আধুনিক আরব চিন্তা: ফরাসি বিপ্লবের রাজনৈতিক ও সামাজিক দিকনির্দেশনায় তার প্রভাব
الفكر العربي الحديث: أثر الثورة الفرنسية في توجيهه السياسي والاجتماعي
জনগুলি
وكانوا يرجعون إلى سيرة النبي وأقواله، فيجدونه في ساعة عصيبة من العهد الذي ذاق فيه ألوان الاضطهاد يقسم أن لو وضع خصومه كلا من القمر والشمس بيديه لما رجع عن رسالته، وهو مثال يتبع في الثبات على العقيدة، وفي الإيمان بحق الإعلان عن الرأي. وكانوا أيضا يرددون من مأثور حديثه: إذا رأيت أمتي تهاب الظالم أن تقول له: إنك ظالم، فقد تودع منها.
وفي زمن الراشدين، كانوا يرون كره الخلفاء للملكية الوراثية المطلقة وما يصحبها من أبهة وبذخ في طريقة الحياة وما تستدعيه من حراس وحجاب وابتعاد عن الشعب. كانوا يسمعون قول القرآن في الملوك:
إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة ، ويسمعون رأي أبي بكر في الجالسين على العروش، وتصريح عمر بن الخطاب: «ما أنا بملك فأستعبدكم.» وكانوا يقرءون ما تسجله التواريخ عن ابن الخطاب من مباشرته أمور الناس بنفسه، ومراقبته العمال (الولاة)، وحرصه على بيت المال، وألا تثري الأسر ذوات النفوذ على حساب الرعية. كانوا يسمعون قوله للناس: «كلكم راع وكلكم مسئول.» ويرددون جوابه الشهير للبدوي: «الحمد لله الذي جعل فيكم من يقوم اعوجاج عمر.» فيستنتجون أن للأمة حقا في محاسبة حكامها. وكانوا يتمثلونه نائما كأحد الناس، يوقظه الفارسي متعجبا من رئيس دولة يرقد ولا حارس له، فيجيبه الفاروق: عدلت، فأمنت، فنمت!
وكانوا، إذا راحوا يقرءون أخبار الفتوحات الأولى، يرون كيف التقت جيوش العرب تحت لواء المبادئ الشورية الجديدة في أصول الحكم، بجيوش الفرس وهي تحت لواء الأوتوقراطية الكسروية.
كانوا يقرءون كيف وقف رستم قائد الفرس على قنطرة القادسية قبل المعركة الشهيرة، فواجه مفاوضا عربيا هو فيما سماه التاريخ زهرة، فحدثه المفاوض العربي عن الدين الجديد الذي تألق نوره في سماء الجزيرة العربية ودعاه ودعا الفرس إليه، فقال رستم: أرأيت إن أجبت إلى هذا ومعي قومي كيف يكون أمركم، أترجعون؟ قال المفاوض العربي: إي والله! ففكر رستم، لقد كان سمع من المفاوض العربي أن هذا الدين الجديد «يخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة الله»، وفي ذلك - معنويا وعمليا - ما فيه من المس بأوتوقراطية التاج الفارسي، ومصالح الأشراف والدهاقين، والنظام الاجتماعي الفارسي جملة، فقال للمفاوض العربي: «إن أهل فارس منذ ولي أردشير لم يدعوا أحدا يخرج من عمله من السفلة، وكانوا يقولون: إذا خرجوا من أعمالهم تعدوا طورهم وعادوا أشرافهم.» ومعنى هذا في لغة علم الاجتماع الحديث أن النظام الاجتماعي الفارسي كان نظاما يقسم السفلة (أي جماهير الشعب) إلى طوائف يلتزم كل فرد طائفته التي ولد فيها ووضعه الاجتماعي لا حق له أن يتزحزح عنه، فهو فلاح قن مثلا يكون ابنه فلاحا قنا أيضا، وهو محترف عمل الأحذية مثلا يكون ابنه محترفا عمل الأحذية أيضا، وهكذا ...
فأجاب المفاوض العربي بقوله لرستم: نحن خير الناس للناس، فلا نستطيع أن نكون كما تقولون، بل نطيع الله في السفلة ولا يضرنا من عصى الله فينا.
ولم يكن رستم غبيا، فأحس أن هذا الدين الجديد لن يقبل بنظام اجتماعي إقطاعي متحجر كالنظام الفارسي، ولن يقر الأوتوقراطية الفارسية ويلقي الحبل على الغارب للأشراف والدهاقين.
وكانوا يقرءون محضرا آخر من محاضر المفاوضة بين العرب والفرس قبل القادسية، إذ طلب رستم مفاوضا من العرب يأتيه في الخيمة، فأرسل إليه سعد بن أبي وقاص المغيرة بن شعبة، فأقبل المغيرة فوجد القوم عليهم التيجان والثياب المنسوجة بالذهب، قد فرشت بسطهم على مسافة غلوة فلا يوصل إلى صاحبهم حتى يمشي عليها. وكان رستم قد تأخر عن الحضور مبالغة في الأبهة والعظمة، فما زال المغيرة منطلقا على البسط حتى انتهى إلى مقعد فخم، فارغ، كان مقعد رستم، فجلس عليه. فوثبت رجال الحاشية وأنزلوه ومعكوه، فصاح بهم: قد كانت تبلغنا عنكم الأحلام، ولا أرى قوما أسفه منكم! إنا معشر العرب لا يستعبد بعضنا بعضا، فظننت أنكم تواسون قومكم كما نتواسى. كان أحسن من الذي صنعتم أن تخبروني أن بعضكم أرباب بعض. اليوم علمت أنكم مغلوبون. إن ملكا لا يقوم على هذه السيرة ولا هذه العقول!
وكانوا يقرءون كيف أن أشراف الفرس لما سمعوا كلام المغيرة قالوا: والله لقد رمى بكلام لا يزال عبيدنا ينزعون إليه (أي يميلون إليه).
1
অজানা পৃষ্ঠা