فاسمع مقالة صادق لم ينتسب ... لسواك في أدب ولا تهذيب
أوليته خيرا, فقام بشكره ... والشكر للإحسان خير ضريب
فاعطف عليه تجد سليل كرامة ... أهلا لحسن الأهل والترحيب
ينبيك ظاهره بود ضميره ... والوجه وسمة مخلص ومريب
وإليك من حوك اللسان حبيرة ... بغنيك رونقها عن التشبيب
حضرية الأنساب إلا أنها ... بدوية في الطبع والتركيب
ولم يكن البارودي شاعرا مداحا مكتسبا بشعره, كما درج على هذه العادة معظم الشعراء في الأدب العربي، ولكنه كان أميرا فارسا عفيفا, يقول الشعر للتعبير عن خلجات فؤاده, وقد قال:
الشعر زينا المرء ما لم يكن ... وسيلة للمدح والذام
وهو إذا مدح لم يقصد بمدحه العطاء، وإنما للتعريف بمنزلته، أو الشكر على يد أسديت إليه، أو حث على مكرمة، ومديحه خال من المبالغات المذمومة والنعوت الموهومة، وهذا طبيعي ما دام لم يقصد بمدحه صلة أوعطية؛ لأن الشعراء إنما لجئوا إلى هذه المبالغات ظنا منهم أنها تزيد في عطائهم، وأن نفس الممدوح تسر لها فيغدق عليهم جزيل الهبات.
فخره:
وقد افتخر البارودي كما عرفت بنسبه وحسبه، وافتخر كذلك بشجاعته وفروسيته, وقد أكثر من القول في هذا المعنى, وله فيه مبالغات سخيفة؛ فمن ذلك قوله يفتخر ببأسه ونجدته, وأنه ملك أزمة الفصاحة والبيان، وأن الزمان لو تقدم به لبذ الشعراء الفحول, ولسطر اسمه على جبين التاريخ بالفخر إلى آخر هذه المعاني المعروفة من مثل قوله:
পৃষ্ঠা ২৩০