ফিতনা কুবরা: আলী ও তার সন্তানরা
الفتنة الكبرى (الجزء الثاني): علي وبنوه
জনগুলি
وليس المهم الآن أن نحصي الجيشين إحصاء دقيقا، ولا أن نحصي القتلى منهما إحصاء دقيقا، وإنما المهم هو أن نلاحظ أن الخصمين قد تأهبا كأحسن ما تكون الأهبة وأقواها، واضطرهما ذلك إلى أن يكشفا ثغورهما المحاذية للعدو قليلا أو كثيرا. وآية ذلك أن الروم طمعوا في الشام وهموا بغزوها، لولا أن معاوية وادعهم وصانعهم واشترى كفهم عنه بالمال، ولم تكن بإزاء ثغور العراق في الشرق دولة قوية منظمة كدولة الروم، ولكن كثيرا من مدن الفرس تنكر للمسلمين وهم بالثورة لولا ما كان من رجوع علي إلى الكوفة وتكلفه ضبط هذه الثغور، وإذا طال القتال بين جيشين عظيمين واشتد، وبلغ من القبح والشناعة ما صوره المؤرخون وأصحاب القصص، كثر القتلى والجرحى من الفريقين، وإن بالغ القصاص بعد ذلك في عدد أولئك وهؤلاء.
والشيء الذي لا شك فيه هو أن جماعة من خيار المسلمين وأعلامهم من أهل العراق وأهل الشام قد قتلوا في هذه الحرب، وكان قتلهم مروعا لمن شهده ولمن سمع الحديث بذكره بعد انقضاء الحرب، وما زال مروعا للذين يقرءونه الآن في كتب القصص والتاريخ.
فقد قتل من أصحاب معاوية عبيد الله بن عمر بن الخطاب، قاتل الهرمزان، كما قتل جماعة من خيار أصحابه وأعظمهم شجاعة ونجدة وبأسا، وقتل من أصحاب علي: عمار بن ياسر، وما زال قتله من الأحاديث المأثورة بين المسلمين؛ فهو ابن أول شهيدين في الإسلام، فتن أبو جهل أباه ياسرا وأمه سمية حتى قتلهما كما هو معروف، وهو الذي قال له النبي: «ويحك يا ابن سمية! تقتلك الفئة الباغية.» وقد أشفق الزبير - كما رأيت - من حرب علي حين عرف أن عمارا معه، وكان خزيمة بن ثابت الأنصاري يتبع عليا في صفين ولكنه لا يقاتل، وإنما يتحرى أمر عمار، فلما عرف أنه قد قتل قال: الآن استبانت الضلالة. ثم قاتل حتى قتل، رأى أن أهل الشام قد قتلوا عمارا فعرف أنهم الفئة الباغية التي ذكرها النبي في حديثه ذاك، ووقع قتل عمار من معاوية وأصحابه وقعا أليما مروعا، لم يشكوا في أن النبي قال له: تقتلك الفئة الباغية، وإنما حاولوا أن يخفوا علمهم بهذا الحديث، فلما لم يجدوا إلى ذلك سبيلا تأولوه، وقال معاوية: أنحن قتلناه؟! إنما قتله الذين جاءوا به.
ولم يجئ أحد بعمار إلى صفين، لم يستكرهه علي على الحرب ولا على الخروج معه، وإنما كان عمار شيخا قد نيف على التسعين، شاخ جسمه ولكن قلبه وعقله وبصيرته ظلت بمأمن من الشيخوخة، فكان شاب الحديث، وكان شاب المناظرة، وكان شاب الجهاد. وهو الذي سلم على عائشة بعد وقعة الجمل، ثم قال لها: كيف رأيت ضرابنا يا أمه؟ قالت: لست لك بأم ولست لي بابن. قال متضاحكا: بل أنت أمي وأنا ابنك وإن كرهت. يريد أن القرآن قد نزل بأن أزواج النبي أمهات المؤمنين، فلن تستطيع عائشة أن تغير ما نزل به القرآن، وكان عمار أشد أصحاب علي تحريضا على الحرب. وكان يحارب يوما تجاه عمرو بن العاص، وهو يرتجز:
نحن ضربناكم على تنزيله
واليوم نضربكم على تأويله
ضربا يزيل الهام عن مقيله
ويذهل الخليل عن خليله
أو يرجع الحق إلى سبيله
وكان يقول لأصحابه يومئذ مشيرا إلى راية عمرو: والله لقد قاتلت صاحب هذه الراية مع رسول الله
অজানা পৃষ্ঠা