فقه النوازل للأقليات المسلمة
فقه النوازل للأقليات المسلمة
প্রকাশক
دار اليسر
সংস্করণের সংখ্যা
الأولى
প্রকাশনার বছর
١٤٣٤ هـ - ٢٠١٣ م
প্রকাশনার স্থান
القاهرة - جمهورية مصر العربية
জনগুলি
فقه النوازل للأقليات المسلمة «تأصيلا وتطبيقا»
تأليف
الدكتور محمد يسري إبراهيم
[المجلد الأول]
دار اليسر
مُقَدِّمَة وَزَارَةُ الأَوْقَافِ والشُؤُوْن الإِسلَامِيَّةِ الحمد لله حمدًا يوافي نعمه، والصلاة والسلام على أشرف خلقه وخاتم رسله، وبعد، فإن وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بدولة قطر -وقد وفقها الله لأن تضرب بسهم في نشر الكتب النافعة للأمة- لتحمد الله ﷾ على أن ما أصدرته قد نال الرضا والقبول من أهل العلم. والمتابع لحركة النشر العلمي لا يخفى عليه جهود دولة قطر في خدمة العلوم الشرعية ورفد المكتبة الإسلامية بنفائس الكتب القديمة والمعاصرة وذلك منذ ما يزيد على ستة عقود، وقد جاء مشروع إحياء التراث الإسلامي والنشر العلمي الذي بدأته الوزارة منذ عدة سنوات امتدادًا لتلك الجهود وسيرًا على تلك المحجة التي عُرفت بها دولة قطر. ومنذ انطلاقة هذا المشروع المبارك يسَّر الله جلَّ وعلا للوزارة إخراج مجموعة من أمهات كتب العلم في فنون مختلفة معظمها يُطبع لأول مرة، كتفسير العُليمي "فتح الرحمن في تفسير القرآن"، و"مرسوم المصحف" للعُقيلي، و"الدرة الصقيلة في شرح أبيات العقيلة" لأبي بكر عبد الغني المشتهر باللبيب، و"معاني الأحرف السبعة" لأبي الفضل عبد الرحمن بن أحمد بن الحسن الرازي، تحقيق الدكتور حسن ضياء الدين عتر، و"حاشية مسند الإمام أحمد" للسندي، و"شرحين لموطأ الإمام مالك" لكُلٍّ من القنازعي والبوني، و"شرح مسند الإمام الشافعي" للرافعي و"نخب الأفكار شرح معاني الآثار" للبدر العيني، و"مصابيح الجامع" للقاضي بدر الدين الدَّمَاميني، و"التقاسيم والأنواع" للإمام ابن حبان، إضافة إلى "صحيح الإمام ابن خزيمة" بتحقيقه الجديد المتقن، ومثله كتاب "السنن الكبرى" للإمام النسائي المحقَّق على عدة نسخ خطية، و"المخلصيات" لأبي طاهر المخلص، و"مطالع الأنوار" لابن قرقول، و"نهاية المطلب في دراية المذهب" للإمام الجويني بتحقيقه المتقن للأستاذ الدكتور عبد العظيم الديب -رحمه الله تعالى- عضو لجنة إحياء التراث الإسلامي، و"الأوسط من السنن
والإجماع والاختلاف" للإمام ابن المنذر بمراجعة دقيقة للشيخ الدكتور عبد الله الفقيه عضو لجنة إحياء التراث الإسلامي أيضًا، و"التبصرة" للإمام اللخمي، و"حاشية الخلوتي" في الفقه الحنبلي، وأخيرًا كتاب: "الأصل" لمحمد بن الحسن الشيباني، كاملًا محققًا على أصول عدة، وفي الطريق إصدارات أخرى مهمة تمثل الفقه الإسلامي في عهوده الأولى. كما طبعت الوزارة لأول مرة كتاب "جامع الآثار في السير ومولد المختار" لابن ناصر الدين الدمشقي، و"الوجيز في السيرة" و"عصر السيرة" كلاهما للدكتور أكرم ضياء العمري -حفظه الله-. وفي معتقد أهل السنة والجماعة على مذهب السلف الصالح أصدرت الوزارة كتابًا نفيسًا لطيفًا وهو: "الاعتقاد الخالص من الشك والانتقاد" لابن العطار تلميذ الإمام النووي رحمهما الله تعالى. هذا في جانب ما يُنشر لأول مرة من كتب التراث، أما في الدراسات والتآليف المعاصرة فقد نشرت الوزارة مجموعة متميزة من الرسائل العلمية وغيرها منها: "القيمة الاقتصادية للزمن"، و"نوازل الإنجاب"، و"الأحكام المتعلقة بالتدخين" وغيرها، وفي الطريق -بإذن الله تعالى- ما تقر به عيون الباحثين من دراسات معاصرة في القرآن والسنة، والنوازل بأنواعها المختلفة. ويسرنا اليوم أن نقدم كتابا نافعا آخر بعنوان: (فقه النوازل للأقليات المسلمة تأصيلا وتطبيقا) لمؤلفه الدكتور: محمد يسرى إبراهيم في طبعته الجديدة، وقد جمع فيه جملة نافعة من القواعد الفقهية والأصولية والمقاصدية التي لها ارتباط بفقه نوازل الأقليات المسلمة، كما أنه عرض بإيجاز مناهج الأئمة الأربعة في الاستنباط وقواعد الاستدلال وعالج كثيرا مما يتعلق بنوازل الأقليات فأضحى مرجعا مهما في باب التأصيل لإفتاء المسلمين خارج ديار الإسلام، بما يحفظ عليهم دينهم، ويعينهم على أداء التكاليف الشرعية مع مراعاة رفع الحرج الذي جاءت الشريعة برفعه. إِدَارَةُ الشّؤُونِ الإِسلَامِيَّةِ
مُقَدِّمَة وَزَارَةُ الأَوْقَافِ والشُؤُوْن الإِسلَامِيَّةِ الحمد لله حمدًا يوافي نعمه، والصلاة والسلام على أشرف خلقه وخاتم رسله، وبعد، فإن وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بدولة قطر -وقد وفقها الله لأن تضرب بسهم في نشر الكتب النافعة للأمة- لتحمد الله ﷾ على أن ما أصدرته قد نال الرضا والقبول من أهل العلم. والمتابع لحركة النشر العلمي لا يخفى عليه جهود دولة قطر في خدمة العلوم الشرعية ورفد المكتبة الإسلامية بنفائس الكتب القديمة والمعاصرة وذلك منذ ما يزيد على ستة عقود، وقد جاء مشروع إحياء التراث الإسلامي والنشر العلمي الذي بدأته الوزارة منذ عدة سنوات امتدادًا لتلك الجهود وسيرًا على تلك المحجة التي عُرفت بها دولة قطر. ومنذ انطلاقة هذا المشروع المبارك يسَّر الله جلَّ وعلا للوزارة إخراج مجموعة من أمهات كتب العلم في فنون مختلفة معظمها يُطبع لأول مرة، كتفسير العُليمي "فتح الرحمن في تفسير القرآن"، و"مرسوم المصحف" للعُقيلي، و"الدرة الصقيلة في شرح أبيات العقيلة" لأبي بكر عبد الغني المشتهر باللبيب، و"معاني الأحرف السبعة" لأبي الفضل عبد الرحمن بن أحمد بن الحسن الرازي، تحقيق الدكتور حسن ضياء الدين عتر، و"حاشية مسند الإمام أحمد" للسندي، و"شرحين لموطأ الإمام مالك" لكُلٍّ من القنازعي والبوني، و"شرح مسند الإمام الشافعي" للرافعي و"نخب الأفكار شرح معاني الآثار" للبدر العيني، و"مصابيح الجامع" للقاضي بدر الدين الدَّمَاميني، و"التقاسيم والأنواع" للإمام ابن حبان، إضافة إلى "صحيح الإمام ابن خزيمة" بتحقيقه الجديد المتقن، ومثله كتاب "السنن الكبرى" للإمام النسائي المحقَّق على عدة نسخ خطية، و"المخلصيات" لأبي طاهر المخلص، و"مطالع الأنوار" لابن قرقول، و"نهاية المطلب في دراية المذهب" للإمام الجويني بتحقيقه المتقن للأستاذ الدكتور عبد العظيم الديب -رحمه الله تعالى- عضو لجنة إحياء التراث الإسلامي، و"الأوسط من السنن
والإجماع والاختلاف" للإمام ابن المنذر بمراجعة دقيقة للشيخ الدكتور عبد الله الفقيه عضو لجنة إحياء التراث الإسلامي أيضًا، و"التبصرة" للإمام اللخمي، و"حاشية الخلوتي" في الفقه الحنبلي، وأخيرًا كتاب: "الأصل" لمحمد بن الحسن الشيباني، كاملًا محققًا على أصول عدة، وفي الطريق إصدارات أخرى مهمة تمثل الفقه الإسلامي في عهوده الأولى. كما طبعت الوزارة لأول مرة كتاب "جامع الآثار في السير ومولد المختار" لابن ناصر الدين الدمشقي، و"الوجيز في السيرة" و"عصر السيرة" كلاهما للدكتور أكرم ضياء العمري -حفظه الله-. وفي معتقد أهل السنة والجماعة على مذهب السلف الصالح أصدرت الوزارة كتابًا نفيسًا لطيفًا وهو: "الاعتقاد الخالص من الشك والانتقاد" لابن العطار تلميذ الإمام النووي رحمهما الله تعالى. هذا في جانب ما يُنشر لأول مرة من كتب التراث، أما في الدراسات والتآليف المعاصرة فقد نشرت الوزارة مجموعة متميزة من الرسائل العلمية وغيرها منها: "القيمة الاقتصادية للزمن"، و"نوازل الإنجاب"، و"الأحكام المتعلقة بالتدخين" وغيرها، وفي الطريق -بإذن الله تعالى- ما تقر به عيون الباحثين من دراسات معاصرة في القرآن والسنة، والنوازل بأنواعها المختلفة. ويسرنا اليوم أن نقدم كتابا نافعا آخر بعنوان: (فقه النوازل للأقليات المسلمة تأصيلا وتطبيقا) لمؤلفه الدكتور: محمد يسرى إبراهيم في طبعته الجديدة، وقد جمع فيه جملة نافعة من القواعد الفقهية والأصولية والمقاصدية التي لها ارتباط بفقه نوازل الأقليات المسلمة، كما أنه عرض بإيجاز مناهج الأئمة الأربعة في الاستنباط وقواعد الاستدلال وعالج كثيرا مما يتعلق بنوازل الأقليات فأضحى مرجعا مهما في باب التأصيل لإفتاء المسلمين خارج ديار الإسلام، بما يحفظ عليهم دينهم، ويعينهم على أداء التكاليف الشرعية مع مراعاة رفع الحرج الذي جاءت الشريعة برفعه. إِدَارَةُ الشّؤُونِ الإِسلَامِيَّةِ
অজানা পৃষ্ঠা
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
أصل هَذَا الْكتاب رِسَالَة علمية حصل بهَا الباحث على دَرَجَة الدكتوراه فِي الْفِقْه الإسلامي من كُلية الشَّرِيعَة والقانون جَامِعَة الْأَزْهَر الشريف وَقد أجيزت الرسَالَة بِتَقْدِير مرتبَة الشّرف الأولى والتوصية بالطبع والتداول بَين الجامعات
1 / 2
فِقهُ النَّوازِل لِلأَقَلِيَّاتِ المُسلِمةِ تَأصِيلًا وَتَطبِيقًا [١]
1 / 3
حُقُوقُ الطَّبع مَحْفُوظة للِمُؤَلف
الطبعة الأولى
طبعة خَاصَّة لوزارة الْأَوْقَاف والشؤون الإسلامية
١٤٣٤ هـ - ٢٠١٣ م
إصَدارَات
وَزَارَة الأَوْقَافِ وَالشُّؤُوْن الإِسلاميِّةِ
إدَارَةُ الشّؤُونِ الإِسلَامِيَّةِ - دَوْلةِ قَطَر
دارُ اليُسر
٢٠ ش عبد الْعَزِيز عِيسَى، المنطقة التَّاسِعَة، الْحَيّ الثَّامِن: مَدِينَة نصر، الْقَاهِرَة.
تليفون: ٠٠٢٠٢٢٤٧٠٩٢٦٩
فاكس: ٠٠٢٠٢٢٤٧١٤٨٠١
مَحْمُول: ٠٠٢٠١٠٦٢٢٧٦٢٠٨
خدمَة العملاء: ٠٢٢٠١١١٨٠٠٦٠٦٠
Email: alyousr@gmail.com
www.dar-alyousr.com
رقم الْإِيدَاع بدار الْكتب المصرية
٢٠٧١٣/ ٢٠١١
ISBN: ٩٧٨ - ٩٧٧ - ٥١٠٢ - ٠٩ - ٦
1 / 4
المقَدّمَة
إنَّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلَّ له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد ألَّا إله إلا الله، وحده لا شريكَ له، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله.
﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ [آل عمران: ١٠٢].
﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾ [النساء: ١].
﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (٧٠) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ [الأحزاب: ٧٠ - ٧١].
أما بعد:
فإن الأمة المسلمة كتب ربُّها خيريتها بقوله ﵎: ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ﴾ [آل عمران: ١١٠]، وبهذه الخيرية انطلقت الأمة تدعو إلى الله بعقيدتها وشريعتها وأخلاقها تبعث النور، وتنشر الهدى في كل مكان، وما هي إلَّا عقودٌ قليلة ومدَّةٌ وجيزةٌ بعد وفاة نبيها ﷺ حتى ظهر الدين في الآفاق وبلغ المشارقَ والمغاربَ، وتَحَقَّقَ وعدُ الصادق المصدوق ﷺ فبلغ هذا الدينُ ما بلغ الليلُ والنهارُ، ولم يبقَ بيتُ مَدَرٍ ولا وَبَرٍ إلَّا ودخله الإسلامُ بعزِّ عزيزٍ أو بذلِّ ذليلٍ (١).
_________
(١) أخرجه: الإمام أحمد بن حنبل الشيباني في "مسنده"، مؤسسة قرطبة، القاهرة، مصر، مصورة عن الطبعة الميمنية، (٤/ ١٠٣)، من حديث تميم الداري ﵁. وقال نور الدين علي بن أبي بكر الهيثمي: "رواه أحمد والطبراني ورجال أحمد رجال الصحيح". مجمع الزوائد ومنبع الفوائد، دار الفكر، بيروت، ١٤١٢ هـ، (٦/ ٨).
1 / 5
وقامت دولة الإسلام مرهوبة الجانبِ، متسعة الجوانب، وقيل للسحابة أمطري حيث شئتِ فسوف يأتيني خراجُكِ! ويومَهَا اعتقد المسلمون -وبحقٍّ- أنَّ هذا الدين قد ظهر على الدين كلِّهِ، وقد انتهى وعدُ الله إلى غايته، وبلغ منتهى مقصوده، إلَّا أنَّ ذلك العطاءَ الربانيَّ لهذه الأمة غيرُ مجذوذٍ ولا مقطوعٍ ولا ممنوعٍ؛ بل هو ممتد ما امتدَّ بالخلق زمانٌ، وما حواهم على الأرض مكانٌ، ويكفي في بلوغِ حُجَّةِ الله الآفاقَ أن يُرفع الأذان بالتكبير والتهليل والتوحيد لتسمعه اليوم كُلُّ الآذان.
وتلك فرحة كبرى ومنة عظمى على أهل الإسلام، قال تعالى: ﴿قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ﴾ [يونس: ٥٨].
لقد امتدَّ عطاء الأمة الخيرة ليصلَ إلى قارات الدنيا بِأَسْرِهَا، وليوجد ثلث المسلمين موزعين في بلاد لا يَدينُ أكثر أهلها بالإسلام.
وغدا المدُّ الإسلامي متناميًا يفتح القلوب ويبشر بالدين الحق، وكما فتح التجار المسلمون بالأمس جنوب شرق آسيا بالدعوة السِّلْمية، يفتح المسلمون اليوم بلادًا ويشرقون على القلوب في المشارق والمغارب بعقيدتِهِمُ السمحةِ، وشريعتِهِمُ الغرَّاءِ، وخُلُقِهِمُ الرفيعِ.
وكلَّمَا وقعت أزمة، أو حدثت مشكلة انجفَلَ الناسُ في تلك الديار نحو المنهج الإسلامي في حل تلك المعضلة، ومواجهة تلك النازلة، ولو كانوا على خلاف الملَّة!
وعلى سبيل المثال فإنَّ الأزمة الاقتصادية العالمية الأخيرةَ والتي عمَّتْ أوروبا وأمريكا وطالتْ جهاتٍ عديدةً في العالم وضعت أوروبا -تحديدًا- أمام خيارين إمَّا "البابا" وإمَّا "القرآن"؛ فقد جاء في افتتاحية مجلة (تشالينجيز) وعلى لسان رئيس تحريرها (بوفيس فانسون) ولأول مرة يطالب خبراءُ غربيون بقراءة القرآن، بدلًا من "الإنجيل" لاكتشاف دور المسيحية الكاثوليكية في تبرير انتهازية الليبرالية المتوحشة.
ولأول مرةٍ تتساءل الصحفُ الغربية عمَّا إذا كانت (وول ستريت) قد تأهلت لاعتناق
1 / 6
الشريعة الإسلامية على نحو ما جاء على لسان (رولان لاسكين) رئيس تحرير صحيفة (لو جورنال دي فينانس) بالتَّزَامُنِ مع دعوة مجلس الشيوخ الفرنسي إلى ضمِّ النظام المصرفي الإسلامي للنظام المصرفي في فرنسا، وهي ذات الدعوى التي تبنتها أكبرُ مؤسسة مسيحية في العالم وهي الفاتيكان (١).
ومما لا جدالَ فيه أن المسلمين الذين يعيشون كمجموعاتٍ قليلةِ الأفرادِ في دولٍ ليست مسلمةً قد غدوا أكثرَ جمعًا، وأقوى شوكةً، وأقدرَ على المطالبة بكثير من حقوقهِمُ السليبة.
ومع أنهم يُعَامَلُونَ كأقليات عددية إلا أنهم يُمَثِّلُونَ أعدادًا غفيرة، ففي أوروبا يوجد نحو سبعين مليون مسلم، بما يمثل ٧ % من تعداد السكان، والمتوقع بحسب تقرير نشرته صحيفة (الصنداي تلغراف) البريطانية في أغسطس عام ٢٠٠٩ م أن يُمَثِّلَ المسلمون في عام ٢٠٥٠ م نحو ٢٠ % من تعداد السكان.
والمسلمون في الهند وحدها يقتربون من ٢٠٠ مليون نسمة، وهم أقلية هناك!
وكذلك الحال في الصين وروسيا وغيرها من البلاد.
ولا شكَّ أن مؤشراتٍ عدديةً كهذه تُثِيرُ مخاوفَ وأحقادًا ضدَّ الإسلام وأهله، حتى عرف في السنوات الأخيرة ما يُسَمَّى بظاهرة الإسلاموفوبيا أو (الخوف من الإسلام) أو (الرُّهاب الإسلامي)؛ وهي ظاهرة صنعتها وسائلُ الإعلام المعادية، والدوائر الصهيونية والصليبية على حدٍّ سواءٍ، وتجلَّت في حرب إعلامية، وتشويه متعمد، وحرب على المآذن والمساجد والحجاب الإسلامي في أوروبا وأمريكا.
وهذه الظاهرة حَدَتْ بمجلس الفقه الإسلامي الدولي المنبثقِ عن منظمة المؤتمر الإسلامي، المنعقد في دورته الثامنة عشرة بماليزيا عام ١٤٢٨ هـ - ٢٠٠٧ م أن يُنَاقِشَ
_________
(١) الأزمة المالية، محمد صالح المنجد، زاد للنشر، الخبر، السعودية، ١٤٣٠ هـ ٢٠٠٩ م، (ص ٤٤ - ٤٥)، مقال: أوروبا: الإسلام من المغالبة إلى المشاركة، محمود سلطان، بموقع "الإسلام اليوم" الإلكتروني
www. islamtoday.com
1 / 7
ويُحِدِّدَ أسبابَ تلك الظاهرةِ، وسبلَ علاجِهَا وتلافيها، وقرر في قراره رقم ١٦٦ (٤/ ١٨) ما يلي:
"أولًا: ضرورة التصدي لهذه الظاهرة في إطار استراتيجية تخطِّطُ لها الدولُ والمنظمات الدولية الإسلامية، والمنظمات الممثِّلَةُ للوجود الإسلامي خارج الديار الإسلامية تتضمن آلياتٍ وتدابيرَ قويَّةً تشمل النواحيَ الإعلامية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية، وتكوين رسالة إعلامية واضحة؛ للتعريف بالدين الإسلامي، وبيان الحقائق والمبادئ والقيم السامية التي يقوم عليها، مع نشرها بمختلف وسائل الإعلام والشبكة الدولية للمعلومات، وتُشَارِكُ فيها أجهزةُ الإعلامِ ذاتُ التأثير الدولي.
ثانيًا: ضرورة التشاور والتنسيق بين مختلف الدول والمنظمات الدولية الإسلامية؛ لاتخاذ القرارات، والقيام بالأعمال التي تراها مناسبةً للرَّدِّ على حملات التشكيك والإهانات التي تُوَجَّهُ إلى الأمة الإسلامية ورموزِهَا.
ثالثًا: دعوة المجتمع الدولي إلى التعاون والتآزُرِ مع الدول والمنظمات والشعوب الإسلامية في مقاومة هذه الهجمة الشرسة على الإسلام والمسلمين، وإلى إشاعة ثقافة المحبة والتعاون بين الشعوب، ونَبْذِ الكراهية والعنف، والتعاون على ما يُحَقِّقُ خيرَ الإنسانية.
رابعًا: دعوة التجمعات الإسلامية الموجودة خارج الديار الإسلامية إلى أن تَكُونَ رسلًا للسلام والأمن، وحَمْلِ رسالةِ الإسلام النقية في مختلف الأقطار والشعوب، والابتعاد عن الممارسات والتصرفات المسيئة إلى الإسلام في تلك البلاد، مع التمسك بقيم ومبادئ الإسلام. ويهيب المجمع بالدول الإسلامية أن تَمُدَّ هذه التجمعات بكل ما يُعِينها على فهم وتعلم أصول دينها، وبالمعلومات التي تجعلها على علم بما يجري في العالم الإسلامي، مع إنشاء هيئات تعمل على تقوية علاقاتها مع الأمة الإسلامية.
1 / 8
خامسًا: حَصْرُ الكتابات والمؤلفات التي تناولت هذه الظاهرة، وحَثُّ المفكرين المسلمين الذين يجيدون اللغات الأخرى للاتصال بالآخر، والحوار معهم، والعمل على تصحيح صورة الإسلام والمسلمين في الداخل والخارج.
سادسًا: تأهيلُ الدعاة الذين يفدون إلى البلاد غير الإسلامية لإتقان لغات تلك البلاد، وتشجيع المؤسسات القائمة التي تُعْنَى بتأهيل الدعاة أو تكوينها إن لم تُوجَدْ؛ ليكونوا قدوة في عرضهم الإسلام سلوكًا وعلمًا ومعاملةً.
سابعًا: بناء العلاقة مع الآخر على أساس الاحترام المتبادل، وتبليغ رسالة الإسلام النقية، من أجل تفاهُمٍ متبادَلٍ، والتوعية لذلك في المناهج التعليمية" (١).
وإذا كان العالم المعاصر اليوم بدأ يتعرَّفُ على حقوق الأقليات، ويعترِفُ بهذا النوع من الحقوق ويُقَنِّنُ من التشريعات ما يضمنها ويحميها -فلا بُدَّ أن نذكِّر هنا بسبق الإسلام بتشريعاته الربانية العالمَ بأسره في حفظ تلك الحقوق ورعاية تلك الحريات، وعلى سبيل المثال: فإن الأقليَّةَ المسيحية عاشت في مصر أربعةَ عشرَ قرنًا متفيئة ظلال شريعة الإسلام السمحة، كما أن الأقلية اليهودية بالمغرب قد تَمَتَّعَتْ بالحياة الكريمة في ظل الحضارة الإسلامية فما ثارتْ مشكلاتٌ، ولا قامتْ ثوراتٌ، ولا اندلعت نزاعاتٌ.
وكما لم تعرف الأمة الإسلامية عَبْرَ تاريخها الطويل مشكلةَ حقوقِ الأقليات، لم تعرِفْ أيضًا الإقليمياتِ ولا الحدودَ المصطنعةَ بين الجنسيات!
وعلى سبيل المثال فقد هاجر الشيخ محمد الخضر حسين (٢) من تونس إلى دمشق واستقرَّ بها قبل الحرب العالمية الأولى، وبعد احتلال فرنسا لسوريا هاجر إلى مصر، ورَأَسَ تحريرَ مجلة
_________
(١) قرارات الدورة الثامنة عشرة "بوتراجايا - بماليزيا"، (ص ١٤ - ١٦).
(٢) محمد الخضر بن الحسين بن علي بن عمر الحسني التونسي، عالم إسلامي أديب باحث، ممن تولوا مشيخة الأزهر، وكان ذلك عام ١٣٧١ هـ، من مصنفاته: الدعوة إلى الإصلاح نقض كتاب في الأدب الجاهلي، ونقض كتاب الإسلام وأصول الحكم، ولد سنة ١٢٩٣ هـ وتوفي سنة ١٣٧٧ هـ. الأعلام، لخير الدين الزركلي، دار العلم للملايين، ط ١٥، ٢٠٠٢، (٦/ ١١٣)، معجم المؤلفين، لعمر رضا كحالة، مكتبة المثنى ودار إحياء التراث العربي، بيروت، (٩/ ٢٨٠).
1 / 9
لواء الإسلام، ثم أصبح شيخًا للأزهر، ولم يخطر ببال أحد من المصريين كيف يكون تونسيٌّ شيخًا للأزهر، والشيخ رشيد رضا (١) في طرابلس الشام هاجر إلى مصر، وأنشأ مجلة المنار، وربما ظن كثيرون أنه مصري لتوطنه مصر، كما كان الشيخ عبد الحميد بن باديس من أسرة بربرية عريقة، وقد التفَّت الجزائر كلُّها حول الشيخ ورَأَسَ جمعيةَ العلماء، وكان من أشدِّ المنافحين عن العربية والإسلام.
أما الأقليات الإسلامية عبر القرون فقد ذاقت صنوفًا من العذاب، وألوانًا من النكبات والويلات، حتى إذا انتهينا إلى العصر الحديث وجدنا التاريخ يسجل بمدادٍ أحمرَ ما جرى للمسلمين من تصفيات جسديَّةٍ، ومجازرَ دمويَّةٍ في البوسنة والهرسك، وكوسوفا وغيرها من دول أوروبا الشرقية، وهي في قلب أوروبا، كما دوَّن مآسيَ المسلمين في الهند وكشمير والفلبين وتايلاند، وقبل ذلك كله فلسطين! وهي دول تقع في قلب آسيا، كما سجل ما جرى لمسلمي تنزانيا والصومال وأوغندا، وأوجادين وغيرها من دول إفريقيا.
فإذا تجاوزنا عقودًا من المعاناة فيكفي أن ندلل بأحداث جَرَتْ خلال سنوات إعداد هذه الرسالة فحسب؛ فلقد كشفت السنواتُ الخمسُ الماضيةُ عن توجُّهات شديدة العدوان على الأقليات والأكثريات المسلمة على حَدٍّ سواء.
فقد وقعت كل من العراق وأفغانستان في احتلال عسكري سافِرٍ بعد عدوان جماعي غاشم، وأقيمت المجازرُ والمذابحُ لمسلمي فلسطين واحدةً تلو الأخرى، ومن آخرها مذبحة غزة ٢٠٠٨ م.
وفي العام الميلادي الحالي ٢٠١٠ م صدرت قوانين تمنع نقاب المسلمة بدول أوروبية وتُعَاقِبُ عليه؛ بل وقتلت مصرية مسلمة بألمانيا لارتدائها غطاء الرأس الإسلامي!
وأُصْدِرَتِ القوانينُ التي تمنع بناء المآذن بعدد من دول الحرية والديموقراطية بأوروبا!!
_________
(١) محمد رشيد بن علي رضا بن محمد البغدادي الأصل الحسيني النسب صاحب مجلة المنار، وأحد رجال الاصلاح الإسلامي، وهو من الكُتَّاب، والعلماء بالحديث والأدب والتاريخ والتفسير، من مصنفاته: تفسير القرآن الكريم، والخلافة، ويسر الإسلام وأصول التشريع العام، ولد سنة ١٢٨٢ هـ وتوفي سنة ١٣٥٤ هـ. الأعلام، للزركلي، (٦/ ١٢٦)، معجم المؤلفين، لعمر كحالة، (٩/ ٣١٠ - ٣١١).
1 / 10
وفي ظل تلك المحن يتنادى المسلمون أفرادًا وجماعاتٍ، وشعوبًا وحكوماتٍ، ومؤسساتٍ وهيئاتٍ لمدِّ يد المعونة لتلك الأقليات، والمسارعة إلى بذل كلِّ نفعٍ ماديٍّ ومعنويٍّ باليد واللسان وبالدعاء.
ثم إن الله تعالى اختصَّ ورثةَ الأنبياء وجهابذة العلماء الفقهاء بتنوير طريق تلك الأقليات، فتصدى كثير من العلماء لمشاكل ومسائل تلك الأقليات، بالفتيا تارةً، وبالنصح أخرى، وبالجهود الفردية والجماعية والمجمعية تارة أخرى، فتأسست مجامعُ فقهيةٌ في الغرب لمعالجة مشكلات الأقليات، واعتنت المجامع العلمية في ربوع العالم الإسلامي بالإجابة عن الأسئلة، وبحث المستجدات.
ومع أن ذلك كله عمل علمي دعوي سلمي فقد ضاق الغرب ذرعًا بهذه المجالس والمجامع، حتى قال رئيس المجلس الأوروبي للبحوث العلمية والإفتاء فضيلة الدكتور يوسف القرضاوي في كلمته الافتتاحية لدورة المجلس التاسعة عشرة المنعقدة باستنابول في الفترة من ٣٠/ ٦/ ٢٠٠٩ إلى ٥/ ٧/ ٢٠٠٩ م: "الأوربيون لم يعودوا يتحملوننا، مع العلم أننا نعمل لصالحهم، وندعو المسلمين إلى أن يندمجوا في مجتمعاتهم، دون أن يتخلوا عن عقيدتهم".
وفي تفسيره لأهمية وجود هنا المجلس قال: "وجودُ أقليات مسلمة في الغرب استدعى وجودَ مؤسسةٍ ترعى الجانب الشرعي لتلك الأقلية. . . ولهذا تم إنشاء المجلس الأوروبي للإفتاء" (١).
وقد أقرَّ بهذه المواقف العدائية كثيرٌ من الباحثين الموضوعيين بالغرب؛ فهذا البروفيسور (ماثياس روه) عميد كلية الحقوق في جامعة نوربيرج بألمانيا، ورئيس رابطة القانون الإسلامي والعربي، وأستاذ القانون الخبير بالأقليات المسلمة في أوروبا يضع كتابًا بعنوان "الأقليات المسلمة والقانون في أوروبا، فرص وتحديات" (٢).
حيث تناول في كتابه وجود المسلمين في أوروبا منذ أوائل القرون الوسطى وحتى
_________
(١) حرب إحصاءات لتهميش مسلمي الغرب، لمصطفى عاشور، موقع الشيخ القرضاوي الإلكتروني www.qaradawi.net.
(٢) نشر بترجمة علاء البشبيشي، دار جلوبال ميديا، ٢٠٠٧ م.
1 / 11
الوقت الراهن، مشيرًا إلى تحديات قانونية لا يمكن تجاهلها في الحرية الدينية والمساواة أمام القانون، دون أي تفرقة على أساس ديني أو عرقي.
ويُعَقِّبُ فيقول: "إن على الدول الأوروبية أن تُوجِدَ سبلًا لإعطاء المسلمين الذين يعيشون داخل أراضيها كاملَ حقوقهم، وذلك عن طريق مراجعة القواعد القانونية الحالية".
وكما يتوجب على الغربيين أن يفعلوا ذلك يتوجب على تلك الأقليات أن تضع محدداتها الحضارية والشرعية المقاصدية لِتُحْسِنَ التعبير عن نفسها، ولتواجه تحديات متعددةً، فإن النظام العالمي الجديد ليس من صنع المسلمين؛ بل إنه مختلف اجتماعيًّا وسياسيًّا وثقافيًّا عن معهود المسلمين في خلافتهم الضائعة، ودولهم القطرية، إنما هي دول علمانية في أغلب توجهاتها، وإن أشارت في وثائق دساتيرها إلى الإسلام والشريعة (١).
كما أن العالم المعاصر لم يَعُدْ كتلًا منفصلة كما كان في السابق، فلقد تلاحمت الأجزاء وتداخلت الثقافات، وتواصلت الشعوب، واتسم العصر بالتواصل الفعال في كل مجال.
وهذه الإشكالات تثير عددًا من التساؤلات على مستوى السياسة الشرعية، والتأصيل العلمي الفقهي لقضايا تلك الأقليات، ولا يخفى أن ثمة محددات حضارية ومقاصد شرعية في حياة الأقليات المسلمة تحكم علاقتها بمجتمعات غير المسلمين التي تعيش فيها؛ فإن هذه المجتمعات جزء من أمة الدعوة، سواء أكانوا من اليهود، أم النصارى، أم الوثنيين؛ فلا بد من قيام علاقة الدعوة، وقد قال الله تعالى: ﴿ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ﴾ وثَنَّى بعلاقة أخرى هي الحكمة، فقال سبحانه: ﴿بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ﴾ وثَلَّثَ بعلاقة الحوار، فقال: ﴿وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾ [النحل: ١٢٥].
والأقليات المسلمة تُفَرِّقُ بين من يعاديها في تلك المجتمعات، ومن يناصرها ويدافع عن حقوقها من غير أهل ملتها، فترفع الأقليةُ المسلمة في علاقتها بغير المسلمين
_________
(١) الأقليات في المنظور الإسلامي: رؤية مقاصدية، د. كمال السعيد حبيب: بحث مقدم إلى ندوة فقه الأقليات المسلمة في ضوء مقاصد الشريعة، اندماج وتميز، بماليزيا (ص ٣).
1 / 12
شعار: ﴿لَيْسُوا سَوَاءً﴾ [آل عمران: ١١٣]، فمن أعانها ولم يُعِنْ عليها فإن العلاقة معه تقوم على البر والقسط، وعلى أساس من قوله تعالى: ﴿لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ﴾ [الممتحنة: ٨].
ولا يمتنع أن تقوم عندئذٍ علاقاتُ التعاونِ على البِرِّ والتقوى؛ لعموم قوله تعالى: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾ [المائدة: ٢].
ولقوله ﷺ: "والذي نفسي بِيده لا يسألونني خطة يعظمون فيها حرمات اللهِ إلا أعطيتهم إِياها" (١).
وعن هذا المبدأ نشأ تعاونٌ تجاريٌّ واشتراكٌ مصلحيٌّ، وغير ذلك من العلاقات الاجتماعية البشرية الصحيحة، ولا يعني ما سبق استبعادَ وجودِ علاقةِ التَّدَافُعِ الثابتة بقوله تعالى: ﴿وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ﴾ [البقرة: ٢٥١].
وكذا فإن هذه العلاقة يستتبعها من مخططات التذويب والانصهار ما يُلْزِمُ أهلَ الإسلامِ بحفظِ ثوابتهم وإقامةِ عقائِدِهم، وتحريرِ ولائِهم لله ورسوله وللمؤمنين، والحرصِ على هويتهم المسلمة أن تذوى أو تتميع، بل وتنبغي مشاركة هذه الأقليات -كل بحسبه- في نصرة قضايا المسلمين عامَّةً من خلال وجودهم في أقطارهم، وقد تَبَدَّى هذا مؤخرًا في موقف مسلمي العالم من قضية كسر الحصار عن غزة الأبية وسفن الإغاثة الإنسانية وأسطول الحرية!
ومن هنا تتأكَّدُ مشاركةُ هذه الأقليات المسلمة في قضايا أُمَّتِهَا بعد أن تُنَظِّمَ صفوفَهَا وتُوَحِّدَ مسيرتَها، وتَجْمَعَ كلمتها. وهنا تتعين الإشارة إلى أن أقلية يهودية لا يزيد تعدادها في العالم بأسره عن ثلاثين مليونًا، تلعب دورًا خطيرًا في الإعلام العالمي، وتعبث بمقدراتٍ اقتصاديةٍ لدولٍ كبرى، وتتحكم في مجريات السياسة العالمية، في حين أن الأقلية المسلمة تزيد عن عشرة أضعافها عدديًّا، ومع هذا فلا تأثيرَ يُذْكَرُ، أو جهودَ تُؤْثَرُ.
_________
(١) أخرجه: البخاري، كتاب الشروط، باب: الشروط في الجهاد، (٢٧٣١، ٢٧٣٢)، من حديث المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم ﵄.
1 / 13
وَيُقْضَى الْأَمْرُ حِيْنَ تَغِيْبُ تَيْمٌ ... وَلَا يُسْتَأْمَرُونَ وَهُمْ شُهُودُ
ولا شكَّ أن أفرادًا من الأقليات المسلمة كان لها تأثيرها البارز؛ كالدكتور علي عزت بيجوفيتش (١) الذي كان يومًا من الأقلية، ثم أصبح زعيمًا وقائدًا سياسيًّا، وكذلك ليبولد فايس (محمد أسد) (٢) مؤلف كتاب: "الإسلام على مفترق الطرق"، ومراد هوفمان (٣) مؤلف كتاب: "الإسلام كبديل"، وغيرهم كثير من الشخصيات المؤثرة على مستوى العالم.
وحتى تؤدي هذه الأقلياتُ واجبَهَا نحو نفسِهَا، ونحو دينِهَا وأُمَّتِهَا فلا مناصَ من تَوَحُّدِهَا، وتنظيمِهَا، وجمعِ كلمتِهَا، وإيجادِ ما يسمى: بـ "فقه الأقليات المسلمة".
_________
(١) ناشط سياسي بوسني وهو كاتب إسلامي، ولد عام ١٩٢٥ م، عمل مستشارًا قانونيًّا خلال ٢٥ سنة ثم اعتزل وتفرغ للبحث والكتابة، وهو أول رئيس جمهورية للبوسنة والهرسك، بعد انتهاء الحرب في البوسنة، وظل في هذا المنصب منذ سنة ١٩٩٠ م إلى ١٩٩٦ م. كما كان أول عضو في مجلس الرئاسة البوسني منذ سنة ١٩٩٦ م إلى ٢٠٠٠ م، من مؤلفاته: "الإسلام بين الشرق والغرب"، و"البيان الإسلامي" أو "الإعلان الإسلامي"، وكتاب "هروبي للحرية"، وتوفي ﵀ سنة ٢٠٠٣ م، عن ٧٨ عامًا.
(٢) ولد سنة ١٩٠٠ م لأبوين يهوديين، وبدأ تعليمه منذ صغره ليصبح حاخامًا مثل جده، وهو نمساوي الأصل، اتجه للصحافة فبرع فيها، وعمل مراسلًا صحفيًّا في الشرق العربي والإسلامي، فأقام مدة في القدس ثم زار القاهرة فالتقى بالإمام مصطفى المراغي، فحاوره حول الأديان، ثم بدأ بتعلم اللغة العربية في أروقة الأزهر، وهو لم يزل بعدُ يهوديَّا، ثم أسلم ﵀ وقام بالمشاركة في الجهاد مع عمر المختار، ثم سافر إلى باكستان حيث عمل رئيسًا لمعهد الدراسات الإسلامية في لاهور، وهناك قام بتأليف الكتب التي رفعته إلى مصاف ألمع المفكرين الإسلاميين في العصر الحديث، ومن أشهر ما كتب "الإسلام على مفترق الطرق" وله كتاب "الطريق إلى مكة"، كما قام بترجمة معاني القرآن الكريم وصحيح البخاري إلى اللغة الإنجليزية. توفي ﵀ سنة ١٩٩٢ م، ودفن في مقابر المسلمين بالأندلس.
(٣) دبلوماسي ومؤلف ألماني بارز، ولد سنة ١٩٣١ م، اعتنق الإسلام عام ١٩٨٠ م، عمل منذ الخمسينيات في سفارة ألمانيا الاتحادية في الجزائر، وعمل كخبير في مجال الدِّفاع النَّووي في وزارة الخارجية الألمانية، كما عمل كمدير لقسم المعلومات في حلف الناتو في بروكسل من عام ١٩٨٣ م حتى ١٩٨٧ م ثم سفيرًا لألمانيا في الجزائر من ١٩٨٧ م حتى ١٩٩٠ م ثم سفيرًا في المغرب من ١٩٩٠ م حتى ١٩٩٤ م، وكان إسلامه موضع جدل بسبب منصبه الرَّفيع في الحكومة الألمانية، وله عدة مؤلفات منها: "الإسلام كبديل"، و"رحلة إلى مكة"، و"الإسلام في الألفية الثالثة"، وغير ذلك.
1 / 14
وهو فقه يراد منه حفظ دين هؤلاء الأفراد والطوائف والجماعات، والتأكيد على هويتها وقيمها وأخلاقها الإسلامية.
كما يراد منه ضبط صلتها بالمجتمع الذي تعيش فيه، فلا انعزال ولا ذوبان، وإنما تفاعلٌ واعٍ، وتأثيرٌ نافعٌ، وانتفاعٌ مشترَكٌ.
ثم يأتي التطلع إلى نشر الإسلام بطريقة سلمية بين صفوف الأكثرية، والتمكين للإسلام وأهله على تلك الأرض.
ثم إن لهذه الأقليات عملَهَا الذي يمكن أن يُسْتَثْمَرَ في مصلحة قضايا الأمة على جميع الأصعدة والمجالات السياسية والاقتصادية والإعلامية.
وغني عن البيان أن مصطلح: "فقه الأقليات المسلمة" يتضمن ما هو أبعدُ من الإجابة عن سؤالات في أمور عملية تتعلق بالمكلفين هنالك، فهو أكبر وأعمق من ذلك، وإن كانت المسائل ذات الطبيعة الفقهية تفرضُ نفسَهَا بإلحاح لإيجاد الجواب عنها، وهو أمر تنامى الاهتمام به مؤخَّرًا فرديًّا وجماعيًّا، حتى كثرت في ذلك الفتاوي وتعددت؛ بل واضطربت -أحيانًا- وتخالفت!
ثم إن الشأن أنه إذا كثرت الفروع وتعددت أن تُرَدَّ إلى أصول جامعة تضبط وحدتها، وتقيم منهجها على سَنَنٍ واضحةٍ، ومعالِمَ لائحةٍ.
ولا شكَّ أن الحياة المعاصرة بطبيعتها المتطورة، وإيقاعها المتلاحق -ولا سيما في بلاد الأقليات المسلمة- يدفع للوجود بمسائلَ متشابكةٍ، ونوازلَ مُعَقَّدَةٍ.
ونوازل تلك الأقليات المسلمة في الدرجة القصوى من وعورة المسالك، ودقة المآخذ؛ لغياب الإسلام عن حكم تلك الأقليات، وتعدد الديانات والولاءات، واستضعاف المسلمين هناك، مع قلة العلم الشرعي أو انعدامه أحيانًا، والتباس منهج الاستنباط والحكم أحيانًا أخرى.
وهو أمر يدعو إلى بذلِ أقصى وسعٍ، واستفراغِ كل جهدٍ في تأصيل أحكام تلك النوازل، وضبط منهج الاستدلال لها، والوصول إلى الحكم الشرعي فيها.
1 / 15
ولمَّا كان تأصيل أحكام تلك النوازل المستجدة من الأهمية بمكان، فإنه لم تَسْبِقْ بعدُ محاولاتٌ تأصيليةٌ، ومداخلاتٌ شرعية قوية في إحكام بنيان التأصيل الفقهيِّ الأصوليِّ المقاصديِّ لفقه نوازل الأقليات المسلمة.
ولمَّا كانت تلك النوازل الخاصة بالأقليات لا تتناهى فلا يكفي عندئذٍ مجرد ذكر الحكم عاريًا عن دليله وتأصيله.
لأجل ذلك كله كان اختيار هذا الموضوع المهم والبحث في هذا المجال المعاصر؛ ليكون أطروحتي للحصول على درجة العالمية (الدكتوراه) في الفقه الإسلامي بكلية الشريعة من جامعة الأزهر الشريف بعنوان: "فقه النوازل للأقليات المسلمة تأصيلًا وتطبيقًا".
وذلك أولًا بجمع ما تفرَّق من تلك القواعد الأصولية والمقاصدية والفقهية، بما يقيم منظومة فقهية أصولية تُبْنَى عليها مسائلُ هذه الفئة المغتربة عن ديار الإسلام.
كما عُنِيَتْ هذه الدراسة باستفادة أحكام بعض النوازل من خلال التطبيق على القواعد الضابطة، والأصول الحاكمة، حيث طرحت بعض نوازل الأقليات في فقه العبادات، والمعاملات، والأحوال الشخصية، والسياسة الشرعية.
وعليه، فقد جاء البحث متضمنًا لجوانب ثلاثة رئيسة هي: تحرير المنهجية الصحيحة في استنباط أحكام النوازل عامة، وبناء تأصيليٌّ لفقه نوازل الأقليات، وأخيرًا تطبيق لاستنباط أحكام بعض هذه النوازل في عدة مجالات.
وفيما يلي خطة البحث:
قسمتُ مادةَ هذا البحثِ إلى مقدمة، وثلاثةِ أبوابٍ، وخاتمة.
أما المقدمة فقد عرضتُ فيها أهميةَ موضوعِ البحث، وأسبابَ اختيارِهِ، إضافةً إلى منهج البحث وخطته.
وأما الأبواب الثلاثة فكانت على النحو التالي:
1 / 16
الباب الأول: مفهوم نوازل الأقليات المسلمة، ويشتمل على فصلين:
الفصل الأول: فقه النوازل للأقليات المسلمة وأهميته، ويشتمل على ثلاثة مباحث:
المبحث الأول: تعريف فقه النوازل.
المبحث الثاني: ثمرة دراسة فقه النوازل وأهميته.
المبحث الثالث: مفهوم نوازل الأقليات.
الفصل الثاني: واقع الأقليات المسلمة، ويشتمل على أربعة مباحث:
المبحث الأول: نشأة الأقليات المسلمة وتاريخها.
المبحث الثاني: الواقع الإحصائي للأقليات المسلمة.
المبحث الثالث: خصائص الأقليات المسلمة.
المبحث الرابع: مشكلات الأقليات المسلمة.
الباب الثاني: التأصيل لفقه النوازل للأقليات المسلمة، ويشتمل على أربعة فصول:
الفصل الأول: الأحكام الشرعية بين الثبات والتغير، ويشتمل على ثلاثة مباحث:
المبحث الأول: خصائص الشريعة الإسلامية.
المبحث الثاني: الثبات والتغير في الأحكام الشرعية.
المبحث الثالث: أسباب تغير الفُتيا والأحكام الفقهية الاجتهادية.
الفصل الثاني: أهمية التأصيل لفقه النوازل للأقليات وخصائصه ومقاصده
ويشتمل على ثلاثة مباحث:
المبحث الأول: أهمية التأصيل لفقه نوازل الأقليات وحكمه.
المبحث الثاني: أسباب وخصائص نوازل الأقليات المسلمة.
المبحث الثالث: المقاصد الشرعية لفقه نوازل الأقليات المسلمة.
1 / 17
الفصل الثالث: الأصول والقواعد الحاكمة لفقه نوازل الأقليات، ويشتمل على تسعة مباحث:
المبحث الأول: القواعد الأصولية والمقاصدية والفقهية والفرق بينها.
المبحث الثاني: القواعد المتعلقة بالاجتهاد.
المبحث الثالث: القواعد المتعلقة بالرخص والمشقات.
المبحث الرابع: القواعد المتعلقة بالضرورات والحاجات.
المبحث الخامس: القواعد المتعلقة بالمقاصد.
المبحث السادس: القواعد المتعلقة بالتعارض والترجيح بين المصالح والمفاسد.
المبحث السابع: القواعد المتعلقة بالمآلات.
المبحث الثامن: القواعد المتعلقة بالعرف.
المبحث التاسع: القواعد المتعلقة بالولاية والسياسة الشرعية.
الفصل الرابع: مناهج وطرق استنباط الأحكام الفقهية للنوازل وضوابطها، ويشتمل على مبحثين:
المبحث الأول: مناهج الحكم على النوازل.
المبحث الثاني: طرق استنباط أحكام النوازل وضوابطها.
الباب الثالث: من أحكام نوازل الأقليات، ويشتمل على خمسة فصول:
الفصل الأول: من نوازل العبادات، ويشتمل على ثلاثة مباحث:
المبحث الأول: من نوازل الطهارة: أثر الاستحالة في التطهير.
المبحث الثاني: من نوازل الصلاة: أوقات الصلوات لأهل القطبين والمناطق الشمالية.
المبحث الثالث: من نوازل الزكاة: حكم دفع الزكاة لغير المسلمين ببلاد الأقليات.
الفصل الثاني: من نوازل المعاملات، ويشتمل على مبحثين:
المبحث الأول: حكم التمويل البنكي لشراء المساكن في المجتمعات الغربية.
المبحث الثاني: أحكام عقود التأمين خارج ديار الإسلام.
1 / 18
الفصل الثالث: من نوازل النكاح، ويشتمل على ثلاثة مباحث:
المبحث الأول: حكم الزواج من غير المسلمات في غير دار الإسلام.
المبحث الثاني: حكم الزواج الصوري بقصد الحصول على الإقامة أو الجنسية في غير دار الإسلام.
المبحث الثالث: حكم بقاء من أسلمت تحت زوجها الكافر.
الفصل الرابع: من نوازل الطلاق، ويشتمل على مبحثين:
المبحث الأول: حكم الطلاق الذي يُوقِعُه القاضي غيرُ المسلم في بلاد الأقليات.
المبحث الثاني: ولاية المراكز الإسلامية في التطليق والتفريق.
الفصل الخامس: من نوازل السياسة الشرعية، ويشتمل على مبحثين:
المبحث الأول: حكم التجنس بجنسية دولة غير مسلمة.
المبحث الثاني: المشاركة السياسية في الدول غير المسلمة.
الخاتمة.
المراجع.
الفهارس.
منهج البحث:
لقد اعتمدت في منهج الكتابة والبحث فيما تناولته من مباحثَ ومسائلَ على الأسس التالية:
١ - تتبع مصادر كل مسألة، والاطلاع على مراجعها القديمة والحديثة بحسب الإمكان، وقد حصل لي من المراجع الحديثة -خاصة- قدر ليس بالقليل، والحمد لله.
٢ - الاعتناء بالتمهيد للمسائل بما يوضحها بحسب المقام مع ما يتضمنه من بيان التعريف اللغوي والاصطلاحي للمصطلحات الواردة.
٣ - تحرير محل الخلاف في المسائل الخلافية، سواء أكانت من المسائل القديمة التي اشتهر الخلاف فيها بين أهل العلم، أو كانت من النوازل التي جدَّتْ واختلف المعاصرون في حكمها.
1 / 19
٤ - ذِكْرُ الأقوال في تلك المسائل بأدلتها، وبيان وجه دلالتها، وما يرد عليها من مناقشات غالبًا، وربما اختصرتُ في ذكر المناقشات؛ لكون المسألة ليست من صلب مسائل البحث، ثم ترجيح ما يظهر رجحانه.
٥ - عزو الآيات القرآنية إلى السور، وتخريج الأحاديث النبوية من مصادرها، ونقل حكم أهل العلم على الأحاديث من حيث الصحة والضعف ما أمكن.
٦ - توثيق نصوص العلماء بالرجوع إلى كتبهم مباشرة، واعتماد الكتب الموثقة في مذاهبهم، والعناية بالنقل الحرفي لإثبات صحة النسبة، إلا ما دعت الحاجة إلى اختصاره أو الإشارة إليه في مظانِّهِ.
٧ - ترجمة الفقهاء المذكورين في صلب الرسالة.
٨ - وضع خاتمةٍ وفهارسَ تفصيليةٍ للموضوعات والمصادر والمراجع التي ورد ذكرها في الرسالة.
وفي ختام هذه المقدمة أحمد الله تعالى على انتهائي من هذا العمل وأشكره، وأتوجه بخالص الشكر والتقدير والامتنان إلى السادة العلماء أساتذتي الفضلاء الذين تعاقبوا على الإشراف على هذه الرسالة، وهم: أ. د/ محمد عبد الستار الجبالي، أستاذ ورئيس قسم الفقه بكلية الشريعة بالقاهرة، ثم أ. د/ علي علي منصور، أستاذ ورئيس قسم الفقه بكلية الشريعة سابقًا، وأخيرًا فقد أذن الله ﷿ بإتمام هذا العمل على يدي فضيلة أ. د/ محمد راشد أبي زيد، أستاذ ورئيس قسم الفقه بكلية الشريعة سابقًا، والذي لم يأل جهدًا في دفع مسيرة هذا العمل العلمي وتسديده، والله تعالى أسأل أن يتقبل منه الصالحات، وأن يعلي درجته في الجنات، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
1 / 20