فصل: واما الارض الصفراء
فقريبة من الارض البيضاء فى الطبع والجوهرية، الا ان هذه الارض احط وادنى واقل فائدة. ولا يصلح فيها من الثمار الا ما كان له اصل يخرقها وينفذها. وهى تحتاج الى المعاناة بالزبل الكثير لان الزبل لا يمازجها سريعا كما يفعل بسائر الارضين، ولا يكاد الزبل يمازجها ويتفق معها الا عند تمام العام او قريبا من تمامه، وهى محتاجة الى المواظبة بالخدمة وتكرار الزبل عليها المدة بعد المدة حتى تميل الى الزبل تقبله وتوافقه ويعفن الزبل فيها ويرجع ارضا جديدة وما جعل بعد ذلك من الزبل فيها قبلته قبولا حسنا وتتركب فيها حرارة ورطوبة وتصلح لجميع النبات وتلحق بغيرها من الارضين وبالجملة فانها ارض ضعيفة معتلة متغيرة لا تصلح الا بكثرة المعاناة والتزبيل والخدمة ومتى عدمت ذلك لم يكن فيها منفعة البتة
فصل: واما الارض الحمراء
فالغالب على طبعها الحرارة واليبوسة وحرارتها اكثر من يبوستها فمن اجل ذلك صار فيها رطوبة متمكنة قوية وهذه الارض غلظ فى بشرتها وقوة فى ذاتها فهى لذلك محتاجة الى اكثر الخدمة والعفن عليها فينبغى ان تقلب وتحرق ويحول اعلاها اسفلها واسفلها اعلاها، فبهذا العمل يدق ترابها وتلين شدتها فاذا فعل ذلك بها احتملت فى اول مرة ان يزرع فيها كل ما يحتاج اليه دون زبل وهى محتملة للماء الكثير وهى قليلة الوغل والعشب الاحرش كالخرشف وما جرى مجراه واذا حركت هذه الارض تحركت واذا تحركت لم يكن فيها عشب يذهب برطوبتها، لانها ضنينة بما عندها لا يجود فيها ما زرع فيها الا بعد الخدمة والاجتهاد، وحينئذ ينجب كل ما زرع فيها ولا يقوم معه عشب يشاركه فى الغذاء ويكون النبات الذي يزرع فيها ثابتا رزينا قويا، ولا تحتاج هذه الارض الى الزبل الكثير وما تحتاج منه الى اليبس حتى يكاد لا يظهر فيها الا ان تغمر زمانا لا يفتر عن الزراعة ودوام الماء عليها، فيطرح لها من الزبل حينئذ ما تحتاج اليه وهذه الارض تقبل الماء قبولا جيدا وتشربه شربا معتدلا شيئا بعد شيء لا تبلعه جملة واحدة كما تفعل سائر الارضين، ولا يسرى من الماء فيها الا ما رق منه ويتقى قفله على وجهها وتملك الثرى ويدوم فيها. ويوافقها من الثمار ما كان ملائما الى الحرارة واليبوسة مثل التفاح والاجاص وعيون البقر والتوت واللوز ويجود فيها الورد ويأتى حسنا. وسيأتى وصف ذلك فى موضعه ان شاء الله
পৃষ্ঠা ৪৬