فقه العبادات للعثيمين
فقه العبادات للعثيمين
জনগুলি
السؤال (٢٤): فضيلة الشيخ، هذا بالنسبة للركن الثالث، فما قولكم في الركن الرابع الذي هو الإيمان بالرسل؟
الجواب: الإيمان بالرسل عليهم الصلاة والسلام يكون بأن نؤمن بأن الله ﷾ أرسل إلى البشر رسلًا منهم، يتلون عليهم آيات الله ويزكونهم، وأن هؤلاء الرسل أولهم نوح ﵊، وأخرهم محمد ﷺ، وأما قبل نوح فلم يبعث رسول، وبهذا نعلم خطأ المؤرخين الذين قالوا: إن إدريس ﵊ كان قبل نوح، لأن الله ﷾ يقول في كتابه: (إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ) (النساء: ١٦٣)، وفي الحديث الصحيح في قصة الشفاعة: أن الناس يأتون إلى نوح فيقولون له: أنت أول رسول أرسله الله إلى أهل الأرض (١)، فلا رسول قبل نوح، ولا رسول بعد محمد ﷺ، لقول الله تعالى: (مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ) (الأحزاب: ٤٠) .
فأما نزول عيسى ابن مريم في آخر الزمان فإنه لا ينزل على أنه رسول مجدد، بل ينزل على أنه حاكم بشريعة محمد ﷺ، لأن الواجب على عيسى وعلى غيره من الأنبياء الإيمان بمحمد ﷺ، كما قال الله تعالى: (وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ) (آل عمران: ٨١) . وهذا الرسول المصدق لما معهم هو محمد ﷺ، كما صح ذلك عن ابن عباس وغيره، فالمهم أن نؤمن بالرسل على هذا الوجه، بأن أولهم نوح وآخرهم محمد ﷺ، وكيفية الإيمان بهم: أن ما جاء من أخبارهم وصح عنهم نؤمن به ونصدق، لأنه من عند الله ﷿، وأما الأحكام فلا يلزمنا أتباع شيء منها، إلا ما جاء به محمد ﷺ وما اقتضته شريعته.
أما بالنسبة لأعيان هؤلاء الرسل، فمن سماه الله لنا، أو سماه رسوله ﷺ، وجب علينا الإيمان به بعينه، وما لم يسم فإننا نؤمن به على سبيل الإجمال، كما قلنا ذلك في الكتب وفي الملائكة.
الإيمان باليوم الآخر
_________
(١) أخرجه البخاري، كتاب أحاديث الأنبياء، باب قول الله (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِه)، رقم (٣٣٤٠)، ومسلم، كتاب الإيمان، باب أدنى أهل الجنة منزلة فيها رقم (١٩٤) .
1 / 38