أجاب: إنها أعطتني الحياة، فيجب عليها أن ترفق بي لأنني مولودها، ولم أقترف إثما لتنتقم مني! ولكن لا نفع من هذا الجدال، ولا أقنعك كما أنك لا تقنعينني؛ لأن كلا منا على صواب فيما يدعي. إنما أريد أن أعلمك أنني لا صبر لي على ما أنا فيه من عسر وضنك، ولا أمنية لي إلا الرحيل عن هذه الديار التي تعودت أن أبغض ما فيها ومن فيها، ولكنني لا أسافر وأنا صفر اليد، بل أريد أن أتزود شيئا من المال لأسعى في الأرض لعلني أغدو من المفلحين.
قالت: فماذا تطلب؟
قال: ما قدر البائنة التي تناولتها من والدتك حينما زوجتك؟
أجابت: لست أدري تماما، ولكن ربما كانت ثمانمائة ألف فرنك. قال: أما أنا فلا أطلب من أمك إلا عشر ذلك المال، ثم أعفيها من كل طلب في الحال وفي الاستقبال، فارتعدت وقالت: مائة ألف فرنك! من أين لي هذا القدر الجسيم؟ أجاب: لست أطلبه منك ولكن من والدتك.
قالت: وهل تظن أنها أقدر مني على التصرف بمثل هذا القدر فيما لو أعلمتها بطلبك؟ - ليس ذا بطلب، ولكنها صفقة أو مساومة على رحيلي وسكوتي؟ - ولكنك تطلب أمرا مستحيلا، وأنت تدري أن النساء المتزوجات لا يتصرفن بأموالهن إلا بموافقة أزواجهن، بمقتضى شريعتنا. - على زوجة الأميرال دي لامارش أن تجد الوسيلة الصالحة للوصول إلى تسوية عادلة لذلك الدين، فهي منذ ما ولدتني قد أصبحت مديونة لي، أما إذا حاولت التخلص من هذا الدين فإنني أعلن خبره على رءوس الملأ.
فصاحت: كلا! ذلك لا تفعله أبدا، وما كنت لتفشو سر والدة أنت تعرف أنها مثلك ضحية تلك الأنظمة الاجتماعية التي لم يسمح لها بالتطور والتقدم ومواكبة سير العلم والاختراع.
قال وعيناه من هذه الأقوال الفلسفية الآن: وإني أقسم بالله على أنني سأفعل ما ذكرته لك. فبهتت المسكينة رعبا وقالت: لو عرفت وسيلة للحصول على الملايين لدفعتها لك، إذن سأبحث لأجد القدر الذي تطلبه ...
قال: لا يهمني أن تبحثي أنت أو تبحث هي، وشرطي الحصول على المال في كل حال، ويوجد وسيلة هينة إن شئت كتمان خبري عن أمك، هي أن تكلمي زوجك الكونت دي موري، فلا يبخل عليك بكل ما تطلبينه منه، فصاحت: حاشا لله أن أخبر أحدا ولا سيما زوجي، والموت أحب إلي من أن أفضح والدتي المحبوبة.
قال روبر: افعلي ما يروق لك شرطا أن تفلحي ... وإني أمهلك يومين، قالت: ولكن هذا مستحيل. - تدبري، فأنا أنتظرك بعد غد ها هنا في مثل هذه الساعة. - لست أريد أن أجيء مرة ثانية إلى هذه الغرفة التي تلقيت فيها ذلك النبأ الفظيع. - فاختاري مكانا غير هذا المكان. - لست أدري! وإنما أنا أذهب إلى كنيسة سن جرمين كل يوم. - لا بأس، أنتظرك في الكنيسة في مثل هذا الوقت بعد غد. - نعم، ولكن ... - ولكن ماذا؟ - أي شيء يؤكد لي زوال الخطر من نحوك بعد أن أدفع لك المال؟ ألا يمكن أن تعود إلى طلب المال ثانية؟ - لو أقسمت لك لخفت أن لا تصدقيني، ولا يسعني إلا أن أعطيك رسائل والدتك فهي كافية ... فنهضت لورانس وقالت: بعد غد نلتقي في كنيسة سن جرمين في الساعة الرابعة، وانصرفت وهي في أسوأ حال من الاضطراب.
وفي اليوم التالي قصدت إلى حانوت أكبر جوهري في باريس، وهو المسيو سميث المشهور بصدقه، ومن عنده كانت ابتاعت كل جواهرها، فلقيته في الحانوت وأنبأته بأنها تحتاج إلى مائة ألف فرنك دون أن يعلم بها زوجها، وأنها حملت إليه أنفس جواهرها، وطلبت منه أنن يبدلها بجواهر كاذبة حتى لا يرتاب أحد بإبدالها.
অজানা পৃষ্ঠা