قال هنري: «فيكتور، ما الخطب؟ هل وقع مكروه؟»
لم أستطع أن أتكلم، لذا أعطيته الخطاب، فصاح هنري: «يا إلهي! وماذا ستفعل؟»
أجبته: «لا بد أن أرجع إلى بلدي في الحال؛ فأسرتي في أمس الحاجة إلي، ويجب أن أكون معهم.»
حزمت حقيبتي في عجالة، ولم يكن هناك وقت للتنظيم فألقيت الأشياء بداخلها في كل الاتجاهات في محاولة ألا أفكر في أمر أخي المسكين. ساعدني هنري، وطلب من مديرة المنزل أن تعبئ لي غداء، وقد فعلت هذا برضا. ورتبنا معا كتبي وأوراقي وملابسي من أجل رحلة العودة إلى جنيف.
كان هنري ينوي أن يستمر في الإقامة بشقتي في إنجولشتات، فلا بد أن يكمل دراسته، ولم أكن أمانع في هذا. غير أنني أغلقت معملي جيدا وأخذت المفتاح معي إذ لم أشأ أن يدخله هنري أثناء غيابي.
سرنا ببطء، وقلوبنا تدمي، إلى العربة. عانقني هنري بقوة وودعني وداعا مليئا بالشجن وقال: «أرسل تحياتي إلى أسرتك يا فيكتور، وأخبرهم أنني في غاية الحزن لما حدث.» - «سوف أخبرهم يا هنري. أنت صديق مخلص. سأفتقدك بشدة.»
ولم يكن هناك شيء آخر يقال، لذا صعدت إلى العربة، وصاح السائق في الحصانين وابتعدنا. التفت لأطل عبر النافذة على هنري الذي كان لا يزال يقف في مكانه يلوح بعدما ابتعدت العربة، وانهمرت الدموع على وجهي. انتحبت على أخي العزيز الطيب، وفكرت في أمي. شعرت بالأسف على نفسي، وعلى خذلاني لأسرتي. كان لا بد أن أكون سندا لهم أثناء هذا الوقت العصيب. كل ما تمنيته هو ألا يكون قد فات الأوان.
كانت العربة دافئة ومريحة، لكن رحلتي التي دامت ثلاثة أيام كانت مليئة بالألم؛ فقد مرت ست سنوات منذ أن رأيت وطني. وعندما رأيت قمة الجبل الأبيض أجهشت بالبكاء؛ فها هو وطني، وطني الحبيب! وحل الظلام عندما اقتربنا من الوطن، وبوصولنا إلي جنيف كانت المدينة قد أغلقت أبوابها، فاستدار السائق واتجه بي إلى مدينة سيشرون الصغيرة التي تبعد نحو ميل حيث قضيت الليل.
عندما ترجلت من العربة وتمطيت نظرت لأعلى ورأيت السماء صافية وتزخر بالكثير من النجوم. راق لي الجو من حولي. كانت ساقاي متعبتين للغاية من طول السفر، فأدركت أنني لن أستطيع النوم أبدا، فقررت أن أزور البقعة التي عثر أبي فيها على ويليام.
ولما كانت أبواب المدينة مغلقة، كان لا بد أن أعبر بحيرة جنيف بالقارب. ومن حسن حظي أنني استطعت أن أستعير قاربا من النزل الذي كنت أقيم فيه. وأثناء رحلتي القصيرة انقلب الجو سريعا للأسوأ فأومض البرق في السماء التي كانت صافية منذ دقائق فحسب. وبدأت الأمطار تهطل، فجدفت بالقارب بكل ما أوتيت من قوة كي أصل إلى البر. تلبدت السماء بالغيوم، فصعب علي أن أرى طريقي. وقصف الرعد فوق رأسي وأنا أتقدم بسرعة نحو البر.
অজানা পৃষ্ঠা