أنه ينبغي ان يحمل على عمومه في كل ما هو عبادة الله وإن كان خاصا في المكلفين منهم الذين أوجب الله ذلك عليهم أو ندبهم إليه. والآية متوجهة إلى جميع الناس ممن يصح مخاطبته مؤمنهم وكافرهم، لحصول العموم فيها، الا من ليس بشرائط التكليف على ما ذكرناه.
فالكافر إذا لابد أن يكون مخاطبا بالصلاة وبجميع أركان الشريعة لكونها واجبة عليه، لأنه مذموم بتركها متمكن من أن يعلم وجوبها، ويعاقب غدا عليه أيضا. ألا ترى إلى قوله تعالى حكاية عن الكفار ﴿قالوا لم نك من المصلين﴾ (1).
ولا يقدح في وجوب ذلك بأنه إذا أسلم لا يجب عليه قضاء ما فاته، لان القضاء هو الفرض الثاني.
فان قيل: كيف يجوز ان يكون [من] مخاطبين بذلك ولم يكن [من] (2) موجودين في ذلك الوقت، ومن المحال أن يخاطب المعدوم.
قلنا: الأوامر على ضربين: أحدهما على الاطلاق، فالمأمور يجب أن يكون قادرا مزاح العلة فضلا على وجوده. والاخر يكون أمرا بشرط، فالمأمور لا يجب أن يكون كذلك في الحال ولكن بشرط أن يوجد ويصير قادرا مزاح العلة متمكنا.
وإذا ثبت هذا فأوامر الله تعالى وأوامر الرسول عليه السلام كانت أوامر للمكلفين الموجودين في ذلك الزمان على تلك الصفات، وكانت أوامر لمن بعدهم، بشرط أن يوجدوا ويصيروا قادرين مترددي الدواعي على ما ذكرناه، والامر على هذا الوجه يكون حسنا. [فإنه يحسن من الواحد منا أن يأمر النجار بانجار باب غدا بشرط أن يمكنه مما يحتاج إليه من الآلات وغيرها وان لم يمكنه في الحالة] (3).
وانما أوردت هذه الجملة استيناسا للناظر فيه، وهو التنبيه للفقيه.
পৃষ্ঠা ৯