قالت: دعه يسأل ما شاء وادخل معي، فنحن قادمان دون أن يعلم أحد بوصولنا ولا سيما أنت، فالكل يجهلون أنك موجود في هذه الدنيا. ثم أقبلت على خادم وقالت له: أين المسيو دي موري وزوجته؟
فأجابها: لقد خرجا من المنزل.
قالت: فأين الأميرال دي لامارش وزوجته؟
أجاب: إنهما لا يقيمان في هذا المنزل منذ نحو شهرين.
قالت: هذا أمر غريب، فما معناه؟ وعطفت على المسيو دراك، فأخذت يده وقالت: تعال فلا بد لي أن أظهر لك سروري وفرحي.
فحاول أن يسكتها، فلم تدع له وقتا للتكلم، وقالت: إني أعرف ما تريد أن تقوله، فأنت تريد أن تقول: إن سروري لا يعنيك، وإنك لا تحب الانفعالات، وإنك مسافر إلى إنكلترة على أول قطار، وإنك لا تريد أن تتعرض فتاة مثلي لشئونك، أو يهتم أحد بك، وإنك راغب في الصيد في أعماق البحار حتى تخلو إلى أنانيتك، ولا تفكر في غير نفسك، فتأكل وتشرب وتضحك أو تبكي دون أن يشاطرك أحد سراءك أو ضراءك، وأفراحك أو أتراحك، وهكذا تغدو أسعد رجل في الدنيا. كل ذلك تريد أن تقوله لي، وأنا أعرفه، ولكن البث ها هنا ساعة قبل الشروع في تلك الحياة الطيبة، واشهد ملاقاتي لوالدي، وتأمل كيف يكون الحب بين أفراد أسرة واحدة، وكيف يسعد الناس به، أكثر منك بوحدتك وجفاء طبعك؛ لأن سعادتهم ناجمة عن اتحادهم وتشاركهم في الحب!
وسمع ملطار هذه الكلمات ففهم الحقيقة، وأدرك أن سيدته الصغيرة تجهل ما وقع من الحوادث في البيت، فارتعد خوفا عليها، وخرج لها من الموضع الذي كان مختبئا فيه، فصاحت لما رأته، وحيته، ومدت إليه يدها فلثمها بحنو وغمغم يقول: سيدتي.
فقالت له وهي ضاحكة: آه لو سمعت البواب، فهو يريد أن يمنعني من الدخول بحجة أن المسيو دي موري وزوجته غائبان الآن!
فقال المسيو دراك: بل أراد أن يعرفنا أولا، وأنت المخطئة؛ لأنك منعتني عن إخبار والديك برسالة برقية عن قدومك. قالت: أردت مفاجأتهما.
فأشار المسيو دراك إشارة إلى الخادم الهندي لكي لا تبدو منه بادرة فيطلع بوليت على الحقيقة، وإذا بالفتاة تصيح به قائلة: تكلم يا ملطار عن أبي وأمي، فكيف هما؟ حدثني عنهما معا!
অজানা পৃষ্ঠা