وناقض فرفوريوس في قوله أن الطبيعة تفعل بغير عقل ولا فكر ولا إرادة وليس تفعل بالاتفاق وقد تفعل شيئا من أجل شيء. لأن هذا لا يكون إلا من العاقل المميز المريد.
ولم أر أحدا منهم أطلق عليها لفظ الاختيار إلا ما حكاه يحيى النحوي عن فلوطينس. فإن كان هذا قد جعلها مختارة وهي موات فقد بلغ الغاية في المناقضة وقد استدل فرفوريوس وغيره في المقالة الثانية من سمع الكيان على أن الطبيعة إنما تفعل ما تفعل لغرض ومن أجل شيء من الأشياء. فإن قال إن الطبيعة أجل من المهنة وأعظم قدرا كما أن الإنسان الحي الذي هو طبيعي أجل قدرا من الإنسان المصور، قال وإذا كان كذلك وكان صاحب المهنة يفعل ما يفعل من أجل شيء ما فكذلك الطبيعة إنما تفعل ما تفعل من أجل شيء ما لا تجئ بالحبط والاتفاق، فيقال له أليس صاحب المهنة إنما يفعل من أجل شيء ما وهو حي قادر مريد مفكر عالم لما في الشيء الذي يقصده ويفعل من أجله من المنفعة؟ فلا بد من نعم، يقال له أفكذلك الطبيعة؟ فإن قال نعم نقض قوله، وإن قال لا فقد خالف موضوعه مثله. وقيل له ما تنكر من أن تكون المهنة يفعل ما يفعل بها لغرض ما ومن أجل شيء ما ولا تكون الطبيعة كذلك؟ ويقال لهم إن المهنة عندنا لا تفعل شيئا ولكن ذا المهنة هو الذي يفعل لأن الفاعل هو النجار والبناء لا البناء والنجارة، والنجار والبناء حيان وهما أعلى من الطبيعة الموات. وإذا كان الإنسان الحي هو الفاعل فهو الطبيعي عندكم فكأنكم قستم الشيء على نفسه واحتجوا أيضا ببناء الخطاف لوكره والزنابير لبيوتها وبآثار الحكمة في ذلك وأنها فعلت ذلك لغرض ما وأن فعلها ذلك بالطبع. فيقال لهم إنكم تخالفون
পৃষ্ঠা ১২১