আধুনিক আরব চিন্তা: ফরাসি বিপ্লবের রাজনৈতিক ও সামাজিক দিকনির্দেশনায় তার প্রভাব
الفكر العربي الحديث: أثر الثورة الفرنسية في توجيهه السياسي والاجتماعي
জনগুলি
سنة ست من إضافة الجمهور الفرنساوي، أعني أواخر شهر محرم سنة 1213 هجرية. (من «تاريخ الأمير حيدر الشهابي»، الجزء الثاني)
أحمد فارس الشدياق (1801-1887)
الوطني الزائف
من الناس من يبالغ في مدح وطنه ويحن إليه حنينه إلى سكنه، فيصف مروجه ورياضه، وبروجه وحياضه، ووهاده وجباله، وتلاعه وتلاله، وربوعه ودياره، ونباته وأشجاره، وبقوله وثماره، ودوحه وأطياره، وطيب هوائه ولذة مائه، ويزعم أن فصوله كلها كالربيع حسنا، وأن جميع أقطاره تتدفق بركة ويمنا، وأن شهرا فيه خير من ألف عام في غيره، وأن كل بلد مستمد من خيره ومحتاج إلى ميره، ثم يزفر زفير الهائم الحيران، ويصرخ صراخ الولهان: ألا إن حب الوطن من الإيمان، لقد جبت السهولة والحزون، وركبت الذلول والأمون، وطوفت في الأمصار، وجولت في الأقطار، وضربت في مناكب الأرض مستقصيا، واختبرت أحوال من عليها مستفتيا، وسبرت أطوارهم وأوطارهم، وعلمت قوافيهم وأسرارهم، فلم أجد عيشا هنيئا إلا في بلادي، ولم يرقني شيء غير ما رأيته فيها من طارئ وعادي؛ فنعمت البلاد مثوى، وطابت مقاما ومأوى، وإنها الجديرة بأن تكون مقاما للملوك، وما غيابهم عنها إلا من النوك؛ فمن أين يجدون لها مثيلا، ومن ذا الذي يبغي عنها حئولا؟ هي البلاد التي تغزلت بها الشعراء، فقال فيها فلان أبياتا وقال فيها فلان قصيدة غراء، وأسمع ما قيل في جداولها ونواعيرها، وبلابلها وعصافيرها، وخمائلها وأزاهيرها، وصروحها وقصورها، ومصانعها ودورها، وظبائها ومراتعها، وزكائها ومواقعها، وفي أريج آفاقها وبهيج أشفاقها، ونضرة حدائقها وبهجة شقائقها، بل قد ذكرت أيضا في بعض الكتب المنزلة في عدة مواضيع مفصلة؛ فقيل إنها معدن الخير والكرم، ومثوى الصالحين من الأمم، ومنها كان مبدأ الصنائع والعلوم في كل معمول ومعلوم، فإذا قلت له: كيف جارك الأدنى، لعله كان لك عونا وخدنا؟ قال: ويلي إنه شر جار، وهو على البلاد عار وشنار. فكيف جاره الذي يليه، عسى أنه ممن توالفه وتصافيه؟ قال: ويلي إنه شر من أخيه. فكيف أهل الحارة طرا؟ قال: ويلي إنهم كانوا كلهم علي شرا، ولم أجد منهم إلا ضرا. فكيف أهل البلد أجمعين؟ قال: ويلي ما منهم أمين ولا معين. فما كأنهم خلقوا من ماء وطين؟ قال: ويلي إني قد اختبرتهم جميعا فلم أجد لأحد منهم من خلاق، وإن هم إلا جهال أغبياء، ينقادون لمن يأمرهم من الأغنياء؛ فإنهم عبيد الدرهم والدينار، ولا يبالون إلا بملء بطونهم ولو من الخشار. فكيف أهل المدن والأمصار؟ قال: ويلي إنهم أولو غبن وغش وتغرير وإخفار، ما تعامل منهم من أحد إلا ويمنيك بالكمد والنكد والخسار؛ لأنهم لما كانوا متقلبين في أمور المعاش، ومنهمكين في اتخاذ الأثاث والرياش، ظنوا أن سائر الناس همج، فما عليهم في غبنهم من حرج. فكيف أهل الجبال، عسى أنهم ممن صفت طويتهم وطاب منهم البال؛ فتلك خلة قد اختصوا بها في جميع الأزمان، وشان قد عرفوا به في كل قطر ونعم الشأن؟ قال: ويلك ومن أين لهم الصفاء وقد فطروا على الشراسة والجفاء فابتعدوا عن الآداب فكادوا أن يحصوا مع الذئاب؛ فإن أحدهم ليقتل أخاه على خبزة يسد بها جوعه، ويسلب صديقه في أكلة ويحرمه هجوعه؛ هذه حالة سكان البلاد، الحاضر منهم والباد، فلا تكثرن من السؤال ، ولا يخطرن ببالك غير هذه الحال. فإن قلت له: ولكن كيف اشتملت بلادكم على تلك المحاسن وأهلها على هذه المساوئ الشوائن؟ قال: إن أهلها الأولين، كانوا من الخيرين، فحرثوها وزرعوها وعمروها، ثم فسد الزمان، فجاءت خلفاؤهم فاسدة، لكن بقيت تلك المحاسن فيها فائدة. ولكن ما معنى فسد الزمان، وهو لم يكن صالحا قط منذ خلق الإنسان، والتواريخ على ذلك شاهدة، ونصوصها عليه متساندة متعاضدة؟ ثم كيف فسدت الناس وأنت بقيت من بينهم صالحا ترى كل من سواك طالحا؟ ولو كنت من الصالحين لما رأيت في غيرك خلقا يشين؛ فإنما ينظر في عيون الناس من كان أسوأ منهم حالا:
ومن يك ذا فم مر مريض
يجد مرا به الماء الزلالا
كذا قال الشاعر الحكيم؛ فما أنت في طعنك على جنسك إلا مليم، وإن امرأ يحسب جميع أهل بلاده دونه لجدير بأن يشيعوا مفتونه ويذيعوا جنونه ويتجنبوا محضره ويتنكبوا منظره؛ فيا للعجب ممن يمدح وطنه ليرجع المدح إلى نفسه مع ذم قومه وجنسه، وممن لا يعجبه شيء مما يقال إلا إذا كان ذاته وصفاته محورا للمقال، ومع ذلك فإنه يقول حب الوطن من الإيمان، وهو لأهله شنآن، وبذكر عيوبهم سكران، وعن عيوب نفسه وسنان! هكذا حالة أكثر الناس في هذا الزمان، وهذه محبتهم للأوطان، وهي محبة كاذبة، ودعوى عائبة. ومنهم من يغار على وطنه، ويجتهد في نفع سكنه، وإذا ذكر من قصور أهل بلاده شيئا فإنما لتنبيههم لا لتشويههم، ولحثهم على الوصول إلى الكمال لا للتنديد بهم لدى الأجيال، ولكي يحملهم على عظائم المساعي لا لأن يقوم بالنعي على أفعالهم مقام الناعب الناعي؛ فتراه كلما سنحت فرصة لنفعهم انتهزها، أو لبانة لخيرهم تنجزها؛ فمثله كمثل المربي الشفيق والمتعهد الرفيق الذي يحزن لحزن من يتعهده ويفرح لفرحه، ولا يطيب له عيش إلا إذا رآه مثله في غبطته وسرحه. لا جرم أن العيش لا يطيب إلا إذا كان لكل واحد من رغده حظ ونصيب، فأما إذا اختص الإنسان بنعمة ورأى غيره في كرب وغمة فلن يهنئه ورود مشربها والتمتع بها. وقولنا الإنسان المراد به من كملت إنسانيته وصفت سريرته ونيته؛ فهو يرى سعادة جاره داعية لبلوغ أوطاره وتشييد داره، لا من كان ذا عينين ولسان يطعن بلسانه طعن السنان وينظر بعينيه معايب الأقران؛ فشتان ما بينهما ثم شتان! فقد عرفت أن بعض الناس يمدح ولا غيرة له، وبعضهم يغار ولا يمدح وأن هذا لهو الأصلح. ألا قل لمن يطرئ نفسه ويزكيها: إن أنت بهذه التزكية إلا مذكيها، وإن ما خفي عليك من شينها أكثر مما ظهر لك من زينها، وإنك كما تدين تدان، وكما تهين تهان، فإن كان قد استحوذ عليك الغفول لعلمك رفع الفاعل ونصب المفعول، واستهواك الغرور لمعرفتك «بون جور»، فاعلم أنك ما علمت شيئا إلا ما علمت، ولا فهمت معنى إلا ما فهمت، فبم تفتخر؟ ومن الذي تحتقر؟ ولم لا تعتبر فتنزجر وفيك يدخل الطاهر فيستحيل نجسا؟ ولست ترى إلا مفراحا أشرا أو جزعا مبتئسا، فاقن الحياء، وليكن عرفانك بقدرك أول ما تعرفه من الأشياء، إن الله عليك رقيب، ولا يخفى عليه مغيب. (من مقالته «جمل أدبية» نقلا عن «مجالي الغرر لكتاب القرن التاسع عشر»، القسم الأول)
رفاعة رافع الطهطاوي (1216-1290ه)
(1) حق الفرنساوية المنصوب لهم
1
অজানা পৃষ্ঠা