فيها واجب بأن دلالتها إنما تعتبر مع القرينة ولا ريب أنها حينئذ لازمة للفظ ومطردة وأورد عليه بأن الملزوم إن كان المجاز مع القرينة فالقرينة قد تكون غير اللفظ فلا تكون هذه الدلالة قسما من الدلالة اللفظية وقد جعلوها منها وإن كان اللفظ حين مقارنته للقرينة أو حال وجود القرينة فاللزوم حينئذ ممنوع لعدم لزوم القرينة فإنهم صرحوا بأن حركة الأصابع غير لازمة لذات الكاتب حال الكتابة وإن امتنعت بدونها نظرا إلى عدم لزوم الكتابة له وإن كان اللفظ بشرط القرينة أو بشرط مقارنة القرينة فاللزوم مسلم لكن الملزوم حينئذ إنما هو المجموع المركب من المجاز والقرينة أو مقارنتها له على حد قولهم في المشروطة العامة أن الملزوم هو المجموع المركب من ذات الكاتب وصفة الكتابة فيكون الدال هو المجموع المركب من المجاز والقرينة أو مقارنتها لأنه الملزوم فيعود الاشكال الأول والجواب أنا نختار القسم الأخير وهو أن الدال هو اللفظ بشرط القرينة أو بشرط مقارنتها ولا نسلم أنه يلزم من ذلك أن يكون الدال مجموع اللفظ والقرينة أو مقارنتها كيف وقضية الشرطية خروج الشرط بل الدال حينئذ إنما هو المشروط أعني اللفظ و القرينة معتبرة في دلالته أ لا ترى أن قولنا كل كاتب متحرك الأصابع بشرط الكتابة أو ما دام كاتبا إنما يقتضي ثبوت حركة الأصابع لذات الكاتب لا للمجموع المركب من ذات الكاتب وصفة الكتابة إذ ليس للمجموع أصابع يثبت لها الحركة وبالجملة فاشتراط دلالة المجاز بالقرينة أو بمقارنتها من قبيل اشتراط أصل الدلالة بالعلم بالوضع فكما لا يوجب ذلك كون الدال هو المجموع المركب من اللفظ وغيره فكذلك الاشتراط فيما نحن فيه وقد يعترض على تقدير أخذ الشرط مقارنة القرينة بأنه يلزم فهم تلك المقارنة عند الدلالة وأن الوجدان يكذبه وجوابه أن الشرط ليس مفهوم المقارنة بل ما صدق عليه المقارنة ولا ريب أن الدلالة لا تتحقق إلا بعد إدراكه ضرورة أن مجرد إدراك لفظ أسد ولفظ يرمي لا يوجب الانتقال إلى الرجل الشجاع ما لم تلاحظ مقارنة أحدهما للاخر وانضمامه إليه سلمنا لكن اشتراط المقارنة لا يوجب اشتراط العلم بها وإنما يوجب حصولها عند الانتقال ولا ريب في اعتباره فظهر مما ذكرناه أن القولين متقاربان وإنما يظهر الثمرة بينهما في كون المعنى المنتقل إليه بمعونة القرائن هل هو مدلول التزامي للفظ مطلقا أو بشرط مقارنة القرينة والامر في ذلك سهل تتميم فالمطابقة بالمعنى المذكور لا تتناول المجاز وأما التضمن فإن فسر بفهم الجز في ضمن الكل لم يتناوله أيضا وإن فسر بفهم الجز بعد فهم الكل أو بأعم من ذلك دخل بعض أقسام المجاز فيه ودخل البواقي في الالتزام على ما مر الإشارة إليه فإن قلت لا يخلو إما أن يراد بالوضع في الحدود الثلاثة الوضع الشخصي أو الأعم منه ومن النوعي فإن أريد الأول لم ينحصر الأقسام في الثلاثة لخروج الموضوعات بالأوضاع النوعية كالمشتقات منه وإن أريد الثاني دخل المجاز بأنواعه في المطابقة بناء على أنها موضوعة بالوضع النوعي فينحصر الدلالة فيها قلت ليس المراد بالوضع خصوص الوضع الشخصي ولا مطلق الأعم منه ومن النوعي بل المراد به الوضع الحقيقي المتناول للأوضاع الشخصية وجملة من الأوضاع النوعية لأنه المتبادر من إطلاق الوضع فلا يتناول المجاز فيندرج في القسمين الأخيرين على أنا لو قلنا بأن المراد به المعنى الأعم لا يلزم انحصار الدلالة في المطابقة إذ لا يصح التجوز بالنسبة إلى جميع المعاني التضمنية والالتزامية ومع الاغماض عن ذلك فغاية ما في الباب أن يلزم صدق كل من حد التضمن أو الالتزام وحد المطابقة في المجاز باعتبارين ولا بأس به مع اختلاف الحيثية وقد تفسر المطابقة بدلالة اللفظ على تمام معناه والتضمن بدلالته على جزئه والالتزام بدلالته على خارجه اللازم ويعتبر الحيثية احترازا عن تداخل الأقسام وعلى هذا فالمجاز بأنواعه من المطابقة ويثبت لها تضمن و التزام كالحقيقة ثم لنا على الحدود المذكورة للدلالات إشكال ودفع أما الاشكال فبيانه أن المراد باللفظ في هذه الحدود أما خصوص المفرد أو الأعم منه ومن المركب فإن كان الأول لم يستقم حصرها في الثلاثة لخروج لوازم المركبات منه كالجود اللازم لكثرة الرماد والتردد اللازم لقولك تقدم رجلا وتأخر أخرى وغير ذلك فإن هذه الدلالة مستندة إلى وضع اللفظ فهي لفظية وضعية وليست أحد الأقسام كذلك ويخرج عنها دلالة المركبات على معانيها التركيبية باعتبار كونها كذلك لكن يمكن إدخالها حينئذ في المطابقة باعتبار مفرداتها وخروجها عنها بالاعتبار المذكور غير قادح إذ المعتبر في التقسيم حصر ذات المقسم في أقسامه لا حصره فيها بجميع الاعتبارات الطارية عليه وإن كان الثاني لزم أن يكون دلالة المركبات على تمام معاني بعض مفرداته بالتضمن لأنه جز من المركب الذي دل عليه اللفظ بالمطابقة مع أن دلالتها عليه باعتبار بعض مفرداته دلالة عليه بالمطابقة لا غير فيلزم أن يكون دلالته عليه أيضا بالمطابقة فيكون دلالة واحدة ذاتا واعتبارا مطابقة و تضمنا وهو محال وأما الدفع فتقريره أنا نختار أن المراد باللفظ ما يعم المفرد والمركب كما هو الظاهر من إطلاقه ولا نسلم أنه يصدق على الفرض المذكور كل من حدي المطابقة والتضمن بل يصدق عليه حد المطابقة فقط دون التضمن أما أنه يصدق عليه حد المطابقة فلما مر من أن المركب باعتبار دلالة بعض مفرداته عليه بالمطابقة فيكون دلالته عليه بالمطابقة وأما أنه لا يصدق عليه حد التضمن فلان المركب لا دلالة له على الجز حقيقة وإنما الدال عليه الجز ونسبة الدلالة عليه إليه مجاز في الحقيقة والمعتبر في التضمن أن يكون الدلالة ثابتة للفظ على الحقيقة ودلالة اللفظ على جز معناه المطابقي إنما يلزم أن يكون تضمنية إذا كان اللفظ مفردا وإن كان جز من مركب وإلا جاز أن يكون دلالته على الكل بالمطابقة و على الجز أيضا بالمطابقة هذا كله على ما نراه من أن المركبات لا وضع لها مغاير الوضع مفرداتها وأما على القول بأن لها وضعا مغايرا فلا خفاء في صدق التضمن عليها بهذا الاعتبار أيضا ولا إشكال لاختلاف الحيثية فصل وينقسم اللفظ ببعض الاعتبارات إلى مفرد ومركب وقد شاع تعريف المفرد بما لا يقصد بجز
পৃষ্ঠা ২১