البغدادي، اللذين كان لهما الأثر الفعال في تيار المذهب المالكي ابتداء من النصف الثاني من القرن الرابع.
لقد رأينا أن من المجدي اتجاه العناية إلى مصنفات أعلامنا المغمورين لنفض الغبار عن تراثهم وتقريبه للناس لتتحقق الاستفادة منه، فانصرفنا إلى كتاب (الفروق) للدمشقي إسهامًا منا في التعريف بأعلامنا الذين طواهم النسيان، وإبرازًا لأثر فقهى ينتمي إلى فن طريف يبين ضربًا من النشاط العقلي في ميدان التشريع، ويقنع الناس بأن شريعة الإسلام غير متناقضة ولا متهافتة، بل هي قائمة على المصالح مراعية للحقوق منسجمة مع مقتضيات العقول السليمة، هادفة إلى ما فيه الخير والسعادة.
انصرفنا إذن إلى هذا الكتاب تحفزنا إليه جدواه ورغبتنا في أن يتوفر للقراء لون من القواعد الضابطة للمسائل، إذ بدون وسائل الضبط والربط بين الجزيئات العديدة يصعب حفظ الأحكام وإدراكها.
وقد مهدنا لتحقيق هذا الكتاب بدراسة ذات ثلاثة فصول، الأول: للتعريف بالمؤلف، والثاني: لفن الفروق، والثالث: لفروق الدمشقي.
فبالنسبة إلى المؤلف كانت المصادر شحيحة تضن بالمعلومات المعرفة بحياته وشخصيته، فاستغللنا الإفادات القليلة التي صرحت بها، وربطنا حياته ببيئته العراقية وعصره ومذهبه والنشاط العلمي والعلاقات بين الفقهاء، كما أبرزنا سند المؤلف إلى إمام مذهبه وأشرنا إلى قيمة شيخيه المعروفين وترجمنا لتلميذه السبتي المعروف.
1 / 22