ফি আদাব মিসর ফাতিমিয়্যাহ

মুহাম্মদ কামিল হুসাইন d. 1380 AH
86

ফি আদাব মিসর ফাতিমিয়্যাহ

في أدب مصر الفاطمية

জনগুলি

وأرسل الحاكم بأمر الله إلى ابن الهيثم يستدعيه فأجاب، وكتب الوزير الفلاحي إلى والي حلب وأعمالها بحمل أبي العلاء المعري إلى مصر ليبني له دار علم يكون متقدما فيها، وسمح بخراج معرة النعمان له في حياته وبعده، وإن والي حلب سار إلى معرة النعمان، واجتمع بأبي العلاء، وقرأ السجل عليه فاستمهله، وكتب إلى الوزير الفلاحي يستعفيه من ذلك فأعفاه. وتسامح الفاطميون مع العلماء الذين لم يعتنقوا مذهبهم، بل كانوا متسامحين مع أصحاب الأديان غير الإسلامية، فأبو الفتح منصور بن مقشر كان طبيبا للعزيز والحاكم بأمر الله، ومن المقربين إليهما، وبعد وفاته استطب الحاكم إسحق بن إبراهيم بن نسطاس، وهما من أهل الذمة، ولكن الفاطميين أغدقوا عليهما وعلى غيرهما من أصحاب الفلسفة الأموال والخلع والألقاب، وحفظ لنا التاريخ أسماء عدد كبير منهم.

وقد ذكرنا أن الفاطميين كان لهم دعاة في جميع أرجاء البلاد الإسلامية، يناقشون ويجادلون أصحاب المذاهب الأخرى ، ورأينا كيف التف عدد كبير من المسلمين حول هؤلاء الدعاة، وأخذوا عنهم علوم الدعوة، فنستطيع إذن أن ندرك في سهولة ويسر أن هذه الدعوة الفاطمية لم تؤثر في مصر فحسب، بل أثرت في جميع البلاد الإسلامية، وتبع ذلك أن الآراء اليونانية وغيرها من المذاهب القديمة من إسرائيلية ومسيحية وزرادشتية ووثنية، وهي التي صبغها الفاطميون بالصبغة الإسلامية، قد انتشرت في العالم الإسلامي على أيدي دعاة الفاطميين.

وإذا درسنا الحياة العقلية في العالم الإسلامي في القرن الرابع وما بعده، رأينا أكثر العلماء كانوا متأثرين بهذه الآراء التي بثها دعاة الفاطميين، ونرى بعض الفلاسفة الذين نبغوا في القرن الرابع وما بعده كانوا على صلة قريبة أو بعيدة من العقائد الفاطمية أو العقائد الشيعية عامة، فابن حوقل كان متشيعا لهم حتى قيل إنه من دعاتهم، والفارابي مثلا في حديثه عن القلم واللوح يكاد يتحدت بلسان دعاة الفاطميين، ويكاد يشاركهم في حديثه عن التوحيد،

5

وابن سينا قيل إنه إسماعيلي المذهب، وإن أباه كان أحد دعاتهم فنشأ متأثرا بعقائدهم، وجماعة إخوان الصفاء الذين يرجح أنهم ازدهروا في ظل البويهيين الذين كانوا يميلون إلى التشيع، ومنهم من اعتنق الدعوة الفاطمية، وكان يراسل الخليفة الفاطمي، وظهرت في رسائل إخوان الصفاء إسماعيليتهم. وابن الهيثم كان متصلا بالحاكم بأمر الله الفاطمي وعاش في كنفه، وأبو العلاء المعري حكيم المعرة كان متأثرا تأثرا تاما بهذه الآراء التي كانت تحيط به، فقد امتد ظل الحكم الفاطمي إلى بلاد الشام، وانتشرت فيها آراء الفاطميين كما انتشرت في كل البقاع التي خضعت أو لم تخضع لهم، فترى في أشعار أبي العلاء وكتابته كثيرا من الآراء الفاطمية التي كانت تسود ذلك العصر، ونذكر أحمد حميد الدين بن عبد الله الكرماني فيلسوف الدعوة وحجتها في العراق وكرامان، وصاحب الكتب الفلسفية الفاطمية مثل كتاب راحة العقل، وكتاب المصابيح، وكتاب الهادي والمستهدي، وكتاب الأقوال الذهبية وغيرها التي تدل على أن الكرماني فيلسوف ناضج التفكير، وأنه متأثر بما أخذه من فلسفة اليونان وغيرها.

6

ونذكر المؤيد في الدين، فهو من شيوخ الدعوة وفلاسفتها، وهكذا نستطيع أن نتتبع كثيرا من فلاسفة المسلمين الذين تأثروا بالفلسفة اليونانية وصبغوها بالصبغة الإسلامية، وكان لهم فضل تقريب هذه الدراسات إلى جمهور المسلمين، فإن هؤلاء الفلاسفة تأثروا بالعقائد الشيعية عامة والفاطمية خاصة.

ولم ينس الفاطميون العلوم العربية الخالصة، بل وجهوا إليها اهتماما ملحوظا وعناية خاصة، وقد رأينا كيف كان الحاكم يجمع علماء اللغة والأدب للمناظرة بين يديه، ورأينا أثر يعقوب بن كلس في نشاط الحركة العلمية والأدبية، ويحدثنا عمارة اليمني أن مجالس الوزير الصالح بن رزيك لم تكن تنقطع إلا بالمذاكرة في أنواع العلوم الشرعية والأدبية، وفي مذاكرة وقائع الحرب مع أمراء دولته؛

7

فكانت هذه العناية الخاصة التي وجهها الأئمة ووزراؤهم وأمراء دولتهم للعلوم سببا في قيام هذه النهضة العلمية الرائعة التي ظهرت في مصر الفاطمية، وفي أن يكثر علماء مصر من التأليف وإنتاج الكتب في مختلف الفنون والعلوم.

অজানা পৃষ্ঠা