حَدِيثٌ آخَرُ
١٠٢ - أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ هَاشِمٍ الْبَلَاذُرِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الشَّافِعِيُّ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ سَهْلٍ، حَدَّثَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيِّ، " أَنَّ رَجُلًا يَغْشَى بَعْضَ الْمُلُوكِ، فَيَقُومُ بِحِذَاءِ الْمَلِكِ، فَيَقُولُ: أَحْسِنْ إِلَى الْمُحْسِنِ بِإِحْسَانِهِ، وَالْمُسِيءُ سَيَكْفِيهِ مَسْآتُهُ. قَالَ: فَحَسَدَهُ رَجُلٌ عَلَى ذَلِكَ الْمَقَامِ، فَوَشَى بِهِ إِلَى الْمَلِكِ، فَقَالَ: إِنَّ فُلَانًا الَّذِي يَقُومُ بِحِذَائِكَ، فَيَقُولُ مَا يَقُولُ، زَعَمَ أَنَّ الْمَلِكَ أَبْخَرُ، قَالَ لَهُ الْمَلِكُ: وَكَيْفَ يَصِحُّ هَذَا عِنْدِي؟ قَالَ: إِذَا وَقَفَ بَيْنَ يَدَيْكَ، فَادْعُ بِهِ إِلَيْكَ؟ فَإِنَّهُ إِذَا دَنَا مِنْكَ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى فَمِهِ كَيْ لَا يَشُمَّ رِيحَ الْبَخَرِ، قَالَ لَهُ: انْصَرِفْ حَتَّى أَنْظُرَ. قَالَ: فَخَرَجَ، فَدَعَا الرَّجُلُ إِلَى مَنْزِلِهِ، فَأَطْعَمَهُ طَعَامًا فِيهِ ثُومٌ، ثُمَّ خَرَجَ مِنْ عِنْدِهِ، فَجَاءَ إِلَى الْمَلِكِ، فَقَامَ بِحِذَائِهِ، فَقَالَ: أَحْسِنْ إِلَى الْمُحْسِنِ بِإِحْسَانِهِ، وَالْمُسِيءُ سَيَكْفِيهِ مَسَاوِئه، فَقَالَ الْمَلِكُ فِي نَفْسِهِ: مَا أَرَى فُلَانًا إِلَّا قَدْ صَدَقَنِي. وَكَانَ مَعْرُوفًا أَنَّهُ لَا يَكْتُبُ بِخَطِّهِ لِأَحَدٍ إِلَّا بِجَائِزَةٍ أَوْ صِلَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ، فَكَتَبَ لَهُ بِخَطِّهِ إِلَى عَامَلٍ مِنْ عُمَّالِهِ: إِذَا أَتَاكَ صَاحِبُ كِتَابِي هَذَا، فَاذْبَحْهُ، وَاسْلُخْهُ، وَاحْشِ جِلْدَهُ تِبْنًا، وَابْعَثْ بِهِ إِلَيَّ. قَالَ: فَخَرَجُ وَالْكِتَابُ مَعَهُ، فَلَقِيَهُ الَّذِي سَعَى بِهِ، فَقَالَ: مَا هَذَا الْكِتَابُ؟ قَالَ: كِتَابٌ كَتَبَهُ لِيَ الْمَلِكُ بِخَطِّهِ، فَقَالَ: احْبُونِي بِهِ، هِبْهُ لِي. قَالَ: فَدَفَعَ الْكِتَابَ إِلَيْهِ، فَمَضَى الرَّجُلُ إِلَى الْعَامِلِ ⦗١٣٠⦘، فَلَمَّا قَرَأَ الْكِتَابَ قَالَ: أَتَدْرِي مَا فِيهِ؟ قَالَ: كِتَابُ خَطِّ الْمَلِكِ بِالْحَبَايِرِ وَالصِّلَةِ، قَالَ: إِنَّ فِي كِتَابِكَ يَأْمُرُنِي أَنْ أَذْبَحَكَ، وَأَسْلُخَكَ، وَأَحْشُوَ جِلْدَكَ تِبْنًا، وَأَبْعَثَ بِكَ إِلَيْهِ قَالَ: اللَّهُ، اللَّهُ، لَيْسَ هَذَا الْكِتَابُ لِي، إِنَّمَا كَتَبَهُ لِغَيْرِي، رَاجِعْ إِلَى الْمَلِكِ فِيَّ، قَالَ: لَيْسَ لِكِتَابِ الْمَلِكِ مُرَاجَعَةٌ. قَالَ: فَذَبَحَهُ، وَسَلَخَهُ، وَحَشَاهُ تِبْنًا، وَبَعَثَ بِهِ إِلَى الْمَلِكِ، وَجَاءَ الرَّجُلُ، فَقَامَ بِحِذَاءِ الْمَلِكِ، فَقَالَ: أَحْسِنْ إِلَى الْمُحْسِنِ بِإِحْسَانِهِ، وَالْمُسِيءُ سَيَكْفِيكَ مَسَاوِئهُ، قَالَ لَهُ الْمَلِكُ: مَا فَعَلْتَ بِالْكِتَابِ الَّذِي كَتَبْتُهُ لَكَ؟ قَالَ: لَقِيَنِي فُلَانٌ، فَاسْتَوْهَبَنِي، فَوَهَبْتُهُ لَهُ، قَالَ: إِنَّ فُلَانًا ذَكَرَ أَنَّكَ تَزْعُمُ أَنِّي أَبْخَرُ؟ قَالَ: مَعَاذَ اللَّهِ، مَا قُلْتُ هَذَا أَيُّهَا الْمَلِكُ، قَالَ: فَلِمَ وَضَعْتَ يَدَكَ عَلَى فِيكَ حِينَ قَرُبْتَ مِنِّي؟ قَالَ: أَطْعَمَنِي طَعَامًا فِيهِ ثُومٌ، فَوَضَعْتُ يَدِي عَلَى فِي، كَيْ لَا تَشُمَّ مِنِّي رِيحَ الثُّومِ، قَالَ: صَدَقْتَ، قُمْ ذَلِكَ الْمَكَانَ، وَقُلْ كَمَا كُنْتَ تَقُولُ "
١٠٢ - أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ هَاشِمٍ الْبَلَاذُرِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الشَّافِعِيُّ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ سَهْلٍ، حَدَّثَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيِّ، " أَنَّ رَجُلًا يَغْشَى بَعْضَ الْمُلُوكِ، فَيَقُومُ بِحِذَاءِ الْمَلِكِ، فَيَقُولُ: أَحْسِنْ إِلَى الْمُحْسِنِ بِإِحْسَانِهِ، وَالْمُسِيءُ سَيَكْفِيهِ مَسْآتُهُ. قَالَ: فَحَسَدَهُ رَجُلٌ عَلَى ذَلِكَ الْمَقَامِ، فَوَشَى بِهِ إِلَى الْمَلِكِ، فَقَالَ: إِنَّ فُلَانًا الَّذِي يَقُومُ بِحِذَائِكَ، فَيَقُولُ مَا يَقُولُ، زَعَمَ أَنَّ الْمَلِكَ أَبْخَرُ، قَالَ لَهُ الْمَلِكُ: وَكَيْفَ يَصِحُّ هَذَا عِنْدِي؟ قَالَ: إِذَا وَقَفَ بَيْنَ يَدَيْكَ، فَادْعُ بِهِ إِلَيْكَ؟ فَإِنَّهُ إِذَا دَنَا مِنْكَ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى فَمِهِ كَيْ لَا يَشُمَّ رِيحَ الْبَخَرِ، قَالَ لَهُ: انْصَرِفْ حَتَّى أَنْظُرَ. قَالَ: فَخَرَجَ، فَدَعَا الرَّجُلُ إِلَى مَنْزِلِهِ، فَأَطْعَمَهُ طَعَامًا فِيهِ ثُومٌ، ثُمَّ خَرَجَ مِنْ عِنْدِهِ، فَجَاءَ إِلَى الْمَلِكِ، فَقَامَ بِحِذَائِهِ، فَقَالَ: أَحْسِنْ إِلَى الْمُحْسِنِ بِإِحْسَانِهِ، وَالْمُسِيءُ سَيَكْفِيهِ مَسَاوِئه، فَقَالَ الْمَلِكُ فِي نَفْسِهِ: مَا أَرَى فُلَانًا إِلَّا قَدْ صَدَقَنِي. وَكَانَ مَعْرُوفًا أَنَّهُ لَا يَكْتُبُ بِخَطِّهِ لِأَحَدٍ إِلَّا بِجَائِزَةٍ أَوْ صِلَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ، فَكَتَبَ لَهُ بِخَطِّهِ إِلَى عَامَلٍ مِنْ عُمَّالِهِ: إِذَا أَتَاكَ صَاحِبُ كِتَابِي هَذَا، فَاذْبَحْهُ، وَاسْلُخْهُ، وَاحْشِ جِلْدَهُ تِبْنًا، وَابْعَثْ بِهِ إِلَيَّ. قَالَ: فَخَرَجُ وَالْكِتَابُ مَعَهُ، فَلَقِيَهُ الَّذِي سَعَى بِهِ، فَقَالَ: مَا هَذَا الْكِتَابُ؟ قَالَ: كِتَابٌ كَتَبَهُ لِيَ الْمَلِكُ بِخَطِّهِ، فَقَالَ: احْبُونِي بِهِ، هِبْهُ لِي. قَالَ: فَدَفَعَ الْكِتَابَ إِلَيْهِ، فَمَضَى الرَّجُلُ إِلَى الْعَامِلِ ⦗١٣٠⦘، فَلَمَّا قَرَأَ الْكِتَابَ قَالَ: أَتَدْرِي مَا فِيهِ؟ قَالَ: كِتَابُ خَطِّ الْمَلِكِ بِالْحَبَايِرِ وَالصِّلَةِ، قَالَ: إِنَّ فِي كِتَابِكَ يَأْمُرُنِي أَنْ أَذْبَحَكَ، وَأَسْلُخَكَ، وَأَحْشُوَ جِلْدَكَ تِبْنًا، وَأَبْعَثَ بِكَ إِلَيْهِ قَالَ: اللَّهُ، اللَّهُ، لَيْسَ هَذَا الْكِتَابُ لِي، إِنَّمَا كَتَبَهُ لِغَيْرِي، رَاجِعْ إِلَى الْمَلِكِ فِيَّ، قَالَ: لَيْسَ لِكِتَابِ الْمَلِكِ مُرَاجَعَةٌ. قَالَ: فَذَبَحَهُ، وَسَلَخَهُ، وَحَشَاهُ تِبْنًا، وَبَعَثَ بِهِ إِلَى الْمَلِكِ، وَجَاءَ الرَّجُلُ، فَقَامَ بِحِذَاءِ الْمَلِكِ، فَقَالَ: أَحْسِنْ إِلَى الْمُحْسِنِ بِإِحْسَانِهِ، وَالْمُسِيءُ سَيَكْفِيكَ مَسَاوِئهُ، قَالَ لَهُ الْمَلِكُ: مَا فَعَلْتَ بِالْكِتَابِ الَّذِي كَتَبْتُهُ لَكَ؟ قَالَ: لَقِيَنِي فُلَانٌ، فَاسْتَوْهَبَنِي، فَوَهَبْتُهُ لَهُ، قَالَ: إِنَّ فُلَانًا ذَكَرَ أَنَّكَ تَزْعُمُ أَنِّي أَبْخَرُ؟ قَالَ: مَعَاذَ اللَّهِ، مَا قُلْتُ هَذَا أَيُّهَا الْمَلِكُ، قَالَ: فَلِمَ وَضَعْتَ يَدَكَ عَلَى فِيكَ حِينَ قَرُبْتَ مِنِّي؟ قَالَ: أَطْعَمَنِي طَعَامًا فِيهِ ثُومٌ، فَوَضَعْتُ يَدِي عَلَى فِي، كَيْ لَا تَشُمَّ مِنِّي رِيحَ الثُّومِ، قَالَ: صَدَقْتَ، قُمْ ذَلِكَ الْمَكَانَ، وَقُلْ كَمَا كُنْتَ تَقُولُ "
1 / 129