فاعتدلت وقالت وقد لمعت عينها: «لماذا»؟
قلت: «وندعو فلانة وفلانا - من أقربائنا - ونذهب جميعا ومعنا الأولاد إلى القناطر الخيرية، فنقضى يومنا هناك بين الخضرة والماء».
قالت: «ولكنه سينقصك الوجه الحسن».
قلت: «يا خبيثة.. هل تظنين أنى تزوجتك وأنا مغمض العينين»؟ •••
وحشرتهم جميعا فى السيارة، ودسست السلة التى فيها الطعام والشراب فى مكان مجعول لما يحمل المسافر من زاد ومتاع، وكانت الساعة الثانية مساء حين انطلقنا فبلغنا القناطر بعد نصف ساعة، فحملنا أشياءنا وتركنا السيارة فى حراسة رجل من الواقفين هناك المستعدين لهذه المهمات. وتخيرنا مكانا يشرف على الماء وتظلله أشجار باسقة، وبسطنا السجادة وألقينا عليها صفحات من جرائد الصباح والمساء، ووضعنا عليها الصحون والصوانى ثم شرعنا نأكل، ولم يكن الطعام فيما يبدو لعيوننا الفارغة كثيرا.. فجعل بعضنا يخطف من بعض فكانت ألذ أكلة وأهنأها، ثم طرحنا الوسائد على السجادة واستلقينا فنام من نام. ولما آذنت الشمس بالغروب ركبنا زورقا فى ترعة أشمون، ثم بدا لنا أن نعود لندرك الشيخ رفعت وهو يتلو القرآن الكريم - فما نحب أن يفوتنا ذلك منه قط - فرجعنا إلى حيث السيارة.. فاذا بها قد اختفت..
بهت حين رأيت مكانها خاليا فوقفت كالصنم، وأقبلت على زوجتى تسألنى وتهز ذراعى، فقلت لها وقد أفقت قليلا: «نعم.. هزى ذراعى بقوة.. إن بى حاجة إلى الشعور بأنى لست أحلم وأن هذا ليس كابوسا..».
قالت: «أين ذهبت»؟ قلت: «فتشينى.. لقد كانت هنا.. تركتها فى هذا المكان.. وليس فى الأرض ما يدل على أنها انشقت وابتلعتها ... ولست أعرف أن لها أجنحة، فلا يمكن أن تكون طارت. إن الطريقة الصحيحة للاهتداء إلى الحقيقة هى أن يبدأ المرء بنفى كل الاحتمالات غير المعقولة، كما تريننى أصنع الآن».
فصاحت «لولو» قريبتنا: «لقد سرقها اللصوص».
فصحت بها: «تالله ما أذكاك يافتاتى.. ولكن كيف لم نفطن إلى هذا بمثل هذه السرعة المدهشة»؟
فقالت لولو: «وماذا تكون مزية العبقرية وفضيلتها إذن»؟
অজানা পৃষ্ঠা