1- قد وصفنا علة عدم ولاد البخال فى القول الذى سلف ووصفنا حال الحيوان الذى يلد حيوانا فى جوفه وخارجا فاما الحيوان الدمى الذى يبيض بيضا فبنوع يكون ولاد الحيوان المشاء واحدا هو فهو، ولذلك يمكن ان يكون فيها القول واحدا، وبنوع آخر يكون بين الحيوان المشاء وبين قياس بعضه الى بعض اختلاف وفصول كثيرة. فبقول كلى يكون جميع هذه الاجناس من سفاد ونزو <و>من الزرع الذى يفضى الذكورة فى الاناث. ومن الحيوان الذى يبيض بيضا اجناس الطيور يبيض بيضا تاما جاسى القشر، إن لم تعرض له ضرورة لحال مرض ولجميع بيض الطير لونان، فاما صنف السمك البحرى الذى يسمى باليونانية صالاخى وكل ما يشبهه بالصورة فهو كما قلنا مرارا شتى يبيض فى جوفه، ويخرج من ذلك البيض حيوان اذا انتقل البيض من مكان آخر من اما كن الرحم الى مكان آخر، وبيض هذه الاصناف يكون لينا وله لون واحد. وانما يبيض خارجا بيض صنف واحد من هذه الاصناف وهو الذى يسمى ضفدع. وسنذكر علته وفى أخرة. فاما ساير اصناف السمك الذى يبيض فلون بيضها اذا باضت واحد غير انه ليس بتام، لأ نه يقبل النشو خارجا لحال العلة التى هى فهى اعنى التى من اجلها يكون البيض فى داخل الرحم تاما. وقد وصفنا فيما سلف حال الارحام ولخصنا فصولها ولأى علة هى، وقلنا ان من الحيوان الذى يلد حيوانا ما يكون رحمه فوق عند الحجاب ومنه ما يكون رحمه اسفل عند المفاصل. فالحيوان الذى يسمى باليونانية سالاخى يكون رحمه فوق عند الحجاب فاما الحيوان الذى يلد حيوانا فى جوفه فرحمه اسفل مثل الانسان والفرس وكل واحد من الحيوان الذى يشبه ما ذكرنا. ومن الحيوان الذى يبيض بيضا ما يكون رحمه اسفل مثل السمك الذى يبيض بيضا، ومنه ما يكون رحمه فوق مثل ارحام الطير. و<ربما> يكون فى الطير حمل من ذاته اعنى البيض الذى يسمى عند بعض الناس بيض الريح، وانما يكون ذلك فى الطير الكثير الولاد ولا يكون فى شىء من الطير الجيد الطيران ولا المعقف المخاليب، وذلك لأن الطير الذى يكثر البيض كثير الفضلة. فاما فضلة الطير المعقف المخاليب فهو يميل الى جناحيه وريشه ويفنى هناك، وجسد هذا الصنف من الطاير صغير يابس حار. وقد قلنا فيما سلف ان الفضلة الطمثية والزرع فضلة من فضول الجسد. ولأن طباع الزرع وطباع الجناح يكون من الفضلة لا يقوى الطباع ان يمد هذين الاثنين. ولحال هذه العلة التى هى فهى لا يكون الطير المعقف المخاليب سفادا ولا كثير الولد، فاما الطير الثقيل الجيد الطيران الذى لجسده جسم فهو يكثر الولاد، مثل الحمام وجميع الاصناف التى تشبهه. فاما الطير الثقيل الجسد الذى ليس يجيد الطيران مثل الدجاج والقبج وساير الاجناس التى تشبه هذه فلها فضلة كثيرة مثل الفضلة التى ذكرنا. ولذلك يكثر ذكورتها السفاد وفى الاناث هيولى كثيرة، ومن هذه الاصناف ما يكثر البيض ومنها ما يبيض بيضا كثيرا ومرارا شتى، فاما الذى يبيض بيضا كثيرا فمثل الدجاج والقبج والنعام، فاما الاجناس التى تسمى الحمام فهى <لا> تبيض بيضا كثيرا و<لكن> مرارا شتى. وهذه الاصناف فيما بين الطير المعقف المخاليب والطير الثقيل، لأنه جيد الطيران مثل الطير المعقف المخاليب وله جسم مثل الطير الثقيل، فلأنها جيدة الطيران باضطرار تميل الفضلة الى الجناحين والريش ويكون البيض قليلا، ولحال جسم الجسد وحرارة البطن يبيض مرارا شتى وخاصة لأن وجود طعمه يسير، فاما الطير المعقف المخاليب فليس يكسب طعمه إلا بعسرة وشدة. وما صغر من الطير ايضا يكون سفاده كثيرا والبيض <كثير> كما يعرض فى الحين لبعض الشجر، لأن النشو الذى يكون فى الجسد يصير فضلة زرعية. ولذلك يكون الدجاج الذى يسمى دجاج ادريانوس الملك كثير البيض جدا لحال صغر جسده ولأن الغذاء يميل الى خلقة البيض. وكلما كان من الدجاج صغير الجثة يكون اكثر بيضا من العظيم الجثة، لأن اجسادها اكثر رطوبة من غيرها. فاما اجساد الصنف الآخر فهى ايبس واسرع الى الغضب، وانما يكون الغضب الشديد فى الاجساد الكثيرة التيبس. وايضا دقة الساقين وضعفهما مما يوافق كينونة طباع هذا الصنف، وهذا الصنف سفاد كثير البيض كما يعرض للناس، من اجل ان الغذاء الذى يذهب الى الرجلين ويبقى هنال يميل ويصير فضلة زرعية، لأن ما نقص الطباع من هناك زاد على الفضلة الزرعية. فاما الطير المعقف المخاليب فرجله ثابتة قوية وساقه غليظة لحال تدبير حياته، فمن اجل جميع هذه العلل ليس هو سفاد ولا كثير البيض، ما خلا الطير الذى يسمى قنخريس فانه كثير البيض وحده فقط. وليس يشرب شىء من الطير المعقف المخاليب مثل شرب هذا الطير، والرطوبة الطباعية والدخيلة من خارج موافقة لتوليد الزرع مع الحرارة التى فيه. وهذا الطير ايضا لا يبيض بيضا كثيرا، بل يبيض اربع بيضات اكثر ما يبيض. فاما الطير الذى يسمى باليونانية قوققس فهو قليل البيض وان لم يكن معقف المخاليب لأن طباعه بارد، وذلك بين من شكل الطير، وينبغى ان يكون الحيوان الموافق لكثرة الزرع حارا رطب المزاج. وهذا الطير الذى وصفنا جزوع جدا. وذلك بين من قبل انه يطرد من جميع اجناس الطير ويفرخ فى اعشة غريبة. فاما الاجناس التى تشبه الحمام بالمنظر فهى تبيض بيضتين اكثر ما تبيض. ولا تبيض بيضة واحدة، لأنه ليس يمكن ان يبيض شىء من الطير بيضة واحدة ما خلا الطير الذى يسمى باليونانية قوققس، وهو ايضا ربما باض بيضتين، وليس يبيض هذا الصنف من الطير بيضا كثيرا بل يبيض مرارا شتى بيضتين او ثلاث بيضات اكثر ما يبيض، وانما عادته ان يبيض بيضتين. وهذا العدد فيما بين ما يبيض بيضتين وما يبيض كثيرا. وهو بين ان غذاء اجساد ما يكثر البيض والولد يميل ويتغير ويصير زرعا. وبيان ذلك من قبل الاعراض التى تعرض، فان الشجر الذى يكثر حمل الثمر جدا ييبس بعد ذلك الحمل اذا لم يبقى للجسد غذاء، وكلما كان من النبات الذى يحمل حمل سنة يشبه ان يلقى ذلك، مثل الحبوب والحنطة وجميع التى تشبه هذه، لأن الغذاء كله يفنى فى الزرع. واجناس هذه الاشياء كثيرة الزرع. وبعض الدجاج يبيض بيضا كثيرا جدا وربما باضت بيضتين فى يوم واحد فيهلل بعد ذلك عاجلا.*** فهذا العرض <يعرض> للطير والشجر بنوع واحد فهذه الآفة تكون من فضلة خروج الزرع. وهذه الآفة علة قلة ولاد رحم الاسد ايضا، فان اللبوة تضع اولا خمسة او ستة جراء ثم تضع اربعة ثم ثلائة جراء ثم اثنين حتى تنتهى الى واحد***، وانما يكون ذلك لأن الغذاء يفنى فى فضلة الزرع واذا جاز الشباب وقل الزرع وقفت من الولاد البتة. وفى بعض الطير يكون البيض الذى يسمى بيض الريح كما قلنا فيما سلف. فقد بينا العلة التى من اجلها يكون بعض الطير كثير البيض وبعضه قليل البيض. وانما يكون بيض الريح، كما قلنا فيما سلف، لحال الهيولى الزرعية التى تكون فى الاناث، وليس يعرض لشىء من اجناس الطير خروج طمث كما يعرض للحيوان الدمى، فان خروج الطمث يعرض له جميعا ولبعض يخرج اكثر ولبعض اقل، وربما عرض للحيوان كثرة خروج طمث حتى يظهر ذلك ظهورا بينا. وليس يعرض هذا العرض للسمك ايضا كما لا يعرض للطير. ولذلك يكون فى اجواف بعض السمك حمل بغير سفاد كما يكون فى بعض الطير، غير ان ذلك ليس هو فى السمك بينا كما يستبين فى الطير، لأن طباع السمل ابرد. وخروج الطمث الذى يعرض للحيوان الذى يلد حيوانا يكون*** فى ازمان حركة الفضلة <و>لأن المكان الذى يقرب من الحجاب حار يعظم ما يحمل على مثل هذه الحال <و>يكون له حمل ولا يكون تاما فى الولاد، وكذلك يعرض للسمك، ولا يمكن ان يكون الحمل تاما موافقا للولاد بغير زرع الذكر. وقد ذكرنا علة ذلك فيما سلف. وليس يكون بيض الريح فى الطير الجيد الطيران للعلة التى هى فهى اعنى العلة التى من اجلها لا يبيض بيضا كثيرا ايضا. والفضلة التى فى اجساد الطير المعقف المخاليب قليلة ولذلك تحتاج الاناث الى الذكورة لحال تهيج خروج الفضلة. والبيض الذى يكون من الريح اكثر من البيض الموافق لولاد الفراخ، وجسمه اصغر لعلة واحدة هى فهى، لأنه يكون اصغر عظما من قبل انه ليس بتام ولكثرة العدد يكون اقل لذة فى الاكل*** من اجل ان النضج فى جميع الاشياء احلا واعذب واطيب من غيره. وقد ظهر لنا ظهورا فيه كفاية انه لا يتم بيض الطير ولا بيض السمك ولا يكون موافقا للولاد بغير الذكورة. وقد قلنا فيما سلف انه يكون فى بعض اناث السمك حمل بغير ذكورة وليس ذلك بينا فى السمك كما هو بين فى الطير. وقد ظهر هذا العرض فى السمك النهرى الذى يسمى باليونانية اروترينو، فان هذا الجنس يظهر من ساعته وفيه بيض كما قلنا فيما سلف من اقاويلنا. وبقول كلى البيض الذى يكون فى الطير من السفاد لا يقبل النشو اكثر ذلك إن لم تسفد الانثى سفادا ملحا متتابعا. وعلة ذلك مثل ما يحدث خروج طمث النساء لدنوهن من الرجال، لأن الرحم اذا سخن جذب الرطوبة والسبل تنفتح. وهذا العرض يعرض للطير اذا مالت الفضلة الطمثية الى الرحم قليلا قليلا ولم تخرج خارجا لقلتها ولأن ارحام الطير فوق عند الحجاب، فهذه الفضلة تصير الى الرحم وتحتبس فيه. وينشو البيض كما ينشو جنين الحيوان الذى يلد حيوانا لقبوله الغذاء الذى يصير الى الرحم من قبل السرة. فاما اذا سفد الطير مرة واحدة يكون فيه ابدا بيض ويكون صغيرا جدا. ولذلك قال بعض الناس ان بيض الريح يكون من بقية سفاد. وذلك كذب لأنا قد عاينا معاينة فيها كفاية فرارج دجاج ووز صغير فيه بيض الريح من غير سفاد. وايضا اناث القبج التى لم تسفد والتى تسفد*** اذا شمت ريح الذكورة و سمعت اصواتها امتلت اجوافها بيضا، ومنها ما يبيض بيضا بغتة. وسرعة خروج البيض للعلة التى ذكرنا <اعنى> للعرض الذى يعرض للناس وللحيوان الذى له اربعة ارجل، فانه اذا كانت الاجساد هايجة مشتاقة الى السفاد منها ما تعاين ومنها ما تمس مسا يسيرا وتفضى زرعا. وهذه الاصناف من اصناف الطير السفادة كثيرة الزرع من قبل الطباع، ولذلك اذا كانت هايجة لا تحتاج <إلا> الى حركة يسيرة حتى تخرج منها الفضلة. ولذلك يكون تقويم بيض <الريح> فى الطير الذى لم تسفد، وينشو ويتم بيض ما يسفد عاجلا. فاما الحيوان الذى يبيض بيضا خارجا فالطير يبيض بيضا تاما والسمك يبيض غير تام ولكنه ينشو خارجا كما قلنا فيما سلف. وعلة ذلك من قبل ان جنس السمك كثير البيض. فلم يكن ممكنا ان يقبل التمام فى داخل الرحم، ولذلك يبيض السمل بيضه خارجا. وخروج ذلك البيض سريع، لأن ارحام الحيوان الذى يبيض بيضا خارجا متصلة للمفاصل وخاصة ارحام السمك. ولبيض الطير لونين ولبيض جميع السمك لون واحد. وانما تكون اللونان من قبل قوة الاعضاء، اعنى العضو الابيض والعضو <الاصفر>. فقد يكون خروج من الدم ايضا من اجل انه لا يمكن ان يبيض بيضا حيوان ليس بدمى، وقد قلنا فيما سلف ان الدم هيولى الاجساد ورددنا هذا القول مرارا شتى. فمنه ما يكون قريبا من منظر <الاشياء> التى تحدث وهو الحار. فاما الجزء الارضى فمنه يكون تقويم الجسد وان كان ابعد من الآخر كثيرا. ولذلك يكون للبيض لونان فابتداء ولاد الحيوان يكون من الابيض، لأن اول النفس فى الحار، فاما الغذاء فهو يكون من الاصفر. وفى الحيوان الذى طباعه اسخن من غيره يكون مفترقا والذى يكون منه الاول والذى منه العذاء، واحدهما ابيض والآخر اصفر، واكثر وانقا من الابيض الارضى. فاما فى الحيوان الذى هو ارطب واقل حرارة فالابيض اكثر وارطب. وهذا العرض يعرض للطير الذى يأوى النقايع، لأن طباع ذلك الطير ارطب وابرد من الطير السيار، ولذلك تكون الصفرة فى مثل هذه الاصناف كثيرة ولونها دون لون غيرها، اعنى اقل صفرة، لأن افتراق البياض من الصفرة اقل من افتراق غيره. وهذا الطير بارد الطباع اكثر من جميع الحيوان الذى يبيض بيضا وهو ايضا ارطب، وجنس السمك مثل هذا، وليس فيه البياض مفترقا لحال الصغر وكثرة الجزء البارد الارضى. ولذلك يكون لجميع بيض السمك لون واحد وهو مثل خلط من الصفرة والبياض. فاما بيض الطير الذى يكون من الريح فله لونان، لأن فيه الجزءين اعنى العضوين الذى منه الاول والذى منه الغذاء، وهذا البيض غير تام لأنه محتاج الى زرع الذكر، فان بيض الريح اذا كان فى الرحم وسفدت الانثى من الذكر يكون ذلك البيض موافقا لخروج الفراخ منه. وليس علة اللونين التى فى جوف البيض الذكر والانثى، من قبل ان اللون الابيض من الذكر واللون الاصفر يكون من الانثى بل اللونان يكونان من الفضلة التى توجد من الانثى ومنها ما هو بارد ومنها ما هو حار. فاذا كانت الحرارة فيها كثيرة افترقت هذه الالوان، واذا كانت الحرارة قليلة لم تقو على الافتراق. ولذلك يكون لون بيض هذه الاصناف واحدا. فاما زرع الذكر فهو يقوم فقط، ولذلك يظهر البيض اولا صغيرا ابيض فى الطير. فاذا مضت به ايام صار كله اصفر لحال خلط كثرة الفضلة الدمية. وعند التمام تخرج الحرارة ويصير الابيض حول الاصفر مثل رطوبة تغلى بنوع واحد فى كل ناحية، لأن الابيض من الطباع رطب وفيه الحرارة النفسية. ولذلك يفترق ويكون حول الصفرة، فاما الصفرة فهى داخل لأنها ارضية. وإن اخذ احد بيضا كثيرا وكسره وضرب ما فى جوفه ما بعضه ببعض تم وضعه فى مثانة وحركه حركة جيدة ثم انضجه *** وجد الصفرة فى الوسط والبياض محدقا بتلك الصفرة كأنه من بيضة واحدة فقط. فقد وصفنا العلة التى من اجلها يكون لبعض البيض لونان ولبعض لون واحد. 2- والاول الذى يكون من الذكر يفترق فى البيض من الناحية التى يكون البيض فيها ملتام بالرحم، ويكون البيض الذى له لونان غير شبيه بغيره ولا يكون مستديرا على كل حال بل يكون من الناحية الواحدة حادا اكثر من الناحية الأخرى لحال الاختلاف الذى يكون فيه ابدا من قبل الابيض الذى فيه الاول ولحال هذه العلة تكون تلك الناحية اعنى الحادة من البيضة اكثر جساوة من الناحية السفلى، لأنه ينبغى ان يستر ويحفظ الاول الذى فى البيضة [وخارج]. ولذلك تخرج الناحية الحادة من البيضة فى أخرة لأن الناحية العليا الملتامة بالرحم تخرج فى أخرة، وانما تكون ملتامة بالرحم الناحية التى فيها الاول، وينبغى ان يكون الاول فى الناحية الحادة. وبقدر هذا النوع يعرض لبزور الشجر، لأن اول الزرع يكون ملتاما ومنه ما يكون ملتاما بالقضبان ومنه ما يكون ملتاما بالقشور كما يكون فيما يحيط بالثمرات ويحفظها. وذلك بين فى الحبوب التى تؤكل. وحيث يكون انضمام الناحيتين من نواحى الباقلى وما يشبهه من الحبوب هنالك يكون التيام الاول وهنالك ابتداء الزرع. وخليق ان يسأل احد مسألة عويص ويقول بأى نوع يكون نشو البيض من الرحم، فان الحيوان الذى يكون فى الرحم يقبل الغذاء والنشو من السرة، فماذا يقبل البيض ذلك النشو، فان نشو البيض لا يكون مثل نشو الدود من ذاته. فان كان شىء به يلتام البيضة الى الرحم أين يصير اذا تمت البيضة، لأنه لا يخرج معها كما تخرج سرة الحيوان. وانما يكون الخزف الذى يحيط بالبيضة اذا تمت خلقتها. فهذا الطلب طلب مستقيم. وقد خفى على الذين يطلبون هذا الطلب ان الخزف الذى يكون حول البيضة يكون اولا لينا [اعنى بقولى خزف القشر]، فاذا تمت خلقة البيضة يكون ذلك القشر قحلا جاسيا وتلك الجساوة معتدلة ولذلك تخرج البيضة وهى بعد لينة. ولو كانت جاسية جدا لكانت موجعة مؤذية للذى يرج منه. فاذا خرجت جمدت وجست، من ساعتها لأنها تبرد ولاسيما لأن الرطوبة تنفش عاجلا لقلتها، ويبقى الجزء الارضى. فبعض هذا الصفاق يكون فى الابتداء مثل سرة فيما يلى الناحية الحادة من البيضة ويكون منها على بعد اذ كانت البيضة صغيرة وتكون بمنزلة انبوبة. وذلك بين فى البيض الصغير الذى يسقطه الطير، فانه إن اصاب الطير برد او علة اخرى واسقط يكون ذلك البيض دمى اللون وفيه سبيل صغير شبيه بسبيل السرة. فاذا كبر امتد هذا السبيل اكثر ثم يكون اصغر ولا سيما عند التمام. واذا تم يعرض ان تكون الغاية فى ذلك المكان، وتحته الصفاق الذى يميز ما بين الابيض والاصفر. فاذا كملت خلقته صارت البيضة كلها مرسلة. وبحق لا يظهر هذه السبيل الذى يشبه السرة. وانما الطرف طرف الآخر بعينه. خروج البيض يكون على خلاف خروج الحيوان، لأن الحيوان يخرج على الرأس <و>الاول. فاما البيض فكأنه يخرج على الرجلين، وعلة ذلك من قبل انه ملتام بالاول. ويعرض ان يكون ولاد الطير من البيضة اذا جلست الانثى على البيض وسخنته، فان الحيوان يخرج من جزء من اجزاء البيضة ويقبل النشو ويتم من الجزء الباقى، لأن الطباع يصنع هيولى الحيوان فالذى فيه كفاية من الغذاء للنشو فى البيضة معا، من قبل ان الطير لا يقوى على ان يتم خلقة ما يحمل فى جوفه، حتى يصير غذاء لحيوان معه. فاما الحيوان الذى يلد حيوانا فغذاؤه يكون فى عضو آخر اعنى بقولى غذاؤه اللبن الذى يكون فى الثديين. والطباع يهيئ غذاء الفراخ التى تخرج من البيض فيه وذلك على خلاف ما يظن الناس وخلاف قول القنيون الذى كان من قروطونيا، لأنه ليس الابيض يكون مثل لبن بل الاصفر، ومنه يكون غذاء الفراخ. فاما القنيون واصحابه فانهم يظنون ان الذى مثل اللبن الابيض لحال شبه اللون. فالفرخ يكون من جلوس الدجاجة على البيضة وإسخانها إياها كما قلنا فيما سلف. وذلك فى الزمان الموافق والمكان الدفئ، فانه اذا كان ذلك سخن البيض من ذاته ويخرج فراخ، وكذلك يعرض لجميع بيض الحيوان الذى له اربعة ارجل ويبيض بيضا، لأن هذا الصنف كله يبيض على الارض فيسخن ذلك البيض من الحرارة التى فى الارض. وما كان منه متعاهدا لبيضه رابضا عليه فهو يفعل ذلك لحال الحفظ وليس لحال دفاه. فبهذا النوع يكون بيض الطير وبيض الحيوان الذى له اربعة ارجل جاسى القشر فى داخله لونان، وتقويمه قريب من الحجاب مثل تقويم بيض الطير، وهذه الاعراض جميعا تعرض من داخل وخارج فالرأى واحد فى علة جميع ما وصفناه. وبيض الحيوان الذى له اربعة ارجل يسخن ويبلغ من قبل دفاء الزمان لحال قوته، فاما بيض الطير فلقلة دفائه ولحال ضعفه يحتاج الى السخونة والدفاء الذى يكون من الا م. والطباع يشبه ان يهيئ حاجة كل مولود ويصير حس مدبر فى كل حيوان يلد او يبيض. ويهيئ ذلك فى الحيوان الاردى فى منتهى الولاد فقط، وفى ساير الحيوان الى وقت التمام. وما كان من الحيوان احلم فهو يعنى بغذاء وتعاهد ما يلد ايضا، وبعد التمام يبقى فيما بين الوالدين والولد مودة وصداقة كما يكون فى الناس. فذلك ايضا يكون فى بعض الحيوان الذى له اربعة ارجل، فاما الطير فهو يفعل ذلك الى وقت الولاد والتربية. ومن اجل هذه العلة اذا لم تجلس الاناث على البيض الذى تبيض تسوء حالها وتتغير كأنها تعدم الشىء من الاشياء التى تولد معها. والفراخ تتم فى البيض عاجلا فى الايام الدفئة، لأن الزمان والدفاء يعين على نضوج وبلوغ الخلقة***. والاناث تفعل ذلك لأنها تعنى بتنبئ الزمان الموافق لجلوسها على البيض. والبيض يفسد ويكون رديئا فى الزمان الحار الدفئ، وذلك يعرض بحق. ومثل هذا العرض يعرض للشراب فى الزمان الحار فانه يحمض اذا تحرك وانقلب ثقله، ولهذه العلة يفسد البيض لأن الصفرة التى فيها تتغير. وانما يكون ذلك فى كليهما من قبل الجزء الارضى، ومن اجل ذلك يتكدر الشراب اذا خالطه الثفل، وما يفسد من البيض انما يفسد من قبل المح. فبحق يعرض هذا العرض للاصناف التى تبيض بيضا كثيرا، لأنه ليس بهين ان تصير فى جميع البيض حرارة فيها كفاية، بل تكون فى بعض البيض ناقصة وفى بعضها زايدة ولذلك يتحرك الثفل ويكدر الكل لأنه يعفنه. فاما الطير المعقف المخاليب فهو يبيض بيضا قليلا، وهذا العرض يعرض له ليس بدون ما يعرض لغيره، فانه يبيض بيضتين او بيضة واحدة ومرارا شتى توجد البيضة الواحدة فاسدة***. وذلك من قبل ان هذا الصنف من اصناف الطير حار الطباع فهو يصير الرطوبة التى فى البيض كأنها تغلى. وطباع الصفرة اعنى المح على خلاف طباع البياض. ولذلك تجمد الصفرة فى زمان البرد، واذا سخنت ترطبت. ولهذه العلة تترطب ايضا اذا كانت فى الارض وسخنت، ولذلك يكون هذا المح غذاء الحيوان الذى يتقوم فى جوف البيضة. فاما اذا حمى او شوى المح فليس يكون جاسيا لأن طباعه ارضى مثل الموم. ولذلك يكون لينا اذا سخن ودفئ، فاما اذا اصابته رطوبة من فضلة الرطوبات فهو يرق ويفسد. فاما بياض البيضة فليس يجمد من البرد بل يترطب اكثر، وقد ذكرنا علة ذلك فيما سلف. فاما اذا حمى يكون صلبا. وعند ولاد الفراخ يثخن ويغلظ، لأن تقويم الحيوان يكون منه، فاما الصفرة اعنى المح فهو يكون غذاء الفراخ وغذاء الاعضاء التى يحدث تقويمها لأن نشوها منه. ولهذه العلة صار البياض والمح مفترقين بصفاقات تفرق ما بينهما لحال اختلاف الطباع. ومن اراد علم ذلك يقينا وبنوع لطيف اعنى كيف حال هذه الاشياء عند ابتداء الولاد وكيف قياس بعضها الى بعض وبعد تقويم الحيوان وحال الصفاقات وحال السرة فليعلم ذلك من الاقاويل التى وصفنا فى خلقة ومناظر الحيوان. فاما فيما نطالب من النظر والفحص حيننا هذا فانا نكتفى بهذا البيان والايضاح ان اول ما يكون من الاعضاء تقويم القلب والعرق العظيم، ومن ذلك العرق تتشعب وتخرج وتمتد سرتان، وتأخذ الواحدة الى الصفاق المحيط بالصفرة، والاخرى الى الصفاق الذى يشبه المشيمة وهو الصفاق المحدق بالحيوان. وهو تحت صفاق الخزف اعنى القشر. فبالسرة الواحدة يأخذ الفرخ غذاء من المح، والمح يكون فى ذلك اكثر، لانه يكون ارطب لحال الحرارة التى تصيبه، ولأن الغذاء جسدانى ينبغى ان يترطب [المح] كما يعرض لغذاء الشجر. <و> اول حياة ما يخلق من البيض وما يخلق من الحيوان شبيه بحياة الشجر، لأنه يقبل الغذاء اليها من الذى هو به ملتام ومنه يكون نشوه. فاما السرة الاخرى فانها تمتد وتنتهى الى الصفاق المحدق بالفرخ الذى يشبه مشيمة.*** فحال المح الذى فى البيضة كحال الام التى منها يكون غذاء الجنين الذى فى رحمها اذا كان فى الرحم، ولأن البيض الذى يباض لا يغذا فى البطن صار فيه جزء موافق لغذاء الفرخ. والصفاق الخارج دمى لأن حاله مثل حال الرحم. وحول المح والمشيمة قشر البيضة وهو شبيه بالصفاق المحيط بالرحم، كأنه سترة تستر الجنين والام. وهو على مثل هذه الحال لأنه ينبغى ان يكون الجنين فى الرحم وفى جوف الام ليكون محفوظا. ففى الحيوان الذى يلد حيوانا يكون الرحم فى جوف الام، فاما فى الحيوان الذى يبيض بيضا فعلى خلاف ذلك، كقول انسان ان الرحم هو الام. لأنه من المح يكون غذاء الفرخ مثل غذاء الجنين الذى يكون من الام. وعلة ذلك من قبل ان الغذاء ليس فى الام. فاذا نشا الفرخ ضمرت السرة وتواقع بعضها على بعض قريبا من المشيمة لأنه ينبغى ان يخرج الحيوان من هناك، فاما بقية المح والصرة التى تنتهى الى المح فهو يخرج اخيرا، لأنه ينبغى ان يكون للمولود غذاء من ساعته، لأنه ليس من الام غذاء ولا يقوى ان يكسب الغذاء بذاته من ساعته. ولذلك يكون المح داخلا مع السرة وينبت اللحم حول، ذلك. فبهذا النوع يكون الحيوان الذى يخلق من البيض التام الذى يباض من الطير والحيوان الذى له اربعة ارجل اعنى كل حيوان يبيض البيض وهو جاسى القشر. وهذه الاشياء بينة ظاهرة فيما كبر من الحيوان، فاما فيما صغر منها فهو خفى لحال صغر الجسم. 3- وايضا جنس السمك يبيض بيضا. فما كان من السمك الذى رحمه فى الناحية السفلى فهو يبيض بيضا غير تام لحال العلة التى ذكرنا فيما سلف، فاما السمك الذى يسمى باليونانية صلاشى فهو يبيض داخلا فى جوفه بيضة تامة ويلد خارجا حيوانا ما خلا الصنف الذى يسمى ضفدع، فانه يبيض خارجا بيضا تاما واحده فقط. وعلة ذلك طباع الجسد، لأن فى رأسه مثل اضعاف ساير جثته ورأسه شوكى خشن جدا. ولذلك لا يقبل فراخه فى أخرة ولا يلد حيوانا فى اول ما يلد، من اجل ان عظم رأسه وخشونته مانعين ذلك، فكما يمنع الفراخ من الخروج كذلك يمنع من الدخول، ومن اجل ان بيض جميع الحيوان الذى يشبه الصنف الذى يسمى صلاشى لين، لأنه لا يمكن ان ييبس ويجسو ما خارج، لأنه ابرد من بيض الطير يبقى لينا على حاله. فاما بيض الضفادع فهو جاسى قوى فقط لحال السلامة التى يحتاج اليها من خارج. فاما ساير هذه الاصناف فطباعه لين لأنه كله يستر فى داخل الجسد الذى منه خرج. فاما ولاد الفراخ الذى يكون من بيض الضفدع ومن البيض الذى يتم خارجا والذى يتم داخل فواحد هو فهو، وفيما بين هذه الاصناف وبيض الطير اختلاف بفصل يكون فى المشابهة. وذلك اولا من قبل انه لا يكون فى هذه البيض الصرة التى تمتد وتنتهى الى المشيمة التى تحت الخزف المحيط بالبيضة، وعلة ذلك من قبل انه ليس لهذا البيض القشر الصلب الذى يشبه الخزف، لأنه ليس له منه منفعة، لأن الام تستره. وانما القشر الصلب حفظ وسترة البيض الذى يخرج خارجا بعد <ال>تمام لحال انواع الضرورة التى تعرض له. وايضا ولاد الفرخ يكون فى هذه الاصناف من طرف البيضة وليس من الناحية التى بها يلتام الى الرحم. فاما اصناف فراخ الطير فهى تكون من الناحية الحادة اعنى الناحية التى بها كان البيض يلتام بالرحم. وعلة ذلك من قبل ان بيض الطير يفارق الرحم، وبيض هذه الاصناف لا يفارق الرحم على كل حال اعنى انه ليس جميع بيض هذه الاصناف تفارق بل بيض اكثرها ملتام بالرحم ويكون البيض تاما. فالفرخ يكون فى الطرف ويفنى ما فى البيض كما يفنى ما فى بيض الطير وساير البيض المرسل، وفى أخرة تكون الصرة ملتامة بالرحم وذلك فى البيض التام. وعلى مثل هذه الحال يكون البيض المرسل من الرحم. وفى بعض هذه اصناف اذا تمت خلقة البيضة تكون مخلاة. وخليق ان يسأل احد مسألة عويص ويقول بماذا يكون اختلاف الولاد فى اجناس الطير إن كان ولاد السمك بمثل هذا النوع ايضا. فنجيبه ونقول ان الاختلاف يكون من قبل ان البياض والمح الذى فى بيض الطير مفترقة، وبيض السمك متفق باللون، لأنه ليس له إلا لون واحد، وهو مختلط فى كل ناحية. فليس شىء يمنع ان يكون اول الخلقة على خلاف ذلك، لأنه ليس بثابت بل هو ملتام وفى المكان الذى هو قبالة المكان الذى وصفنا. فاما الغذاء فهو يجذبه من الرحم بأيسر المؤنة. وذلك بين فى البيض الذى ليس بمرسل من الرحم، فان بيض بعض الصنف الذى يسمى سالاشى لا يوجد مرسلا من الرحم بل يكون متصلا بما بعد الرحم وهو يصير الى الناحية السفلى لكى يولد منه حيوان، وذلك فى البيض الذى اذا تمت خلقة الحيوان الذى فيه صارت صرته مرسلة من الرحم، لأن الرطوبة التى فى البيضة قد فنيت. وهو بين مما قلنا فيما سلف ان سبل البيضة تكون مثل سبيل الجنين التى فى الرحم. وذلك يعرض كما وصفنا خاصة فى صنف الحيوان الذى يسمى باليونانية غالاو الاملس. فبهذا النوع يختلف ولاد الطير وولاد السمك لحال العلل التى ذكرنا، فاما ساير ما وصفنا فهو يعرض بفن واحد. لأن الصرة الاخرى تكون فيها كما يكون فى بيض الطير قربا من المح وكذلك يكون فى جميع بيض السمك، لأنه لا يكون بعض ما فى بيض السمك ابيض وبعضه اصفر بل كله على لون واحد، ومنها يغذا، واذا فنى نبت حوله لحم من كل ناحية بنوع واحد. فعلى هذه الحال يكون الولاد من بيض الحيوان الذى يبيض فى جوفه بيضا تاما ويلد خارجا حيوانا. 4- فاما كثرة ساير السمك فهو يبيض خارجا بيضا غير تام ما خلا الصنف الذى يسمى ضفدع، فاما السمك فيلد بيضا غير تام. وقد وصفنا علة ذلك فيما سلف. ولخصنا علة البيض الذى يخرج غير تام. وولادة الفراخ تكون من هذا البيض بنوع واحد كما*** يكون من البيض الذى يباض فى جوف الحيوان، ونشو هذا البيض سريع لأنه يعظم عاجلا بعد صغره، والناحية التى هى اجسا آخر البيضة. فاما نشو البيض فهى تشبه نشو الدود، فان الحيوان الذى يلد دودا انما يلده وهو صغير جدا ثم ينشو عاجلا من ذاته وليس من التيامه الى غيره. وعلة ذلك شبيهة بعلة الخمير، فان الخمير يربو ويعظم بعدما يكون قليلا وذلك لأن الصلب الذى فيه يرطب وتمتلى تلك الرطوبة ريحا. وانما يخلق ما ذكرنا من الدود بطباع حرارة النفس التى فى الحيوان، فاما فى الخمير <ف>يكون من قبل الحرارة التى تتمزج مع الرطوبة. فالبيض ينشو باضطرار لحال هذه العلة، لأن فيه فضلة شبيهة بالخمير، وذلك لما هو امثل. وليس يمكن ان يكون نشو الفراخ فى الارحام اعنى كل النشو لحال كثرة بيض هذا الحيوان. ولذلك يبيض بيضا صغيرا جدا وينشو عاجلا، والبيض يكون صغيرا لحال ضيق الرحم وكثرة البيض، فاما نشوه فهو يكون عاجلا لكى لا يزمن ويبلى بالجنس وان كان يبلى كثير من بيض السمك. ولحال هذه العلة صار جنس السمك كثير البيض، فان الطباع بكثرة البيض يضاد الفساد الذى يعرض له من خارج. ومن اجناس السمك ما ينشق قبل ان يبيض بيضه مثل الجنس الذى يسمى ابرة لحال كبر البيض. وبيض هذا الجنس كبير بدل على الكثرة، لأن الطباع ما يقصر من الكثرة زاد على العظم. فقد وصفنا العلة التى من اجلها ينشو هذا البيض عاجلا. ه - والعلامة الدليلة على ان اجناس هذا السمك يبيض بيضا من قبل ان السمك الذى يلد حيوانا يبيض اولا فى جوفه، مثل اصناف التى تشبه الحيوان الذى يسمى باليونانية صالاشى، فانه يبيض فى جوفه اولا. وهو بين ان كل جنس من اجناس السمك يبيض. ليس يتم شىء من هذا البيض حتى يخرج فى الظاهر اعنى بيض الاجناس التى فيها ذكر وانثى، فاذا خرج البيض من الاناث تبعته الذكورة وأنضحت عليه زرعها لينشو. ومن الناس من يزعم ان جميع السمك اناث ما خلا الاصناف التى تشبه الجنس الذى يسمى باليونانية صالاخى وقولهم خطأ، فانهم يظنون ان بين الاناث وبين التى يظن انها ذكورة اختلافا مثل الاختلاف الذى فى الشجر الذى بعضه مثمر وبعضه لا يثمر، مثل الزيتون البرى والتين البرى. وكذلك السمك ما خلا ما يشبه الصنف الذى يسمى سالاخى، فانهم لا يشكون ان فى هذا الصنف اناث وذكورة. ونحن نعلم ان اناث وذكورة ساير السمك على مثل هذه الحال وسبلها التى فيها الزرع مثل سبل الذى يشبه الصنف الذى يسمى صالاخى. واذا كان زمان السفاد يظهر الزرع فى ذكورة السمك الذى يبيض بيضا واذا عرضت تلك السبل يخرج منها زرع. وفى الاناث ارحام بينة، وينبغى ان <لا> يكون الارحام فى اجناس التى تبيض بيضا قليلا فقط بل فى ساير الاجناس ايضا. وتكون ارحام ما يبيض بيضا مختلفة مثل الاختلاف الذى يكون بين ارحام البغال وبين جنس الدواب الكثير الشعر فى الاذناب. وفى السمك ما لا يبيض كما قلنا فيما سلف بل يتولد من ذاته. فاما اجناس جميع السمك التى فيها الذكورة والاناث ففى الذكورة يوجد زرع وفى الاناث ارحام وذلك بين فى جميعها ما خلا جنسين الجنس الذى يسمى باليونانية اروترنوس والجنس الذى يسمى باليونانية خنس. فهذا الاختلاف الذى بينهما. وللذكورة اوعية يكون فيها زرع وللاناث ارحام. وحل مسألة العويص التى من اجلها يظنون هذا الظن يسير هين عليهم اذا سمعوا ما يعرض. فانهم يزعمون انه لا يمكن ان يلد ولدا كثيرا من الحيوان الذى يسفد، وقولهم فى ذلك صواب، من اجل ان جميع الاجناس التى تلد حيوانا او يبيض بيضا <تاما> لا تكثر الولاد ولا البيض مثل ما يكثر الحيوان الذى يبيض كثرة بيض صغير***. ولكن لم يفكروا ان بيض السمك على خلاف بيض الطير، لأن ما كان من الطير والحيوان الذى له اربعة ارجل وكل ما يبيض وكلما كان من الاجناس التى تشبه الحيوان الذى يسمى صلا شى انما يبيض بيضا تاما، لا يقبل نشوا بعد خروجه الى الهواء، فاما السمك فهو يبيض بيضا غير تام وينشو خارجا عاجلا. وايضا مثل هذا النوع يعرض للحيوان اللين الخزف والحيوان الذى يسمى مالاقيا، وهذه الاصناف تسفد بعضها بعضا سفادا بينا وان لم يكن ذلك معروفا لكل لأنها لا تفعل ما ذكرنا إلا بعد زمان كثير. والذكر والانثى فيها معروفة لأن للاناث ارحام ويوجد فيها بيض. وليس هو من الصواب ان <لا> يطلب هذا الفصل بعينه فى جميع الاجناس ولا هذه القوة مثل ما يطلب فى الحيوان الذى يلد حيوانا. فان جميع تلك الاجناس تعرف الذكر والانثى. وانما علة جهل الذين يزعمون خلاف ما ذكرنا قلة معرفتهم بالفصول فانها كثيرة مختلفة اعنى فصول سفاد هذه الاصناف واجناسها. وانما نظروا الى القليل منها وظنوا ان حال جميعها واحدة متشابهة. ومن اجل ذلك الذين يزعمون ان اناث السمك تبتلع زرع الذكورة مخطئين، لأنه فى زمان واحد يوجد الزرع فى الذكورة والبيض فى الاناث، وكلما قربت الانثى من الزمان الذى فيه تبيض كان البيض اكثر وزرع الذكر اكثر ايضا. فنشو زرع الذكر ونشو بيض الانثى يكون فى زمان واحد متفق، وكذلك يعرض ما يعرض من الطباع. وليس تبيض الاناث بغتة بل رويدا رويدا، ولا الذكورة تلقى الزرع بغتة بل رويدا رويدا. وهذه الاعراض كلها تعرض بنوع صواب. وكما يعرض لجنس الطير اعنى انه يكون فى بعض الاناث بيض الريح وذلك قليل وفى الفرط، ويكون البيض الذى من السفاد كثيرا ومرارا شتى، كذلك يعرض لجنس السمك***. والبيض الذى يكون فى السمك من ذاته غير موافق ليتولد منه شىء ما خلا البيض الذى ينضح عليه الذكر زرعا***. ولأن الطير يبيض بيضا تاما يبقى غير موافق للولاد وذلك يعرض له باضطرار. فاما بيض السمك فهو بيض غير تام ويقبل النشو خارجا، فاذا نضح عليه الذكر زرعا اخذ قوته وكان موافقا للولاد، وبهذا النوع يفنى زرع للذكورة. ولذلك يفنى زرع الذكورة مع بيض الاناث، لأن الذكر ابدا يتبع البيض وينضح عليه الزرع. فهو بين ان فى جميع اصناف السمك ذكورة واناث*** ما خلا الاجناس التى ليس فيها هذا الفصل معروفا اعنى الذكر والانثى، وذلك ان اول الولاد والكينونة كان من ذاته. ومما يعينهم على الضلالة وخطأ القول سرعة سفاد السمك. ولذلك يخفى سفاد كثير منها على الصيادين ايضا، لأنه ليس فيهم احد يتحفظ ذلك ويرصده لحال العلم والمعرفة وعلى ذلك قد ظهر سفادها غير مرة. والدلافين تسفد بعضها بعضا بدنو بعضها من بعض كما يسفد السمك الذى يمنعه الذنب، من استمكان للمجامعة،، وافتراق الدلافين ازمن فاما افتراق اصناف هذا السمك وامثاله فهو سريع. ولذلك لا يعاينه كثير من الناس. فاما ما قال بعض الناس عن ابتلاع الزرع والبيض فكثير من الصيادين يقول مثل قولهم لأن هذا القول عام، وهو كذب كما قال ارودطوس الذى كتب الامثال، فانه يزعم ان السمك يحمل من ابتلاع الزرع. ولم يفكر فى ذلك انه مما لا يستطاع ولا يمكن، لأن الزرع الذى يدخل فى الفم يصير الى البطن ولا يصير الى الارحام. فكل ما يصير الى البطن باضطرار يكون غذاء، لأنه ينطبخ وينضج، فاما الارحام فهى تظهر مملوة بيضا، فمن اين دخل ذلك البيض هناك. 6- وكذلك يقال فى ولاد اصناف بعض الطير، فان من الناس من يزعم ان الغربان والطير الذى يسمى باليونانية ايبيس يسفد بعضها بعضا بأفواهها وبعض الحيوان الذى له اربعة ارجل مثل ابن عرس وغيره. وبمثل هذا القول يقول انكساغوراس وناس أخر من اصحاب العلم الطباعى، وانما يقولون هذا القول بنوع انبساط وخفة عقل وقلة نظر فى الاشياء، وظنهم هذا الذى ظنوا على الطير من قبل ان هذه الاصناف مما لا يظهر سفادها إلا فى الفرط ولا سيما سفاد جميع الغربان. وقد عاينوا الغربان كأنها تقبل بعضها بعضا فظنوا ان ذلك من انواع السفاد ولا سيما لأنها تفعل هذا الفعل مرارا شتى اعنى جميع اجناس الغربان. وذلك بين فيما برى فى البيوت من جنس الشرقرق، فانه يفعل مثل هذا الفعل وجنس الحمام كمثل، ولكن سفاد الحمام ظاهر ولذلك لا يظنوا به مثل ما يظنوا بغيره. فاما جنس الغربان فليس يكثر السفاد، لأنه من الاصناف التى تقل الولاد. وقد ظهر سفاد الغربان لغير واحد ايضا. فاما تركهم الفكرة فى ذلك وكيف يجىء الزرع الى الرحم ويمر بالبطن الذى ينضج كلما يقع فيه كما ينضج الطعام فهو من الخطأ. ولهذه الاصناف من اصناف الطير ارحام والبيض يظهر فى الاناث تحت الحجاب. ولابن عرس ايضا رحم كما لساير الحيوان الذى له اربعة ارجل، ومن ذلك الرحم يخرج جراؤه، ولكن لأن انثى ابن عرس تضع جراء صغارا جدا مثل ساير الحيوان المشقوق الرجلين يظن به هذا الظن ، وهى تحمل جراءها وتنقلها من مكان الى مكان مرارا شتى، وهذا ايضا مما اعانهم على خطأهم. والذين يذكرون عن الطير الذى يسمى باليونانية اطروشيلوس وعن الضبع كذبة فى قولهم ايضا. فان اردورس الذى كان من هرقلة يذكر ان للضبع عضوين اعنى عضو ذكر وعضو انثى وان الذى يسمى اطروشيلوس يسفد ذاته وأن الضبع يسفد ويسفد فى كل عام على خلاف. وقد عوينت الضبع وله عضو ذكر فى الاماكن التى تكثر فيها، وانما ظنوا ذلك الذين ظنوا عن الضبع من قبل ان تحت الذنب خط شبيه بشق عضو الانثى. وذلك الخط موجود فى ذكورة الضبع واناثها، والذكورة تصاد اكثر من الاناث. فلحال الخط ظنوا هذا الظن عن الضبع. وقد اكتفينا بما ذكرنا من حال هذه الاصناف. 7- وخليق ان يسأل احد مسألة عويص عن ولاد السمك ويقول لأى علة لا تظهر اناث اصناف الحيوان الذى يسمى صالاشى تبيض ولا الذكورة تلقى زرعا وجميع الحيوان الذى لا يلد حيوانا يفعل ذلك اعنى ان الاناث تبيض بيضا والذكورة تلقى زرعا. ونقول ان علة ذلك من قبل ان هذا الجنس ليس يكثر الزرع البتة اعنى جنس الذى يسمى صلاشى. وانما ارحام اناثها تحت الحجاب. وفى ذكورتها وذكورة غيرها اختلاف وفى اناثها واناث غيرها اختلاف ايضا، والوانها شبيه بالوان الزرع***. والبيض موجود فى اناثها والزرع فى ذكورتها، وزرع ذكورتها اكثر مما يحتاج اليه لحال السفاد. وخليق ان يكون الطباع فعل ذلك لنضح الزرع على البيض الذى تبيض الاناث ونشوه وجودة تقويمه. وكما ذكرنا فيما سلف من قولنا وما ذكرنا ايضا بيض الطير يتم فى اجواف الاناث. فاما بيض السمك فهو يتم خارجا. والعرض الذى يعرض لبيض السمك مثل العرض الذى يعرض للحيوان الذى يلد دودا، فان ما يولد من ذلك الدود يكون غير تام ثم يتم وينشو خارجا. وانما يكون كمال بيض الطير وبيض السمك من قبل الذكورة، ولكن تمام بيض الطير يكون داخلا وتمام بيض السمك يكون خارجا لأنه يباض غير تام، والعرض الذى يعرض لهذين الجنسين ملايم متشابه. وربما يكون بيض الريح موافقا لولاد اذا سفدت الانثى وذلك البيض فى الرحم، واذا كان فى رحم الانثى بيض من سفاد ذكر ثم سفدها ذكر آخر من غير ذلك الجنس غير طباع ذلك البيض وصار طباعه مثل الذى سفده فى أخرة. واذا كان فى رحم الانثى ولم يسفدها الذكر لم ينشو البيض النشو الذى ينبغى، واذا سفدت الانثى كان نشو البيض عاجلا. وليس يكون ذلك فى كل زمان، بل اذا كان السفاد قبل ان يتغير ما فى داخل البيض الى لون البياض. ولم يظهر شىء مثل هذا محدودا فى حمل السمك بل تبيض اناث السمك ثم تنضح الذكورة على ذلك البيض زرعا ليسلم عاجلا. وعلة ذلك من قبل انه ليس داخل البيض لونان. ولذلك ليس لها زمان محدود مثل زمان الطير. وبحق عرض هذا العرض، لأنه اذا كان البياض مفترقا والمح ايضا مفترق وكان كل واحد منهما منفردا بذاته يكون فى البيض الاول الذى يصير اليه من الذكر، وبهذا النوع يكون موافقة زرع الذكر. فاما بيض الريح فانه ينشو ويخلق حتى ينتهى الى الامر الذى يمكن. وليس مما يستطاع ان يكون تمامه فى جوف الحيوان، لأنه محتاج الى حس، فاما قوة النفس المغذية فهو فى الاناث وفى جميع ما يعيش ويقال ان له حياة، كما قلنا مرارا شتى. ولذلك يكون هذا البيض تاما مثل حمل شجرة ولا يكون تاما مثل حمل يكون من حيوان. ولو لم يكن ذكر فى هذه الاجناس لكان ممكنا ان يتولد من هذا البيض شىء كما يتولد من بيض السمك إن كان فيه جنس مثل هذا قوى على ان يلد شىء بغير ذكر. وقد قلنا فى هذه الاشياء فيما سلف ما فيه كفاية وبينا ان هذا لم يعاين بعد معاينة يوثق بها. فاما حيننا هذا فانا نعلم ان فى اجناس جميع الطير اناث وذكورة، فبأنه مثل شجرة صار تاما، ولذلك لا يتغير ايضا من السفاد، وبانه ليس بشجرة لا يتم، ولا يخرج منه حيوان آخر البتة. فليس مثل شجرة بقول مبسوط ولا هو مثل حيوان يكون من سفاد. فاما البيض الذى يكون من سفاد ويتغير ما فى داخله الى البياض فان الفرخ الذى يخرج منه يكون مثل الاول الذى يسفد، لأن فيه اوايل النوعين. 8- بمثل هذا الفن يكون ولاد الحيوان الذى يسمى مالاقيا مثل الصنف الذى يسمى باليونانية سيبيا وما يشبهه، والحيوان اللين الخزف مثل الذى يسمى قارابو او ما كان بالجنس مناسبا لهذا الصنف، فانها تبيض هذه ايضا من سفاد وقد عوينت ذكورتها تسفد الاناث مرارا شتى. فالذين يزعمون ان جميع السمك اناث وانها لا تكون من سفاد مخطئون، لأنهم قالوا خلاف الامر الظاهر والمعاينة. والقول ان هذه الاصناف تكون من سفاد وتلك لا تكون من سفاد عجيب وهو دليل على جهل وقلة معرفة، لأن سفاد جميع هذه الاصناف يكون ازمن واكثر لبثا مثل سفاد الحيوان المحزز الجسد وذلك بحق، لأنه ليس لها دم، ولذلك طباعها بارد. وانما تظهر بيضتان فقط فى الصنف الذى يسمى سيبيا والصنف الذى يسمى طاوتيس لأن الرحم مفصل وهو يظهر مشقوقا بشقين. فاما الحيوان الكثير الارجل فليس يظهر له إلا بيضة واحدة. وعلة ذلك شكل جسده اعنى انه مستدير شبيه بكرة. فلذلك يكون الشق خفيا اذا امتلا الرحم بيضا. ورحم الذى يسمى باليونانية قارابوس وجميع الاصناف التى تشبهه مشقوق بشقين. وجميع هذه الاصناف ايضا تبيض بيضا غير تام لحال العلة التى ذكرنا. فما كان من اناث الصنف الذى يسمى قارابو فهو يبيض فى جوفه، ولذلك الاعضاء التى بها يتشبك تكون فى الاناث اعظم من الذكورة، فاما الذكورة فهى تحفظ البيض فقط، فاما الصنف الذى يسمى مالاقيا فهو يبيض خارجا. والذكر ينضح على الاناث زرعا كما تنضح ذكورة السمك على البيض، ويكون ذلك النضح لزجا متصلا يلصق بما يماسه. فاما فى الاصناف التى تشبه قارابو فلم يظهر شىء مثل هذا ولا هو مما ينبغى، لأن البيض يكون تحت الانثى وهو جاسى الجلد وهناك ينشو البيض، فاما بيض الصنف الذى يسمى مالاقيا فهو يبيض خارجا مثل ما يبيض ساير اصناف السمك. وفرخ الصنف الذى يسمى سيبيا يكون ملتاما بالبيضة فى مقدم ناحية الجسد، لأنه لا يمكن ان يكون إلا بمثل هذا النوع فقط. وناحية المقدم والمؤخر متفقة فى موضع واحد. فاما شكل الوضع الذى يكون لكينونته ينبغى ان يعرف من الاقاويل التى وصفنا فى اشكال الحيوان ومناظرها. 9- فقد قلنا ما صلح فى ولد ساير الحيوان الطاير والمشاء <و> الذى يعوم. فاما حيننا هذا فانا نريد ذكر ولاد الحيوان المحزز الجسد والحيوان الخزفى الجلد ويكون مذهبنا فى ذلك مثل المذهب الذى سلف. ونحن نذكر اولا ولاد الحيوان المحزز الجسد. وقد قلنا فيما سلف ان من هذا الصنف ما يتولد من سفاد ومنه ما يتولد من ذاته ومنه ما يلد دودا. وبقدر قول القايل يشبه ان يكون جميع هذا الصنف اولا بنوع من الانواع، لأنه يلد اولا ولدا غير تام وفى جميع الحيوان الذى يلد حيوانا والحيوان الذى يبيض بيضا يكون البيض اولا تاما [والحيوان تام] وانما يقبل البيض النشو وهو بعد غير مفصل. وطباع الدود مثل هذا. فمن الحيوان ما يبيض بيضا تاما ومنه ما يبيض بيضا غير تام ثم يكون تاما خارجا كما وصفنا عن كثير من اصناف السمك. فاما ما يلد حيوانا فى جوفه فبنوع من الانواع بعد التقويم الاول يكون شبيها ببيضة لأن البيضة محتبسة فى صفاق كما يكون البيض الذى يخرج قشره. ولذلك يسمون البيض الذى يباض قبل التمام سقطا وفسادا. فاما الحيوان المحزز الجسد الذى يلد دودا والذى لا يكون من سفاد بل من ذاته فهو يكون اولا من تقويم مثل هذا. وينبغى ان نقول ان الدود الذى يتولد من الكرنب وغيره من البقول من اصناف الدود وما يولد من العنكبوت كمثل. وخليق ان يظن ظان ان ذلك وكثيرا من الاصناف الأخر على خلاف خلقة الدود لحال استدارة اجسادها. ولكن لا ينبغى ان ننظر فى شكلها ولا فى لينها وجساوتها فان من الحيوان ما يلد ولدا جاسيا ومنه ما يلد ولدا لينا، ولكن ينبغى ان ننظر فى الكلية وليس فى جزء من الاجزاء، فان الذى يولد دودا او شكله مثل شكل الدود اذا نشا وعظم وصار شكله مثل بيضة، لأن القشر اعنى الجلد المحيط بها يجسو ويكون فى ذلك الاوان غير متحركة. وذلك بين فى الدود الذى يتولد من النحل ومن الدبر وهو بين ايضا فى الدود الذى يتولد من البقول. وعلة ذلك من قبل ان الطباع كأنه يهيئ خلقة البيضة قبل زمانه لعدم التمام والنقص الذى فيه لأن الدود ينشو ويكون بعد ذلك النشو بيضة لينة. ومثل هذا النوع يعرض لجميع ساير الاصناف التى لا تكون من سفاد اعنى التى تتولد فى صوف او شىء آخر مثل هذا والتى تتولد فى الماء. فان جميع هذه الاصناف بعد ان يكون طباعها طباع دود لا تحرك فاذا يبس القشر المحيط بها وانشق خرجت كما يخرج حيوان تام من حيوان، وخروجه يكون فى الولاد الثالث والطيار منها يكون اكثر من السيار. وبحق يعرض ذلك وهو من الامر العجيب عند كثير من الناس، اعنى ان الدود الذى يتولد من البقول يغذا اولا ثم لا يقبل من الغذاء شيئا بل يبقى غير متحرك مثل الذى يسمى الفراش الذهبى اللون ومن دود الدبر والنحل يكون الذى يسمى عرايس وليس فيها شىء مثل هذا. فاما طباع البيض فانه اذا تم لا ينشو، فاما فى اول خلقته فهو ينشو ويقبل غذاء حتى ينفصل ما فى جوفه ويفترق ويكون بيضا تاما. ومن الدود ما فى ذاته الشىء الذى منه يغذا ويلقى فضلة الغذاء مثل فراخ الدبر والنحل. ومنه ما يأخذ الغذاء من خارج مثل دود البقل واصناف أخر. وقد قلنا فيما سلف لماذا يكون هذه الاصناف ثلاث مرات ولأى علة تبقى غير متحركة اذا افرغت فى اجوافها. وبينا ان منها ما يكون من سفاد كما يكون من الطير <و> الحيوان الذى يلد حيوانا وكثير من السمك ومنه ما يتولد من ذاته مثل النبات الذى ينبت من الارض. 10- فاما ولاد النحل ففيه عسرة وطلب ونظر شديد فان فى بعض السمك ولاد مثل هذا اعنى ولادا بلا سفاد، فيشبه ان يعرض للنحل مثل هذا العرض ايضا، وذلك بين من الاشياء الظاهرة. فانه باضطرار يلزم ان نقول ان النحل يجىء بالزرع من مكان آخر كما يزعم بعض الناس، وذلك [ان] الزرع لا ينبت من ذاته بل حيوان آخر يلده ومنه يكون النحل، او يكون الذى يجلب آخر والذى يلد <آخر>، فان بعض الناس يقول هذا القول ايضا اعنى ان النحل يأخذ زرع الذكورة. ويتولد بغير سفاد او من سفاد. وكل جنس يلد منه من ذاته او جنس واحد يلد ساير الاجناس او يكون من سفاد جنس آخر. فاما نحن فانا نقول ان النحل من النحل يكون اذا سفد بعضها بعضا ويكون من التى تسمى باليونانية قيفيناس مثلها وملوك من الملوك وساير النحل من الصنف الآخر، او يكون كلها من التى تسمى ملوكا ومن التى تسمى قيفيناس والذى يسمى اناث النحل. وقد زعم بعض الناس ان فى النحل اناث وذكورة وزعم بعضهم ان الذكورة التى تسمى قيفيناس وساير ذلك اناث. وجميع هذه الاقاويل مما لا يمكن ان يكون ولا يجوز عند من له فكرة وقياس من شهادات توجد بعضها من الاعراض التى تعرض للنحل خاصة وبعضها من الاعراض المشتركة لساير الحيوان ايضا. فانه ان لم يكن النحل يلد شيئا بل يأتى به من مكان آخر قد كان ينبغى ان يكون نحل وان لم يأتى النحل بالزرع من الاماكن التى فيها يكون. ولماذا اذا نقل الزرع منه ما يكون نحل ومنه ما لا يكون. فانه قد كان ينبغى إن كان نابت فى الازهار من ذاته وان كان من حيوان يلد. وإن كان زرع حيوان آخر وكان النحل قد سفد او لم يسفد لكان من الواجب ان يكون منه ذلك الذى يكون ولا يكون على كل حال نحل. وايضا ينبغى ان يأتى النحل بالعسل، لأنه غذاء، فاما كون الزرع غريبا وليس بغذاء فهو من الخطأ، فانه ينبغى ان نطلب لماذا يأتى به، من اجل ان كل ما يفعل الحيوان اذا ولد ولدا انما يفعله ويتعب ذلك التعب كله لحال ولده. وايضا لا ينبغى ان يكون النحل اناث ولا الذى يسمى بايونانية قيفيناس ذكورة، لأن الطباع لا يصير العضو الذى يخلق لحال القوة للاناث البتة. وقد علمنا ان التى تسمى قيفيناس ليس لها حمة ولجميع اناث النحل حمة. ولا ما يكون على خلاف ذلك بواجب ايضا ان يكون النحل ذكورة والتى تسمى قيفيناس اناث، لأنه ليس لشىء من الذكورة عادة يتعب ويتعاهد الولد، فاما حيننا هذا فانا نرى النحل يفعل ذلك. وبقول كلى نرى ان زرع التى تسمى قيفيناس يكون فى خلايا النحل وإن لم يكن فيها ولا واحد من قيفيناس، فاما زرع النحل فليس يوجد فى الخلايا لغير الملوك، ولذلك يزعم بعض الناس انه انما يجذب زرع قيفيناس فقط. فهو بين ان النحل لا يكون من سفاد ولا من كلى الجنسين اذا تسافدا ولا من النحل والذى يسمى قيفيناس. فليس مما يمكن ان يؤتى بهذا فقط لحال الحجج التى ذكرنا، وليس ذلك واجبا ايضا ان كان العرض الذى يعرض لجميع هذا الجنس واحدا متشابها. وايضا ليس مما يستطاع ان يكون بعض النحل اناث وبعضها ذكورة، لأن فى جميع الاجناس يكون فصل فيما بين الانثى والذكر. فليس ذلك ممكنا ولا لو كان النحل هو يلد ذاته. فاما حيننا هذا فليس يظهر زرع النحل إن لم يكن الملوك فى الخلايا كزعم بعض الناس. فهو مشترك لولاد ما يكون منها ومن التى تسمى قيفيناس***، القول الذى نقول انه لم يظهر شىء من النحل يسفد قط. ولو كان فى النحل ذكر وانثى لعرض ذلك مرارا شتى. فقد بقى ان نقول انه إن كان النحل يتولد من سفاد فهو يتولد من الملوك اذا سفد بعضها بعضا. فاما التى تسمى قيفيناس فهو يظهر فى الخلايا وان لم يكن فيها مدبرين اعنى ملوكا، فليس يمكن ان يأتى النحل بالزرع من مكان آخر ولا يلد هو من سفاد ايضا. فقد بقى ان نقول الامر الذى يظهر لنا اعنى الذى يعرض للسمك، فالنحل يلد بغير سفاد [و]التى تسمى قيفيناس، فهو يلد لأن اكثره اناث وفيها قوة مثل القوة التى تكون فى الشجر اعنى الذكر والانثى. ولذلك فى النحل العضو الذى فيه القوة. وليس ينبغى ان يسمى انثى فى الجنس الذى لا يكون فيه الذكر منفردا مفترقا. وإن كان يظهر ان هذا العرض يعرض ويكون بلا سفاد باضطرار يكون هذا القول بعينه واجبا على النحل والملوك ايضا اعنى انها لا تكون من سفاد. فان كان زرع النحل يظهر فى الخلايا بغير ان تكون فيها الملوك باضطرار يكون النحل من النحل ايضا بغير سفاد. فاما حيننا هذا فانا لا نرى احدا من القوام على النحل يذكر شيئا مما وصفنا، فقد بقى ان نقول ان الملوك والنحل يلد ولدا. <ف> قد علمنا ان هذا يعرض للنحل فولاده ايضا يظهر خاصا له. وقولنا ان النحل يلد بغير سفاد يظهر انه يعرض لحيوان آخر ايضا وانما يلد الجنس ما <لا> يشبهه خاصة، فان الصنف الذى يسمى باليونانية اروترينو يلد اروترينوا ايضا والصنف الذى يسمى خنس يلد خنسا ايضا. وعلة ذلك من قبل ان النحل لا يولد كما يولد الذباب وما يشبهه من الحيوان، بل من آخر غير انها مناسبة ومن جنس واحد، لأنها تكون من الملول. ولذلك فى ولادها ملايمة بنوع من الانواع، لأن الملوك فى العظم تشبه التى تسمى قيفيناس وتشبه النحل لأن لها حمة. فبهذا الفن يشبهها النحل، فاما قيفيناس فهى تشبهها بالعظم. وباضطرار يكون فما بينها فصل إن كان لا يكون ابدا الجنس الذى هو فهو من كل واحد. فان ذلك مما لا يستطاع ولو كان ذلك يمكن لكان جميع الجنس ملوكا. فالنحل يشبه الملوك بالقوة وبالولاد وقيفيناس تشبه الملوك بالعظم. ولو كانت لها حمة لكانت ملوكا. وهذا الذى بقى من مسألة العويص فان الملوك يشبه بالجنسين معا اما لأن لها حمة فهى تشبه النحل ولأن لها عظم تشبه قيفيناس. وباضطرار ينبغى ان تكون الملوك ايضا من شىء. فاذ لا يكون من النحل ولا من قيفيناس وباضطرار يكون النحل من الملوك والملوك ايضا من ذاتها. وانها تكون النقب التى تأوى فيها الملوك فى أخرة. وليس يعرض ان يكون عددها كثيرا. فالملوك تلد ذاتها وتلد جنسا آخر وهو جنس النحل، وقد كان ينبغى ان يلد النحل ايضا جنسا آخر ولكن قد اعدمه الطباع. ولأن جميع ما يعمل الطباع بصدق مرتبة [و]لذلك باضطرار عدم جنس القيفيناس ولاد شىء آخر منها. وهذا يعرض فى الظاهر، لأن القيفيناس تكون من غيرها ولا تلد هى شيئا آخر بل كان للولاد غاية فى العدد الذى هو فهو. فبهذا النوع صار تقويمه من قبل الطباع بنوع صواب بقدر ما تبقى الاجناس ولا يخرج شىء منها الى الافراط لحال ولاد الجميع. وبحق يكون فى السنين المخصبة المعتدلة المزاج عسل كثير وقيفيناس، فاما فى السنين المطيرة فالطرد اعنى فراخ النحل يكثر جدا لأن الرطوبات تكثر الفضول فى اجساد الملوك. وفى السنين المعتدلة المزاج الطرد يكون اقل لأن عظم النحل اقل من عظم غيره ولذلك يحتاج الى جودة مزاج الزمان اكثر من غيره. ولأن الملوك مخلوقة لحال موافقة الولاد تبقى فى داخل الخلايا ولا تقرب شىء من الاعمال التى تحتاج اليها باضطرار، ولها عظم جثة لأن اجسادها خلقت لموافقة الولاد. فاما التى تسمى قيفيناس [وهى ذكورة النحل] فانها تبقى بطالة لأنه ليس لها عضو موافق للقتال*** لحال العظم وخاصة لحال ثقل اجسادها. فاما النحل فهو فى العظم فيما بين هاتين الصنفين وبهذا النوع يكون موافقا للاعمال ولتربية الفراخ. والامر الذى يعرض لملوك النحل دليل على ان ولاد النحل منها، ولو لم يكن ذلك كما ذكرنا لم يكن ينبغى ان يعرض لرياستها هذه الاعراض اعنى ان تترك داخلا فى الخلايا ولا تعمل شىء فان هذه الخواص معروفة للآباء وهى تضرب وتخرج ذكورة النحل لحال بطلانها وهو اشبه ان يؤدب الآباء لاولادها التى لا عمل لها. فاما قول القايل فكيف الملوك قليلة العدد والنحل الذى يتولد منها كثير جدا فانه يحل باجابتنا اياه ان هذا العرض شبيه بالعرض الذى يعرض لولاد الاسد، اعنى اللبوة تضع اولا خمسة جراء ثم تضع اقل عدة منها حتى تنتهى الى واحد***. وكذلك يعرض لملوك النحل اعنى انها فى المرة الاولى تلد كثرة وفى أخرة تلد قلة اذا قلت الفضول التى فى اجسادها، ولذلك صير الطباع عظم اجساد ملوكها اكثر من عظم غيرها. فبهذا النوع يكون ولاد النحل بقدر قياس العقل وذلك يعرف ايضا من الاعراض التى يظن انهاتعرض للنحل***. واذا كان القول موافقا للاشياء التى تظهر بالحس كان اقواه اوثق من غيره. والعلامة التى تدل على ان ولاد النحل يكون من سفاد ظهور ما يكون من الزرع صغيرا جدا فانه يوجد فى نقب الخلايا على ما وصفنا. فاما ما يولد من الحيوان المحزز الجسد من سفاد فهو يلبث حينا كثيرا اذا سافد، ويلد عاجلا وما يلد يكون شبيها بدود له عظم. ويعرض لولاد النحل مثل ما يعرض لولاد الحيوان الذى يشاركه بالجنس اعنى الدبر الاحمر والاصفر، وليس فى هذه الاصناف فضلة وذلك بحق، لأنه ليس فيها شىء مثل ما فى النحل. وانما يلد من الدبر الذى يسمى امهات وهى تجبل وتهيئ اولا البيوت التى تأوى فيها فاذا سفد بعضها بعضا تولد منها فراخ الدبر. وقد ظهر سفاد الدبر مرارا شتى. فاما الاختلاف الذى بين هذه الاجناس*** فقليل جدا 11- وجميع هذه الاصناف يتولد فى جوف الارض، لأن طباعها ملايم وانما الاختلاف الذى بينها بقدر ما يقال ان الرطب اقرب الى الحياة من اليابس والماء اقرب اليها من الارض، وبهذا النوع يكون طباع الحيوان الخزفى الجلد اقرب الى الحياة من الشجر وبقدر قياس الشجر الى الارض كذلك قياس الحيوان الخزفى الجلد الى الرطب، فالشجر مثل حلزون برى والحلزون مثل شجر مائى. ولحال هذه العلة يكون الحيوان الذى يأوى فى الماء اكثر صورا من الذى يأوى فى البر، لأن طباع الرطب اوفق من الارضى فى الجبل والخلقة وهو اقرب من غيره الى طباع الجسد. وخاصة الحيوان البحرى يكون على ما وصفنا من قبل ان الماء الذى يشرب عذب وهو يغذى *** من برودته. ولذلك لا يكون فى النقاع شىء من الحيوان الذى ليس بحار ولا له دم، ولا يكون شىء من الحيوان الذى تغلب عليه الملوحة فى الماء العذب إلا اليسير مثل الحيوان الخزفى الجلد والذى يسمى مالاقيا <و> اللين الخزف، فان طباع جميع هذه الاصناف بارد لا دم له. ولذلك يكون فى النقاع الذى يشبه صغار البحور وفى الاماكن التى تخرج منها الانهار <لأنه> يطلب الدفاء والغذاء، وفى البحر يكون الحيوان الرطب الجسدانى اكثر مما يكون فى الماء العذب، لأن طباع البحر حار وله شركة من جميع الاجزاء اعنى الرطب ومن الريح ومن الارض***. وهو شبيه ان يقال ان الشجر مشارك للارض والحيوان المائى مشارك للماء والبرى مشارك للهواء. ويكون فى هذه الاصناف اختلاف عجيب من قبل الاقل والاكثر والاقرب والابعد. فاما جنس الرابع فليس مما ينبغى ان يطلب فى مثل هذه الاماكن. وان كان فى المرتبة منسوبا الى النار فان النار يعد رابع الاسطقسات. وليس تظهر صورة النار بذاتها البتة لأنه ليست لها صورة خاصة لها وانما تظهر صورتها فى غيرها من الاجساد. وكل جسد حر وصار نار إما يظهر مثل هواء او دخان او ارض. وانما ينبغى ان يطلب هذا الطلب حيث يطلب حال طباع القمر ايضا، فانه يظهر لمقمر شركة من جوهر الرابع بنوع من الانواع. ولكن سننظر فى حال هذه الاشياء ونفحص عنها فى غير هذه الاقاويل. فاما طباع الخزفى الجلد فتقويم بعضه يكون من ذاته وتقويم بعضه من قبل قوة من القوى تخرج منها، ومرارا شتى يكون تقويمها من ذاتها. وينبغى ان تؤخذ مواليد الشجر ايضا، فان بعض الشجر يكون من بزور وبعضها من قضبان تقلع من الشجر وبعضها من فروع مثل البصل. والذى يسمى موس يتولد بمثل هذا النوع ويكون اولا صغيرا ثم يعظم عاجلا. فاما الذى يسمى قيروقاس وبرفورى واصناف أخر فهى تتولد من فضلة مخاطية محدقة باجسادها. وليس لهذه الاصناف زرع البتة وانما تتولد بقدر هذا النوع الذى ذكرنا كما يتولد غيره مما يشبهه. ولذلك تظهر كثرة من هذه الاصناف بغتة <بعد> ان لم يكن يظهر منها شىء البتة. فهو يعرض ان تتولد هذه الاصناف من ذاتها واذا توالدت صار تقويم غيرها منها من قبل الفضلة التى فى اجسادها، وبحق يكون كل ما يلى اجسادها مثلها لأن قوة الغذاء واحدة.*** فاما ما كان من هذه الاصناف ليس فى جسده شىء من الفضلة المخاطية فهو يتولد من ذاته. فجميع ما يكون تقويمه بمثل هذا النوع فهو يظهر فى الارض والبحر، اعنى انه يتولد من العفونة اذا خالطها ماء السماء، لأن العذب منه يخرج ويصير فى اول التقويم وما يبقى من فضلة يجتمع وتكون له صورة. وليس شىء من الاشياء من قبل انه يعفن بل من قبل انه ينضج. والعفونة فضلة الذى نضج. وليس يمكن ان يكون كل من كل كما لا يمكن ان يكون ذلك فى الاشياء المعمولة من المهنة***. ونحن نعلم ان المهنة تلقى الفضلة عن اعمالها والطباع يلقى كل ما يجد من الفضلة ايضا. فالحيوان يكون فى الارض وفى الرطب لأن فى الارض جزء من الماء وفى الماء جزء من الريح وفيه كل ما له حرارة نفسية وكذلك يكون الشجر فى الارض والماء. وبنوع من الانواع نقول ان جميع هذه الاشياء مملوة من القوة النفسية. ولذلك يكون تقويمها عاجلا بقدر الصنف التى تكون تلك القوة محتبسة فى الجسد. وانما تحتبس فيها اذا سخنت الرطوبات الجسدانية وصارت شبيهة بالزبد. فبين هذه الاصناف اختلاف من قبل ان منها جنس اكرم وجنس آذى وذلك يكون فيها من قبل القوة النفسية التى تحتبس فيها اولا. والاماكن والجسد الذى تحتبس فيه هذه القوة تكون علل الاختلاف. فاما فى البحر فالجزء الارضى كثير. ولذلك يكون طباع الاصناف الخزفية الجلد من قبل هذا التقويم ، فاما الجزء الارضى المحيط بها من كل ناحية <فهو> يجسو ويجمد كما تجمد العظام والقرون. وليس تذوب <تلك> الاشياء فى النار. وداخل الجسد القوة النفسية التى فيها الحياة. وانما ظهر جنس واحد من هذه الاجناس يسفد وهو جنس الحيوان الذى يسمى باليونانية قخليون ولم يعاين احد بعد إن كان ولاد هذا الصنف من السفاد او من غير سفاد. وخليق ان يطلب طالب ماذا الذى يتقوم فى الاول الذى فى الهيولى فى مثل هذه الاصناف. وبحق يطلب هذا الطلب لأنا قد علمنا ان فى اناث الحيوان هيولى وهى تتحرك من قبل القوة المحركة التى تصير اليها من زرع الذكورة فى قوة تحرك منها الهيولى. <فماذا فيها الهيولى>وماذا الاول المحرك مثل حركة الزرع. ونحن نقول ان فى الحيوان الذى يلد ولدا من الغذاء الذى يدخل فى الجسد تكون فضلة اذا طبخت الحرارة تلك الفضلة وأنضجتها وفرقتها غيرها فمنها يكون اول الحمل. وكذلك يعرض للشجر ايضا ولكن الشجر وبعض الحيوان لا يحتاج الى الاول الذى يكون من الذكر لأن فيه تلك القوة مخلوطة. فاما فضلة كثير من الحيوان فهى تحتاج الى الذكر. وغذاء الشجر وما يشبهه ارض وماء وغذاء غيرها ما يكون من هذه. وحرارة الزمان والهواء تعمل فى الشجر وما يشبهه مثل العمل الذى تعمل حرارة الحيوان اعنى الحرارة التى تتولد من الغذاء فهو بين ان الحرارة التى فى الارض والبحر تنضج وتغير وتفرق وتقوم اجساد هذه الاصناف. فاذا احتبست هذه الحرارة فيها مع ريح يكون حمل وابتداء تقويم الاول النفسى ويصير فى الاجساد ابتداء حركة. وتقويم الشجر الذى يكون من ذاته مشابه بالصورة لأنه يكون من جزء من الاجزاء ومنه ما هو اول ومنه ما هو غذاء اعنى الغذاء الاول الذى يكون فى الاشياء النابتة. ومن الحيوان ما يلد دودا ومن الحيوان الذى ليس بدمى اعنى الذى لا يولد من سفاد حيوان*** مثل جنس السمك الذى يسمى باليونانية قاسطروس واجناس أخر من السمك النهرى وايضا جنس الانكليس. وطباعه قلة الدم *** ولها قلب، وقد قلنا فيما سلف ان القلب اول الاعضاء الدمية. فاما الصنف الذى يسمى معاء الارض فطباعه شبيه بطباع الدود وفيه يكون جسد الانكليس. وخليق ان يظن احد مثل هذا الظن ان ولاد الناس والحيوان الذى له اربعة ارجل، إن كان ولاد الناس وذلك الحيوان من ارض اولا كما يزعم بعض الناس، فباضطرار يكون ابتداء ذلك الولاد بواحد من النوعين، اعنى انه تكون فيها حياة لأن اول <ال>تقويم مثل ما يكون من دود او يكون اول التقويم مثل ما يكون من البيض، لأنه باضطرار يكون الغذاء فيها لحال النشو وما تحمل على مثل هذه الحال إما يكون دودة وإما يأخذ الغذاء من مكان آخر، وذلك إما من الولاد وإما من عضو من اعضاء المحمول.*** وانما نقول ان مثل هذا الولاد يكون من حيوان. فينبغى ان يكون اول الولاد فى جميع الحيوان بنوع من هاذين النوعين. فاما النوع الواحد فهو بين، فاما النوع الآخر الذى منه يكون غذاء ما يخلق من البيض فليس يظهر لنا فى شىء آخر من ولاد الحيوان. وانما يظهر النوع الاول فى الحيوان الدمى الذى ذكرنا والحيوان الذى لا دم له مثل بعض اصناف الحيوان المحزز الجسد والجنس الخزفى الجلد الذى نحن فى ذكره، فان غذاءها يكون من عضو مثل غذاء ما يولد من البيض ونشوها يكون مثل نشو الدود. فان اول نشو الدود يكون فى الناحية العليا، لأن الغذاء الذى منه تغذا الناحية العليا يكون فى الناحية السفلى. وهذا النوع من انواع الغذاء شبيه بالغذاء الذى يكون من البيض ولكن ما يغذا من البيض [لا] يفنى كل غذائه، فاما الدود فانه اذا ينبت الناحية العليا من تقويم الذى فى الجزء السفلى تفصلت الناحية العليا مما يبقا من الغذاء. وعلة ذلك من قبل انه فى أخرة ايضا يكون الغذاء فى العضو تحت الحجاب فى جميع هذه الاصناف. وهو بين ان جميع ما يشبه خلقة الدود يغذا وينشو على مثل هذا الفن. وهو ظاهر فى خلقة النحل وجميع ما يشبهه، فانه فى اول خلقته يكون الجزء السفلى <كبيرا> فاما <ال>ناحية العليا فهى تكون صغيرة. ومثل هذا النوع يعرض للحيوان الخزفى الجلد وما يشبهه. وذلك بين فى الحيوان البحرى الذى يشبه الصنف الذى يسمى باليونانية استرنبوس فانه ينشو فيما يلى الناحية العليا اولا ويكون مقدم تلك الناحية والعضو الذى يسمى رأس اكبر من ساير الجثة. فقد وصفنا الفن الذى به يكون ولاد هذه الاجناس والذى يتولد من ذاته. وهو بين ان هذه الاصناف اولا تكون من ذاتها ولا سيما الخزفية الجلد، وبيان ما نذكر هذه الاشياء اعنى انه اذا عفن الوسخ الزبدى الذى حول المراكب يتولد منه هذا الجنس ويتولد ايضا فى اماكن أخر كثيرة بعد ان لم يكن فيها منه شىء، بل صارت فى أخرة ولاسيما فى الاماكن التى فيها حمأة ورطوبة كثيرة وفيها يتولد خاصة الصنف الذى يسمى لانسطريا. وقد كان فيما سلف قايد من القواد غزا فى البحر وارسى فى بعض المرافئ والقى اصحابه آنية من فخار مكسور فى الشط، فلما مضى بها زمان وامتلت من الحمأة تولدت من داخلها الاصناف التى تسمى اسطريا، وهو الحلزون. وليس فى هذه الاصناف فضلة موافقة للولاد يخرج منها. وذلك بين مما نصف حيننا هذا، لأن فى الزمان الذى كان فيه الحريق فى البلدة التى تسمى لازبوص حمل بعض الناس كثرة من الحلزون وجاءوا بها الى الاماكن التى على ضفة البحر فى البلدة التى تسمى اوروبى وخلوها هناك، فلما مضى بها زمان لم تكثر بالمدة البتة بل ازدادت عظما كثيرا. فاما الذى يسمى بيضا فليس بموافق للولاد وانما هو علامة حسن حال وخصب مثل الشحم الذى يكون فى الحيوان الدمى. وفى هذه الازمان يكون اكله ازيد موافقا. والعلامة الدليلة على قولنا كينونة البيض فيها ابدا مثل ما يوجد فى الجنس الذى يسمى بنا وفرفيرا وقيروقاس ولكن ربما كان البيض اكثر وربما كان اصغر. والبيض يوجد فى هذه الاصناف خاصة فى اوان الربيع فاذا مضى ذلك الزمان فنى وذهب البتة مثل الصنف الذى يسمى امشاط ومواس ولينوسطريا. فان لكا صنف زمان موافق لجسده وخصبه وحسن حاله. ومن اصناف السمك ما لا يعرض له مثل هذا العرض البين مثل الصنف الذى يسمى باليونانية طيتوا. ومن اراد ان يعلم فى أى الاماكن يكون كل واحد من هذه الاصناف فليقرأ الاقاويل التى وصفنا على مناظر الحيوان وصورته. وقد وصفنا حال ولاد الحيوان بنوع مشترك عام وبنوع خاص وذكرنا حال كل واحد مفردا بذاته. تم القول تم تفسير القول السابع عشر
পৃষ্ঠা ১৩৩