ফয়সাল প্রথম: ভ্রমণ ও ইতিহাস
فيصل الأول: رحلات وتاريخ
জনগুলি
تذييل
يريب بعض الناس حبي للعرب وملوكهم، واهتمامي الدائم بشئونهم، وقد انتقدني نفر من الكتاب، ونصحني الصديق منهم والمحب، فقالوا: إن وطنك القريب لبنان لأحق باهتمامك من الوطن البعيد. وقال آخرون أقوالا تتجاوز النصح والنقد، وكانوا في نقاشهم أقرب إلى تلك التي تنفث سمها منهم إلى الأديب المحافظ على أدبه، والوطني النزيه في وطنيته، ولكنت مستحقا مذماتهم كلها لو أن حبي للعرب أفقدني ذرة من حبي للبنان.
على أن هناك غير الريب في استطاعة المرء أن يجمع بين الحبين، وإن كانا غير متناقضين. إن في الأمر غوامض سياسية وفكرية - كما يظنون - لا تلتئم وما يعهدونه بي من الصراحة ووضوح البيان، وكيف لا وفي قلبي - وهذا القلب متجه الآن بسمعه إلى الناقدين الناصحين لا إلى سواهم - تتنازع الأغراض، وتتزاحم الأضداد؟! فهل أنا أميركي أم لبناني أم عربي؟ أم هل أنا الكل في واحد؟ وهل أنا ملكي أم ديمقراطي أم اشتراكي؟ أم هل أنا الثلاثة اليوم وأمس وغدا؟ إن في أمري ليحير الأصدقاء ويبلبل الخصوم، ولا يجوز لرجل صريح مثلي ومحب للناس مسالم مثلي، أن يترك أحدا في مزالق الحيرة وفي لجج البلبال.
ولقد سمعت من يرومون لي من العيش خيره، ومن يتمنون لي غيره، يقولون: ولكنك على ما نعلم ديمقراطي، تشربت روح الديمقراطية في البلاد الأميركية، بل في أكبر وأرقى جمهورية من جمهوريات العالم، وأنت الحامل في خطبك ومقالاتك على الظلم والظالمين، على الاستئثار والاستبداد، على الجهل والتعصب، وأنت النصير - يترددون ثم يقولون: الأكبر - لحرية الشعوب السياسية والاجتماعية والاقتصادية، المطالب بها، والمناضل في سبيلها على الدوام.
نعم، إني كذلك، وإني مع ذلك محب للعرب، على ما يكتنفهم من الجهل، وعلى ما لا يزال فيهم من مساوئ الماضي السياسية والاجتماعية والدينية. وإني أهتم بشئونهم وشئون ملوكهم وأمرائهم، وأخدمهم ما استطعت بقلمي ولساني، على ما لأكثرهم من النعرات الإقليمية الذميمة، والنزعات القديمة التي لا تلتئم وروح الزمان.
قلت: «على ما» وكدت أن أقول: لما؛ إذ قد تكون الآفات التي ذكرت هي السبب في اهتمامي، وما الفائدة يا ترى من بذل ما لديك، إذا كنت ذا علم أو مال أو جنون وطني، في سبيل من لا يحتاج إلى علمك أو مالك أو جنونك.
أليس في هذا ما يكفي ليجلو ما في موقفي ظاهرا من التناقض والغموض؟ إني إذن أزيد في الإيضاح.
إن إقامتي خمسا وعشرين سنة في الولايات المتحدة وطدت في المبادئ الديمقراطية - أي حب الحرية العامة المتساوية، وكره الامتيازات التي تعطى لأولي النفوذ والسيادة - وعلمتني أن شكل الحكومة وأساليبها السياسية لا تطابق دائما تلك التعاليم المدونة في دستورها الأساسي والممثلة في تقاليدها؛ فالشعب - لا نكران - ينتخب النواب وكبار رجال الحكومة، ولكن الذين يسيطرون على الحكام والمتشرعين، بشتى الأساليب الظاهرة والخفية، هم أرباب المال؛ أجل، إن الاسم للأحرار والحكم لملوك الدولار.
ولهؤلاء شركاء من رؤساء الأحزاب السياسية، التي لا تقوم وتتعزز بدون المال، فضلا عن الانتخابات وما يتقدمها من حرب خطابية وصحفية، ودعايات حزبية وشخصية، تعد نفقاتها بملايين الدولارات، فإذا كان المال هو الحاكم المطلق في الحكومة الجمهورية، وخير هذا الحكم عائد بأكثره إلى المتمولين والمتنفذين، فأين حرية الشعب يا ترى؟ وأين حقوقه السياسية والاقتصادية؟ بل أين المجال الفسيح الشائع لأبناء العمل الحر المستقل؟
لست في هذا المقام معددا سيئات الجمهورية وحسناتها، ومن ينكر الحسنات؟! ولكني أشير إلى رأس الآفات فيها، وهو يكفي لينفر عنها ، بل ليجند عليها، حتى الأحرار في هذه الأيام.
অজানা পৃষ্ঠা