وأخت، فأعطى البنت النصف والأخت النصف: لقد ضللت إذا وما أنا من
المهتدين، فجعل القول الآخر الذي جعله المصوبة صوابًا عند الله
ضلالًا، وهذا أكثر من أن يحيط به إلا الله تعالى.
وأيضًا فالأحاديث والآيات الناهية عن الاختلاف في الدين المتضمنة
لذمه كلها شهادة صريحة بأن الحق عند الله واحد، وما عداه فخطأ، ولو
كانت تلك الأقوال كلها صوابًا لم ينه الله ورسوله عن الصواب ولا ذمه.
وأيضًا فقد أخبر الله تعالى أن الاختلاف ليس من عنده وما لم يكن
من عنده فليس بالصواب، قال تعالى: ﴿وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا
فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا﴾ وهو وإن كان في اختلاف ألفاظه فهو يدل على أن ما
اختلفت معانيه ليس من عند الله، إذ المعنى هو المقصود.
وأيضًا فإذا اختلف المجتهدان فرأى أحدهما إباحة دم إنسان، والآخر
تحريمه ورأى أحدهما تارك الصلاة كافرا مخلدًا في النار، والآخر رآه مؤمنًا
من أهل الجنة، فلا يخلو إما أن يكون الكل حقًا وصوابًا عند الله تعالى
في نفس الأمر، أو الجميع خطأ عنده، أو الصواب والحق في واحد من
القولين، والآخر خطأ، والأول والثاني ظاهر الإحالة وهما بالهوس أشبه
منهما بالصواب، فكيف يكون إنسان واحد مؤمنًا كافرًا مخلدًا في الجنة وفي
النار. وكون المصيب واحدًا هو الحق وهو منصوص الإمام أحمد ومالك
والشافعي، كما حكاه أبو إسحاق في شرح اللمع له أن مذهب الشافعي
أن المصيب واحد، وهذا قوله في القديم والجديد.
قال القاضي أبو الطيب وليس عنده مسألة تدل على أن كل مجتهد
مصيب، وأقوال الصحابة كلها صريحة أن الحق عند الله في واحد من
الأقوال المختلفة وهو دين الله في نفس الأمر الذي لا دين له سواه.