64

فن السيرة

فن السيرة

প্রকাশক

دار الثقافة

সংস্করণের সংখ্যা

٢

জনগুলি

فكرته. فمثلًا افترض العقاد أن معاوية قدير لا عظيم، ثم ذهب يستعرض صفاته وأخلاقه على هذا الأساس، فقبل روايات ضعيفة مدخولة، واستشهد بتلك المواقف الخطابية التي ألفت بعد عهد معاوية، كمواقف بكارة الهلالية وغيرها؛ واقتضاء فرضه الأول أن يثبت لمعاوية نوعًا من الدهاء الذي يستعمله جواسيس الاستعمار في شراء بعض الذمم الخاوية، كما اقتضاه أن يقلل من قيمة صفة الحلم عنده فيصف حلمه بأنه امتناع غضب، ليشفع ذلك بفصل يستنتج فيه أن الأمويين لم يعرفوا الشجاعة أبدًا. فإذا اصطدم بيزيد بن أبي سفيان مثالًا على حب الاستشهاد، قال أنه لم يكن أخًا شفيًا لمعاوية. وهكذا هو، يظل يلتوي ويتمحل ويفترض، وإنما جاءه الخطأ من التحيز في التقدير، ومن العيب في تصور الناس والعصر، وليس يسيء شيء إلى التاريخ كهذا الذي فعله العقاد، وليس يشوه الحقيقة مثل قبول الروايات دون نظر، أو وضع الافتراضات دون برهان. ونقطة واحدة لا أريد أن أشفعها بغيرها في هذا المقام، توضح ما أعنيه وذلك هو قوله: " ومعاوية كان يريد النزاع بين اليمانية والمضرية، ولم تكن له من خطة ثابتة فيه غير التفرقة بينهم، تارة إلى هؤلاء وتارة إلى هؤلاء " (١) وإرسال هذا القول على هذه الطريقة مخل بالأمانة، فاضح لأمر الهوى، وليس هناك من يحترم الصدق التاريخي فيقدم على هذه الدعوى؛ ولقد كان العقاد قادرًا على أن يرسم من معاوية ظلًا

(١) معاوية بن أبي سفيان: ٧.

1 / 66