لا شك أن القارئ الكريم مسلم بهذه الحقيقة التي تصرخ بها كتب منهج التحقيق وتدعمها محاضرات المنهج في الدراسات العليا، وتؤكدها خبرة المحققين الذين لا يختارون للتحقيق إلا ما يدخل ضمن دائرة اختصاصهم تجنبًا لأسباب الزلل والتضليل.
وأن من أدرك هذه الحقيقة ودرس القواعد الفقهية والأشباه والنظائر الفقهية وفروق مسائل الفقه ومارس مصنفاتها المؤلفة في مختلف عهود المعرفة الشرعية، لا يتصور ولا يخطر بباله أن المسائل التي ترد في مصنف من تلك المصنفات عند المؤلف نفسه فقط عندما يؤلف كتابًا آخر يوردها فيه، وكأنها أصبحت حكرًا عليه.
هذا التصور وجدناه عند المحقق الغرياني، صرح به في مقدمة تحقيق الفروق عندما أراد نسبتها للقاضي عبد الوهاب ونفيها عن غيره (٢٣ - ٢٨) حيث أشار إلى التوافق بين مسائل الفروق وبين ما كتبه القاضي في كتبه الأخرى، توافق في الموضوعات، استدل به على أن (كاتب مسائل المعونة والتلقين والإشراف هو نفسه كاتب الفروق) وقدم نماذج لتلك الاتفاقات مثل جواز قراءة الحائض القرآن للضرورة، ورد هذا الحكم في فروق القاضي وفي معونته مع الاستدلال فيهما بما ورد من النهي عن السفر بالقرآن إلى أرض العدو، ثم الكتابة إليهم به.
ونقول: إن أحكام المسائل المكونة للفروق تتكرر في أكثر من كتاب يكرر ذكرها مصنفو الفروق وحتى المصنف الواحد فِى كتبه، كما هو الشأن في تكرار القواعد والضوابط في كتب الأشباه وكذلك النظائر التي تراها مكررة، فلتراجع كتبها عبر مراحل تطور تأليفها، ولينظر فروق الونشريسي الجامع لما
1 / 17