فمن قرأ كتابي هذا فليتدبره بعين المحبة وليتفضل بمرمته و اصلاح ما أنكر منه ويرعي لي بذلك حرمة ما نويت فيه وحق ما تجشمت " له " فإنما انا فيما ألفت كمن وجد جوهرا منثورا فنظم منه سلكا واتحد علقا باقيا لطلابه فقد كفيت المتعلمين مؤنة الجمع و سهلت لهم السبيل إلى هذه الصناعة بل " و " إلى معرفة الصانع و المصنوع " أيضا " وكيفية الأنفس والأبدان ومنافعها ومضارها و المواعظ الكافية " والخير " في امر الدين والدنيا وحققت وشرحت الكتاب وكشفته بالمقائس والأمثال ما أمكن، ومن شاء ان يجعل ورقة منه في جلد أمكنه لكنه يعيبه بذلك ويفسده لأنه إذا كثرت أوراقه نبئت عنه " العين " (1) وزهد فيه الناظر وعجز عن " انتساخه " (2) العوام ولذلك صير علماء الأمم كتبهم المتقدمة بخطوط متقاربة، فمن ظفر بهذا الكتاب وتنحره وتدبره وجد فيه جل ما يحتاج اليه المتخرج من علم الطب " والفلسفة " وفعل الطبائع في هذا العالم الصغير و في العالم الكبير أيضا، فلا ينبغي للقاري ان يستنكر ما فيه ويتبرم به فان من لم يصبر على مثل هذا الكتاب ولم يغتنم ان يأتي عليه في شهر أو شهرين فقد زهد في العلم " جميعه " وليس من اهله لان من طلب " خياطة أو نجارة أو غير ذلك من صناعات الأكف وأحب ان يستمر فيها " (3) لم يستكملها الا في عدة سنين ولا يبرمه ذلك ولا يمنعه من المواظبة والصبر عليه فكيف بمثل هذا الكتاب النافع الجامع، ولم ادع مع هذا ان اختصرت كتابا صغيرا طريفا لمن قل صبره وضاق صدره عن تفتيش فنون هذا الكتاب لكنه إذا قسته (4) به كان فيه بمنزله جوهرة حسنة تقاس بخزانة كثيرة الذخائر و الجواهر والاعلاق
পৃষ্ঠা ৩