماه المثنوي ستة أقسام، وصدر كل قسم بمقدمة منثورة قصيرة، من هذه المقدمات الست ثلاث عربية هي مقدمات الأجزاء الأول والثالث والرابع، والأخريات فارسية.
فأما مقدمة الجزء الأول، وهي مقدمة الكتاب كله، فقد وصف فيها كتابه وبالغ في الإشادة به، ثم بين دعوة صديقه حسام الدين إياه إلى نظم الكتاب، وأشاد بحسام الدين وبيته.
ونثبت هنا شذرات من قوله في كتابه، ليتبين اعتداده به ومغالاته فيه، بدأ الكتاب بقوله: «هذا كتاب المثنوي، وهو أصول أصول أصول الدين في كشف أسرار الوصول واليقين، وهو فقه الله الأكبر، وشرع الله الأزهر، وبرهان الله الأظهر، مثل نوره كمشكاة فيها مصباح، يشرق إشراقا أنور من الإصباح، وهو جنان الجنان، ذوات العيون والأغصان، منها عين تسمى عند أبناء هذا السبيل سلسبيلا، وعند أصحاب المقامات والكرامات خير مقاما وأحسن مقيلا. الأبرار فيه يأكلون ويشربون، والأحرار منه يفرحون ويطربون، وهو كنيل مصر شراب للصابرين، وحسرة على آل فرعون والكافرين، كما قال الله تعالى:
يضل به كثيرا ويهدي به كثيرا وما يضل به إلا الفاسقين . وإنه شفاء الصدور، وجلاء الأحزان، وكشاف القرآن، وسعة الأرزاق، وتطييب الأخلاق بأيدي سفرة كرام بررة، يمنعون بألا يمسه إلا المطهرون، تنزيل من رب العالمين
لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، والله يرصده ويرقبه، وهو خير حافظا وهو أرحم الراحمين، وله ألقاب أخر لقبه الله تعالى بها، واقتصرنا على هذا القليل، والقليل يدل على الكثير، والجرعة تدل على الغدير، والحفنة تدل على البيدر الكبير.»
وأما المقدمات الأخر فبعضها وصف للكتاب، ونصيحة للطلاب. وقد بين في مقدمة الجزء الثاني الحكمة في تأخير نظمه بعد الفراغ من الجزء الأول، وفي مقدمة الجزء الخامس بين الفرق بين الشريعة والطريقة والحقيقة.
অজানা পৃষ্ঠা
8
والذي يلقي نظرة على فهرس الكتاب يرى ألوانا مختلفة من الآيات والأحاديث والحكم والقصص، وإليكم هذا المثال من فهرس الجزء الأول: تفسير رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر، مجيء رسول الروم إلى عمر، إضافة آدم عليه السلام الذلة إلى نفسه، سؤال سبب ابتلاء الروح، قصة الببغاء والتاجر، تفسير بيت العطار ... إلخ، تعظيم السحرة موسى حين رمى العصا، بيان حديث إن سعدا لغيور ... إلخ، مضرة تعظيم الخلق والشهرة، تفسير ما شاء الله كان، قصة الزامر الهرم الذي ذهب يزمر حسبة في المقابر، حديث إن لربكم في أيام دهركم نفحات.
وفصول الكتاب لا يستقل بعضها عن بعض، بل يؤدي الاستطراد من واحد إلى الآخر. وربما يبدأ القصة ثم يستطرد إلى قصة أخرى ثم يرجع ليكمل الأولى، وهو يأخذ القصة القصيرة يجعلها وسيلة إلى بيان مقاصده ويطول به البيان حتى يدع حوادث القصة ضئيلة خفية بجانب البيان أو الحوار الذي يبتغيه، ومن أجل هذا يتبين القارئ ضعفا في القصص أحيانا أو اختلالا، وأنى يبالي جلال الدين في استغراقه ووجده وهيامه بإحكام القصص والعناية بصوره؟
وهو قوي البيان فياض الخيال بارع التصوير، يوضح المعنى الواحد في صور مختلفة، ويسوق المثل إثر المثل، والمعاني تأتيه أرسالا، والألفاظ تواتيه انثيالا، وبحر الرمل يطاوعه رهوا مسترسلا، حتى ينظم حول القصة الصغيرة القصيرة مئات الأبيات، فيستخرج منها، ويصل بها ما يشاء من الآراء والنصائح والعظات والعبر؛ فقصة الأسد والوحوش والأرنب التي أهلكته من قصص كليلة ودمنة، نظم فيها زهاء خمسمائة بيت، وهي مترجمة في هذه الفصول، وقصة الببغاء والتاجر نظم فيها نحو ثلاثمائة بيت، وهي قصة قصيرة ترجمتها منظومة في هذه الفصول أيضا ... إلخ.
وقلبه مفعم بالعشق الإلهي، ومستغرق فيه، فكل شيء يذكر به وكل فكر يؤدي إليه؛ فتراه يبتدئ القصة التي تحسبها بعيدة كل البعد عن العشق والاستغراق والفناء، فإذا هو ينتهي إلى هذه المعاني ويغوص فيها، ذلكم مراده مهما يقل، وتلكم قبلته أنى توجه، وغاية تصريحه وكنايته، وهو في عبوسه يكن السرور به، وفي صمته يكثر القول فيه، وإذا نفى فإنها يثبته. يقول:
أنا غريق العشق الذي غرق فيه عشق الأولين والآخرين. إذا ذكرت الشفة فهي شفة البحر (حافة البحر)،
3
وإذا قلت لا فإنما مرادي إلا.
من السرور جلست عبوسا، ومن كثرة المقال قعدت صموتا.
بل إذا فكر في القافية وهو مستغرق في النظم نقله هذا الشاغل اللفظي إلى الحبيب المقصود، فبينا نراه في قصة التاجر والببغاء ماضيا في بيانه إذا هو يقول:
অজানা পৃষ্ঠা
أفكر في القافية وحبيبي يقول: لا تفكر إلا في رؤيتي. اطمئن أيها المفكر في القافية فأنت قافية السعادة أمامي. ما الحرف فتفكر فيه؟ إنه الشوق في جدار البستان! إني أمحق القول والحرف والصوت لأناجيك بغير هذه الثلاث، أفشي إليك السر الذي أخفيته عن آدم يا سر العالم ... إلخ.
وكل هذا البيان، وكل هذا الفيض، وهذه الحرقة، وهذا الوجد، يقصر عن تبيين ما في نفسه، فيشكو هذا القصور بين الحين والحين، ويقف حائرا صائحا: إن الذي أحسه وراء الصوت والحرف بل وراء الأسماع والأفهام.
مجملش كفتم نه كردم من بيان
ورنه هم أفهام سوزد هم بهان
قد أجملت وإلا احترقت الأفهام واحترق البيان.
9
ولصاحب المثنوي مهارة وبراعة في تضمين الآيات والأحاديث والملاءمة بينها وبين الوزن بتغيير يسير، مثل قوله:
وز ملك هم بايدم جستن زجو «كل شيء هالك إلا وجهه»
بس عدم كردم عدم چون ارغنون
گويدم: «إنا إليه راجعون»
অজানা পৃষ্ঠা
وقوله في حديث الشيطان في غزوة بدر:
كه أخاف الله ما لي منه عون
اذهبوا إني أرى ما لا ترون
وقوله في فاتحة المثنوي:
عشق جان طور آمد عاشقا
طورمست «وخر موسى صعقا»
ومن تضمين الأحاديث:
كوش من «لا يلدغ المؤمن» شنيد
قول بيغمبر بجان ودل كزيد
رمز «الكاسب حبيب الله» شنو
অজানা পৃষ্ঠা
أز توكل در سبب كاهل مشو
10
ويتخلل بعض فصول المثنوي أحيانا أشطار وأبيات عربية خالصة، ولا يخلو فصل من هذا الضرب، ويندر أن يتوالى بيتان أو ثلاثة.
ومن أمثلة الأبيات المفردة والشطور:
جملة كفتند أي حكيم باخبر
الحذر دع؛ ليس يغني من قدر
تاتواني دم مزن اندر فراق
أبغض الأشياء عندي الطلاق
وادخلوا الأبيات من أبوابها
واطلبوا الأغراض في أسبابها
অজানা পৃষ্ঠা
ومن الأمثلة القليلة ما جاء في الجزء الثالث أثناء قصة وكيل صدر بخارى:
غن لي يا منيتي لحن النشور
ابركي يا ناقتي تم السرور
ابلعي يا أرض دمعي قد كفى
اشربي يا نفس وردا قد صفا
عدت يا عيدي إلينا مرحبا
نعم ما روحت يا ريح الصبا
11
وقد افتتح الكتاب بحديث الناي ووصفه مبينا عن أثره في نفسه، فجعل للناي بين المولوية مكانة وحرمة، وقد ترجمت هذه الفاتحة إلى الإنكليزية باسم «أغنية الناي».
وترجمتها إلى العربية منذ سنين، وهي خمسة وثلاثون بيتا وهي:
অজানা পৃষ্ঠা
استمع للناي غنى وحكى
شفه البين طويلا فشكا
مذ نأى الغلب وكان الوطنا
ملأ الناس أنيني شجنا
أين صدر من فراق مزقا
كي أبث الوجد فيه حرقا
من تشرده النوى عن أصله
يبتغي الرجعى لمغنى وصله
كل ناد قد رآني نادبا
كل قوم تخذوني صاحبا
অজানা পৃষ্ঠা
ظن كل أنني نعم السمير
ليس يدرى أي سر في الضمير
إن سري في أنيني قد ظهر
غير أن الأذن كلت والبصر
ليس بين الروح والجسم حجب
غير أن الروح عنا تحتجب
إن صوت الناي نار لا هواء
كل من لم يصلها فهو هباء
هي نار العشق في الناي تثور
وهي نار العشق في الخمر تفور
অজানা পৃষ্ঠা
آنست هجراتنا أصواته
مزقت أستارنا نغماته
من رأى كالناي سما ودواء؟
من رأى كالناي غما وعزاء
حدث الناي بأهوال الطريق
وعن المجنون صبا لا يفيق
أهل هذا الحس من لا حس له
أرهف السمع لهذي المعضلة
حارت الأيام في آلامنا
ليس إلا النار في أيامنا
অজানা পৃষ্ঠা