ফয়সাল প্রথম: ভ্রমণ ও ইতিহাস
فيصل الأول: رحلات وتاريخ
জনগুলি
ومن حسن حظ العراق أن عهد الخلافة قد ذهب، وأن أيام السلطان ابن السلاطين وأمير المؤمنين لن تعود؛ إذن مهما أمعنت السحابة في سمائها، فأمطرت في إيران وفي أفغانستان وفيما دونهما من البلدان، فإن بين خراجها اليوم، إذا وصل إلى بغداد، وبين الملك حكومة دستورية وبرلمانا. وقد كان، فوق ذلك، بين الملك فيصل وراتبه، خازن حريص على كل دينار منه.
ها هنا أقف، ولو فرضنا أن علمي بميزانية الملك الخاصة صحيح دقيق، فلا أتعدى حد اللياقة في إذاعة أسرارها. كفى بي أن أقول إن بعض الذين كانوا يتهافتون على ديوان أبيه الملك حسين ويحومون حوله، وبعض مشايخ القبائل العراقية، كانوا يشاركون الملك فيصلا في دخله الخاص.
وقد كان فيصل كريما جوادا، بل كان جوده إبان الحرب وفي سوريا موضوع الأمثال والقوافي. أما في العراق ... قلت أن لا يليق التدخل في الميزانية الملكية! ولكني أظن أن فيصلا في مكارمه وإحسانه، وهو بين راتب محدود ومطالب وواجبات غير محدودة، كان يشكر الله في بعض الأحايين أن اليد القابضة على مفتاح الخزينة هي يد أمين ضنين.
أشرت إلى العرش والتاج غير مرة فيما أسلفت، وما كان ذلك إلا كناية ورمزا، فاعلم - رعاك الله - أن ما كان لهذا الملك العربي عرش ولا تاج. ولكن في القيافة العربية ما يشبه التاج، ما يميز صاحبه عن غيره من العرب، وهو العقال المزركش بالقصب. بيد أن ملك العراق أبدل تلك القيافة بالملابس الإفرنجية، وصار خاضعا فيها للأحكام الديمقراطية الجائرة في أزياء هذا الزمن.
أما وقد كان مشيق القد رشيقه، فأي ثوب لبسه لبق به. وكنت ترى في طلعته ومشيته وأناقته ذلك الامتياز الساحر الذي يصعب وصفه، ويصعب على الديمقراطية، مهما تعسفت في أزيائها السمجة وأحكامها المطردة، أن تمحو أو تتغلب عليه.
بيد أن الأناقة في مجلسه، وهو يحدث أو يستمع، كان يعتريها في بعض الأحيان شيء من الهجنة، فيجلس جلسة القروي وقد ذهل عنها، فتراه والظهر منه منحن، واليدان مرتخيتان فوق الركبتين، وتود أن تقول الكلمة التي يستقيم بها حاله. ومما كان يزيد بدهشتي المألومة أن رأسي رجليه، وهو جالس تلك الجلسة، كادا يلصقان الواحد بالآخر؛ أي إن رجليه ضمتا في شكل 8 لا في شكل 7 كما ينبغي، وهذا الاتجاه في الرجلين، جلوسا أو وقوفا، مستقبح عند الغربيين، ومحظور في الجندية.
ولا أكتمك أني في تلك الساعة، ساعة كان يجلس الملك فيصل جلسته المستهجنة، كنت أرغب بالمنزلة التي تجيز لي التنبيه والتذكير. وليس لأحد خارج بيته، غير البدوي المدرك لهذا الأمر أو الصديق المحتظي بالعطف الملكي الخاص، أن يقول إذ يرى رجليه مضمومتين في شكل 8: سيدي فيصل، رجليك.
على أن هذا الاتجاه في الرجلين يهون، عند ذكرنا لأولئك العرب، حتى الأمراء منهم والملوك، الذين يلعبون بأباهم أرجلهم وهم جالسون على الأرض، أو متربعون على الديوان.
فيا ليت النبي فطن إلى هذا الأمر، النبي الذي لم يفته شيء من منكرات السلوك في شعبه، فحدث حتى عن القلس؛
1
অজানা পৃষ্ঠা