ما يتناول قوة التذكر أيضا أو يختص بها ويندفع الاشكال لان الفقيه حال تذكره لبعض الاحكام له قوة التذكر لها ولو بحسب زمان آخر لكن يلزم حينئذ أن لا يكون فقيها باعتبار تذكره لها كما يلزم أن لا يكون فقيها على الأول باعتبار خصوص أحد الامرين ولا غرو في التزام ذلك وإذا تبين لك الحال في الجزءين الماديين فلنبحث عن الجز الصوري فنقول أولا قد ذكروا أن إضافة اسم المعنى تدل على اختصاص المضاف بالمضاف إليه باعتبار الصفة التي تدل عليها وأرادوا باسم المعنى المعنى المصطلح عليه عند النحاة أعني ما دل على معنى قام بغيره فإن هذا هو المفهوم من إطلاقه في مثل المقام فيتناول المصدر أيضا وزعم المحقق الشريف أن المراد به ما دل على شئ باعتبار معنى وحاصله المشتق وما في معناه ورد على من فسره بالمعنى الأول بأنه متناول للمصدر ولا يدل إضافته على الاختصاص باعتبار المعنى الذي عنى بالمضاف بل باعتبار معنى آخر فإن إضافة الدق مثلا إلى الثوب لا يفيد الاختصاص باعتبار الدق بل باعتبار التعلق وهو خارج عن مدلوله بخلاف إضافة الكاتب إلى القاضي فإنها تفيد الاختصاص باعتبار الكاتبية وهو مما دل عليه المضاف وفيه نظر لأنه إن اعتبر الاختصاص من حيث الوجود كما هو الظاهر من إطلاق الاختصاص صح دخول المصادر في الحكم المذكور ولا حاجة إلى اعتبار التعلق وإلا لم يستقم اعتبار الاختصاص في المشتقات أيضا إذ لا معنى لاختصاص الكاتبية بزيد ما لم تؤخذ باعتبار الوجود وإنما اعتبروا قيد الاعتبار تنبيها على أن الاختصاص المستفاد من هذه الإضافة ليس إلا بحسب الصفة المأخوذة في المضاف فإن قولك هذا مكتوب زيد يدل على اختصاصه به من حيث المكتوبية دون الملموسية والمنظورية ونحوهما وخصوا هذا الحكم باسم المعنى لما ذكروا من أن إضافة اسم العين تدل على اختصاص المضاف بالمضاف إليه مطلقا أي لا باعتبار صفة داخلة في المضاف وإن كان الاختصاص يستلزم أن يكون باعتبار بعض صفاته كما في قولك دار زيد فإنه يفيد اختصاص الدار بزيد باعتبار الملكية أو السكنى لكن هاتان الصفتان خارجتان عن مفهوم الدار ثم هل تستند هذه الدلالة إلى الوضع أو إلى ظهور الإضافة عند الاطلاق وجهان أظهرهما الثاني والذي يظهر من كلماتهم هو الأول إذا عرفت هذا فاعلم أن الأصول هنا إما من الأصل بمعنى المبني عليه الشئ كما مر في معناه اللغوي أو بمعنى الدليل كما مر في معناه الاصطلاحي وعلى التقديرين فهي من أسماء المعاني فيفيد إضافتها إلى الفقه اختصاصها به من حيث كونها دليلا أو مبنيا عليها وحينئذ فمعنى أصول الفقه الأدلة المخصوصة بالفقه أو الأمور التي يبتني عليها الفقه فقط وبهذا الاعتبار يخرج مثل النحو و الصرف والمنطق مما يبتني عليه الفقه ويعد من أدلته لعدم اختصاصها به في ذلك كذا قالوا وفيه نظر لان كثيرا من مسائل هذا العلم مما يستدل بها في علمي أصول الدين والأخلاق بل قد يستدل فيه به فكيف يتم دعوى الاختصاص اللهم إلا أن يقال لما كان لعلم الفقه مزيد حاجة إلى هذا العلم بل هو الغرض الداعي إلى تدوينه نزل ذلك منزلة الاختصاص تسامحا وعبر عنه بالإضافة الظاهرة في الاختصاص توسعا وربما يخرج ما عدا هذا العلم عن الحد معللا بأن المراد ما يستند إليه الفقه استنادا قريبا لأنه المتبادر فيختص بمسائل الفن وفيه تحكم ظاهر ولك أن تفسر الأصول بمعنى القواعد وإن لم أقف على من يذكره فإن مسائل هذا الفن قواعد للفقه ثم الكلام في الإضافة والاختصاص ما مر وعندي أن حملها عليها أوفق بالمقام لسلامته عن أكثر الاشكالات الآتية وكأنهم تركوه نظرا إلى ظهور الإضافة حينئذ في البيانية فيدل على خلاف المقصود ثم على المقام إشكالات ينبغي التنبيه عليها الأول أن الأصول إن فسرت بالأدلة لم تتناول جميع مسائل الفن كمباحث الاجتهاد وإن فسرت بالمبني عليها دخل فيها علم الرجال لابتناء الفقه عليه أيضا الثاني أن أصول الفقه بالمعنى الإضافي يتناول موضوع هذا الفن أعني الأدلة الأربعة بكل من التفسيرين لابتناء الفقه عليها وكونها أدلة له وقد تقرر في محله أن موضوع كل علم خارج عنه لا يقال قيد الاجمال ملحوظ في الأصول فيخرج عنها تلك الأدلة لكونها تفصيلية لأنا نقول هذا حمل لا شاهد عليه من اللفظ فلا يلتفت إليه و ما استند إليه بعضهم من أن التفصيل مأخوذ في حد المضاف إليه و ليس مستند التفصيل إلا الأدلة الاجمالية فمدفوع بأن تفاصيل الفقه كما تستند إلى الأدلة الاجمالية كذلك تستند إلى الأدلة التفصيلية بلا فرق ومجرد أخذ الثاني في حده مما لا يصلح قرينة على إرادة الأول مما أضيف إليه مع أن من الأدلة الأربعة ما هي أدلة إجمالية فيلزم دخولها فيه على التأويل المذكور الثالث أن معناه الإضافي لا ينطبق على معناه العلمي لان الأول على ما مر نفس المسائل والثاني على ما سيأتي هو العلم بها والعلم بالشئ يغاير الشئ ولو بحسب الاعتبار و قد أجيب عنه بتقدير مضاف في الأول أي علم أصول الفقه وفيه تعسف إذ المقصود مطابقة معنى هذا الاسم باعتبار الإضافة لمعناه باعتبار العلمية واعتبار التقدير مخل بذلك فالوجه أن يجاب بأن هذا الاسم كأسامي سائر العلوم موضوع تارة بإزاء نفس المسائل و أخرى بإزاء العلم بها على ما يرشد إليه تتبع موارد استعماله فمعناه الإضافي منطبق على معناه العلمي بالاعتبار الأول ولا حاجة إلى التقدير المذكور هذا ملخص القول في معناه الإضافي وأما معناه العلمي وهو المراد به هنا فالظاهر أنه لاحق للمضاف مقيدا بما أضيف إليه كما نقول به في بعض الألفاظ المضافة كمأ العنب وماء الرمان مع احتمال أن يكون لاحقا للمجموع المركب كما هو الظاهر منهم وإليه ينظر وصفنا له بالافرادي في مبدأ التعريف وكيف كان فقد ذكروا له تعريفات عديدة أظهرها أنه العلم بالقواعد الممهدة لاستنباط الأحكام الشرعية الفرعية عن أدلتها التفصيلية فالعلم جنس أو بمنزلته على ما مر والمراد به إما الملكة أو الادراك أو التصديق اليقيني بحمل القواعد على
পৃষ্ঠা ৯